منجي باكير لم يعد الإعلام ترفا في حياة النّاس و لا شيئا كماليّا ،،، الإعلام أصبح ضرورة قائمة بأقدار متفاوتة لدى العامّة و الخاصّة و كذلك لسياسات الدول و الأحزاب و الجماعات ، الإعلام بات عنصرا فاعلا مؤثّرا في الحياة الإجتماعيّة و أكبر رافد لصنع الرأي العامّ و كذلك لصنع القرارات و توجيه الإهتمامات و قيادة الرّغبات ... و لا يكون الإعلام سويّا مخلصا لمواطنيه و خادما لوطنه إلا متى تحلّى بمهنيّة رائدة ، و جعل اعتبارا لذاكرة و هويّة و ديانة شعبه و كذلك اعتبارا لسيادة و قدر وطنه داخليّا و خارجيّا ثمّ اتّخذ لذلك ضوابط و خطوطا حمرا في إنتاجاته و برامجه لا يلامسها أبدا... غير أنّ إعلامنا لم يكن على هذه الشّاكلة لا قبل الثورة و لا بعدها ، إذ كان قبلا خادما مطيعا للدكتاتوريّة يروّج و يسوّق لها متناسيا و مُشيحا بوجهه عن حقائقِ ما يعيشه هذا الشعب ،،، أمّا بعد الثورة فقد انخرط في خدمة أجندات مضادّة و انبرى يختطف الوعي نحو متاهات تغريبية استئصاليّة و ربّما ذات أبعاد شاذّة و مناقضة للقيم والأخلاق والمعتقد. غالبيّة المشهد السّمعي البصري في البلاد اتّفق على تمييع اللغة العربيّة - لغة البلاد - و اجتمع على لغة تواصل غربيّة و غريبة عن المجتمع التونسي ،،، جلّ الإذاعات و التلفزات سواء الوطنيّة أو الخاصّة يتحدّثون بلهجة غير لهجة السّواد الأعظم من الشعب ، لهجة بمزيج مهجّن ورطنة بائسة يلوكها جملة من شاغلي المشهد السمعي البصري في افتخار زائف و لكْنة فاسدة لا تؤدّي إلى فهم صحيح أو فكرة واضحة لا عند غالبيّة الشّعب ولا تعطي هويّة واضحة لهذا الإعلام عند من تصله موجات بثّه من الأشقّاء العرب . كما أنّ هذا الإعلام يضرب عرض الحائط بالموروث الثقافي و القيمي للبلاد و يتجاوز في سبق إصرار الهويّة و الدّين و الأخلاق و العادات ليطبّع في تكرار حادّ مع الرّذائل و الشّذوذات و – يجتهد – في نشر التغريب ،،، إعلام لا يكفي أنّ أكثر شاغليه ليسوا من الميدان بل تسلّطوا عليه من مهن أخرى لا علاقة لها أبدا بالإعلام لا يكفي ذلك بل هم حمّلوه عُقدهم و شذوذاتهم و تطرّفاتهم الفاحشة و الإستئصاليّة و خدماتهم لأجندات مموّلة لفائدة تدنيس الثقافة و الأخلاق و القيم و تغريب الدّين و تطبيع مستمرّ مع العلمنة المشوّهة و الإستهتار بكل الضوابط و الثوابت التونسيّة الوطنيّة ... إعلام لا يحكي تونسيا و لا يفكّر تونسيا و لا يبثّ تونسيا و لا يتذوّق تونسيا و لا يعالج المشكلات تونسيّا و لا – ينطق – تونسيّا ،،، إعلام يجعل المواطن يتساءل دوما هل هذا الإعلام تونسي أم آخر ؟؟ هل نحن في تونس أم في بلد غيرها ؟ و إذا كنّا في تونس أما آن الوقت لتوْنسة هذا الإعلام حتّى يحكي معنا بالتونسي !؟؟؟؟