نورالدين الخميري بون ، ألمانيا لقد شكلت حادثة مقتل الفتاتين الألمانيتين من أصل تونسي من طرف دوريّة أمنيّة كانت متمركزة في مكان الحادث أواخر شهر أوت الماضي بمنطقة العريش من ولاية القصرين عند المفترق الفاصل بين حي الخضراء وحي البساتين فاجعة إنسانية مرعبة رغم كلّ التبريرات التي قدّمتها نقابة الأمن ووزارة الدّاخليّة عبر ناطقها الرسمي السيّد محمد علي العروي حول الحادث ، واعتبرت أغلب المنظمات الحقوقيّة التونسيّة عبر بياناتها أنّ ما حصل يعدّ جريمة مكتملة الأركان وليس لها ما يبرّرها ، أمّا على المستوى الدّولي فقد تناولت وسائل الإعلام الألمانيّة المسموعة منها والمرئيّة الحادث باهتمام بالغ ، كما قامت السلطات الألمانيّة وعلى أعلى مستوى بعدّة جهود لدفع السّلطات التونسيّة لكشف اللثام عن مرتكبي الجريمة وتفعيل دور العدالة في القضيّة ولئن بدأت اليوم بعض ملامح القضيّة تتضح شيئا فشيئا رغم بطئ الإجراءات فيها ، فإنّ الجانب الألماني مازال يتابع تطورات القضيّة ويتفاعل معها بشكل إيجابي ، وفي بادرة نوعيّة غير مسبوقة تعهدت بلديّة بون بالتنسيق مع الجانب التونسي التكفل بتعبيد الطريق الرابطة بين العريش ووسط المدينة وقد بدأ العمل فيه فعليّا ، كما تعهدت بإنشاء نصب تذكاري يجسد حكاية لا تنتهي ، أبطالها فتاتين في مقتبل العمر راح ضحيّة عمليّة قنص غادرة . صورة للنصب التذكاري لأحلام وأنس دلهومي وفي جانب آخر فقد أعربت عائلة الدّلهومي عن تقديرها للموقف الألماني وأثنت على الجهود المبذولة من طرف بلديّة بون سواء عبر ما تكفلت به من أشغال بجهة القصرين أو ما تقوم به من دعم ومساندة للعائلة لكشف ملابسات القضيّة بالكامل ، وطالبت في المقابل السلطات التونسيّة بتحمّل مسؤولياتها لتطبيق القانون وتحقيق العدالة لأنّ أركان الجريمة واضحة المعالم ، وأنّ التباطؤ في إصدار الأحكام ومعاقبة المجرمين بعد مرور أكثر من نصف سنة على الواقعة قد يعد تواطؤ ا مع الجناة و يعطي إشارات سلبيّة تمسّ من استقلاليّة القضاء ، والحال أنّ وسائل الإعلام الدّوليّة وعدّة دوائر حقوقيّة مازالت منشغلة بمآلات القضية وأضافت العائلة أنّ تعهد بلديّة بون بإقامة نصب تذكاري مكان الحادث إنّما يعكس الصورة المشرقة للدولة الألمانيّة في تعاطفها مع أهالي الضحايا ويعبّر عن الحس الإنساني السليم ، وهو ما يعزّز من قيمة الإحترام لهذا البلد العريق في حضارته وتاريخه .
