- وسط مدينة حمام الأنف العتيقة مازالت كنيسة "سان ماري" تشهد على استقرار عدد من المسحيين الفرنسيين والايطاليين والمالطيين بهذه المدينة. وتعتبر الكنائس علامة فارقة في تاريخ تونس ما قبل الاستقلال، حيث كان عدد المسحيين يبلغ في بلادنا 250 ألف مسيحي أي 7 بالمائة من مجموع السكان. وتذكر المراجع التاريخية أن الكنائس شيّدت في البلاد التونسية اثناء الحقبة الاستعمارية لتوفير الدعم الروحي للعائلات الأوروبية في كل مكان بما في ذلك مدينة حمام الأنف التي شيدت بها الكنسية بتاريخ 21 جوان 1896. ونظرا لتنامي عدد الجالية الأوروبية بالمدينة فقد أقيمت بعد بضع سنوات بالكنيسة قاعة كبيرة لاحتضان الحفلات الدينية والاجتماعات التي يعقدها مسحيو المدينة، وفق رواية عدد من متساكني حمام الأنف الذين مازالوا يحفظون بعض من ذاكرة المدينة خلال تلك الفترة. متساكنو حمام الأنف أكدوا أن المسحيين الذين كانت تعج بهم مدن تونس غادروا البلاد التونسية بنسبة 90 بالمائة بعد 10 سنوات من الاستقلال لتبقى بعض الآثار الدالة على مرورهم بالمكان على غرار كنيسة "سان ماري". ويطالب عدد من مكونات المجتمع المدني المحلي اليوم بما في ذلك الكشافة التونسيةبحمام الأنف، التي تستغل جزء من الفضاء التابع للكنيسة كان موظفا لحفظ موتى المسحيين، بالنظر في إمكانية استغلال المعلم الديني كفضاء ثقافي تربوي للأطفال، وفق ما صرح به قائد فوج كشافة حمام الأنف نبيل النالوتي . كما يأمل القائد أن يحظى المعلم الديني العريق بالصيانة والتهيئة من قبل السلطات المحلية والجهوية خاصة بعد أن "أصبح ملجأ للمهمشين"، مشيرا إلى ما لمسه لدى عدد من الزوار الأجانب من رغبة في الاطلاع عليه من الداخل. كما عبّر في سياق متصل على الأمل في إيجاد صيغة قانونية مع الجهات المحلية لاستغلال والتصرف في الفضاء المخصص للكشافة أو حتى التفويت فيه لصالح هذه المنظمة التي تنشط بالمكان منذ أواسط الخمسينات. ومن جانبه، يعتبر رئيس جمعية منتدى المبدعين بحمام الأنف، البشير الشوكاني، أن المدينة فقدت الكثير من بريقها بعد أن كانت في زمن غير بعيد موطن الفنون والثقافة والحضارة بما تحتويه من معالم وفضاءات على غرار "الكازينو" ومدرسة "دار الطليانة" والتحف الأثرية والأقواس والقصور وغيرها، مشددا على ضرورة أن تتم صيانة الكنيسة الكاثوليكية وترميمها نظرا لمكانها الاستراتيجي ورمزيتها الدينية والتاريخية. يذكر أن ولاية بن عروس تضم 5 كنائس تعود كلها إلى الحقبة الاستعمارية وهي كنيسة مقرين، وكنيسة الخليدية، وكنيسة المغيرة، وكنيسة حمام الأنف، وكنيسة مرناق، وكلها معالم دينية في حاجة الى الصيانة وإعادة الترميم، وفق مصادر من المندوبية الجهوية للثقافة ببن عروس. بسط /سارة