عبد الجليل الجوادي في صبيحة يوم، الخميس 31/12/2015 و في حدود الساعة السادسة صباحا، كان أحد المواطنين من منطقة حي المنارة من معتمدية قابس الجنوبية المعروفة بشنتش، في طريقه إلى مسجد الحي لأداء صلاة الصبح حين استوقفه مشهد غير مألوف. كان الظلام يلف المكان فلم يتمكن في البداية من تبين حقيقة هذا الزائر الغريب. و بالإقتراب قليلا هاله ما يرى. كان الزائر خنزيرا من الحجم الكبير ظن أول الأمر أنه كلب سائب أو شاة شاردة و لكن، كان خنزيرا بشحمه و لحمه يأكل من أكداس القمامة المتراكمة على حافة الطريق. في البداية، تحفز الحيوان للدفاع عن نفسه و استعد للهجوم، و لكن و من حسن حظ صاحبنا أنه عدل سريعا عن قراره ولاذ بالفرار تاركا في الأذهان أسئلة تبحث عن جواب. من أين قدم إلينا هذا الحيوان الذي ما عهدناه و ما ألفناه حتى بات يتجول داخل أنهجنا بكل أمان؟ من المعلوم أن الخنزير يوجد في ولاية قابس بأعداد قليلة في منطقتي غنوش و ليماوة نظرا لوجود الغابات الكثيفة و المراعي الخصبة. و قد اقتصر وجوده على هذا الحيز الترابي حيث يكابد الفلاحون خسائر جسيمة في محاصيلهم الفلاحية نتيجة مهاجمة الخنازير لمزارعهم و قيامها ليلا بإتلاف المحاصيل بكل شراسة. أما أن يصل هذا الحيوان إلى عمق المدينة و يصبح وجوده داخل أزقتنا و أنهجنا أمرا واقعا، فهذا ما لا يكاد أحد من المتساكنين يستصيغه. و ربما يكمن السبب الحقيقي في خروج الخنزير من مكامنه و ولوجه إلى عمق الأحياء السكنية، في تواجد أكداس القمامة في عدد كبير من الأحياء و بشكل لا فت للإنتباه. و لا شك أن هذا الحيوان إذ تدفعه غريزته إلى البحث عن ما يسد به غائلة الجوع، يجد ضالته في ما تركناه له من الأكياس المتناثرة هنا و هناك تفوح روائحها لتحرك كوامنه في عقر مكامنه. و لا شك أيضا أن ظاهرة القمامة في أحيائنا و أنهجنا و في فضاءاتنا التجارية و حتى داخل المدينة باتت أمرا واقعا و واقعا مريرا نواجهه كل يوم في غياب شبه كلي للبلدية. و ربما لا نبالغ حين نقول أن أكياس القمامة في بعض الأحياء، قد يمر عليها أكثر من شهر و هي ملقاة على قارعة الطريق دونما التفاتة من الجهات المسؤولة. هذا الأمر دفع المتساكنين في تلك الأحياء إلى التخلص ممن فضلاتهم بوسائلهم الخاصة. إما باستعمال سياراتهم في رفع أكياس القمامة، أو بإحراقها باستعمال البنزين، الأمر الذي ينتج عنه روائح كريهة تسد الأنوف. و أنا أريد أن أغتنم هذا الحادث الذي بفضل الله مر بسلام، كي ألفت انتباه المسؤلين بجهة قابس إلى خطورة الوضع و ما آلت إليه مدينتنا من أحوال لا تسر أحدا، حتى يتحملوا مسؤوليتهم كاملة في حماية المواطنين. فمدينة قابس تستحق أفضل من هذا و العناية بها و حمايتها واجب وطني حتى لا يتضاعف شعور المأساة لدينا و تتعدد ألامنا من بين فواجع الإرهاب و فواجع هذا الحيوان الشرس الذي بات يشكل خطرا حقيقيا على أبنائنا و بناتنا و على جميع المتساكنين بدون استثناء. Publié le: 2015-12-31 11:29:39