أبو مازن امّا الدجاجة فقد سرقت مرات ومرات، سرقت المسكينة حية و مسلوخة و طازجة ومطبوخة، سرقت الدجاجة السمينة المكتنزة باللحم مشوية ومصلية وسرقت منذ الاستقلال ولا زالت تسرق بعد الثورة. لأجل هذا تحايل أهل السياسة منذ عشرات السنين و طبخت المكائد على نار هادئة في بعض الاحيان و على عجل أحيانا أخرى فكان انقلاب السابع ومحاولات انقلاب الرابع عشر و غيرها من مساعي الشروع لتمكين الثورة المضادة منذ اعتصام الرحيل. الدجاجة سرقت عديد المرات و في كل مرة يخرج اهل القرار ليقنع الناس بصعوبة استعادتها و مقاضاة سارقها واستحالة تطبيق القانون. لهذا همّ المجتمع السياسي بعد يأس من العثور على الدجاجة المسروقة بتقنين المصالحة الاقتصادية لعل تونس تسترجع ساقا أو جناحا ّاو مجرد "عنكوش" فان لم يكن فبعض الريش قد يستر عورة البلاد ويغنيها من جوع أيام. لا خشية على سارق الدجاج لأنه عالم بالقوانين و الدروب التي تمكنه من العبث بدجاجتنا واستدراجها الى قنّه كلما أراد ذلك، فلن تنفع معه التشريعات والردع ولن يناله الايقاف والتتبع. سارق الدجاجة هو أصلا سارق البغل و سارق البقرة الحلوب ذات يوم وهو الذي يبيع اليوم لبنها بالعلن فيستحسن صنيعه ويثنى عليه. أما البيضة المسروقة فهو عيب لامحالة وان كانت فاسدة او صغيرة الحجم او متروكة للسبيل، فالسرقة سرقة مهما كان الأمر. ولكن لو تريث القوم هنيهة وتثبتوا ان ثبتت سرقة بيضتنا أم أن الأمر مجرد اتهام. لم تقل المحكمة رأيها في الأموال المجموعة بغاية التبرع في مسجد اللخمي ولم تثبت تهمة التحيل والفساد حسب رأي محامي الجوادي بل ثبت مجرد سوء تصرف يؤاخذ عليه ولكن كيف؟ قد يحسبه البعض انتقاما وتشفيا بل يحسبه المغالين من الصوفية والأحباش و السلفية انتصار عقديا مهما و تخلصا أبديا من خصم لم ينالوا منه اعلاميا بحضور متميز وبداهة في الاجابة على ترهات التهم المعنوية المنسوبة. لم ينجح الاعلام في ارهاقه و تأجيج نار الفتنة الدينية فلذلك التُجأ الى الطرق القديمة و المعهودة ولكنه شر قد ينقلب الى خير. يوم يطلق سراح الجوادي ورفاقه سيعلم الجميع أنه لم يكن تكفيريا ولا جهاديا فقد تخلص من هذه التهم التي اشتغل عليها الفايس بوك والاعلام لسنتين أو يزيد بعد ان بانت حقائق الامور وارتبك شيوخ الدروشة والشعوذة و المزارات في الرد والمقابلة. سيعلمون ان الشيخ الجوادي كان مجرد جامعا للتبرعات التي سترت عورات الناس في البرد القارس و اطعمت بطونهم الخاوية. سيعلمون أن البيضة لم تسرق بل هي محفوظة لجوع ألم بالفقراء والمحتاجين. سيصنعون منه نجما وطنيا قد تعينه على استقطاب سياسي أو نقابي أو ناشط من المجتمع المدني فلم تعد الامامة تسعه بل صارت كابحة للعمل المنتظر منه لتثبيت مفاهيم الجمهورية الثانية والتي ترتكز على المواطنة و عدم الاقصاء والمساواة الحقيقية في الحقوق والواجبات. أيام قليلة ويظهر الحق جليا لأن قضاء تونس الثورة باتت تدغدغه احلام الاستقلالية الحقة ولعل من بين هذه الأحلام قضية جامع اللخمي التي سال حبر النخاسة والتبعية وقارب على الانتفاء و الانعدام. Publié le: 2015-10-28 12:17:13