أبو مازن لم يكن مقنعا ما عرضتم على مسامعنا لسهرات طوال، بغاء مباح وخمر حلال، عرفنا أنكم تديرون أخس الأعمال، التلهية عن مظالم و آفات ومرض عضال، اقتصاد هش وعجز تجاري قد استطال. أصبحتم بين عشية وضحاها أهل بر و تقوى، تبينون للقوم دينهم و تنتصبون للفتوى، لو أجبتمونا عن غير ذلك مما أصابنا من بلوى، فنفرح ونبتهج ونعد الكعك والحلوى. ألم يعد الارهاب غريما يجوس خلال الديار، أم تراه لا يعنيكم يا اعلام العار، تسعون لرفع نسب الربح كالتجار، وتبيعون للقوم أوهاما لا يصدقها الصغار. ألم تعد الاسعار تشغلكم بارتفاعها المشطّ، فتأتون بالكومبارس أفواجا للتهريج واللغط. يا اعلام العار لم تعد تستهويك ملفات الاستقصاء، فتدفع لمن يتابع عدد من الوزراء، هذا تغذى في شيراتون وذلك قد اشترى، معطفا لعشيقته فمن أين جاء بالمال يا ترى ؟ اعلام يشتغل لعديد الأجندات، بعضها للأحزاب وبعضها لرجال الأعمال و ‘القعدات‘،بعضهم يبحث عن ماض تليد ولى وفات، وبعض آخر يسرع الخطى نحو الشهرة و الثروة قبل ارتداد النكسات. ما دمتم قد انتصبتم مفتين، لشعب الزيتونة المتأصل في العلم والدين، سنسألكم عن مسائل تؤرق عيش المواطن، فلو تتكرمون برأي الحاذق الفاهم الفاطن. ما تقولون في طفل حرم المدرسة لأيام، لأن الوادي مازال قاطعا للطريق منذ عشرات الأعوام، و ما تقولون في مدرسة ريفية أنهكتها الأمطار، ولا زال يرتادها غسان وسلمى و ربح و عمار. هل نظرتم اليهم نظرة الاعلام المفيد، فتجمع لهم الاعانات لاصلاح النوافذ والأبواب والقرميد. ما تقولون في قفة ظلت فارغة، عافت الدجاج والبيض وأضحت للوجه صابغة، أصفر لفحه زمهرير البرد، يعمل باخلاص على عياله ويكد، ولكنه لا يجمع الا النزر القليل، ففيه يشتركون ومنه الماء والضوء و الهاتف الموبيل. ما تقولون لفتى صغير فقد نديما عزيزا رغم التلاقيح، عضه كلب سائب فمات و سكن الضريح. ما تقولون لآفات عادت بنا الى الستينات، قمل و جرب و بوصفير، في القرن الحادي والعشرين تعصف هذه الآفات بجيل صغير. ما تقولون في شهداء الثورة الذين عليهم تترحمون، ودماؤهم جارية الى يوم يبعثون، حقوق ضائعة وأمومة مصدومة، و عائلات يبكون ويتحسرون. جنودنا أظهرتموهم يوما ما يذبحون ولكنكم لم تنالوا عقابا فهل لصنيع خسيس كهذا تعودون؟ استشهدت قواتنا فأتيتم يوما ويومين بأم و أب جريح، يحكي أسطورة باسل كان سقفا فأضحى طريح، هم يعانون كل يوم وفيهم من يصيح، لو تفتوننا في نسيانهم يا اعلام الفحيح. ما تقولون في دولة انتقلت الى وضع دائم، فلم نر الى الساعة ازدهارا ولا رأسمال ولا قوائم. ولم نر برامجا مسطرة تلامس الواقع الحزين، بل سمعنا نوستلجيا للاب الحنين. هذه اضرابات مستمرة، وتلك امتحانات تؤجل لأول مرة، فتضيع دروس الأبناء، ويضطرب الولي على مستقبل بات معلقا في الهواء. ما تقولون في تهاوي منسوب الحرية، وحرية التعبير والاعلام أصبحت في تونس الثورة قضية، تغلق اذاعات و قنوات، و تصادر آراء الثقات. ما لكم لا تعيرون لذلك أدنى اهتمام، عفوا من يدفع لكم لا يهمه ذلك الأمر بالكمال والتمام. ما تقولون في عديد المسائل، ما تقولون لكل حائر وتائه وغافل، ظن أن الثورة قد توفر له عملا، فزادته عن خموله سباتا طويلا وكسلا. أين أيقونات الثورة المغيّبة؟ كشفتم أنفسكم بأنفسكم و لا نحتاج لفتاوي دراويش الهرم، لأن الغيرة على الدين تستوجب الاستنجاد بأهل الزيتونة أهل المعرفة و العلم. ولكننا نبغي تحسين حال معيشتنا لو كنتم ساعون لاصلاح القيم. أجيبونا ان كنّا لا نفهم.