ثورتنا، عاما على 14 جانفي.. إلاهي ها رؤياي اليوم بين يدي..أبشر بالعزة يا ولدي سليمان بن يوسف ما أعظم قدرة الله ، وما أعجب سنته في الشعب والتاريخ..وما أروع التونسي ولاد لموسم الربيع ..الفصل الخامس..للعرب وللبشرية.. ما تاهت صيحة الشابي، لا وما ضلت آهات البوعزيزي.. لقد قال الشعب لا للمستحيل فقال القدر نعم، استجابت الأيام لإرادة بني وطني ، وتحركت الدنيا سيرا وراء عزم التونسي الأبي الذي رفض الضيم ، وانتصر للأم والمصير. في يوم طلع الشعب وكبر، أعلن أن أنهار الصبر جفت ، وأن طرقات الرضى بالضيم انقطعت، فلا عاصم اليوم من أمر الغضب.. كالمارد الجبار لن تتقهقر..أنى لعشب ثائر أن يقهر.. ركع الطغيان وانهار..وفر..إذ هب الشعب الجبار.. طلع الشعب ، متوحدا على كلمة حق صمت آذان الجبار..وتحول إلى رسام يحمل أعجب ريشة..وصاغ عبر عصيانه أهزوجة القدرة الفائقة على تحويل اللاممكن إلى حقائق..معيشة.. لله درك يا شعبي..في دواخلك اسرار..وفي صمتك الطويل وسكونك..جمر مستعر تحت الرماد لهيب له أوار.. أنا قد زفرت قل ثمان وعشرين..وكان نشيدي ل"عروس العصاة"*.. يا دوحة المغرب الخضراء يا جدول الظمآن طاف الخيال بغابر الأزمان أيام كنت صخرة مطمورة الرومان طاف الخيال فلم ير فيك الأمان إلا بفجر علا فيه الأذان لم تنبجس أنهارك مجرى حضارة إلا بحد"الشمس" والقرآن.. فالنور لا ينحبس من طبعه لا يعشق الجدران يا دوحة الوطن الطليق كيف الشعوب تجوع أين اختفى العمران كيف الروابي تنزف في قبضة السجان؟ كيف المجاهد يرجم يا قلعة الفرسان؟ كيف المساجد فيك صارت قبلة الندمان؟ كيف السجود لربنا .. صار اليوم للقرصان؟ يا جنة المستضعفين حنوا فيك للعصيان أطفالك حلم وديع كالنسيم أحلامنا..أن تبعث كرامة الإنسان..(نهاية القصيد) في ذكرى ثورتك التاريخ تمخض فأنجب بلدي.. في ذكرى بوزيد، ترتسم في الأفق قوسقزحات ملتمعة بعيون فاضت بدموع العاشقين..للوطن..رجال المرحلة وأولاد الجنوب..من مآقيهم...خيوط شمس أضاءت..دربا للصعود.. انظر هناك يا ولدي..ذا بلدي..ولد من دم من ارتقوا شهداء..اسمع في السحر..شعرا.. وطن الأحرار يا وطني..وطن الثوار يا وطني..بقلب السجن أناديك بليل الغربة أشدوك وبساح الثورة أفديك لتعيش سعيدا يا وطني.... اهنإ اليوم، ولا تغفل عن ذكر رجال.. من خطوا ملحمة..ملهمة الأبطال.. بورك يومك يا ولدي..قد حرر ت أرضنا للأبد..بعثت كرامتنا وولد عزنا مذ دوى بركانك يا منجم العزة يا شعبي.. قد خمدت طويلا نيران الغضب.. صمتت أصوات الألم الحرى وقد قبض الرجال صامدين في الزنازين والمهجر..جمرا.. ها عدنا وعاد عصاتك وقد رفعوا طويلا أصواتهم على مد "رحلة الصرخة الثائرة"**..دهرا.. ها عدنا وعاد الوطن..أقبل إلينا نحن في حقل الإخصاب نبذر أحلام السنين ، تشتبك السواعد جسرا للقادم الذي بالورد، و في وجه أم الشهيد بان فجرا.. ---------- -* عنوان أول مجموعة شعرية للشاعر صدرت سنة 1984، وهو عنوان أحد القصائد الواردة به. **عنوان المجموعة الشعرية الثانية للشاعر صدرت سنة 1985.