طارق عمراني في حوار له منذ اسبوعين مع مجلة جون افريك الفرنسية اعتبر التونسي الفرنسي حكيم القروي القريب من الإدارة الفرنسية الجديدة واحد مهندسي زيارة الرئيس امانويل ماكرون الأخيرة إلی تونس،إعتبر ان فرنسا ستتعامل مع تونس بسياسة "الواقعية الجديدة"le néoréalisme وفي تعريفه لهذا المفهوم اعتبر القروي وهو المستشار في معهد مونتان للدراسات المختصة في السياسات العربية الفرنسية ان الواقعية الجديدة تتمثل في إعادة فرنسا رسم حدود سياستها مع ما اسماها الاسلاموية والتي تمثلها الحركات والاحزاب الاسلامية في المغرب العربي وتونس تحديدا حيث اشار حكيم القروي ان النمط المجتمعي لهذه الحركات مخالف للنمط الفرنسي وعلی باريس دعم الرؤی المجتمعية القريبة منها في هذه الدول . هذا التصريح الصادر من شخصية ذات ثقل استشاري في قصر الاليزي في علاقة بالشأن التونسي الذي توليه باريس الاهمية الكبری لقرب تونس الجغرافي من ليبيا (الهدف الاستراتيجي الاساسي لامانويل ماكرون ) كان له مابعده وبشكل اكثر وضوح حيث صرّح الوزير الاول الفرنسي السابق جون بيار رافاران (رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع السابق في مجلس الشيوخ) وصاحب مؤسسة "قادة من أجل السلام" لمحطة Rtl بأن تونس بدأت تحيد عن المسار وعلی فرنسا التدخل لتعديل البوصلة خاصة ان الاجواء ملائمة سياسيا لاكتساح انتخابي للإسلاميين يمكنهم من السيطرة علی الحكم بطرق ديمقراطية واضاف رافاران في الحوار الذي نشر بتاريخ 28 فيفري ان الوضع يتطلب من باريس اطلاق صافرة انذار خاصة ان تونس تمثل العمق الاستراتيجي للامن القومي الفرنسي وبالتالي تغيير سياسات فرنسا حيال تونس في اطار الواقعية الجديدة le néoréalisme. التصريح كان واضحا ولا يحتاج الی علماء لسانيات لتفكيك رموزه والاجتهاد في تأويل المعاني انطلاقا من المباني ،موقف واضح ورد في صيغة التحذير موجه للادارة الفرنسية بضرورة التدخل حسب تعبيره لمساعدة تونس وتعديل الاوتار لتلافي اكتساح منتظر للاسلاميين في الاستحقاقات الانتخابية . ومن المفارقة ان هذا التصريح قد تزامن مع لقاء جمع في مقر الهيئة العليا المستقلة الانتخابات التونسية السفير الفرنسي اوليفيي بوافر دارفو برئيس الهيئة والبعض من اعضائها وهو ما أثار استهجان الرأي العام التونسي حيث اعتبر اللقاء تدخلا فرنسيا صارخا في نشاط هيئة تونسية دستورية مستقلة او يفترض ان تكون كذلك وفتح باب التأويلات علی مصراعية قبل شهرين من الاستحقاق الانتخابي البلدي رغم التوضيح الذي اصدرته الهيئة في شخص رئيسها محمد التليلي منصري والذي اعتبر ان اللقاء كان بروتوكوليا لا يمس من استقلالية الهيئة وتم في اطار التعاون الثنائي في اطار اتفاقية بين الهيئة وسفارة فرنسا في تونس بعلم من وزارة الخارجية التونسية التدخل الفرنسي في الشأن التونسي ليس بالامر الجديد بل هو قاعدة وليس استثناء لكن ان يصل إلی حد التهديد بإجهاض التجربة الديمقراطية والتلويح بسيناريو اشبه بالانقلاب الذي شهدته الجزائر في انتخابات 1992 من شخصية سياسية فرنسية مفصلية في حجم جون بيار رافاران يجعل المسار الديمقراطي التونسي مهددا خاصة مع تعدد العراقيل الداخلية و كثرة المتربصين في الخارج بأساليب متنوعة ومختلفة فإذا كانت بعض الجهات الفرنسية تمارس وصايتها الكلاسيكية علی تونس فإن الإمبرياليات الإقليمية الصاعدة حديثا بقوة البترودولار تبحث أيضا عن موطئ قدم في تونس وهو ما يفسر إستماتة عيال زياد لإختراق تونس وعرقلة مسارها الديمقراطي بعد ان نجحوا في مصر وشرق ليبيا ..