النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    إعداد منير الزوابي .. غيابات بالجملة والبدائل جاهزة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمعية الطالبي للقرآنيين تبيح الخمر
نشر في باب نات يوم 07 - 03 - 2015


محمد الهادي الصياحي
إمام خطيب جامع الهدى الزهراء
قرأت ما كتب شيخنا الجليل المربي مختار السلامي عن دعوة المؤرخ (المفكر) محمد الطالبي والذي اتخذ لفكره جمعية أسماها: الجمعية العالمية للمسلمين القرآنيين، فكان ما كتب تبيان وكشف لفكر هذه الفئة من الشاكين حتى كاد الشك يتبرأ منهم. كان كلام الشيخ عاما عن توجهاتهم ومآلاتهم. كان دفاعا عن ثوابت الدين والأخلاق وعراهما والتي انبرى هؤلاء لنقضها، وقد أردت أن أدلو بدلوي في هذا المقام، بعد أن شحذ همتي شيخنا الجليل مما جعلني أحتمي خلفه وقد حمي الوطيس. وسأسعى بهذه المداخلات الى تفصيل إفتراءاتهم على كتاب الله وسنة رسوله وتلبيسهم على العوام من الناس، لأن من كان على هدى من الله لا يكون لدعوتهم لديه عشر معشار النصيب.
أقول وبالله التوفيق:
كتب رئيس الجمعية العالمية للمسلمين القرآنيين (المفكر) محمد الطالبي على موقعه ما نصه:
نظرت جمعيتنا في ملتقاها الأسبوعي الخاص بتدبر القرآن. وبعد النظر في الآيات والأحاديث والآثار المروية في كتب التفسير. انتهت الجمعية الى أن الله يصف المسكر بالرزق الحسن (سورة النحل 16: الآية 67). ثم في الآيات الواردة في الخمر يأمر الله بعدم إقامة الصلاة في حالة السكر. كما يذكر أن لها إثم كبير وإثمها أكبر من نفعها. وهذا يفيد أن الخمر الى جانب إثمها الكبير فيها أيضا منافع. ثم يوصي بتجنبها من دون أن يحرمها بآية صريحة في هذا الصدد. ولو أراد الله عز وجل تحريمها لاستعمل فعل "حرم" كما استعمله في الآيات التي تخص الميتة، والدم، ولحم الخنزير. إذا نستخلص أن الخمر ليست محرمة بنص لا جدال فيه ولا تأويل، وهي إن كانت من عمل الشيطان فذلك ليس في ذاتها وإنما في مفعولها السيئ على صحة الإنسان وعلى صحة المجتمع. فالأفضل إذا الإمساك عنها لما ينجر عنها من مساوئ لا تنتهي. وبهذا نعمل، لأن الخمر لمساوئها وصفت بحق "أم الخبائث". انتهى كلام (المفكر) محمد الطالبي رئيس جمعية القرآنيين.
هذا الكلام يذكرني باللقطة الهزلية التي وردت في احدى مسلسلات دريد لحام – غوار الطوشي – عندما سأل عن – العرق – وهو مشروب مسكر يعرف في بلاد الشام فقال: ما فيه شي ... لكان .... لو أعطينا لحمار سطل عرق وسطل مي، شو بيشرب؟ فأجابه محاوره : طبعا بيشرب مي !! فرد عليه غوار: بيشرب مي لأنو حمار !!.
المفكر الطالبي وجمعيته وضعوا كما فعل غوار الطوشي جميع الذين يحرمون أو ينكرون شرب الخمر في خانة الحمير، أكرمكم الله. وهو الجهبذ العريف الذي تدبر القرآن وخرج منه بإباحة شرب الخمر. قبل أن نفصل فيما أفرز تدبره، نلقي نظرة على من يسمون أنفسهم بالقرآنيين فقد ورد في نحلتهم حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينبئنا فيه بظهورهم، فها قد ظهروا وأثبت ظهورهم صدق النبوة، التي لا يعترفون بما تركت من سنة، فيقصرون مرجعيتهم على القرآن فقط. ولكن الطامة الكبرى، فرغم إدعائهم اقتصارهم على القرآن نراهم عندما يعودوا إليه يسيؤوا فهمه فيجنوا عليه أزيد مما جنوا على السنة بترك العودة إليها واعتمادها. فقد روى الحاكم في المستدرك عن المقدام بن معدي كرب الكندي ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: حرم النبي صلى الله عليه وسلم أشياء يوم خيبر منها الحمار الأهلي وغيره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ": يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته يحدث بحديثي , فيقول : بيني وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه ، وما وجدنا فيه حراما حرمناه ، وإنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله " .
فهذا الحديث هو نبوءة سابقة بظاهرة القرآنيين. فهم ينسبون أنفسهم الى القرآن ويرفضون السنة الشارحة والمبينة للقرآن. يقرؤون القرآن إن كانوا بحق يقرؤونه ويمرون على قوله تعالى من سورة الحشر وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ﴿7﴾. ويصرون على رفض ما آتانا الرسول صلى الله عليه وسلم وما نهانا عنه. يزعمون أنهم لا يرضون إلا القرآن ويرفضون سنة من كان حلقة من حلقات تنزل القرآن.
نعود الى محصلة تدبر (المفكر) محمد الطالبي لما ورد في سورة النحل من أن الخمر موصوف بالرزق الحسن لذا فهو من المباحات وخاصة أنه – كما يرى – لم تثبت آية صريحة في تحريمه.
الله سبحانه وتعالى من خلال خطابه لعباده الوارد في القرآن يوجه هذا الخطاب على عدة صيغ منها: يا بني آدم يا أيها الناس يا عبادي - يا أيها الذين آمنوا – يا أيها الذين أوتوا الكتاب – يا أيها الذين كفروا...... هذا النداء إما أن يكون بهذه الصيغ، أو يكون ضمنيا يوحي به سياق الآيات كما ورد في سورة النحل موضوع تدبر (المفكر). في هذه السورة يمتن الله على عباده جميعا بما أمدهم به من نعم، لأن الله في رزقه لا يفرق بين مؤمن به وكافر. يرزقهم سواء، لأنه جل في علاه أعظم من أن يحرم الكافر رزقه بعد أن خلقه واستدعاه للدنيا. ونستشف هذه المساواة في الرزق من خلال الدعاء الذي توجه به ابراهيم عليه السلام لربه من البلد الحرام حيث قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، هنا ينتهي دعاء وطلب ابراهيم فيتم الله تعالى المطلوب بقوله: قال ومن كفر.... ولكن هذا الكافر المرزوق فقد بين الله حاله المخالف للمرزوق المؤمن فقال: قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير ﴿126﴾. فالسياق القرآني في سورة النحل تدرج في تبيين النعم لكل العالمين. فكان منها قوله: والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون ﴿65﴾ وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ﴿66﴾ ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لآية لقوم يعقلون.
الآية الأولى ختمها بقوله: إن في ذلك لآية لقوم يسمعون والثانية بقوله: إن في ذلك لآية لقوم يعقلون. ثم يتواصل تعداد النعم بعد هذه الآيات فيذكر عسل النحل: يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ﴿69﴾ فيختم بقوله: إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون. ثم تتنقل الآيات في تعداد النعم لنصل الى قوله تعالى:والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها اثاثا ومتاعا إلى حين﴿80﴾ والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون. هنا نتوقف لنتدبر قوله تعالى الذي ختم به مجموع تفصيل النعم حيث يقول تعالى: كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون . لم ترد آيه ختمت خلال كل تعداد النعم بقوله تعالى: إن في ذلك لآية لقوم يؤمنون. أي أن الخطاب السابق في تفصيل النعم موجه الى جميع الناس مؤمنهم، ومن يرجى إسلامه، وكافرهم. والمخصوص منهم هنا بالذات هو الجاحد بنعم الله، التي يعتبر التفكر فيها بابا من أبواب الولوج الى الإيمان بالله. وهذا الجحود لا يصدر إلا من غير مؤمن بنعم الصانع المبدع. فذكر له مما عدد ما يتخذ من ثمرات النخيل والأعناب من سكر ورزق حسن. فجاء وصف المستخرج من النخيل والأعناب من باب التنويع لا من باب وصف الأول - وهو المسكر - بالثاني - وهو الرزق الحسن. فصفة الرزق الحسن هنا ليست للسكر بل هي معطوفة على السكر للتنويع كما ذكرت. ولو كان وصفا لجاء على هذه الصورة: تتخذون منه سكرا رزقا حسنا، بحذف واو العطف. فالمطيع لصاحب النعمة يتخذ من ثمرات النخيل والأعناب رزقا حسنا. والعاصي لصاحب النعمة يتخذ منها رزقا حسنا وسكرا. فهما يتفقان في الرزق الحسن، ويختلفان في السكر. وكلاهما نال رزقه تبعا لإيمانه. والغاية من كل هذا البسط للنعم والامتنان بها، جمعها تعالى في قوله: كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون . فالمطلوب أن نتفكر فيما بسط من النعم لنهتدي من خلالها الى الإسلام والإذعان للمنعم.
وكذلك لا يخلو ما ورد عن (المفكر) الطالبي على صفحته من مغالطات وضرب للقرآن والسنة بعضهم ببعض. والله تعالى يقول في السورة نفسها - النحل - : ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ﴿116﴾ حيث يستشهد بوصف النبي صلى الله عليه وسلم للخمر بأنها أم الخبائث، وهذا قد صح. حيث وصفها صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه ابن حبان عن عثمان رضي الله عنه والدارقطني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، بأنها أي الخمر: أم الخبائث. أسأل القرآنيين: ألم يرد في القرآن قوله تعالى من سورة الأعراف: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون . ﴿157﴾ فها هو القرآن الذي يدعون الاقتصار عليه يقر للنبي صلى الله عليه وسلم تحريم الخبائث، والخمرة خبيثة، أنتم معترفون بخبثها. فلِمَ تحلونها؟
وها هي السنة التي لا تقرون بحجيتها يقر المشرع الحكيم، منزل القرآن، لصاحبها تحريم الخبائث. أفلا تعقلون !!؟؟
كما يقر القرآنيون في نصهم هذا أن الخمر من عمل الشيطان. ويرون أن عمل الشيطان منحصر في مفعولها لا في ذاتها. فإني أردهم الى القرآن الذي لا يقبلون غيره بديلا كما يدعون. يقول الله تعالى في سورة المائدة: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ﴿90﴾ إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ﴿91﴾. من الآية الأولى أخذ القرآنيون أحد صفات الخمرة بأنها من عمل الشيطان. فلننظر في الآية الثانية التي فصل فيها الله بعضا من عمل الشيطان. فقد ذكر أنه يوقع بيننا العداوة والبغضاء ويصدنا عن ذكر الله وعن الصلاة. فعمله هنا أفسد العلاقة بين بعضنا وأفسدها بيننا وبين الله. وهل هناك عاقل يهون من هذا الفساد الحاصل ويرى أنه ليس من عمل الخمرة ذاتها، بل من مفعولها. فلو أن شخصا أراد قتل شخص أو اغتصاب إمرأة ووجد من يمسك له الرجل للقتل أو المرأة لاغتصاب. فهل يعقل أن يحكم القاضي هنا ببراءة الممسك؟ ويقول إن ما أدى الى القتل والاغتصاب هو مفعول المسك لا الممسك نفسه. أفلا تعقلون، أفلا تسمعون، أفلا تتفكرون ؟؟ !!!..
ثم يبين أن مفعول الخمرة السيئ يقع على صحة الإنسان وصحة المجتمع. فماذا أبقت الخمر بعد أن فتكت بصحة الفرد والمجتمع. ألم يعلم القرآنيون أن القرآن نزل لتحقيق حفظ خمس كليات وهي: حفظ الدين – حفظ العقل – حفظ النفس – حفظ العرض – حفظ المال.
والخمرة هادمة للمحفوظات الخمس: فهي تهدم الدين بالصد عن الذكر والصلاة. وتهدم العقل بتغييبه وتعطيله. وتهدم النفس بتعريضها لأفتك الأمراض التي شخص أعراضها الطب الحديث، وربما عرض المخمور نفسه أو نفس غيره للخطر بالاعتداء عليها. وتهدم الأعراض باستحلال المحارم واستباحة الفحشاء. وتهدم المال بإنفاقه فيما ضرره أكبر وأكثر من نفعه.
كما يثبت (المفكر) الطالبي في تدوينته أن في الخمر إثم كبير. القرآن الذي تدعون الإنتساب اليه والاقتصار على الاقتباس منه دون غيره حرم الإثم في معناه المطلق، فكيف لا يحرمه وقد وصفه هنا بالكبير. قال تعالى في سورة الأعراف: قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ﴿33﴾ كما أذكر القرآنيين أن الله حرم القول على الله بغير علم في هذه الآية، والقول على الله بغير علم نستخلصه من قولهم في تدوتنتهم: (....ولو أراد الله عز وجل تحريمها لاستعمل فعل "حرم" كما استعمله في الآيات التي تخص الميتة، والدم، ولحم الخنزير....)
وقد حرمها بقوله فاجتنبوه. بعد أن تدرج في تحريمها حيث وصفها في آيات موضوعها الأولي بأن فيها إثما كبيرا ومنافع للناس. وأن إثمها أكبر من نفعها لينفر منها النفوس. قال تعالى في سورة البقرة الآية (19) يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما اكبر من نفعهما... ثم تدرج التحريم فحرمت عند القيام للصلاة. قال تعالى في سورة النساء الآية (43): يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون. فبهذا المنع ضاق وقت شربها. لأن الصلوات الخمس يشغلن غالب أوقات المسلم. ثم نزل التحريم بسورة المائدة بالأمر باجتنابها قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ﴿90﴾ فذكر الإجتناب لأنه أكثر استيعابا للتحريم فاجتنابها يكون بعدم شربها، وعدم شراءها وبيعها، وعدم مجالسة شاربها، وعدم مدحها.....ويكفى أن الله استعمل الاجتناب للتحريم في موقع آخر لأشياء أشد حرمة من الخمر وهما عبادة الأوثان وقول الزور. قال تعالى في سورة الحج: وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور﴿30﴾ فلا عاقل يقول أن عبادة الأوثان، وهو شرك بواح صراح، وقول الزور، وهو اقتطاع حق امرئ وتحويله لغيره دون موجب حق، هما أمران أهون وأقل ضررا من شرب الخمر. حيث أن الخمر قد ينحصر ضررها بصاحبها وربما تعدى الى الغير، وتبقى تبعتها بين معاقرها وربه إذا لم يتجاوز بمفعولها الى أذى الغير. بينما شهادة الزور تتعدى للغير وتلحق به الضرر. وحقوق الغير لا تسقط أمام الله إلا باستحلال أصحابها. وأما الشرك بعبادة الأوثان، فأمر لا يغفره الله، ويغفر ما دونه، كما هو أوضح معلوم من الدين بالضرورة.
وفي الختام أطلب من بعض قنواتنا التي تخصصت في هتك الأعراض وكشف العورات وما انفكت تدعو للانحلال وتمزيق الأواصر الاسرية والروابط العائلية أن تتوقف عن هذا الفحش. وتعمل على نشر الفضيلة والمحبة والتوادد بين الناس وتحصين الأسرة التي تعتبر آخر معاقل وحصون الخير في المجتمع. وبالمناسبة أدعوها الى منبر يجمع الشيخ مختار السلامي و(المفكر) محمد الطالبي مرفوقا بصنوه في الشك والحيرة، يوسف الصديق، لطرح هذه الافتراءات التي يطالعوننا بها، صباح مساء، باسم حرية التعبير.
البعض من اعلامنا في العادة عندما يريد تثبيت أركان المنكر يستدعى أساطين الشك والافتراء لمواجهة من يصنفونهم من علماء الدين. فيقف من يمثل الدين بينهم ككرة بين الصبيان، فيلبسوا عليه افتراءهم ويخرج من بينهم منهزما، ومن وراء هذا الانهزام، حسب اعتقاد من استدعوه، انهزام المبادئ التي رست عليها سفينة الدين والأخلاق. وهذا هو هدفهم من هذه اللقاءات. هذه المرة قدموا واحدا فقط شرط أن يكون الشيخ مختار السلامي وواجهوه بمن شئتم من المشككين وسيكون بإذن الله يوم الزينة. الذي تنادى له أتباع فرعون. حيث زهق الباطل وخفقت راية الحق والأخلاق عالية. وأختم بما ختم به الشيخ رسالته، قول نبي الله شعيب عليه السلام: إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.