أبو مازن سواء شهد الشاهد أو لم يشهد أو شاخ (بالعامية) الشيخان أو اغتمّا أو جمع جمعة أو لم يجمع أو همّ حمه أو لم هتمّ أو عبس العباسي أو بسر أو تطبب الطبوبي أو تعاطى الشعوذة أو ارتزق المرزوقي أو لم يرزق حزبا كبيرا أو عاب عبّو السياسة أو لم يعبها أو استرزق مرزوق أصوات فلم يجب دعواه أحد، فتونس في أزمة مادية ومعنوية بشهادة هذا الكمّ من السياسيين و بشهادة الشعب الكريم الذي تضجّر من الوعود و إلقاء الورود و رقصة القرود فتقسّم بين هاذ و شرود لا سيما و أنّ الزطلة أو القنب الهندي موجود. جماعة الربوة من السياسيين و جماعة الفايس بوك وحديث المقاهي و تقصير الوقت يردفون دوما.. فلان يجب أن يستقيل أو يقال.. ولما العجلة؟ و لما السؤال؟ و فلان "اليساري بطبعه" لا يطلب المحال و من أول الطريق يقضي أمره في السروال. لم يكن البريكي أول طالب للاستقالة ولا أول المقالين "بالبالة" فقد سبقه نديمه في الاتحاد الديماسي حين قال .. آه راسي.. هذه صفقة مالية لتسليم البغدادي فكيف لي أن أدوس فؤادي، ولا ننسى عبّو "مقاوم" الفساد.. الذي غادر نفس الحكومة قبل أيام.. قال انّ صلاحياته آنذاك محدودة وخطته كانت مردودة، فغادرا المكان و كان ما في الحسبان، سياط تنال من الحكومة العرجاء و إرهاب يفتح باب البلاء فتتساقط الأرواح وتضيع ليالي الثورة الملاح ثم يأتي اعتصام الرحيل لجبهة كانت تنذر بالويل. حكومة التوافق نفسها ذاقت ويلات الإقالات والاستقالات فوزير العدل بن عيسى لم يشأ أن يجرّم المثلية فكانت البلية، واستقال مدير الأمن الحاج علي لأسباب شخصية ويعلم الله دور النقابات الأمنية. أين هي إذن المسؤولية والالتفاف نحو بلد ضلّ الطريق و ضيّع الثنية؟ أين الصبّر الذي يفترض أن يتمتّع به الكفاءة المهنية و السياسية. لمن تتركون البلد الذي يئن و الأبصار الخارجية تتربص بالشدائد و المحن. لنسلّم أنّ الفساد قد نخر كل ما يحيط بنا بل نخرنا أيضا في داخلنا فصرنا لا نفرق بين المصلح والمفسد و صار المصلحون رجال فساد والفاسدون رجال اصلاح، كل ذلك تحت نظر الصندوق العجيب الذي منحهم سدة الحكم فهل يتركون ليحكموا كما أرادوا و نحن نشاركهم الهواء والماء والقوت ونعاني تدني البنية التحتية ورداءة النقل و شطط الأسعار؟ هل باقالة زيد أو عمرو أو كليهما ستزدهر البلاد في ظل ما أفضى له الصندوق الانتخابي أم نعيد كل مرة الانتخاب حتى يحدث العجب العجاب؟ انّ مجرّد الملاحظة والنقد والانتقاد والشتم والوعيد والتهديد لا ينفع ولا يضرّ في وضع وهنه لم يعد مستتر و هشاشته أوشكت أن تأخذه الى القبر. ان الاستقالة أو مطالب الاقالة و صخب ايديولوجيا العمالة و دعوات الانقاذ المحالة لن تزيد الدينار الا تهاو و الاستثمار الا فرارا و النزل السياحية الا قفارا وحتى الفلاحة في عهد "سمير" الا قرعا و فجلا و خيارا. فمتى يشمّر رجال و نساء الوطن عن سواعد العمل ويبعثون الأمل فلا نتحدث لأيام عن الدين وحرية الضمير و لا المثلية ولا التكفير. لو نصمت لأيام عن العنصر الاجتماعي و قانون الزطلة و ما له من الدواعي. لو تقف الزيادات و تتوقف الإضرابات و تثبت أسعار المشتريات. لو يستقيم فينا الفرد قبل المجموعة فلا نسقط في البالوعة و نحترم الأضواء و علامات الطريق فيصطلح حال الخصم والصديق. لو نستعجل واجباتنا كما نستحثّ الحقوق لانعدم فينا الانقسام وغابت عنا الشقوق. هذا بلدكم أنتم أهله بعد أن فرّ مغتصبه فلا تراودوه عن نفسه ثانية فقد ملّ الاغتصاب فلن يطرق مجددا هذا الباب، لما ناله من العذاب، فالرحمة يا أهل الإقالة والاستقالة و حكّام الأيالة.. انّها تونس مهد الرجّالة.