خاص بأوتار أحزن كثيرا على شعوبنا، وتعقد المرارة حلقي حين أراها تجوع طويلا طويلا، ولا تجد ما تأكله سوى نفسها "والنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله" مسكينة الشعوب! تصمت صمتا طويلا وتصبر صبرا جميلا، وحين تقصم القشة ظهر البعير، تثور على السيد, لتصبح مطية لسيد جديد... مسكينة الشعوب!فهي كالهرة التي تأكل أبناءها باسم التحرر والسعي وراء الحياة الحرة الكريمة... مسكينة الشعوب حين تظن أن القائد أي قائد قادر على أن يقول للغيمة "أمطري حيث شئت،سيأتيني خراجك"ليطعمها وهي مستلقية على ظهرها ومنتظرة السماء أن تمطر لها ذهبا وفضة.... مسكينة الشعوب حين تشخّص بؤسها وتراه في شخص واحد أو شخوص، وتنسى أن أعظم مصائبها في ذاتها... طلبت الحرية ،منذ زمن بعيد واحتفلت باستقلالها...ثم تكتشف متأخرا أنها مازالت ترزح في قيود الفقر والجهل والتخلف... طلبت الديموقراطية، فنالتها وحكمت ذاتها بقوانين وأنظمة فصلتها على مقاس ديمومة القيادات الملهمة...فشغلت بالتصفيق والتزمير لها عن العمل المثمر المفيد ...ولم تُفق إلا على حشرجة الروح... ما أمرّ أن يتنحى الكبار رغم أنوفهم ...وما أمر أن يكون دم الشباب ثمنا لهذا التنحي ! ما أجملنا ونحن نضع قانونا واضحا صريحا ونلزم أنفسنا بالسير على هديه، وما أقبحنا حين نعدل القانون ليبقى القائد الرمز جاثما على صدورنا مدى الحياة ! يا أيتها الشعوب ،لو كانت مصائبنا تحل بتنحية شخص لكنت أول المصفقين...ولو كنت أعلم أن من سيأتي سيضمن لنا ما طلبه الأجداد في نضالهم من أجل الاستقلال لأقمت الأفراح والليالي الملاح... إنها حلقات متجددة من التبعية والسبات وانتظار تحقق الأمنيات... أيتها الشعوب، أفيقي واعلمي أن لا شيء يعدّل الحال المائلة كالعمل المثمر البناء،وأنتم أيها الحكام لا شيء يحببكم إلى الشعوب سوى العمل من أجل رخائها وحريتها... الشعوب تريد عملا مفيدا بناء، حتى لو ألهبت سياطكم ظهورها، فلا شيء يخرجها من هذه الدوامة سوى العمل...