كتبت عشية وصول الرئيس جورج بوش الى منطقتنا لا أهلاً ولا سهلاً، وكتبت مودعاً «تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي»، فإذا بالقارئ سعدو النّق يهاجمني لأنني أتجاهله، ويتحداني أن أكتب عنه. هو واحد، وأبدأ به «لزوم الموضوعية»، غير أن كل رسالة أخرى تلقيتها كانت ضد الرئيس الأميركي وزيارته، وبعضها شن حملات لا تصلح للنشر، وكان هناك من هاجمني لأنني لم أهاجمه كما يستحق. هذه الرسائل تمثل أفضل استطلاع للرأي العام العربي، واذا كان من القادة العرب من يريد رأي الشارع، فما عليه الا أن يقرأ بريد القراء في الصحف التي تستطيع أن تنشر آراءهم. القارئ فاروق الراوي يقول ان قلبه «ينزف دماً على ما يجري في العراق وفلسطين، ومع ذلك نجد أن قيادتي البلدين هما من أشد المنفذين لسياسة بوش وتشيني في المنطقة». وهو بعد ذلك يتحدث عن «المقاومة الباسلة» في العراق، وهناك مقاومة، ولكن أرجو أن يدين مثلي الإرهاب المجنون، وقتل مسلمين بأيدي مسلمين. لا أحتاج الى تسجيل أسماء القراء الذين كان رأيهم مثل رأيي، ولكن أزيد آراء اضافية من قراء آخرين، فالأخ علي أحمد يقول ان سبع سنوات مضت ولم يبق لبوش في الحكم سوى سنة واحدة، وهكذا يعزله الدستور الأميركي. وهذا صحيح، ولكن هل يترك، وننسى مليون ضحية في العراق، أو نطالب بمحاكمة من قتلهم؟ القارئ أبو خالد يقول ان جورج بوش وديك تشيني لم يعزلا حتى الآن بسبب وقوف لوبي إسرائيل معهما، وتهديده لهما اذا لم يفعلا ما يريد. أما القارئ موسى العبادلة فيبدي خشيته من أن نلدغ من الجحر نفسه مرة ثانية، ويتوقع كارثة أخرى في المنطقة تتبع زيارة بوش. وكان هناك قارئ باسم «حركي» هو «صواب» اختار ان يهاجم «الإرهاب الإسلامي»، وهو من نوع جبان يبدي موقفاً ولا يجرؤ على التصريح باسمه، وأرجح أن أمثال هؤلاء مرضى أو عملاء للعدو. أكبر مجموعة بريد في الأسبوعين الأخيرين كانت عن الانتخابات الأميركية والمرشحين، فقد كتبت ثلاث مرات أو أربعاً عن المتنافسين على الرئاسة من ديموقراطيين وجمهوريين، ومرة أخرى أتجاوز الرسائل التي أبدى أصحابها مثل رأيي وأختار آراء إضافية. الأخ شامل طاووش يقول: «سأحلق شعر رأسي كله اذا فاز أوباما يا سيد جهاد»، وأقول له قبل أن أكمل انه قد يكون أصلع، ونريد صورة لنتأكد من ان هناك شعراً يحلق. الأخ شامل يتوقع أن تفوز هيلاري كلينتون في النهاية، ويقول ان الولاياتالمتحدة تحتاج الى أن تحكمها النساء لمئة سنة مقبلة، مع ان هذا يعني أن تزيد الديون. الا انه يظل أهون من بوش، فأي رئيس بعده سيكون أفضل منه. القارئ أحمد حمدان في رسالة الكترونية بالإنكليزية يقول ان الناس لا يشترون الاحترام بل يفعلون ما يجعلهم يستحقونه، والعرب لا يفعلون ذلك، ثم انه يعترض على استقبال الزعماء العرب جورج بوش. أما القارئ هشام الطاهي فكانت رسالته أطول من هذه الزاوية كلها وأختار منها نهايتها التي تجمّل رأيه، فهو يقول: «خلال 34 سنة جاء أربعة رؤساء أميركيين في مواعيد ارتبطت بالحروب التي كانت عربية – إسرائيلية، ثم انتهت لتكون إسرائيلية وأميركية ضد اللبنانيين والفلسطينيين، وزيارة بوش هي لدعم حزبه الجمهوري في الانتخابات وليقول لدى عودته انه جاء الأميركيين بالبلايين من أموال العرب». القارئ المهندس محمد المفتاح يفضل أن يكون الفائز بالرئاسة الأميركية ديموقراطياً لا جمهورياً، ويفضل هيلاري كلينتون على باراك أوباما بسبب تاريخ زوجها بيل، وخبرتها، والقارئ عصام باسيل يعتقد بأن الشعب الأميركي غير جاهز لانتخاب امرأة أو مرشح أسود. وبالنسبة الى المتنافسين، فالرسائل الباقية التي فضلت أحداً على غيره كانت قصراً على كلينتون وأوباما، ولا أعتقد بأن السبب هو ان القراء العرب جميعاً من الحزب الديموقراطي، وانما هو ما اكتوى به العرب من الإدارة الجمهورية. وأشكر للقراء سيف السعدون ونضال مفتي وسري التكريتي وأحمد شكر وعماد ويسرية هداوي رأيهم في ما كتبت عن البكاء، والأخ سيف يذكّرني في رسالة بالإنكليزية بشعر أندلسي مشهور هو: ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً / لم تحافظ عليه مثل الرجال وهو ينسب الى أم آخر ملوك العرب في الأندلس أبي عبدالله الصغير، وقد رأته يخرج من قصر الحمراء باكياً، بعد سقوط غرناطة. وقرأت كلام الأم نثراً لا شعراً وهو «ابكِ مثل النساء ملكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال». والمعنى واحد، والأسباب اليوم أكثر.