بقلم الاستاذ بولبابه سالم صدر الكتاب الجديد للصافي سعيد "المانفستو: النداء الأخير الى الباي الكبير " ،وهو عبارة عن رسالة طويلة ذات 305 صفحة وجهها الى رئيس الدولة الباجي قايد السبسي . تتضمن الرسالة الكثير من المعطيات و المقاربات الفلسفية و التاريخية و السياسية في علاقة بالوضع الذي تعيشه تونس اليوم ، و الصعوبات الاقتصادية و طغيان الانتهازية السياسية في ظل ما وصفه "بزحف الرداءة و النذالة " و بان بلادنا تعيش خارج السياق و الغربة عن الواقع و الحقائق و يعيش الشعب حالة احباط كبيرة . كان الصافي سعيد كعادته صريحا و جريئا و صادما احيانا في نقد الاوضاع القائمة و خاصة منظومة الحكم الحالية. انه يعيب على الرئيس الاستعانة بمستشارين دون مؤهلات و يظهرون عجرفة غريبة و يعتبرهم اقل بكثير من مستشاري الرئيس السابق المنصف المرزوقي. كما يقيّم نظرة الباجي قايد السبسي الى هيبة الدولة التي بنى عليها حملته الانتخابية ضد الرئيس السابق وحكم الترويكا ليؤكد ان الثورة هي التي اطاحت بهيبة الدولة الدكتاتورية الكاذب و ليس المرزوقي. من ناحية اخرى هاجم الصافي سعيد سلوك الاحزاب السياسية التي راى ان الكثير منها كانت تابعة للنظام السابق و بعد الثورة صارت ملحقة بالسفارات الاجنبية و انها ابتعدت عن تقديم الحلول لمشاكل الشعب و غرقت في المهاترات الايديولوجية التافهة . و دعا الصافي سعيد رئيس الدولة الباجي قايد السبسي الى الشجاعة و الحسم في مسالة رئاسيات 2019 و اعتبر ان السلطة قد تصيب صاحبها بالمرض ان استمات في التمسك بها، و اعتبر ان تعيين يوسف الشاهد رئيسا للوزراء قد يكون تمهيدا لخلافته باعتباره ابن العائلة لان الشاهد هو حفيد شقيقة الباجي قايد السبسي، و اضاف بان تعيينه دفعه الى طموحات جديدة مما اغضب العائلة فظهرت القطيعة بينه و بين حافظ قايد السبسي، من هنا دعا الصافي سعيد رئيس الدولة ان يختار بشجاعة من ينحاز الى الديمقراطية و مصلحة تونس من المتنافسين من عائلته. و استعرض في هذا الاطار استعادة الباجي لسلطة ابناء الحاضرة في الحكم . لكنه دعاه ايضا الى استخلاص الدروس من تجربة بورقيبة الذي قال ذات يوم بعد ان احتد التنافس على خلافته" ان المعارضة تنام على فراشي" في اشارة الى زوجته وسيلة بن عمار التي لجا لها من يسمون انفسهم ب"البلدية " تحسبا لصعود ابناء الساحل . و طالب الصافي سعيد من رئيس الدولة ايقاف العمل بقانون الطوارئ و عدم الانزلاق بالرئاسة الى مربع الاستبداد و الانحراف بالدستور و الاعتماد على احكام و قوانين قديمة و موغلة في العنف و احتقار ارادة الشعب . و طالبه بالبحث في حلول جديدة للوضع الصعب الذي تعيشه تونس معتبرا ان حلول الماضي و تحالفاته لاتصلح للحاضر ، و بيّن ان الاعتماد على صندوق النقد الدولي و التداين سيجرنا الى الهاوية ، و سخر من تواجد وزراء يساريين في حكومة الشاهد معتبرا ان دور هذا اليسار المدجّن من امثال عبيد البريكي و محمد الطرابلسي و سمير بالطيب و ايضا القومي مبروك كورشيد هو تمرير هذه الاملاءات القذرة . من ناحية اخرى اعتبر الصافي سعيد ان الواقع اثبت انه لا خوف من الاسلام السياسي الذي يستثمر في الطبقات الدنيا و المعتقدات السطحية و انه ليس باستطاعتهم الحكم و حصد الاغلبية ، و دعا الى الانفتاح على دول صاعدة مثل البرازيل و روسيا و تركيا و ايران و الصين و جنوب افريقيا. و استغرب الصافي سعيد السقوط المخجل للنخب التونسية التي خانت الثورة و تحولت الى فئة منبطحة تتزلف و تتقرب للسلطة طمعا في المناصب . و ختم قائلا " اتفهم حاجتك الى أقزام و اقرباء و ماكرين و متملقين ليطردوا المزعجين و الغاضبين و الصادقين و الطموحين و المثقفين و القلقين ، و لكني لا اصدق تلك الحالة من التزلف و التملق و التذلل التي اصابت نخبنا ، ومعها تلك الحالة البائسة التي تعيشه بلادنا منذ ان صدقت انها انتخبت "هرقل الديمقراطي" لتنزيف اوساخ هرقل الاستبدادي "ّ. من المؤكد ان الكتاب سيثير ضجة كبيرة و ردود فعل منتظرة لانه يطرح الاسئلة الحارقة و يشخص الازمة السياسية و الاقتصادية لتونس بجراة كبيرة ، و كنت اتمنى تواجد الصافي سعيد مكان سفيان بن فرحات في حواره التلفزي الاخير . كاتب و محلل سياسي