أبو مازن السجال السني الشيعي عاد من جديد بعد أن نفخت في كيره قوى استعمارية لا تكاد تغفل على كنوز الذهب الأسود و مدخرات الغاز الطبيعي المنتشرة في المنطقة. لم يأت الشيعة بطلاسم عقيدتهم اليوم و لم ينقسموا عن السنّة البارحة، بل تاريخيا هم موجودون بقدر في طيات الحضارة الاسلامية المجيدة وقد قبلوا في عديد الفترات التطبيع "بالمفهوم الحالي" مع كبريات المدارس الدينية في العالم الاسلامي. بعد الثورة الايرانية الصفوية التي هلل لها العالم الاسلامي لمّا اعتبرها منقذا له من الاستعمار والتخلف والرجعية، اشتد عود الشيعة عقديا فتململت صفوف اتباعها في الشرق والغرب وهاهم اليوم يعبثون بخارطة الدول العربية و الاسلامية. عرف شيعة السعودية (الجزيرة العربية) بارتباطهم الوثيق بأرض الحجاز وبتفردهم في التعامل الحضاري مع اخوانهم أهل السنة اذ أن التاريخ لا يروي حروبا أو تقتيلا مريعا وقع فيما مضى بين سنة وشيعة بعد أن خمدت نار الفتنة واستقر الحكم قرونا من الزمن. هم اليوم لا يتبعون مرجعية دينية واحدة كما أن رجوعهم اليها هو رجوع فقهي فقط، حيث تشترط الأعلمية فمنهم من يقلد آية الله خامنئي ومنهم من يقلد آية الله الشيرازي في قم، أو آية الله محمد تقي المدرسي في كربلاء، أو غيرهم من فقهاء الشيعة .اذن مالذي غيّر الوضع وهزّ أركان المملكة حتى أضحت تقاتل بعضهم في اليمن والبعض الآخر في سوريا و تحكم بالاعدام على من حبس في سجونها؟ قد يعلل العديد من العرب الحداثيين و الثورجيين بترهات "الوهابية" و طلاسمها الغريبة و تيه القبائل في احكام السيطرة على المملكة وسلوكهم اللاديمقراطي في عديد المسارات وفي عديد القضايا الاجتماعية، فينشرون غسيل العقال وبول البعير و خزعبلات البترو- دولار ثم ينتصرون للدولة الصفوية التي رجّت الكيان العربي و تاجرت بأحلام المقاومة. أمّا النمر و هو الآن في حياة برزخية لا يعلم مآله إلاّ خالقه فقد خرج معارضا على النظام القائم في بلده و هذا أمر سياسي بحت و لكنه شتم الصحابة و تمنّى الموت للسنّة في عديد المواعيد و أعلن ولاءه لشيعته. لقد أعدم نظام السعودية من ورطهم القضاء من دواعش و معارضين و شيعي واحد خطف الأضواء وأثار النعرات الطائفية فهبت قنوات "حمالة الحطب" تصب الزيت على النار وتؤجج الفتنة و تبشّر بقرب رحيل حكم العائلة المالكة وكأن الاشكال بقاؤها في الحكم. سوف تصبح السعودية ان صحت أمنياتهم أرضا جديدة تقام عليها معركة الفتنة الكبرى من جديد فتقضي على أغلب دول العرب و الاسلام. سوف تمتدّ لا قدّر الله الفوضى الشامية و الفتنة اليمنية لتطال كامل الجزيرة و ربما بقية العالم العربي. حينها سيعلم الجميع أن الطائفية التي تجر المنطقة الى التقاتل هي من صنع الكيان الصهيوني و قوى الغرب والشرق الذين اجتمعوا لتحديث اتفاقية سايس بيكو. مات النمر و قد يكون الأسد العلوي ( نسبة الى العلوية وهي فرقة من الفرق الشيعية) يحتضر بعد أن خرّب بلاده فهدمها ودكها بالبراميل ثم شرد صبيانها و شيوخها وعجائزها في برد قارس. كل ذلك يجري تحت غطاء صفوي يعدل نسب الكثافة السكانية في سوريا و يبعث الأمل لبعض الطوائف للظهور من جديد فتقسم البلد الى دويلات أو امارات تفتح باب المتوسط على مصراعيه الى ولاية الفقيه. اذن ستشرخ حينها اسطوانة "الدول الممانعة" و يكشف الارتباط الوثيق بين الشرق والغرب والتفاهم الذي مفاده أن الشيعة عوْن لا يمكن الاستغناء عنه ساعة التقسيم الجديد للارث العربي و أنّ أجرته "النووية" أو ترضيته بفتحة متوسطية لن تكلف الكثير ماداموا منتظمين تحت مرجعية واحدة يأتمرون لأمرها وينتهون لنهيها. Publié le: 2016-01-03 20:57:05