يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في حقائق أون لاين يوم 05 - 02 - 2015

عرض رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد صباح أمس الاربعاء، على نواب الشعب، تحت قبة البرلمان، البرنامج الذي سيعمل فريقه الحكومي وفقا له.
وجاء البيان الحكومي الذي تلاه مفصلا كما يلي:
بسم الله الرحمان الرحيم
والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
يطيبلي في البدايةأن أتقدّم إليكم بأحرّ التهاني على الثّقة التي وضعها الشّعب فيكم، بانتخابكم لعضوية أوّل مجلس نيابي للجمهورية الثانية.
ويشرّفني، تبعا لتكليفي من طرف السّيد رئيس الجمهورية بتكوين الحكومة، أن أتولى عرضَ تركيبتها، وبرنامجَ عملها لنيل ثقة مجلسكم الموقّر.
ويُتوّج عرض تركيبة الحكومة وبرنامجها، مشاورات مكثّفة ومعمّقة، مع عديد الأحزاب السياسية، والمنظّمات الوطنية، ومكوّنات المجتمع المدني،خُصّصت لعرض التصوّرات والمقترحات، حول برنامج عمل الحكومة وهيكلتها، واستحقاقات الفترة القادمة.
ويأتي تقديم الحكومة الجديدة،بُعَيدالإنتخابات التشريعية والرئاسية، التي كانت انتخابات حرّة وشفّافة، آلت الكلمة الأخيرة فيها للشّعب، باعتباره صاحب السيادة، وقَبلَ الجميع بنتائجها،وأشاد العالم بها.
كما يأتي عرض تركيبة الحكومة، عقب تسلّم أوّل رئيس للجمهورية الثانيةلمهامه، في أجواء حضارية منعشة،تُكرّس التداول السّلمي على السلطة، وتقدّم للعالم صورة مُشَرَّفة عن بلادنا، وشعبها، ونُخبها، وقياداتها السياسية.
ولا يفوتني في هذا السياق، أن أُثني على جهود كلّ من ساهم، في تأمين الوصول ببلادنا إلى انتخابات عامّة، جرت وفق معايير النّزاهة والمصداقيّة، وجسّمت إرادة الشعب. وانتقلت ببلادنا من مرحلة المؤسّسات المؤقّتة، الى مرحلة المؤسّسات الدائمة.
وأخصّ بالذكر الرّباعي الرّاعي للحوار الوطني بجميع مكوّناته: الاتحاد العام التونسي للشغل،والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وعمادة المحامين، والرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان،إلى جانب الحكومة المتخلّية، برئاسة السيد مهدي جمعة، والهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، ومختلف الأحزاب السياسية، وهيئات المجتمع المدني، ولاسيما المنظمات والجمعيّات المهتمّة بالانتخابات ومؤسّسات الإعلام الوطني.
ولا يفوتني أن أُثني على دور المجلس الوطني التأسيسي،كما أتوجّه بالشّكر لكافة الحكومات المتعاقبة منذ14جانفي2011.
وما كان لكلّ هذا أن يتحقّق، لولا ثورة 17 ديسمبر14جانفي، التي اكتست طابعا متفرّدا في محيطنا الإقليمي والدّولي، ثورة تونسية المنشأ، كونيّة القيم، ثورة سلميّة أنجزها الشّباب، وساهمت فيها مختلف الفئات والجهات.
ونستحضر في هذه اللحظات تضحيات كافة شهداء الوطن، وكلّ شهداء ثورة 17 ديسمبر 14جانفي، الذين سقوا بدمائهم الزكية شجرة الحرية والديمقراطية، وعبّدوا طريق العزّة والكرامة.
فتحيّة وفاء للشهداء الأبرار في كلّ ربوع الوطن.
وتحية وفاء للشهيد لطفي نقّض.
وتحيّة إكبار لروح الشهيد شكري بلعيد.
وتحيّة إجلال لروح الشهيد محمّد البراهمي.
وأؤكّد في هذا السّياق، أنّنا سنبذل قصارى الجهد للكشفعن ملابسات جريمتي اغتيال هذين المناضلين الكبيرين.
تحيّة عرفان بالجميل كذلك لأرواح شهداء المؤسّستين الأمنيّة والعسكرية.
فبفضل هؤلاء جميعا، نعيش اليوم هذه المحطّة الفارقة في تاريخ تونس المستقلّة،ونُفاخر بالإستثناء التونسي، الذي أبهر الأشقّاء والأصدقاء.
وهي مناسبة، لنؤكّد أنّنا على درب تجسيم القيم، التي استشهدوامن أجلها سائرون، وبالعهد موفون، وللأمانة حافظون.
كما أنّها مناسبة لنؤكّد، تعهّدنا بأن نشملعائلات الشهداء، بما هي به جديرة من عناية وإحاطة وتكريم.
وسنحرص كذلك على متابعة أوضاع جرحى الثورة،وتدعيم العناية بهم.
ويتنزّل في هذا السياق، إحداث كتابة دولة تُعنى بشهداء وجرحى الثورةوشهداء وجرحى المؤسّستين الأمنية والعسكريةوعائلاتهم.
ونقولها بصوت عال، أنّنا سنظلّ أوفياء لتضحيات الشهداء، ولأهداف ثورة الحرية والكرامة، وأنّ تونسقد قطعت نهائيّا بدون رجعة مع التسلّط والإستبداد.
كما سنبذل قُصارى الجهد، لتأمين مقوّمات العيش الكريم لكافة التونسيات والتونسيين، دون حيف أو إقصاء، بعد أن حقّقنا هدف الحريّة، التي أصبحت ملكا مشاعا بين الجميع يضمنها الدستور، وتحرسها الأحزاب السياسية، ومكوّنات المجتمع المدني، والإعلام، وتحميها الدولة ومؤسساتها.
وسنعمل على فضّ الملفّات الاجتماعية العالقة في أقرب الآجال، بما يوفّر المناخ الملائم للانقطاع التّام للعمل، والتفرّغ لكسب الرّهانات القائمة.
إنّ الحفاظ على المسار الديمقراطي، وتعزيزه، وصيانة الحرّيات العامة والفردية، واحترام حقوق الإنسان بكافة أبعادها وتجلّياتها، وتكريس سلطان القانون، الذي تسري أحكامه على الجميع دون تمييز أو محاباة، هي في صميم خياراتنا والتزاماتنا، التي لا محيد عنها، ولا تفريط فيها.
ومن ضمن أبرز ثوابتنا كذلك مقاومة كلّ أشكال الفساد والمحسوبية، واستغلال النفوذ، وتجاوز القانون، وتجسيد مبادئ الحوكمة الرشيدة والمساءلة.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيّدات والسّادة نواب الشعب،
لقد راعينا في تركيبة الحكومة، مقوّمات الجدوى ومتطلبات المرحلة. فهي حكومة قوامها الكفاءة والفاعلية.
وهي حكومة، تتّسم بحضور مشرّف للعنصر النسائي،وهو ما يليق بما بلغته المرأة التونسية من منزلة راقية على كافة المستويات، وبما برهنت عليه من كفاءة عالية في شتّى المجالات، وفي كلّ مناحي الحياة.
كما أنها حكومة تتّسم بحضور مشرّف للشباب في تركيبتها. وهي حكومة منطلقها ومبتغاها خدمة تونس، وتحقيق تطلعات المجموعة الوطنية، وفق تمشّ واضح المعالم، ورزنامة مضبوطة، وأهداف دقيقة.
وحرصا على تأمين مقوّماتالانطلاق المباشر في العمل والإنجاز، والمعالجة السريعة للأوضاع المستعجلة، فقد خيّرنا عدم إدخال تعديلات جذرية على الهيكلة المتعارف عليها للحكومة، على أن يتمّ ذلك بالتدرج، وفقا لما قد يتجلّى من استحقاقات في المجالات ذات الصّلة.
وقد حرصنا بالتوازي على مزيد إحكام هيكلة الحكومة، في عدد من القطاعات الهامّة، خاصة منها على سبيل الذكر، تدعيم الاهتمام بالشؤون المحلية،والإرتقاء بأوضاع الفئات الهشة، ومقاومة الفقر والخصاصة، وضمان أوفر عوامل الإدماج الإجتماعي ودعم الإحاطة بمواطنينا في الخارج، إلى جانب تعزيز الحوكمة الرشيدة، ودعم الإصلاح الجبائي وتحسين منظومة الإستخلاص، فضلا عن إيلاء الأهمية اللازمة للإقتصاد الرقمي، وتطوير إطار العلاقة والتفاعل مع المجتمع المدني.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
حرصا على ضمان أوفر عوامل النجاعة والمردودية، وتماشيا مع انتظارات وتطلّعات المجموعة الوطنية، وتفاعلا مع تصوّرات ومقترحات الاحزاب السياسية، والمنظّمات الوطنية، اعتمدنا بالنسبة الى برنامج الحكومة للفترة المقبلة منهجيّة قوامها إقرار إجراءات عاجلة وفوريّة، وتدابير متوسّطة وطويلة المدى، تقتضي إصلاحات هيكلية وعميقة، سنسعى إلى أن تكون محلّ أوسع وفاق ممكن.
ومن أوكد الأولويات والاستحقاقات العاجلة المطروحة على الحكومة، استكمال مقوّمات بسط الأمن والاستقرار، ومكافحة الارهاب، باعتبار ذلك شرطا جوهريا لصيانة المسار الديمقراطي، وحماية مجتمعنا، وتعزيز الثقة في الحاضر والمستقبل.
وبقدرالوعي بحجم التحدّيات المطروحة في هذا المجال، خاصةبالنّظر إلى الأوضاع في محيطنا القريب والبعيد، وما تتّسم به من اضطرابات ومظاهر عنف وفوضى، فإننا مقرّون العزم على تعزيز الإجراءات والتدابير والآليات الكفيلة بحفظ أمن بلادنا،والتوقّي من كلّ أشكال الجريمة، والتصدي الناجع لكلّ مظاهرالغلوّ والتطرّف والعنف.
ونتطلّع في هذا المجال إلى الإسراع بالمصادقة على القانون المتعلّق بمقاومة الارهاب في أقرب الآجال.
وإذ نُحيّي الجهود الجبّارة التي تبذلها المؤسّستان الأمنية والعسكرية، للقضاء على دابر الإرهاب، والدّفاع عن الوطن، وحماية الأرواح والممتلكات،فإننا سنواصل تمكين الوحدات الأمنية والعسكرية،من المعدّات الملائمة، لتدعيم قدراتها العمليّاتية،وتعزيز فاعليتها، وتأمين جاهزيتها المستمرّة للتحرّك السريع، والارتقاء بقدرتها على الرّدع والتدخل الميداني الناجع، عند الاقتضاء.
ونأمل أن تشهد الفترة القريبة القادمة، استكمال النظر في قانون حماية الامنيين، وإدخاله حيّز التنفيذ.
كما سنعمل على تعزيز قدرات أعوانالديوانة،والحماية المدنية والسّجون، بما يتيح لهم الاضطلاع بدورهم بأكثر نجاعة وفعالية.
وسنحرص كذلك،على تكثيف التعاون والتنسيق مع البلدان الشقيقة المجاورة، لدعم تأمين المناطق الحدودية المشتركة، ومكافحة الإرهاب، والجريمة المنظّمة.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
انطلاقا من أنّ الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطنين، ومكافحة الإحتكار والمضاربة، تمثّل إحدى الإستحقاقات الملحّة، فإننا سنبادر باتخاذ التدابير الكفيلة بالتحكم في الأسعار، وتنظيم السوق، وذلك بالخصوص من خلال تكثيف المراقبة الإقتصادية، ومقاومة التهريب، والعمل على ترشيد أسعار الموادّ الغذائية الطازجة.
كما سنحرص على وضع أهداف مرحلية، بالتنسيق مع الهياكل المهنية للإنتاج والتوزيع والتزويد بالموادّ الاستهلاكية الأكثر رواجا.
وسنعمل كذلك، على تفعيل اللّجنة الوطنيّة واللّجان الجهوية للتحكّم في الأسعار.
وسنتولّى إرساء منظومة معلوماتية، لمتابعة أسعار المواد الغذائية الطّازجة في أسواق الجملة، وذلك بالتّنسيق بين الوزارات والمجامع المهنية المعنيّة.
وسنلجأ إن اقتضى الأمر، إلى تطبيق الفصل الرّابع من قانون الأسعار والمنافسة، الذي يُتيح تجميد الأسعارغيرالمؤطّرة، لمدّة ستّة أشهر لمقاومة الزّيادات المُشطّة في الأسعار.
ويُمثّل التصدّي لآفة التجارة الموازية من ناحية أخرى، ضرورة قصوى باعتبارها بلغت حدّا يُنذر بعواقب وخيمة إذا لم يتمّ الإسراع باتخاذ التدابير الصّارمة.
ونتعهّد في هذا السياق،بمضاعفة الجهد لمقاومة هذه الآفة ، وتقليصها إلى أدنى حدّ ممكن، عبر تكثيف المراقبة في المراكز الحدودية،وفي الاسواق، وإحكام تطبيق الاجراءات القانونية والترتيبية ذات الصّلة.
وإننا نعوّل على تضافر جهود كافة الهياكل الادارية والمهنية المعنية، لمحاصرة ظاهرة التجارة الموازية، التي تبعث على الانشغال، وتهدد نسيجنا الصناعي، وأسواقنا المنظمة، فضلا عن تبعاتها الصحية والبيئية.
وإلى جانب ذلك،سنحرص على ادماج متعاطيي الانشطة غير المهيكلة، في المنظومة القانونية، والسعي إلى إيجاد الحلول المناسبة للوضعيات الاجتماعية، بالنسبة إلى الأشخاص من ضعاف الحال، الذين يتعاطون التجارة في المسالك غير المنظمة.
ومن البديهي أنّ المعالجة الجذرية لهذه الظاهرة، تقتضي إلى جانب تكثيف المراقبة، وتطبيق التدابير القانونية، وتوسيع دائرة التدخلات الميدانية، توخّي خطّة متكاملة،من مكوّناتها تنمية المناطق الحدودية، ودفع الاستثمار فيها، وإحداث المشاريع المنتجة، ومقاومة البطالة.
ومن ضمن الأولويات العاجلة كذلك، تحسين إطار العيش، ومعالجة الترسّبات والإشكاليات القائمة، التي كانت لها آثار وتبعات سلبية على نوعية الحياة، وسنعمل في هذا الشأن على تنظيم حملة وطنية شاملة للنظافة والعناية بالبيئة، تشارك فيها الهياكل الإدارية والمهنية، والمجتمع المدني، لرفع ما تراكم من فضلات ونفايات، والتصدّي الناجع لكلّ المظاهر المخلّة بتوازن البيئة، وردع المخالفين للتراتيب البلدية، ولمقتضيات سلامة المحيط، كما سنطلق حملة لتهذيب الأحياء الشعبية، والبناءات والمنشآت العمومية، من مدارس ومعاهد، ومستشفيات، فضلا عن صيانة وتهذيب الطرقات، والمسالك الريفية.
ويبقى النهوض بالعمل البلديفي هذا السياق من أوكد الأولويات المطروحة، لارتباطه العضوي بحياة المواطن اليومية، ونوعية حياته.
لذلك سنركّز الجهود على تفعيل عمل النّيابات الخصوصية، في انتظار الانتخابات البلدية القادمة، وسنتولّى متابعة عملها بصفة دقيقة، وتقييمها، واتخاذ التدابير والاجراءات اللاّزمة كلّما لوحظ تهاون أو تقصير.
وسنسعى من ناحية أخرى، إلى الشروع في القيام بجرد للأراضي المحاذية للأحياء الشعبيّة ذات الكثافة السكانية العالية، بالمدن الداخلية، لاقتنائها وتخصيصها، لإنجاز مقاسم ذات صبغة اجتماعية، بما يحدّ من مزيد تنامي ظاهرة البناءات الفوضويّة.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
إذا كان إقرار المشاريع في مجالات البنية الأساسية. والمرافق العمومية، والخدمات الجماعية، يُعدّ شرطا أساسيا لدفع التنمية الإقتصادية والإجتماعية، وتحسين ظروف العيش ، فإنّ تحقيق الأهداف المرجوّة، يقتضي تسريع وتيرة تجسيم هذه المشاريع، وتلافي العراقيل والتعطيلات.
ويتّضح من خلال متابعة سير إنجاز المشاريع التي تمّ إقرارها في عديد الجهات، أن الكثير منها بقيت معطّلة ومتعثّرة.
كما أنّ الإعتمادات المخصّصة لهذه المشاريع بقيت مجمّدة في العديد من الحالات،نتيجة عدم التوصّل لأسباب مختلفة إلى صرفها.
وعلى هذا الأساس فإنّ من ضمن الأولويات المطروحة، معالجة هذه الإشكاليات، من خلال الإسراع بتجاوز العراقيل والتعطيلات، التي حالت دون إنجاز المشاريع المبرمجة.
وإنّنا نعوّل على السيّدات والسّادة أعضاء مجلس نواب الشعب، ليساهموا من ناحيتهم في مجهود تجاوز تعطّل إنجاز المشاريع المعنية، وتيسير إدخالها حيز التنفيذ الفعلي، ودفع عجلة التنمية.
ومن ضمن الإستحقاقات العاجلة كذلك، العمل على تامين أوفر مقوّمات نجاح الموسم السياحي الذي هو على الأبواب.
وسيتمّ في هذا المضمار حفز المهنيين في هذا القطاع، على الإنطلاق في عمليات صيانة وتعهّد المنشآت الفندقيّة، وسائر المؤسسات السياحية، وتكثيف الجهود لتحسين الخدمات، وذلك إلى جانب تنظيف وتعهّد المسالك السياحية.
كما سنتعاون مع أهل المهنة،لإطلاق حملة تسويقية وترويجية، واستثمار المناخ الجديد الذي تعيشه بلادنا، في ضوء نجاحها المتميّز في كسب رهان الإنتقال الديمقراطي، بما عزّز مكانتها وسمعتها على أوسع نطاق، وهوما يؤهّلها، إلى أن تكون بحقّ نموذجا يشجّع القاصي والداني على اكتشافه.
وانطلاقا من أنّ كسب رهان العمل التنموي بمختلف مجالاته ومضامينه، يقتضي الاستشراف والتخطيط المحكم، فإننا سنتولّى إعداد وثيقة توجيهية لمخطط، يغطي السنوات الخمس القادمة، يتمّ عرضها على استشارة واسعة.
وعلى ضوء هذه الاستشارة، يتمّ الانطلاق فعليا في إعداد مشروع المخطط، على أن يتمّ تنظيم ندوة دولية، خلال الثلاثيّة الاخيرة من سنة 2015، لعرض مضمونه الاوّلي وخاصة المشاريع الكبرى المهيكلة على مؤسسات التمويل.
وحرصا على مزيد الإحاطة بالفئات الضعيفة، سيتمّ بداية من شهر أفريل القادم، التّرفيع في المنحة المُسندة للعائلات المعوزة من 120 إلى 150 دينار للعائلة الواحدة.
وسيشمل هذا الإجراء 230 ألف عائلة معوزة.
وعلى صعيد آخر، وحرصا على تجاوز التّعقيدات، وبطء التدابيرالمتعلّقة بمعالجة مديونيّة قطاع الفلاحة والصيد البحري، سيتمّ إلغاء كلّ الإجراءات الإداريّة المتعلقة بتخلّي الدّولة عن القروض المسندة لصغار الفلاّحين والبحّارة، وذلك بالنسبة إلى من لا يتجاوز أصل الدّين لكلّ واحد منهم ألفي دينار.
وبالتالي فإنّ التخلّي عن هذه الدّيون سيكون بصفة فوريّة من قبل البنوك دون مطالب فرديّةودون المرور بلجان جهوية.
وسينتفع بهذا الإجراء حوالي 42500 فلاّح.
وسنحرص بالتشاور مع الأطراف الاجتماعية، على اعتماد منهجيّة للمفاوضات الجماعيّة، تفضي إلى اتّفاق يمتدّ على سنتين أو ثلاث سنوات، بما يمكّن من الحفاظ على مناخ السّلم الاجتماعية، والتفرّغ للعمل والانتاج، والزيادة في الثروة الوطنية.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
تلك بعض ملامح ومضامين الإجراءات العاجلة التي سيتمّ الشّروع في تنفيذها بصفة فوريّة.
وسيتولّى كلّ وزير، في أجل أقصاه عشرة أيام من مباشرته لمهامه تقديم رزنامة، محدّدة لتجسيم الإجراءات العاجلة، كلّ في مجال اختصاصه، بكامل الدقة والنّجاعة.
وبقدر الحاجة إلى إجراءات فوريّة، لمجابهة الإشكاليات والقضايا الملحّة والمستعجلة، فإنّ بلادنا تواجه جملة من القضايا والتحدّيات، التي تتطلّب إصلاحات هيكليّة، تنطلق من تشخيص دقيق لهذه القضايا والتحدّيات، وتبلور الحلول النّاجعة لمعالجتها، بما يؤمّن انطلاقة اقتصادية واجتماعية، جديدة تستجيب لانتظارات المجموعة الوطنيّة وتطلّعاتها.
وسعيا إلى تأمين أفضل شروط النّهوض بالقطاعات الاستراتيجية، وإكسابها القيمة المضافة المرجوّة، والارتقاء بها إلى مستوى تطلّعات المجموعة الوطنية، فإننا نعتزم إحداث لجان وطنية للإصلاحات الكبرى تضمّ أهل الخبرة والاختصاص من الكفاءات الوطنية، وممثّلي الأحزاب السياسيّة، والمنظّمات، ومكوّنات المجتمع المدني.
وستُعنى هذه اللّجان بعديد القطاعات، على غرار التربية والتعليم، والتكوين، والصحة، ومنظومة التغطية الاجتماعية، ومنظومة الدّعم، والتنمية المستدامة، والثقافة...
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
إذا كان توزيع الثّروة الوطنية وثمار النموّ بأقرب ما يكون من العدل على مختلف الفئات والجهات،يمثّل أحد الإستحقاقات المطروحة، فإنّه لا بدّ قبل ذلك من خلق الثروة ودفع نسق النموّ.
بيد أنّ المتأمّل في المؤشّرات الاقتصادية لبلادنا، يلاحظ أنها في مجملها، سلبيّة تبعث على الانشغال.
فقد سجّل الإقتصاد الوطني خلال سنة 2014 نموّا متواضعا يقدّر ب 2،4 % بالأسعار القارّة، واتّسم بارتكازه على الطّلب الدّاخلي وخاصّة الإستهلاك.
وتبقى نسبة البطالة من ناحيتها مرتفعة، حيث تبلغ 15،2 %كمعدّل عام و 31،4 %لدى حاملي الشهادات العليا.
كما أنّ معدّل التضخّم، ولئن سجّل انخفاضا نسبيّا فإنه يبقى مرتفعا (5،5% مقابل 6،1 سنة 2013).
وبلغ عجز الميزان التجاري من ناحيته مستوى قياسيا ب13،6 مليار دينار خلال سنة 2014 مقابل 11.4مليار دينار سنة2013.
وتراجعالاستثمارالجمليسنة 2014 بما يفوق 21 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2013 وأكثر من 32 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2010.
وتراجع كذلك الاستثمار الصناعي من ناحيته ب 26.7 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2013 وب 44.1بالمائة بالمقارنة مع سنة 2010.
أمّا بالنسبة إلى المديونية، فيرجّح أن تصل خلال السّنة الجارية إلى 52،9%من الناتج المحلّي الإجمالي مقابل 51،6 % خلال السنة المنقضية.
وإذ نستعرض هذه العيّنة من المؤشّرات،التي تبرز صعوبة الظّرف الإقتصادي، وجسامة التحديّات المطروحة فإنما نريد أن نؤكّد الحاجة الماسّة لإصلاحات هيكليّة عميقة، يتعيّن أن تكون نتاج تشاور وتوافق واسع، بما يضمن القيام بها على الوجه الأفضل، وبلوغ الأهداف المرجوّة منها.
ولا مناص من ناحية أخرى من الترفيع في الإنتاجية، التي يبقى مستواها ضعيفا بالمقارنة مع البلدان المنافسة.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
يبقى منوال التنمية المعتمد أحد العوائق الأساسية أمام إحداث حركيّة اقتصاديّة فعّالة،واستحثاث نسق النموّ وتنويع محتواه، والنهوض بالتشغيل،وهو ما يحتّم اعتماد منوال تنموي جديد، يرتكز على تعزيز التكامل بين القطاعات الثلاثة: العمومي والخاص والاجتماعي التضامني. كما يرتكزعلى اقتصاد المعرفة، الذي أصبح من أبرز مصادر خلق الثّروة ودفع التّنمية الاقتصاديةوالاجتماعية.
وعلى سبيل المثال، فإنّ المعرفة والاقتصاد اللاّمادّي يمثّلان زهاء نصف النّاتج المحلّي الإجمالي لأغلب بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
ولكسب رهان اقتصاد المعرفة، لا مناص من القيام بإصلاحات عميقة وشاملة، لتوطيد دعائمه،المتمثلة بالخصوص في تنمية الموارد البشرية، والنّهوض بالبحث العلمي، وتعزيز البنية الأساسية التكنولوجية.
وبناء على ما تقدّم، فإنّه لا مناص من الإنكباب على تطوير منظومة التربية والتكوين والتعليم العالي وتحسين آدائها،والإرتقاء بمردودها، قصد ملاءمتها مع متطلّبات اقتصاد المعرفة، وهو ما يستدعي بالخصوص تجديد المناهج، وتنمية روح المبادرة والإبتكار، واعتماد الوسائط المتعدّدة، وتعزيز الإستثمارات المخصّصة لاعتماد التكنولوجيات الحديثة في منظومة التربية والتكوين والتعليم العالي.
وتتأكّد في هذا المضمار كذلك الحاجة إلى دعم وتطوير البحث العلمي في المجالات ذات المحتوى المعرفي والقيمة المضافة التكنولوجية العالية، على غرار تكنولوجياتالإتّصالوالمعلومات،والإلكترونيك،والصناعات الدّوائيّةوالبيوتكنولوجيا.
ويقتضي تعزيز البنية الأساسية التكنولوجية، تطوير شبكات الإتصال ذات السّعة العالية، وتكثيف استعمال تكنولوجيات المعلومات والإتّصال في مختلف المجالات الإقتصادية والإدارية والإجتماعية والثقافية.
كما يتطلّب تعزير الأقطاب التكنولوجيّة المندمجة، ودعم صلتها وتفاعلها مع قطاعات الإنتاج، ومؤسسات التكوين، والتعليم العالي والبحث العلمي، فضلا عن تكثيف نسيج المؤسّسات والمشاريع المجدّدة.
ومن البديهي أن تحقيق هذه الأهداف، يستدعي دعم الحوافز، الكفيلة بدفع نسق إحداث المشاريع في القطاعات الواعدة، وحثّ المؤسسات الإقتصادية على تحسين نسب التأطير صلبها، وإحداث مخابر ووحدات بحث ويقظة تكنولوجية.
ومن أبرز الإصلاحات الضروريّة، مراجعة مشروع مجلّة الإستثمار، بهدف تحسين مناخ الأعمال، وحفز بعث المشاريع وإحداث المؤسسات، وكذلكإصلاح المنظومة الجبائية، قصد توسيع قاعدتها، وتحسين الإستخلاص ومقاومة التهرّب الجبائي.
وبالتوازي تتأكّد الحاجة إلى المضي قدما على درب إصلاح القطاع المالي، ولاسيّما القطاع البنكي والسوق المالية، وذلك فضلا عن ترشيد الإنفاق العمومي، والنهوض بالمشاريع الكبرى في المناطق الداخليّة، وإنقاذ المؤسسات الوطنية التي تشكو صعوبات اقتصادية، وضمان ديمومتها والحفاظ على مواطن الشغل فيها.
ويبقى ترشيد الدّعم من ضمن الإصلاحات الضّرورية، إلى جانب إصلاح أنظمة التقاعد والتأمين على المرض، وإنقاذ الصّناديق الإجتماعية.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
من أبرز استحقاقات ثورة 17 ديسمبر 14جانفي وضع حدّ للتفاوت بين الجهات، ولاختلال التنمية في المناطق الدّاخلية.
وعلى هذا الأساس فإنّ من أولويّات الحكومة للفترة القادمة، اعتماد كلّ السُّبل والمناهج والآليات المتاحة، لتحقيق تنمية جهوية متوازنة، وذلك بالاهتمام خاصّة بمناطق الشمال الغربي والوسط الغربي والجنوبوالمضيّ قُدُما في دعم البنية الأساسيّة، والمرافق الجماعيّة، وتحسين مناخ الأعمال، والحفز على الإستثمار، والمراهنة على الحوكمة المحليّة طبقا لما أقرّه الدستور.
وستحافظ الدّولة في هذا السّياق على دورها الإستراتيجي في الإستثمار في البنية التحتية والخدمات العمومية.
كما سيتمّ تطوير آليات التخطيط والإستشرافعلى الصعيد الجهوي، وإحكام توظيف الطّاقات الكامنةفي الجهات وميزاتها، على الأصعدة الإقتصادية، والثقافية والسياحية.
السيد رئيس مجلس نواب الشّعب،
السيدات والسّادة نوّاب الشعب،
إنّ العدل أساس العمران، وإنّ القضاء المستقلّ، العادل، والناجز، ركن متين من أركان البناء الديمقراطي، ودولة القانون والمؤسّسات التي تصون الحريات، وتضمن المساواة في الحقوق والواجبات، بين جميع المواطنين والمواطنات.
وقد كرّس دستور27جانفي2014 مبدأ الفصل بين السّلطات، والتوازن بينها، وبوّأ السّلطة القضائية، المكانة التي هي بها جديرة.
وترسيخا لهذا التمشّي، وتجسيما لمبادئ الدستور وأحكامه، فإنّ الحكومة، وبتشريك كلّ الأطراف المعنيّة، ستنكبّ على مراجعة النصوص القانونية، وذلك بإعداد مشاريع القوانين المنصوص عليها في الباب الخامسمن الدستور، والمتعلّقة بالسلطة القضائية، وفي مقدّمتها مشاريع القوانين المتعلّقة بالمجلس الأعلى للقضاء، بهياكله الأربعة، وهي: مجلس القضاء العدلي، ومجلس القضاء الإداري، ومجلس القضاء المالي، والجلسة العامّة للمجالس القضائية الثلاثة.
كما سيتمّ إعداد مشروع القانون المتعلّق بالمحكمة الدستورية ومشاريع أخرى، لعلّ من أبرزها، مشروع القانون الأساسي للقضاة الذي سيوفّر كلّ الضمانات القانونية، التي تكفل لهم الاستقلالية، مع مراعاة حقوق المتقاضين، ومبادئ المحاكمة العادلة.
وهدفنا الأوّل والأخير، أن تتجسّم على أرض الواقع، المبادئ التي نصّ عليها الدستور وخاصة ما جاء في الفصل 102 من أنّ "القضاء سُلطة مستقلّة، تضمن إقامة العدل، وعُلويّة الدستور، وسيادة القانون، وحماية الحقوق والحرّيات".
وإلى جانب ذلك نؤكّد دعمنا لمسار العدالة الانتقالية، لاستكمال مراحلها.
ومن ركائز البناء الديمقراطي كذلك، تجسيد اللاّمركزية من خلال الجماعات المحلية، وتقريب سلطة القرار، قدر الإمكان، من المواطنين في مختلف مناطق البلاد.
وقد أكّد الدستور هذا التوجه في بابه السابع المخصّص للسلطة المحلية، التي تقوم على أساس اللامركزية، والتي تتمتّع بالشخصية القانونية، وبالاستقلالية الادارية والمالية، وتُدير المصالح المحلّية وفقا لمبدإ التدبير الحرّ وتُسيّرها مجالس منتخبة.
وتجسيدا لهدا المنهج، ستتولّى الحكومة إعداد مشاريع النصوص القانونية ذات الصّلة، وتمهّد الأرضية الملائمة لانتخابات المجالس البلدية والجهوية، ومجالس الأقاليم في أفضل الظروف.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
يبقى إصلاح المنظومة الصحية، بدوره من أهمّ الاستحقاقات المطروحة، بما يؤمّن تأهيل المؤسسات الاستشفائية، وتدعيم الصحة الأساسية، وتطوير شبكة المستشفيات في المناطق الداخلية، ومعالجة ما تشكوه من نقائص الى جانب تحسين الخدمات الصحية.
ويُمثّل النهوض بالادماج الاجتماعي من ناحيته، أحد الاستحقاقات المطروحة، بما يعنيه ذلك من مقاومة كلّ أشكال الفقر، والخصاصة، والتهميش، وتعزيز الإحاطة بذوي الاحتياجات الخصوصية، وضمان كافة حقوقهم، وتدعيم مشاركتهم في الحياة العامة.
وسنحرص في هذا السياق، على تفعيل ميثاق تونس لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، وحسن تنفيذه، بما ييسّر نفاذهم الى البيئة المادية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية وخدمات الصحة والتعليم والاعلام والاتصال.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
بقدر الحاجة إلى النهوض بالموارد البشرية،وتطوير منظومة التربية والتعليم والتكوين، فإنّ من مرتكزات المشروع الحضاري الوطني الذي نقدم عليه، إيلاء الثقافة المنزلة التي هي بها جديرة،والإرتقاء بمؤسّساتها، إلى مستوى تطلّعات المجموعة الوطنية،وانتظارات النخب وأهل الثقافة والإبداع.
إنّ الثقافة التي نراهن على تدعيمها، وترسيخها، هي ثقافة متجذّرة في هويتنا الوطنية، مثمّنة لخصوصياتنا المحليّة، متفتحة على العصر والقيم الكونية، مساهمة في إثراء الحضارة الإنسانية.
وتتأكّد في هذا المضمار،ضرورة القيام بالإصلاحات اللاّزمة،والإستئناس بآراء وتصوّرات أهل الثقافة في مختلف المجالات والتخصّصات، وعلى دعم الإنتاج الثقافي وإحكام توزيعه، وتعزيز العناية والإحاطة بالمبدعين في سائر الأغراض.
كما سندعم العناية بتراثنا الوطني والمحافظة عليه، وتثمينه والتعريف به على أوسع نطاق، وإحكام إدراجه في المسالك السياحية.
وتبقى حرّية الإعلام، من أهمّ المكاسب التي سنحرص على صيانتها وترسيخها، بالتشاور والتعاون مع أهل المهنة.
وإنّنا على أتمّ الاستعداد، للتّفاعل مع مقترحات الهياكل المهنية للقطاع، لمزيد تطوير مؤسساته، في مجالات الصحافة المكتوبة، والمسموعة، والمرئية، والالكترونية، ومساعدتها على الاضطلاع برسالتها على الوجه الأفضل.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
يُمثّل الشّباب عماد الحاضر والمستقبل، وإنّ شباب تونس الذي كان له الدور الحاسم في تفجير ثورة الحرية والكرامة، لهو جدير بأن يحظى بكامل العناية والإحاطة، والإنصات إلى مشاغله وتطلّعاته، وتشريكه في رسم ملامح الغد، وإعداده لتحمّل المسؤوليات في مختلف المجالات.
ومن هذا المنطلق، يشكّل الشباب، محور التوجّهات والاصلاحات في قطاعات التربية والتكوين والتعليم العالي وغيرها من الميادين الحيويّة.
وبالتوازي سيتمّ دعم العناية بالمؤسّسات والفضاءات الشبابية وتأهيلها وتمكينها من التجهيزات الضرورية، لتكون في مستوى انتظارات الشباب وتطلّعاته.
وإذ تُبرزُ المؤشّرات، محدودية اهتمام الشباب بالشأن العام، وهو ما تبيّن بصفة جلية من خلال ضعف إقباله على الاقتراع في الانتخابات العامة الأخيرة، فإن من مسؤولية الهياكل الرسمية، والأحزاب السياسية، ومختلف الأطراف الوطنية، إشاعة الحسّ المدني لدى الشباب، وحفزه على الاهتمام بالشأن العام.
كما أنّ من مسؤولية الحكومة، ومكوّنات المجتمع المدني مضاعفة الجهد لتحصين شبابنا ضدّ مظاهر الغلوّ والتطرّف، ووقايته من مختلف الآفات وخاصة منها آفة المخدّرات.
وسيحظى قطاع الرياضة من ناحية أخرى، بمزيد الاهتمام، خاصة من خلال صيانة وتعهّد المنشآت الرياضية، وتدعيم البنية الأساسية في هذا المجال لا سيما في الجهات الداخلية، إلى جانب مزيد الاهتمام برياضة النُخبة، وإرساء الإصلاحات الضرورية بعد التشاورمع كافّة الأطراف المعنيّة.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
من متطلبات تجسيم الاصلاحات، ورسم التوجهات وكسب الرهانات في سائر المجالات، وجود إدارة عصرية مواكبة للتحوّلات، قادرة على الاستشراف،تعتمد أحدث أساليب التنظيم بمنأى، عن كلّ أشكال الرّتابة والبيروقراطية.
من هذا المنطلق، يمثّل تطوير الإدارة، وتنمية مؤهلات إطاراتها وأعوانها، وتعهدهم بالتكوين المستمرأحد الاستحقاقات المطروحة، ذلك أنّ كلّ إصلاح للإدارة، يمرّ حتما عبر تأهيل مواردها البشرية، وحفز روح المبادرة والإقدام لديهم، والمراهنة على كفاءتهم، وروح الاستعداد الدائم لخدمة الصالح العام.
وإنّ المهام المطروحة، في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ بلادنا، تقتضي تأمين مقوّمات إدارة متفاعلة مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي، إدارة تيسّر ولا تعسّر، تبسّط ولا تعقّد، تختصر المسالك والآجال، إدارة في خدمة المجموعة الوطنية بأسرها دون مفاضلة أو تمييز.
وسنحرص في هذا السياق، على اعتماد الإصلاحات الكفيلة بتدعيم الحوكمة الرشيدة، والشفافية وتعزيز دعائم حياد الإدارة، والنأي بها عن كلّ أشكال الضغوطات، والتوظيف السياسي والحزبي.
ومثلما نجحت الإدارة غداة ثورة 17 ديسمبر-14جانفي في المساهمة الفاعلة في تأمين استمرارية الدولة والمرفق العام، فإنها قادرة بفضل ما تزخر به من كفاءات، على الإسهام النشيط في دفع حركية التنمية، وكسب الرهانات المطروحة.
وسيمثّل قانون المالية التكميلي، الذي سيعرض على مجلسكم الموقّر،إطارا لتحديد الإجراءات التنفيذية، للإصلاحات المأمولة في مختلف المجالات، بعد التشاور المعمّق بشأنها.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
تظلّ تونس في حاجة إلى كافّة أبنائها وبناتها في الدّاخل والخارج، لخدمتها، والمساهمة النشيطة في كسب رهانات هذه المرحلة الجديدة من تاريخها.
ويبقى التونسيّون بالخارج، جزءا لا يتجزّأ من الشعب التونسي حيثما استقرّ بهم المقام، ومهما تباعدت المسافات عن أرض الوطن.
وإذ نتطلّع إلى تعزيز مساهمتهم في الشأن الوطني، ومعاضدتهم للمجهود التنموي،فإنّ الجهود سترتكز على تدعيم صلتهم بوطنهم،والإستفادة من خبراتهم في مختلف المجالات، والدّفاع عن حقوقهم في بلدان الإقامة.
ومن أولويّات الحكومة في المرحلة القادمة كذلك، توسيع دائرة العلاقات والصّداقات في محيطنا القريب والبعيد، وإيلاءالأهميّة اللاّزمة للديبلوماسية الإقتصادية.
ويظلّ تكريسالأبعاد المغاربيّة، والعربيّة، والإسلاميّة والإفريقيّة، والمتوسطيّة لتونس،أحد الثوابت الأساسيّة في سياستنا الخارجية.
كما سنواصل تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع بلدان الإتحاد الأوروبي، وأمريكا وآسيا، كلّ ذلكفي إطار الحفاظ على مقوّمات السيادة، وحرية القرار الوطني.
وسنظلّ كذلك أوفياءلمبدأ التضامن الكامل مع القضايا العادلة، وفي مقدّمتها قضية الشعب الفلسطيني الشقيق.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيّدات والسّادة نوّاب الشّعب،
بقدر ما يتطلّب الحفاظ على المسار الدّيمقراطي التعدّدي وترسيخه،والتوقّي من كلّ نوازع التسلّط، الاحتكام للدّستور باعتباره المرجع والفيصل، فإنّ تدعيم المكاسب، وتهيئة الارضية الفُضلى لتجسيم الأهداف المنشودة، يتطلّبان وجود دولة متينة البنيان، منيعة المؤسّسات، تظلّ الضامن لممارسة الحرّيات والمساواة في الحقوق والواجبات، وتتصدّى بقوّة القانون للانحرافات والتجاوزات.
لذلك فإنّه من مصلحة الجميع حاضرا ومستقبلا، ومن شروط ديمومة مناخ الحرّية والديمقراطية والتعايش الحضاري،تعزيز دعائم الدّولة ومؤسّساتها، وترسيخ هيبتها، وتفادي كلّ ما من شأنه أن يضعف كيانها.
فالدّولة هي دولة كافّة التونسيّات والتونسيين، دون استثناء أو إقصاء، وتبقى فوق المصالح الشخصية والفئويّة، وهي الخيمة التي يستظلّ بها الجميع.
كما أن تونس تتّسع لكافة أبنائها وبناتها، ولا فضل لتونسيّ على آخر، إلاّ بقدر ما يجسّده من شواهد التفاني في خدمة تونس، والولاء للوطن الذي لا ولاء لسواه.
وسنحرص على ترسيخ تقاليد الحوار والتشاور، مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية، ومكوّنات المجتمع المدني، وتدعيم آلياتها، وتوسيع فضاءاتها.
والآن وقد اكتملت مقوّمات كسب رهان الانتقال الديمقراطي، وانطلق مسار تركيز المؤسّسات الدائمة للجمهورية، والهيئات الدستورية، فإنّ الدّولة تظلّ حامية قيم الثّورة ومبادئها، والمؤتمنة على تحقيق أهدافها.
وبالتالي فإنه لا مكان للتنظيمات الموازية للدّولة، ولا مجال للتسيّب والفوضى.
وإنّ من واجب التونسيّين والتونسيّات من كافة الفئات والجهات، باختلاف مشاربهم الفكرية، وتنوّع حساسياتهم السياسية، الإسهام الفاعل في استعادة الدّولة لحيويّتها،وفي توفير الظروف الملائمة لقيام مؤسّسات الدّولة بوظائفها على الوجه الأكمل، ولضمان مناعتها وديمومتها.
فالحكومات تتغيّر وتتعاقب، والدولة تبقى وتستمرّ.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيدات والسّادة نوّاب الشعب،
إنّنا مدعوون جميعا، حكومة، ونوّاب شعب وأحزابا سياسية،ومنظّمات وطنية،ومكوّنات المجتمعالمدني، إلى تضافر الجهود، واستنهاض الهمم والطاقات،من أجل فتح أبواب الأمل أمام كلّ الفئات والجهات، واستعادة الثّقة على مختلف المستويات.
إنّ التطلّعات كبيرة،والإنتظارات كثيرة، ولا خيار لنا سوى مسابقة الزّمن، وإعداد العدّة لمجابهة متطلّبات الحاضر والمستقبل، ونبذ عقلية التقاعس والتّواكل، والتشبّع بثقافة الإتقان والتميّز.
وإنّ الجميع في كافة مواقع العمل والإنتاج، وفي سائر المجالات والقطاعات، مدعوون إلى مضاعفة الجهد، ومزيد البذل، وتفادي كلّ ما من شأنه عرقلة الإنتاج، وتعطيل سير المرافق العامّة، ودواليب الإقتصاد الوطني، مع ضمان الحق في التظاهر القانوني والإحتجاج السّلمي.
ومثلما أبهرنا العالم بانتقال ديمقراطي سلس، فإنّنا قادرون إذا ما صحّ العزم،وتكاتفت الجهود، على كسب رهان نقلة حضارية نوعية، بأبعادها السياسيّة،والإقتصاديّةوالإجتماعيّة، والثقافيّة، نقلة تعلي قيم الحرية وحقوق الإنسان وكرامة الفرد، وتكرّس احترام هيبة الدولة ومؤسّساتها،
وقوانين الجمهورية، نقلة تعيد الإعتبار لقيم المعرفة والعلم والعمل، وترسّخ أسس العدل والإنصاف والمساواة، وترتقي بالمثقفين والمبدعين إلى المنزلة التي هم بها جديرون، نقلة ترسي دعائم تونس الجديدة، التي تستمدّ من تضحيات شهدائها وكفاءة نخبها، وتماسك قواها الحيّة، وعزم شعبها ما به تقوى على مغالبة الصّعاب، وتذليل العقبات، وشقّ طريقها بثبات نحو المستقبل الأفضل.
قال تعالى: "إن أريدُ إلاّ الإصلاح ما استطعتُ وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلتُ وإليه أُنيب" صدق الله العظيم
عاشت تونس حرّة أبد الدّهر
عاشت الجمهورية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.