- دعت أحزاب المبادرة الوطنية الدستورية، والدستوري الحر، وحركة مشروع تونس، في بيانات أصدرتها يوم السبت، إلى عدم استغلال القضاء كأداة لتصفية حسابات سياسية، وإلى التسريع بتحقيق المصالحة الوطنية، وذلك على خلفية الحكم الصادر في قضية حفل الفنانة الأمريكية "ماريا كاري"، ضد عدد من أعضاء الحكومة في العهد السابق، يقضي بسجنهم مدة ست سنوات مع الإذن بالنفاذ العاجل. فقد أكدت حركة مشروع تونس، تمسكها المبدئي باستقلال القضاء وضرورة احترام قراراته، لكنها عبرت في المقابل عن خشيتها من إستعمال القضاء، كأداة لتصفية حسابات سياسية وضرب مساعي المصالحة ، داعية الحكومة إلى الوفاء بتعهداتها في ما أعلنته من عزم على مقاومة الفساد، "وألا تتخذ من المعالجة الاستعراضية لبعض الملفات القديمة، وسيلة للتغطية على تقاعسها الواضح في كشف الفساد المستشري اليوم وفي تتبع الفاسدين"، على حد تعبيرها. وأعلنت أنها تعتزم التنسيق مع مختلف الحركات الأخرى و مع مكونات المجتمع المدني، لحماية القضاء من الخلافات والمهاترات السياسية التي تستهدفه اليوم، والعمل بكل الوسائل لتحقيق الاستقلال الفعلى للجهاز القضائي، والمصالحة الوطنية الشاملة والعاجلة. من جهته، عبر الحزب الدستوري الحر، عن تعاطفه مع "من تسلط عليهم الحكم القاسي"، مؤكدا استعداد لجنته القانونية للانضمام الى فريق الدفاع عنهم في بقية مراحل التقاضي. كما حذر من "مغبة الرجوع الى مربع المظالم الذي حدث سنة 2011 ، والمحاكمات السياسية الجائرة، واتباع سياسة الكيل بمكيالين، من خلال غض النظر والتستر عن ملفات فساد ثابتة اقترفها مسؤولون بعد 2011 "، داعيا إلى الإسراع في سن قانون المصالحة الوطنية، وضبط رزنامة واضحة لاستكمال مسارها لتحرير الكفاءات والرأسمال الوطني من الإرتهان لغايات سياسية ضيقة، على حساب المصلحة العليا للوطن ووحدة الشعب التونسي. أما حزب المبادرة الوطنية الدستورية، فقد اعتبر أن هذه المحاكمات الأخيرة، "التي دارت في ظل جو من التعتيم و اللامبالاة"، وفق تقديره، وطالت عددا من المسؤولين السابقين، قد تتسبب في توتر الأجواء وانتشار الحقد و الضغينة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى مزيد من الوحدة الوطنية. وأكد التزامه بالعمل على إنجاز المصالحة الوطنية الشاملة بالتعاون مع كل الأطراف الصادقة، و تجنيب البلاد كل ما من شأنه أن يعمق جراحها و يستنزف قدراتها البشرية والمادية، داعيا إلى تعبئة الرأي العام الوطني ومكونات المجتمع المدني لاستحثاث الخطى من أجل طي صفحة الماضي ، وحث كل الوطنيين الصادقين الى الانخراط في دفع مسار المصالحة الوطنية الشاملة. يذكر أن الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس، أصدرت أمس الجمعة، حكما حضوريا بالسجن 6 سنوات مع النفاذ العاجل، ضد عدد من الوزراء من النظام السابق وعدد من متعهدي الحفلات، في قضية حفل الفنانة الأمريكية " ماريا كاري"، وحكما غيابيا بالسجن 6 سنوات ضد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، في القضية ذاتها. كما قضت الدائرة ذاتها، وفق ما صرح به ل (وات) سفيان السليطي، الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، بالسجن 6 سنوات مع النفاذ العاجل ضد محمد عماد الطرابلسي في نفس القضية، إضافة إلى حكم بالسجن 5 سنوات في جريمة تدليس صلب القضية المذكورة، لتصبح مجمل الأحكام الصادرة ضده 11 سنة سجنا. تفاصيل القضية يذكر أن الأبحاث في هذه القضية، كانت قد إنطلقت إثر تقرير تقدمت به لجنة تقصي الحقائق إلى وكالة الجمهورية بتونس، تضمن وجود تجاوزات وفساد مالي بحفلي الفنانة الامريكية "ماريا كاري"، اللذين انتظما يومي 22 و24 جويلية 2006 بالملعب الأولمبي بالمنزه. تجدر الإشارة إلى أن شركة تنظيم الحفلات التي يديرها عماد الطرابلسي، تولت سنة 2006 تنظيم حفلين بتونس للفنانة الأمريكية "ماريا كاري"، ويشتبه في إرتكابها لتجاوزات، بإعتبار أن مرابيح مداخيل الحفل كانت ستوجه لدعم موارد صندوق التضامن الوطني 26/26 ليتمّ بالتالي إعفاؤها من الدفع الضريبي، لكن يبدو أن تلك المداخيل تم تحويلها جميعها الى حسابات الشركة المنظمة للحفل.