بقلم الاستاذ محمد الطيب العبدلي كنت تلميذا بمعهد قفصة (س2 ) لم أدر كيف سمعت أن والدي على فراش الموت فطار لبي وتملكني حزن واضطراب وقررت العودة … وامتطيت قطار – قفصةصفاقس – ليلا والافكار تتقاذفني : هل مات ؟هل دفن ؟ أم مازال حيا ؟…. وكم كان السفر طويلا رتيبا مملا … وتوقف القطار في محطة الكرمة ( بينالمكناسي والمزونة ) ولم ينزل من المسافرين غيري . واتجهت صوب منزلنا ( تقريبا 12 كلم ) … سكون رهيب وظلام دامس … واجتزت وادي اللبن واقتربت من دوار ( البرني العزيزي ) فهجمت علي مجموعة من الكلاب في شخير ونباح فجمعت احجارا تحسستها دون خوف … وفجأة هجمت مجموعة اخرى من الكلاب على المجموعة الاولى ودخلت في عراك واقتتال عنيف فركضت مسرعامبتعدا … ولما وصلت بئز غزيل تذكرت ما يقال : أن بهذه البئر جنية .. وأنا اتخطى (العطن ) انطلق طائر محدثا خشخشة فاقشعر جسمي وتحرك الخوف في وقلت : هي الجنية وانطلقت مسرعا فاقدا الرشد والصواب الى ان صفعتني شجرة صغيرة وأوقفتني فانتبهت ساخرا : قداش نا خواف واقتربت من المنزل فاعترضني كلبنا (صياد ) مرحبا فقالت والدتي بفراستها العربية وسمعها الحاد :صياد سكت عرف اللي عرضو واقتربت أكثر فقالت والدتي : منهو منهو ؟ نا يا دادا الطيب ؟ وليدي يا حناني اش جابك في ها الليل ؟ واحتضنتني تلثمني بقبل دافئة متتالية ودخلت البيت فاذا والدي ممدد على الفراش وضوء القازة باهت فاستيقظ واحتضنني : ما تخافش لا باس لا باس الحمد لله … وقدمت لي والدتي بقية كسكس وتهالكت على حصير قرب والدي ورحت في نوم عميق وفي الصباح أعطاني والدي 1د وجهزت لي والدتي قليلا من ( البسيسه ) وقفلت راجعا وقد ذهب فزعي واضطرابي …