أبو مازن أنقذنا يا ضاحي، فقد تركنا المدينة وأضحينا على هامش الضواحي، لم نفلح في الانقلاب البتة رغم تعهدنا بحذافير الخطة، أنجدنا يا صاحب العقال ببنات أفكارك و كثير من المال، فالانتخابات واقعة لا محالة و تزويرها بات أمرا ذا استحالة. فتش في أرشيفنا المحروق عن سيسي او حفتر، ابحث يا خرفان في طيات الدفتر، فلنا من الأنذال الكثير، وقد غادروا السجن و استأسدوا في إعلام البندير. عجّل يا خرفان بدحر الثورة، فتونس مهدها فتُستر لخليجكم العورة، ولا يهمّ إن كان اسمه زيد او عمرو او شلومو أو فنحاص، فلعبة الأسماء لا تعوزنا و لنا من الأوغاد عدد شعر الرأس. اجعل لنا "داعشا" كما لسوريا فنظل نسبّ السلف والخلف، و نشاهد الدماء تسيل فتنهمر دموعنا ولا تجف، استثمر لنا معملا للبراميل المتفجرة فنقضي على الرعاع و نحرق الأرض المثمرة. لما لا يكون لتونس سيسي فيقضي على ما بقي من حكم الثورة والتأسيسي، و يعود "الدر" لمعدنه لنحتفل بعودة الناهب لخيراتنا والفاسد الخسيس. كذلك لسان حال المتباكين على القديم، وهم من تمتعوا بالعلاوة و العقود و قسموا ثروة شعب الكريم، لهؤلاء البترول و لأولئك الفسفاط، و لذلكم السياحة و الموانئ ينهشونها و يزدردونها بإفراط. فيبنون الأبراج كما فعلتم، و يشاركونكم السهر والاحتفال كلما أمرتم. عجيب أمرك يا خلفان، يا ساحر القوم و يا سندا لهامان، أضحيت مهما و متعهدا بتنفيذ الأجندات، بعدما كنت تصفر بصفارتك في مفترق الطرقات. لقد جرب أصحابك عندنا عديد الخطط، فما نجحوا البتة وهربوا في كل مرة كالقطط، تكشّر عن نابها و تحني ظهرها ثم تفرّ على عجل لتعاود بعد هنيهة فعلها. لقد جربوا من ابتلينا بهم حرب الإعلام، فما بدلوا خُلق القوم وما تبعنا الأوهام، ثم بثوا فينا حرب الإشاعة وصناعة الكذب، فانطلق العواء من كل حدب و صوب. وجاءت بعد ذلك حملة الاغتيالات، فروعت القوم و دمعت الأعين على من استشهد ومات. ولقد صنعوا حزبا من ورق، فأصاب بعضنا بالحمى والأرق، حين زادته الاستطلاعات نضارة و قوة، وهو في حقيقة الأمر بضعة نفر في هوة، يقلبون برنامجا قديما، أتى عليه الدهر ومات زعيمه فأضحى يتيما. تونس يا ضاحي قلة و لكن فيهم أهل الثورة و الدين والملة، لن تنضب دماؤهم و لو سالت بغزارة، فهم ثابتون لا تخدعهم الغدّارة. فهذا شعب يعرفه القاصي والداني وقت المحن، وفي نشيده نموت نموت ويحي الوطن، جربه التاريخ بالحروب و الاستعمار، ولكنه ظل ذكيا لا يقربه الاستحمار، فما ضيّع الأمانة وما أخلف وعده الشباب، وفيه الزيتونة قائمة ولو أوصدوا لها الباب. سلام كاذب لك يا خلفان، ستظل نخاس الانقلابات في بلد العربان، تتقلب بين الحماقة والغيرة وتهتدي بنور إسرائيل فتنتهي عنك الحيرة، ثم تبدد مال الأجداد، و تفني خبرات الأرض في مساعدة الأوغاد، كذلك أمروك فأطعت، فلست صاحب الرأي ولو حلفت.