...ولماذا لم ينخفض سعر الكهرباء والغاز؟ تونس- الأسبوعي: طرح التخفيض الذي شمل أسعار المحروقات مؤخرا بعد إدخال آلية جديدة لتعديل الأسعار جملة من التساؤلات حول مدى ملاءمة أسعار البيع بالتفصيل لواقع الأسعار العالمية خصوصا إذا ما تمّ اعتماد البلاغات السابقة لوزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى التي كانت تعلن عن الترفيع في الأسعار وتفسّر دواعي ذلك. كشف فعندما قفز سعر برميل النفط من 104 دولارا في مارس 2008 إلى 140 دولارا في جوان من نفس السنة -وذلك حسبما ورد ببلاغ الوزارة الصادر بتاريخ 6 جويلية 2008- تم الترفيع ب70 مليما في سعر اللتر من مختلف أصناف الوقود حينئذ أعلنت الوزارة ضمن نفس البلاغ أن الدعم في حدود 300 مليما للتر البنزين و600 مليما للتر الغزوال و12 دينارا لقارورة الغاز و500 دينارا لطن الفيول... وقبل ذلك بأشهر قليلة وبالتحديد يوم 2 مارس 2008 صدر بلاغ آخر عن ذات الوزارة يعلن الترفيع ب50 مليما في سعر الوقود وجاء في ذات البلاغ أن سعر البرميل من النفط بلغ 100 دولارا وأن أسعار المحروقات تبقى مدعّمة ب80 مليما للتر البنزين و250 مليما للتر الغزوال و350 دينارا لطن الفيول و11700 مليما لقارورة الغاز صنف 13 كيلوغراما. ورغم أن سعر صرف الدولار ظلّ يراوح تقريبا نفس القيمة مع زيادات محدودة صعودا أو تراجعا فإن الارتفاع المذهل لسعر النفط هو الذي كان له تأثير واضح على الأسعار المحلية... وهو ما يفترض اليوم التساؤل حول أكثر من نقطة. تساؤلات فإذا كان الدعم عندما بلغ سعر برميل النفط 100 دولارا في مارس المنقضي في حدود 80 مليما للتر الواحد من البنزين ول250 مليما للتر الغزوال فكيف يفترض أن يكون سعر هذه المنتجات اليوم في السوق بعد أن أصبح معدل سعر النفط يتراوح بين 40 و50 دولارا... هل من المفروض أن يكون أقل بماهو معروض به للبيع بكثير... هذا السؤال سعينا لطرحه على الجهات المسؤولة بوزارة الصناعة منذ أن صدرت التعديلات الأخيرة... لكن الجواب تأخر بعد أن طلبت منّا الجهات المعنية التريّث إلى أن جاء الجواب نهاية الأسبوع المنقضي في شكل أجوبة جاهزة على ستة أسئلة أرتأينا أن نأخذ منها ما يمكن أن يشفي الغليل ولو نسبيا. ردّ الوزارة فمن حيث ما يتعلق بالأسعار ذكرت الوزارة أنه «تمّ ضبط نظام تعديل لأسعار المواد البترولية بالترفيع أو بالتخفيض وفق منهجية تأخذ في الاعتبار تطور أسعار المحروقات في الأسواق العالمية ومتطلبات التوازنات العامة للبلاد. ويتمّ التعديل كلما بلغ الفارق بين سعر التوازن المرجعي لبرميل البترول من نوعية برنت وسعره في الأسواق الخارجية 10 دولارا على الأقل طيلة ثلاثة أشهر متتالية وذلك على أساس المبالغ التالية: 50 مليما للتر البنزين والمازوط وبترول الإنارة و20 مليما للكيلوغرام فيول و200 مليما لقارورة الغاز السائل ل13 كيلوغراما. ويبلغ سعر التوازن المرجعي للبرميل الواحد من البترول حاليا، باعتبار التخفيض في أسعار مشتقات البترول في السّوق الداخلية الذي تمّ يوم 16 جانفي من السنة الجارية، 52 دولارا على أساس سعر صرف للدولار يساوي 1400 مليما. ويعني سعر التوازن المرجعي السعر الذي يتيح تحقيق توازن لمنظومة البترول بدون دعم مباشر من ميزانية الدولة». نسب معتدلة وحول السبب الذي حال دون إقرار تخفيضات أرفع من النسب التي تمت يوم 16 جانفي جاء في رد الوزارة أن الحكومة: «تحرص كلما دعت الضرورة لتعديل الأسعار على أن يتم ذلك بنسب معتدلة. وقد تمّ التقيد بهذا التمشي طيلة الفترة التي اتّسمت فيها أسعار المواد البترولية في الأسواق العالمية بتصاعد متواصل. فلم يتم رغم الضغوط المسجلة على ميزانية الدولة إقرار زيادات بنسب عالية بل اقتصر الأمر على زيادات معقولة تأخذ في الاعتبار القدرة على استيعابها باعتبار الدور التعديلي التي تقوم به الدولة للحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطنين والقدرة التنافسية للمؤسّسة. مع العلم وأنّ الاعتمادات التي تمّ تخصيصها لدعم المواد الغذائية الأساسية والنقل المدرسي والجامعي، والكراس المدرسي وبعض أصناف المحروقات على غرار الغاز السائل وبترول الإنارة والغاز الطبيعي تبلغ ضمن ميزانية الدولة لسنة 2009 ما يناهز 1400 مليون دينار وهو ما يمثل 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي». تعديلات منتظرة ويضيف ردّ الوزارة «إنّ كل انخفاض أو ارتفاع بمعدل 10 دولارات للبرميل مقارنة بالسعر المرجعي (52 دولارا سعر صرف للدولار ب1400 مليما) على امتداد ثلاثة أشهر متتالية ينجرّ عنه تخفيض أو ترفيع في أسعار المواد البترولية وفقا للنسب الجاري بها العمل ويراعي بداية تاريخ تعديل الأسعار متطلبات التوازنات العامة للبلاد خاصة من حيث نسبة التضخم وتوازن ميزانية الدولة». لكن لماذا علينا انتظار 3 أشهر... عن هذا تقول الوزارة أنه «تمّ خلال السنوات الأخيرة اعتماد فترة متابعة لتطور الأسعار قبل تعديلها تمتدّ على الأقل على 4 أشهر تحسبا للتطورات الظرفية. وبذلك فإن المنهجية المعتمدة من حيث مدّة المتابعة تمثّل امتداد لما تمّ اعتماده في السنوات الأخيرة. ومن مزايا هذه الطريقة ضمان استقرار نسبي لأسعار المواد البترولية». حول الكهرباء والغاز لكن لماذا لم يتم تعديل أسعار الغاز الطبيعي ولماذا لم يتم تخفيض فاتورة الكهرباء... عن هذا تجيب الوزارة بالقول: «خلافا للمواد البترولية التي تتطور أسعار توريدها كل يوم وفق أسعار السوق العالمية، فإن أسعار اقتناء الغاز الطبيعي من قبل الشركة التونسية للكهرباء والغاز يتمّ على أساس معدّل أسعار البترول في السّوق العالمية خلال التسعة أشهر التي تسبق عملية الاقتناء، فإنّه رغم الانفراج المسجل في مستوى الأسعار العالمية للفيول فإن أسعار اقتناء الغاز مازالت مرتفعة وتقارب حاليا 380 دولارا للطن أي ما يقابل 530 دينارا للطن. مع العلم وأن الأسعار الداخلية للغاز الطبيعي تبلغ حاليا 260 دينارا للطن وبذلك تبقى مدعمة بنسبة 50%». وبالنسبة للكهرباء «فمازالت أسعار الكهرباء مدعمة باعتبار الاعتماد شبه الكلي للشركة التونسية للكهرباء والغاز على الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء. ورغم الإنخفاض التدريجي المتوقع للأسعار العالمية للغاز يتوقع أن يبقى سعر الكهرباء مدعّما بحوالي 20 % خلال السنة الحالية». ختاما ذاك كان ردّ الوزارة ويبقى التساؤل قائما حول دور ما تنتجه تونس من بترول في تعديل الأسعار المحليّة وسيّما وأن الإنتاج الوطني يغطي نسبة محترمة من حاجيات البلاد... ثم لماذا لم تبادر الحكومة مراعاة لظروف ضعاف الحال التخفيض في سعر بترول الإنارة الضروري للتدفئة خصوصا في جهات الشمال الغربي للبلاد حيث حاجة سكان هذه المناطق للتدفئة أكثر من ملحّة... ثم أي نصيب لما تحصل عليه بلادنا من غاز طبيعي سواء استغلالا أو أداءا في تعديل أسعار الغاز... أسئلة نعتقد أنها في حاجة للقاء إعلامي يوضّح تفاصيل أدقّ حولها. حافظ للتعليق على هذا الموضوع: