قال عبد الفتاح مورو إن حركة "الاتجاه الإسلامي" أخطأت عندما كانت تركز على "مطالب شكلية" كالأذان والحجاب في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي "قضيتنا كانت أعمق من الأذان والرؤية.. هناك قضية حريات وهي الأساس". وقال في شهادته الثالثة عشر لبرنامج "شاهد على العصر" إن حركة "الاتجاه الإسلامي" أعطت المبرر لبن علي لكي يتبنى قضايا لا تكلفه شيئا، وأن يتخذ إجراءات بقصد التمويه على الشعب التونسي. وبطلب من نظام بن علي قامت حركة "الاتجاه الإسلامي" في الثامن من فيفري 1989 بتغيير اسمها إلى حركة "النهضة"، ويقول مورو إن هذا التنازل كان بغرض طمأنة السلطة الحاكمة ذلك الوقت وتأكيد رغبة الحركة في العمل السياسي، مشيرا إلى أن بن علي سمح للإسلاميين بالظهور في الإعلام دون وجود رسمي لهم. غير أن الإجراءات التي اتخذها بن علي في تلك الفترة لصالح الإسلاميين كانت تحضيرا لما أسماها مؤامرة حيكت ضدهم بالتحالف مع اليسار الذي قال إنه كان يريد أن تكون تلك المرحلة مرحلة استئصال عنوانها تجفيف المنابع، وهو ما بدأ ينفذ عام 1991. ويروي ضيف "شاهد على العصر" أن نظام بن علي حاك له مؤامرة مع صحفي ألماني جاء ضمن وفد صحفي إلى تونس بين عامي 1990 و1991، حيث طلب هذا الصحفي الذي يشتغل في جريدة ألمانية محترمة اسمها "ديفالت" إجراء مقابلة معه فوافق على ذلك، وقبل بدء التسجيل أفاض مورو في إعطاء رؤيته عن نظام بن علي، ووصف هذا الأخير بالكاذب وأنه يدعي الديمقراطية والحرية ويفعل غير ذلك. ولكن مورو بعد بدء التسجيل مع الصحفي قال له إن حركة "النهضة" تعزز المسار الديمقراطي والتعددية، ليفاجأ في اليوم التالي بقوات الأمن تطرق بابه وتأخذه بتهمة "ماذا قلت للصحفي الألماني؟" ويخبره ضابط الأمن أنهم هم من أرسلوا الصحفي ودفعوا له مبلغا ماليا قيمته ثلاثة آلاف دينار تونسي مقابل هذه المهمة. ويكشف أن هذه الواقعة كانت سببا في تغيير النظام التونسي معاملته معه، والانقلاب عليه بعدما كان قد سحب منه عام 1988 جواز سفره منه وأحاطه بمجموعة من الشرطة تتابع كل تحركاته. ومن الممارسات الخطيرة التي ذكرها مسؤول حركة النهضة في شهادته، أن نظام بن علي كان يتجسس عليه حتى وهو بين أفراد أسرته، ووصل به الأمر إلى أن استغل فترة غياب العائلة عن البيت وركّب أدوات تصوير داخل منزله. ويقول مورو -الذي بدا عليه التأثر الشديد وهو يذكر الواقعة- إن هذه الممارسات تعرض لها غيره أيضا، وهي تصرفات لا تصدر إلا عن نظام دكتاتوري وهي أفظع من السجن، "لا يدخلك السجن ولكن يقضي على الكيان الإنساني". ويؤكد مورو أنه عاش تجربة مريرة في عهد بن علي، لكنه وجد تضامنا من مختلف شرائح المجتمع التونسي الذين رفضوا التعامل السياسي الذي كان يهدف إلى تركيع الناس.