طارق عمراني علي عبد الله الصالح الرئيس السابق و الحالي لليمن ،وتلك الحقيقة التي وجب علی الجميع التسليم بها حتّی لو أطلق عليه لقب المخلوع ،فهو الراقص علی رؤوس الثعابين كما يلقّب نفسه و اصل هذا التسمية كانت خلال حكمه لليمن الجنوبي قبل أن يصبح اتحاديا مع الشمال فالمشهد اليمني كان معقّدا مع تشابك خيوط اللعبة وتداخلها وفق مصالح الجيران ،فصالح كان رجل الرياض في جغرافيا اثنية وعرة ،تمرّد في صعدة و انتشار لجماعات القاعدة في الجبال وحروب طائفية بين اليزيديين الشيعة و الجماعات السنية و خارطة قبلية جعلت من التناحر ديدنا لليمنيين مع تفشّي الأميّة وإستشراء الفقر ،هذه الفترة الطويلة التي حكم فيها صالح اليمن بقوّة الحديد و النار جعلته فعلا راقصا محترفا فوق رؤوس الثعابين لكنّه لا يرقص فوق رأس ثعبان قبل أن يخلع أنيابه،فهو حذر كلّ الحذر ،فبداية حياته كان مهرّب خمور (نحو المملكة العربية السعودية) ثم جندي في الجيش بالواسطة ودخل مدرسة الضبّاط وكل هذا حسب ما يخبرنا به التاريخ في روايات متطابقة. عند وصوله لكرسي الرئاسة ،كان أوّل قرار إتّخذه هو إعدام ثلاثين شخصا ساعدوه في الوصول لهذا المنصب كان يسمّيهم بالضبّاط الأحرار بحجّة تدبير إنقلاب ضدّه،ولا عجب في ذلك فهو يجد في سيّده ووليّ نعمته جمال عبد الناصر القدوة و الأسوة الحسنة. علي عبد الله صالح إستغل جغرافية العاصمة فصنعاء مدينة تحت الأرض أكثر تطورا مما هي عليه فوق الأرض ، ولا يعرف دهاليزها وأنفاقها سواه وبعض الصوماليين الأقرب له حيث قام بتجنيد كتائب من مقاديشو لخبرتهم في حرب الشوارع معرفته بالعاصمة وسلطته علی بعض عشائرها فرضت علی الحوثيين التحالف معه و كانت النتيجة اجتياح انصار الله لصنعاء والسيطرة عليها بالتنسيق مع طهران و التي ضمنت له دور الحاكم ولو خلف الأضواء ليتحول إلی عدو للرياض بعد ان آوته و لملمت حروقه بعد خلعه وهي التي اغدقت عليه خلال فترة حكمه لحماية ظهرها في نجران المحاذية لصعدة معقل ميليشيات الحوثي التي استنزفت في حرب طويلة الأمد مع الجيش اليمني. عاصفة الحزم التي أعلنها وزير الدفاع السعودي الثلاثيني المغامر محمّد بن سلمان سنة 2015 (قبل أن يصبح وليّ العهد و الحاكم الفعلي) قاربت علی دخول عامها الثالث لم تحقّق أهدافها بإعادة الشرعية و تحرير العاصمة ،بل فشلت بعد نجاح جماعة عبد الملك الحوثي في التوغّل كيلوميترات داخل العمق السعودي في نجران و عسير الحدوديتين،إضافة إلی اكتساب جماعة أنصار الله لرؤوس باليستية قادرة علی إستهداف منشآت حيوية في الرياض و جدّة وحتّی أبوظبي،عاصفة الحزم كذلك أضعفت موقف المملكة العربية السعودية دوليا بعد صدور تقارير من منظّمات دولية تندّد بإرتكاب طيران التحالف جرائم ضد الإنسانية و أهمّها الغارة التي إستهدفت موكب عزاء السنة الفارطة،كل هذه الأسباب دفعت بالرياض إلی اعادة حساباتها و اللعب علی وتر إنتهازية علي عبد الله صالح وهي التي تعلم فيه هذه الخاصية أكثر من غيرها،لتؤكّد الأخبار القادمة من اليمن "السعيد" ميلاد تحالف قديم جديد بين آل سعود و عشيرة علي عبد الله صالح حيث احتدم القتال في صنعاء فجر السبت وبلغ ذروته بسيطرة ميليشيات صالح علی الشارع الذي تتركّز فيه اغلب الوزارات وتراجع ميليشيات الحوثي بعد أن باغتها طيران التحالف بضربات جويّة فجر اليوم،وهو ما يعني بداية فصل جديد من مسرحية تراجيدية كتب سيناريوها بدماء الأطفال و الأبرياء ولا خاسر فيها غير الشعب اليمني الذي تمكّن منه الثالوث المرعب "الحرب،المجاعة،الكوليرا".