- دعا رولان يان، المفوض الفيدرالي لأرشيف وزارة أمن الدولة بألمانيا الديمقراطية سابقا، إلى "فتح الأرشيف التونسي أمام العموم، لفهم الماضي وكشف تعامل منظومة الإستبداد من أجل إرساء الديمقراطية". وحث يان أثناء ندوة صحفية عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة، اليوم الخميس بمقرها بالعاصمة، على إتاحة السجلات والأرشيفات لكافة أفراد الشعب، مثلما هو الحال في ألمانيا، باعتبارها جزءا من الذاكرة الوطنية، ملاحظا أنه يمكن استغلال السجلات من قبل الباحثين والإعلاميين وأهل الثقافة والفن، لاسيما في كتابة نصوص الأشرطة السينمائية. وأوضح المفوض الفيدرالي أن "إحدى نقاط الإختلاف بين التجربتين الألمانية والتونسية، تكمن في الإطلاع على الأرشيف وهو ما لم يحصل في تونس"، مضيفا أنه "رغم قيام المنظومة الدكتاتورية الألمانية، إبان الحرب العالمية الثانية، بإتلاف عديد السجلات، فإن المؤسسة التي يشرف عليها، تعمل على إعادة ترميم 15 ألف كيس ممزق من سجلات أرشيف الشرطة السرية. كما شدد على وجوب "التركيز على شهادات الضحايا واعترافات الجلادين، لتحديد الإنتهاكات، حتى يتم تحقيق المصالحة في تونس ورد الإعتبار للضحايا، معتبرا أنه "لا يمكن إنجاح مسار العدالة الإنتقالية، إلا في ظل نظام ديمقراطي ودولة القانون". من جانبها لاحظت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، أنه "يتوجب على التونسيين التفكير في الهياكل التي ستعنى بمواصلة العمل بعد انتهاء عهدة الهيئة"، مضيفة في هذا السياق أن هيئة الحقيقة والكرامة ستعمل على صياغة التوصيات الملائمة بشأن "أسلوب العمل بعد استكمال مهمتها". وبخصوص فتح المجال أمام الهيئة للإطلاع على أرشيف المنظومة السابقة، أوضحت بن سدرين أنها تمكنت من النفاذ إلى أرشيف رئاسة الجمهورية، معبرة عن أملها في التعاون مع وزارة الداخلية في هذا الخصوص، "حتى يتسنى لهيئة الحقيقة والكرامة معالجة أرشيف المنظومة السابقة وفهم ما حصل آنذاك". وأضافت في هذا السياق أن "الهيئة توصلت إلى الإطلاع على جزء من أرشيف وزارة الداخلية، بعد أن قام عديد الضحايا، إبان الثورة، بإنقاذ الكثير من الوثائق في المراكز الأمنية التي تم إحراقها قبل أن يسلموها إلى الهيئة ضمن الملفات التي تقدموا بها". وقد تم إنشاء مؤسسة أرشيف وزارة أمن الدولة بألمانيا الديمقراطية السابقة، منذ قرابة ربع قرن. ويتم انتخاب أعضائها من قبل البرلمان الألماني وكان أول مفوض فدرالي تسلم مهام إدارتها هو الرئيس الألماني الحالي، يواكيم غاوك. وهي تعمل على "معالجة ما يقرب 111 كلم من السجلات الألمانية، فيما لا يتجاوز حجم السجلات في تونس، 20 كلم"، وفق ما صرح به رولان يان. يذكر أن هيئة الحقيقة والكرامة كانت شرعت منذ نوفمبر 2016، في عقد جلسات الإستماع العلنية لضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت بين 1955 و2013. وعقدت إلى غاية الآن 6 جلسات تطرقت فيها إلى عديد الإنتهاكات التي طالت ضحايا من الجنسين ومن كافة العائلات السياسية، أثناء حقبات وأحداث مختلفة.