أبو مازن سؤال طرحته المواقع الاجتماعية هذه الايام بغزارة فانطلقت الانامل تنقر لوحات المفاتيح تعبر عن ثروة ضائعة مبددة و هاجت التعاليق حتى شحنت الاجواء بالغبن و الحنق. ولكن عدة أسئلة أخرى بقيت في طي الكتمان و النسيان رغم انها بادرت العقول ولم تستجب لها الأنامل لتظهرها على شاشات الحاسوب. لماذا لم نستفق بأن ثرواتنا مبددة منذ أشهر الثورة الأولى؟ لماذا لم نطلق صيحة الفزع أيام اعتصام الرحيل سيء الذكر؟ لماذا عجزت الألسن عن الخوض في موضوع البترول أيام الحملات الانتخابية؟ هل صدر تقرير دولي جديد او دراسة معمقة حديثة للثروات البترولية في تونس؟ أسئلة تقلق المروج لسؤال وينو بترولي فيدسها في عميق ذهنه حتى لا تفسد عليه الوليمة. وليمة جمع أكبر عدد ممكن من الحانقين الغاضبين عن الاوضاع الاقتصادية المتردية أصلا والتي ساهم فيها الجميع. رأس مال متهرب من الضرائب و من التصاريح عن المرابيح الحقيقية ويد عاملة مضربة او متهاونة في عملها و تعليم يحتضر تحت وقع طبول اضراب النقابات و أسعار ملتهبة تغذيها نزعات الربح الفاحش والاحتكار والتهريب. لعل قاعدة زيادة الالم لتعجيل البرء هي التي اعتمدت لطرح مثل هذا السؤال على العامة فخاض المشهد الاعلامي بالخرافات والردود و الردود المعاكسة وضاعت ثورة التنمية والحرية والكرامة في فيافي الصحراء تبحث عن البترول المنتظر و عن الانابيب الممتدة الى الساحل علّها تدرك الحقائق وتتبين الحلم من الوهم والماء من السراب. لقد عانى مجتمعنا من حملات مغرضة كهذه التي استغلت مباشرة سياسيا فوظّفت و نشرت الفوضى وهيأت للانتصار. لقد تعلم بعض أهل الثورة الذين أصبحوا ثورجيين، الفهلوة عن أصحاب اعتصام الرحيل طريق العصيان ونشر التقارير الزائفة و الاحصائيات والأرقام المفبركة، فأتقنوا الأمر وهاهم ينطلقون في حملتهم في ظل تهاو حقيقي للاقتصاد وتعطل شبه تام لإنتاج الفوسفاط زد على ذلك اضرابات معلنة وغير معلنة هنا وهناك. قد تكون أرضنا تحوي بعض المدخرات النفطية التي لم تكشفها الدراسات وقد تكون بعض الاتفاقيات مع المستغلين للحقول مغرضة ولكن الامر لا يرقى لحملة كهذه في أيام عصيبة ينهار فيها الدينار و يغادر الجيوب بدون رجعة. قد تكون اتفاقية الملح القديمة قد اهترأت وبات لزاما تجديد كتابة فصولها و شروطها فيدعى نواب الشعب لتحقيق هذا المطلب بعيدا عن العربدة الفايسبوكية التي تأجج نار الاستقرار الهش الذي أصبحنا عليه والذي يمكن أن يهوى في أول مناسبة احتجاجية. سنجد بترولنا المفتقد كلما غادرنا المقاهي الممتلئة بالسواعد الخاملة و هجرنا تصديق الاعلام المغرض الذي يعصف بسفينة استقرارنا فيحملنا تارة الى شاطئ المثلية و تارة اخرى الى الثروات المنهوبة. سنجد بترولنا كلما انقطعنا عن الاضرابات وعملنا بكد وسعينا الى تفنيد احصائيات ثمانية دقائق عمل في اليوم فترقى بلادنا كغيرها بالعقول و بدون بترول. ان تعالي أصوات الفهلوة الثورجية تقليد غبي لأصوات جبهة الانقاذ التي شكلت ابان مقتل الشهيد البراهمي والتي سعت في خراب الدولة وانتصرت نسبيا في الانتخاب لتجد جملة من المشاكل والمعضلات المؤرقة التي زرعتها بأيديها فعجزت عن النجاح و انقلب سحرها عليها. فمن يرحم أهل هذه البلاد ويتركها الى رزقها الذي كتبه رب العباد فنعيش في يسر و جود واكتفاء ونسلم من الأوغاد .