نظم مركز رؤى32 للفنون حلقة حواريه حول أعمال الفنان العراقي سلمان البصري، وذلك بمناسبة اقامة معرضه" الوان فرشاة مهاجرة" في حديقة مركز رؤى32 للفنون، أم أذينة، شارع ابن الرومي، ما بين الدوارين الخامس والسادس، خلف أبراج إعمار. افتتح الحلقة الحوارية الفنان والناقد محمد العامري، مرحبا بالضيوف، حيث وصفها بالحلقة الحميمية لمحاورة الفنان الكبير سلمان البصري، مؤكداً على مكانته البارزة في التشكيل العربي المعاصر، كما شكر صاحبة الجاليري السيدة سعاد عيساوي على اصرارها على خلق ثقافة جمالية وبصريه في المجتمع الاردني، عبر استقاطابها لتجارب عربية مهمه جدا، سواء كانت عراقية او سورية او مصرية، او سودانية، والانطلاق كذلك نحو الافق الاوروبي الغربي، وهذه ايضا خطوة جديدة تحسب لجاليري رؤى32. واضاف العامري ان الحوار بين نصين مختلفين في ظرف الانتاج وسياقة الاجتماعي، النص الغربي البصري وطريقة تفكيره في صياغة هذا النص موضوعات وتقنيات، والنص الشرقي في ظروف الفنان العربي ومستمسكاته البصرية اليومية ونوه الى ان صالة رؤى32 ساهمت، وتساهم، في خلق علاقات حوارية بين الفنانين العرب لعرض تجاربهم الجديدة ووضعها في موقعها المناسب في حياتنا الفنية المعاصرة. واكد ان لقائنا اليوم في حقلة نقاش حميمية ومهمة جدا، كونها تحتضن المتخصصين الذين اتوا ليحاوروا فناننا الكبير سلمان البصري. وبدوره تحدث الفنان البصري عن تجربته التشكيلية، حيث اكد على ضرورة الملمس في اللوحة، لان الملمس يعطينا الحس بكل شيء، وكذلك عن أهمية طريقة التفكير الابداعي، والارتقاء بما هو يومي ومعاش في لوحته إلى مستوى الرمز، بوصفه مفردة بصرية جمالية تتوزع مع غيرها من المفردات على سطح اللوحة، وفقاً لسياقات المعالجة والتكوين، وتطرق ايضاً الى تجليات المكان في العمل الفني، ومر سريعاً على تجاربه في العرض في اوروبا، وبين ان اللوحات المعروضه هي نتاج سنوات من التسعينات لغاية الان. وكذلك الغربة عن الوطن التي تتخلل نسيج لوحاته. وقدم الفنان التشكيلي والناقد الأستاذ حسين دعسة ورقة عمل عن تجربة الفنان سلمان البصري الذي ينتمي إلى جيل الستينات من فناني العراق تحت عنوان : "منحى التجريد و غنائية التكوين، احتماليات جمالية واحدة عند الفنان سلمان البصري" وجاء في ورقته : مثل اي فنان او رسام ، قرر ان يبعث من جديد، وفي مكمن الابداع والرؤية الجمالية، التي تؤطر العقد الثاني من الألفية الثالثة الجديدة، بكل ما تحمله من متغيرات التقنية وادوات التواصل الاجتماعي والابداعي. ..ولعل معرض الفنان العراقي سلمان البصري في عمان - قاعة رؤى2011- ، يؤشر على وجود:" علاقة الابداع والتواصل الاجتماعي"، بدلالة انحياز المبدع الى جدار التغيير، بما يغلفه من الوان واشارات وارقام وصرخات واطر. عُرف "البصري " منذ تجربته في ستينيات القرن العشرين المنصرم ، وهي بلوحتة التي اعادت مؤثرات الوعي والتنوير الذي عايشه في مدينته البصرة- مواليد العام 1939- وفي بغداد وبلاد الرافدين عموما. منذ تفتحت عيناه على ميراث الاجداد، الفني والابداعي والاثاري ،عبر تاريخ العراق القديم وحتى مفاتيح القرن التاسع عشر، حيث كانت بلاد الرافدين محطة للتنوير الفكري والفني في كل دول العالم ، كان وما زال متمسكا باللوحة - وعاء الابداع الصادم لمحيطة/عالمة/ قضيته. واحد من كبار تلك المرحلة المدهشة ، اهتمام البصري بعد دراسته في معهد الفنون الجميلة في بغداد - 1960في رسم الوجوه والبورترية والطبيعة البغدادية والبصراوية على نحو بدا استثنائياً في تلك الفترة المبكرة من حياته التي اعترتها ميوله المبكرة نحو فلسفة مغايرة في الواقع الفني والفكري. يرتقي سلمان البصري الى عالم لوحته الاساسية، ينال منها ناعيا خراب العالم وبحثه عن حرية مغايرة- ايضا- للانسان المعاصر. في رؤى وما سبقها من تجارب وتشظيات ومحاولات ابداعية ناجزة، عاش الفنان هم الاطر التي عليه ان يبرزها في لوحته كمثير او متغير جمالي انساني على صلة بالروح المتصوفة التي غلفت معظم لوحات التجربة الاخيرة ( الوان فرشاة مهاجرة) ، وكانها تنقلنا الى أضواء ازلية مهمة تعود الى البصرة وبغداد ما قبل وبعد الاحتلال الاميركي ، وكما بدت في تفاصيل الإرث التشكيلي لهذا الفنان المميز عراقيا وعربياوحتى عالميا من حيث انه يقيم في هولندا؛ يمنحنا القدرة على تحليل معطيات وتدرجات اللون والخط وحتى الكتل والمساحات اللونية واعمال الحك والنقش والخربشة الميكانيكية على السطح المنجز. هناك حراك فلسفي-جمالي يلجا اليه الفنان استنادا الى خبرة ودراية في اللون والشكل والبناء المعرفي لقيمة الاثر الابداعي. = اولا: نراه يضع لوحاته المعاصرة ، التي يعيد من خلالها تشكيل البيئة الطبيعية والزمان-المكان في دائرة الضوء, ليصبح الاثر الاشعاعي ملهما للذاكرة الجمعية ، يخوص في كيمياء النور الرباني يلتقط التفاصيل ويعاند ذاته في مجالات حصر ما يريد من لون وضوء على سطح مشتعل بالحكايات. = ثانيا: اعتماده - اذا ما جاز ذلك -على تعريف جديد لتقنياته الابداعية و الفنية ،من حيث الاستفادة الانية من معطيات الحراك السائد حول معنى ودلالة اللوحة,قيمتها ووزنها عند الجمهور وفي حركة النقد . = ثالثا: مفهوم الجودة في عمله الابداعي، فقد استطاع- البصري - تاطير تكويناته داخل اللوحة اعتمادا على دراساته الاكاديمية، التي اصلها في سبيل خلق بيئة عربية - اسلامية وعالمية ترتقي بالانساق الفلسفية حول الدراية بالفن،والبيئة،وتسامي وحوار الحضارت , ويعمد البصري؛ الى عملية بحث - عملي/نظري- حول ايجاد تعريف واضح لمفهوم اللوحة ويرتقي الى بحث عن الجودة في العمل الفني من خلال قراءات متمعنة في الفن العراقي، ونسيج لوحته الخاصة نموذجا ، استنادا الى تجادله مع (الصورة) والعمل الفني منذ ظهور الاثر الصوري الثابت الى المتحرك فالتفاعل والتناقض والتعامد مع الشكل الهندسي او الفراغ , وصورة الصورة " التواصلية الفلسفية" كما بدت في نهايات الالفية الثانية وبداية الالفية الثالثة.. لقد صار ظاهرة شديدة التعقيد ومتناقضة المستويات حينما تظهر الرسم بتجليات مختلفة تتناقض في بعض الاحيان كليا بما سيق من تصنيفات ومدارس واتجاهات وحاجات وافتراضات سابقة في زمن ليس ببعيد هناك مصطلحات أربعة تصف اتجاهات أربعة سادت تاريخ الفن التشكيلي، وأفرزت مدارسه المتنوعة هذه الاتجاهات، وهي: الكلاسيكية Classicism، والرومانتيكية Romanticism، والطبيعية Naturalism، والواقعية Realism، وقد تصارعت هذه الاتجاهات، وأحياناً تداخلت وامتزجت، وفي أحيان أخرى تفوق بعضها، وساد وتراجع بعضها الآخر واختفى نسبياً. إنها اتجاهات في الفن . = رابعا : ما بين اللوحة والمتلقي ينحاز الفنان الانحياز الكامل الى الاثر؛ ما يميز لوحته واسرارها, فهي تتقسم في مستطيلها الى انساق متناثرة-اليفة، وايضا متواصلة ومحكمةالنتائج، اللون مع المساحة,مع الفكر والمعرفة؛ افسحا تعريفة المعاصر لتقنياته الفنية من خلال أعماله على الحياة العراقية والطبيعة والناس . ولكن من دون التقليل من أهمية لوحتة التعبيرية- التجريدية ، من حيث اندغامها مع الحروفية والرقمية الاشارية وخضوعها الى منطق طوبغرافي مساحي جعل اعلى اللوحة يتصادم مع اسفلها ويتلاقح معها- جماليا وتكوينيا- في الوسط. = خلاصة لدى البصري قدرات على حمل قلبه بين طيات اللوحة القماش واللون والاشارات.اراه تجاوز حالات فنية عراقية- تحديدا- وعربية وصولا الى هدفه في الارتقاء بالفن والمعرفة وبالتالي الابداع البشري، فهو عارك الظروف والعمل الابداعي بصلابة نحات وكان ارق من الورق الشفاف.لهذا لوحته عراقية مختلفة لانها تصل العالم وتستقر في حدودنا الذهنية المعرفية. وفي ختام الندوة التي حضرها نخبة من الفنانين والصحفيين والمثقفين والمتابعين جرى حوار مستفيض حول اهمية هذا المعرض، وتأتي الحلقة النقاشية حول أعمال الفنان سلمان البصري بمناسبة معرضه الذي افتتح مؤخراً في صالة مركز رؤى 32 للفنون ويضم عشرين عملاً منفذة بالألوان الزيتية على القماش، والذي حمل عنوان: "ألوان فرشاة مهاجرة".