الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    أولا وأخيرا: أم القضايا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    نابل.. وفاة طالب غرقا    مدنين: انطلاق نشاط شركتين اهليتين ستوفران اكثر من 100 موطن شغل    كاس امم افريقيا تحت 20 عاما: المنتخب ينهزم امام نظيره النيجيري    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    منتخب أقل من 20 سنة: تونس تواجه نيجيريا في مستهل مشوارها بكأس أمم إفريقيا    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عيد الشغل.. مجلس نواب الشعب يؤكد "ما توليه تونس من أهمية للطبقة الشغيلة وللعمل"..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    كأس أمم افريقيا لكرة لقدم تحت 20 عاما: فوز سيراليون وجنوب إفريقيا على مصر وتنزانيا    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    ترامب يرد على "السؤال الأصعب" ويعد ب"انتصارات اقتصادية ضخمة"    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    كرة اليد: الافريقي ينهي البطولة في المركز الثالث    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    عاجل/ اندلاع حريق ضخم بجبال القدس وحكومة الاحتلال تستنجد    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق الشروق: الطريق لغزو العراق: خطة الهجوم ل»بوب وودورد»
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

نشرنا أمس الجزء الأول من كتاب الصحافي الأمريكي المعروف بوب وودورد «خطة الهجوم» والذي يتعرض فيه إلى أن غزو العراق كان مبيتا ومحضرا وجاء نتاجا طبيعيا لجهود مجلس حرب قاده الرئيس الأمريكي جورج بوش.
إن كتاب «خطة الهجوم» يكشف خفايا حرب بوش على العراق بكيفية دقيقة ومذهلة ويعري حقائق أراد أن يغيبها بوش وقادته على الرأي العام العالمي.
وفي ما يلي الجزء الثاني.
يتابع القاريء لكتاب وودورد نوعا من الهوس بصدام حسين، فبوش كان يعتقد ان صدام حسين يجب ان يرحل باي ثمن، ولهذا السبب فانه في احاديثه الخاصة ولقاءاته مع نواب الكونغرس كان يعود لموضوع صدام، مستخدما لغة فيها الكثير من المبالغة، وفيها من العاطفية ايضا الشيء الكثير، ففي لقاء مع اعضاء من الكونغرس، الديمقراطيين والجمهوريين، لشرح موقفه من العراق وجهوده لتغيير النظام، اقترح احد النواب التركيز على فكرة استخدام الغاز ضد الاكراد، فما كان من بوش الا ان رد انه يعرف ذلك، فقد حاول صدام اغتيال والده، اي جورج بوش، عندما اكتشفت المخابرات الامريكية ان عملاء للنظام العراقي كانوا يخططون لاغتيال بوش اثناء زيارة له للكويت، حيث قامت ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون بقصف مواقع عراقية بالصواريخ. كان بوش في لقاءاته الدورية مع اعضاء مجلس الامن القومي يستمع لتطور خطط الحرب ويبحث السيناريوهات المتعددة ويبدو ان بوش لم يتحرك نحو الحل الدبلوماسي للازمة مع العراق قبل ان تأكد ان لديه خطة حربية وخيارات متعددة للهجوم على العراق. فبوش ومساعدوه كانوا يبحثون عن خطط سريعة، ولهذا قامت القيادة الوسطى بتطوير خطة هجينة تقوم على حرب سريعة، ونظيفة ضد النظام العراقي، ويلاحظ ان ما كان يشغل بال الاستراتيجيين الامريكيين هو ما سيحدث في بغداد، فالخطط الامريكية وان كانت تؤمن بقدرة القوات الامريكية الجوية على التفوق الا ان بغداد كانت تمثل اشكالىة، خاصة لمسؤولي مجلس الامن القومي، وكوندوليزا رايس، وكانوا يشيرون إلى بغداد في خططهم إلى قلعة بغداد في اشارة إلى امكانية تمترس النظام العراقي داخل بغداد في معركة اخيرة.
**باول: المحارب المتردد
يبرز وودورد الخلاف بين دعاة الحرب في داخل الادارة الامريكية، والداعين للحل الدبلوماسي وعدم تجاوز الامم المتحدة، ففي الوقت الذي كان فيه يمينيو الحزب الجمهوري يستبعدون اي دور للامم المتحدة، خاصة ديك تشيني، الذي قرر التحرك اعلاميا بعد زيادة التكهنات في الاعلام الامريكي عن قرب الحرب، وتطور خططها، وكان اول مسؤول في ادارة بوش يقوم بالتأكيد على وجود اسلحة دمار شامل لدى النظام العراقي، ففي خطابين امام جمعيات للمحاربين القدماء استخدم تشيني لغة واضحة اشارت إلى نية الادارة التحرك والاطاحة بصدام حسين. الجهة التي كانت تراقب لعبة التكهنات في الاعلام وفي اروقة البيت الابيض كانت الخارجية، فكولن باول، وزير الخارجية كان بحسب الصحف في الثلاجة، وكثرت التكهنات حول مصيره، بل وتحدثت بعض التقارير عن قرب استقالته، ومع ان باول، قبل فكرة انه محارب متردد الا انه طلب لقاء بوش على حدة لشرح مخاوفه ومواقفه، وفي جلسة حضرتها كوندوليزا رايس التي تتواجد في كل اللقاءات التي يعقدها الرئيس مع خاصته، شرح باول للرئيس مخاوفه من الحرب واثارها على صورة امريكا في العالم والشرق الاوسط بشكل خاص، ويقول وودورد ان باول كتب ملاحظات وصلت إلى اربعة صفحات، عبر فيها عن اثار الحرب التي ستكون مدمرة، مشيرا إلى ان العراق بلد معقد ولم يشهد ديمقراطية في السابق، وشملت رؤية باول على عدد من الافكار التي تدعو الادارة للتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، وشعر باول في لقائه مع بوش انه كسر الجليد مع الرئيس وانه اوصل رؤيته له، ولاحقا علق قائلا ان العلاقة تتطور لفهم احسن بينهما، وفي لقاء ثان، قال بوش لباول، عن خطة العمل المطلوبة منه، فقد كان يشعر انه يجب التحرك ضد صدام، وفي فترة لاحقة تبنى بوش عبارات تشيني الذي كان اول من اكد في خطابه على اهمية العمل للتخلص من صدام، حيث قال ان التفرج على ما يحدث دون تحرك ليس حلا. وعندها وجد باول ان علىه ان يقدم حلا او اقتراحا للحل، ومن هنا اقترح وزير الخارجية على ضرورة اعطاء الامم المتحدة فرصة وبناء تحالف دولي ضد صدام يتم فيها تبرير الحرب، وهو الاقتراح الذي وافق علىه بوش، وشعر باول انه سيطر في ذلك الوقت على رامسفيلد وتشيني اللذين كانا يدفعان باتجاه حرب امريكية ضد العراق بدون العودة إلى الامم المتحدة. ويلاحظ الكاتب ان علاقة باول مع تشيني لم تكن قوية، وقد اخذ الجندي السابق وقتا طويلا في اعادة صياغة الفصل المتعلق بتشيني في مذكراته رحلة جندي ، ذلك ان باول في رحلته العسكرية اصطدم في مرحلة صعوده بتشيني، الذي كان وزير الدفاع، وفي مذكراته اشار باول انه خلال خدمته في الجيش التي استمرت ثلاثين عاما، لا يذكر انه قضى ساعة بعيدة عن العسكرية مع تشيني. ولهذا اراد باول ان يقدم في مذكراته صورة عن تشيني متحفظة او كما وصفها، تقول الحقيقة ولا تغضب في الوقت نفسه تشيني. ولهذا كان يعيد كتابة النص ويرسله إلى مساعده ريتشارد ارميتاج الذي ظل يقول له ان الفصل ليس جيدا.
وفي اثناء الجدل حول دور الامم المتحدة وقيام الرئيس بالقاء خطاب امام الجمعية العامة في 12 سبتمبر 2002 جرى نوع من النقاش الحاد بين باول وتشيني، ومع ان كل واحد منهما حافظ على ادب الحوار والاختلاف الا ان طريقة التعبيرات الحادة التي استخدمها كل منهما اشارت إلى خلاف واضح في الرأي. البحث عن مخرج من داخل الامم المتحدة كان كما يشير الكاتب لعبة تكتيكية لم تخف تصميم الادارة على انجاز المهمة في العراق، وكما اشار بوش في لقاء مع بوب وودورد، فان باول وان كان يبحث عن تكتيك دبلوماسي، فهو كرئيس يقوم برسم استراتيجيات. من داخل التصريحات والافكار التي يقدمها الكاتب عن تطور خطة غزو العراق، نعثر على صورة فيها الكثير من الالتباس والغموض والتشوش للرئيس، فهو يتحدث في غالب الاحيان بلغة عاطفية، في قلبها كما يؤكد حماية امريكا وهذا يقتضي اعادة تشكيل العالم لخدمة هذا الغرض. وفي هذا السياق يأتي الحديث عن نشر الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم لحماية مصالح الولايات المتحدة.
**بلير: كوجونز حقيقي
وبالعودة إلى موافقة بوش لتحديد رؤيته عن العراق امام الجمعية العامة، فيبدو ان هذا له علاقة بالموقف البريطاني، ففي لقاء قصير مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الذي اجتمع معه في كامب ديفيد، وضع بوش رؤيته امام توني بلير، حيث اكد له انه عازم على غزو العراق وانه يريد مساعدة بريطانية. في ذلك اللقاء اكد بلير ان بريطانيا مع امريكا، وفي الصيغة التي يوردها وودورد عن اللقاء وكيف نظر بوش في عيني بلير، وتعلىقه في النهاية لمساعدي بلير ان الاخير يملك عزما واضحا حيث استخدم في هذا السياق كلمة اسبانية للدلالة على ذلك. الموقف البريطاني من الحرب جاء متساوقا مع قدرات بريطانيا ورؤيتها للعراق، فلندن لم تنظر للعراق من الزاوية التي تنظر إلىها امريكا، فهي لم تكن قادرة في يوم من الايام على غزو العراق بنفسها، وبحسب احد المسؤولين البريطانيين، فالعراق مشكلة امريكية، كما ان بريطانيا كانت ترى ان الخطر، على الاقل في مجال اسلحة الدمار الشامل يأتي ليس من العراق وانما من كوريا الشمإلىة. ولم يستخدم بلير في تصريحاته عبارة محور دول الشر. وفي اجتماع باول مع نظيره البريطاني جاك سترو، اكد الاخير على ضرورة البحث عن مخرج عبر الامم المتحدة، لان مصلحة بريطانيا تكمن في الحل الذي تقترحه الامم المتحدة. العودة للمؤسسة الدولية كان بمثابة المعضلة للرئيس الامريكي وفريقه، فهم لم يكونوا بمزاج العودة من جديد إلى مفتشي الامم المتحدة، وعلىه كانوا خائفين من نهاية مشروعهم في اروقة الامم المتحدة. هذا القلق بدا في صياغة الخطاب حيث قرر بوش في اللحظة الاخيرة اضافة عبارة عن العمل مع مجلس الامن لصياغة قرار جديد بشأن العراق. الخطاب الذي كان مشروع جدل منذ البداية بين مساعدي بوش، كان من الخطابات التي قال بوش انه استمتع كثيرا بالقائها، حيث دخل مجلس الامن متسلحا ليس بالخطاب ولكن بخطة تدعمه، وجاهزة من اجل التحرك وضرب العراق. فمع كل العمل الدبلوماسي والتكهنات كان فريق رامسفيلد فرانكس منشغلا بمراجعة كل السيناريوهات المتوفرة لدى المؤسسة العسكرية للتوصل لخطة مناسبة يعتمد علىها بوش في النهاية للاعلان عن الحرب. ويبدو ان بوش عندما سافر لنيويورك كان يعرف ان العمل قد تقدم بشكل مقنع على الخطة ولهذا حدد مطالبه من مجلس الامن. ويبدو هذا واضحا في اعجاب بوش نفسه بالخطاب، عندما ذكره اكثر من مرة في لقاءاته مع اعضاء في مجلس الامن.
يحلل الكاتب هنا الاستراتيجية التي تبنتها ادارة بوش لتمرير الخطة، فمن جهة ابقت كل الخطط عن الحرب سرا، ومن جهة اخرى جرى الحديث عن حل عبر الامم المتحدة وهذا الحل كان نوعا من الترضية لم يخف وراءه النية الواضحة لاحتلال العراق. على الصعيد المحلي، بدأ فريق بوش بالعمل مع نواب الكونغرس، حيث جرى تذكيرهم بما سبق ووافقوا علىه عام 1998 عندما اقروا في عهد كلينتون قانون تحرير العراق. في هذا السياق فلغة الاقناع التي استخدمت مع اعضاء الكونغرس كانت مشوشة ومبالغة، ففي مناسبة مثلا، قال بوش ان المخابرات المركزية قدمت له في التقرير الامني إلىومي ان نسبة 70 بالمئة من الفرنسيين تؤيد الاطاحة بصدام حسين، هذا مدعاة للتساؤل، فلماذا يحتاج بوش للعودة التي تقرير المخابرات مع ان استطلاعات الرأي في فرنسا وغيرها من دول اوروبا اشارت إلى معارضة شاملة للحرب. وفي لقاءات اخرى اشار بوش إلى ان صدام يمكن ان يضرب اسرائيل بصواريخ سكود، مما سيقود إلى حرب عالمية. وجاء تعلىق بوش في سياق حديثه عن انجازات ادارته في الحرب على القاعدة حيث قال الحرب على الارهاب تسير في مسارها الطبيعي، نتصيد قادتها واحدا تلو الاخر، ولكن التهديد الاكبر هو صدام حسين واسلحة الدمار الشامل التي يملكها، قد يقوم بتفجير اسرائيل مما يعني ازمة عالمية ، والحاح بوش على فكرة اسرائيل ان اللوبي المؤيد لاسرائيل ناشط ومؤثر في الكونغرس. كذلك في اجتماع له مع 18 عضوا من نواب الكونغرس، في 26 سبتمبر 2002، في البيت الابيض قال لهم صدقوني، انا لا احب عناق الارامل ، مواصلا هجومه على العراق وصدام حسين، حيث قال صدام حسين، رجل شرير، يتعاون مع القاعدة، ويعذب شعبه ويكره اسرائيل.
وبنفس السياق عندما اراد تبرير خطر صدام امام لجنة من لجان الكونغرس قال تشيني مفتاح القضية، اننا نقوم بالتقليل من خطر هذا الشخص صدام حسين، لديه الكثير من الاموال التي يحصل علىها من عوائد النفط . وفي نفس اللقاء عاد بوش لخطابه الذي يحط من قدر عدوه، حيث وصف لاعضاء الكونغرس صدام كذاب، يحاول خداع المجتمع الدولي... استرالىا، سلوفاكيا، دولة التشيك، انكلترا، كل هذه الدول تقف بجانبنا.. انتم لا تقرأون عنها.. تقرأون عن هذا الرجل الذي فاز بالانتخابات من خلال تحويلي إلى بنياتا (اي تمثال من الشوكولاتة) في اشارة إلى المستشار الالماني غيرهارد شرودر.
واخبر بوش النواب المجتمعين في غرفة اجتماعات الحكومة بالبيت الابيض عن خطابه امام الجمعية العامة، حيث اشار إلى حزمه ولم تكن هناك تعبيرات على الوجه، كان الامر مثل واحد من افلام وودي الن.
لم يكن كل النواب الامريكيين موافقين على تحركات الادارة بشأن العراق، فبوب غراهام، النائب الديمقراطي عن فلوريدا عبر للكاتب عن مخاوفه، ومن موقعه كرئيس للجنة الامنية في الكونغرس، اراد الحديث مع المؤلف عن العراق لانه كان قلقا من الوضع، حيث اكد انه لا يري ضرورة لغزو العراق في الظرف الحالي. مؤكدا ان وضع العراق في سلة الدول الارهابية توسيع غير منطقي للمصطلح.
استدعاء ادارة بوش لاسلحة الدمار الشامل كمركز لتبرير الحرب لم يكن بدون انتقادات، فالمخابرات الامريكية في تقييمها الوطني لم تتحدث عن العراق وقدراته الا بعد سبع صفحات، واكتفت الوكالة الامنية بالقول ان العراق عازم على الحصول على اسلحة الدمار الشامل، وهذا يناقض تأكيدات تشيني ورامسفيلد من ان العراق يملك في الحقيقة اسلحة دمار شامل. حتى تومي فرانكس قال امام بوش انه لا يعرف بوجود مواقع لاسلحة الدمار الشامل، ويفهم من هذا ان العراق لا يملك هذه الاسلحة او ان فرانكس ليس لديه صور عن هذه المواقع باعتبارها اهدافا عسكرية.
على صعيد الاعلام، فقد واصلت الصحف الامريكية لعبة التكهنات عن قرب الحرب، الخطة واسلحة الدمار الشامل، ودخل عدد من مسؤولي الامن القومي المتقاعدين، ووزراء الخارجية على الخط في النقاش، ويبرز في هذا السياق المقال الذي كتبه برنت سكوكروفت، مستشار بوش الاب لشؤون الامن القومي، ورئيس رايس عندما كانت موظفة في مجلس الامن القومي، كان يراقب ما يدور من نقاشات حول العراق في داخل الادارة الامريكية من مكتبه في شارع 17 في العاصمة واشنطن. وقد ارقه هذا الالحاح على العراق حيث كان يعتقد ان الخطر الحقيقي يأتي من القاعدة وليس العراق، كما شعر بنوع من الاستغراب عن سبب تركيز رامسفيلد وتشيني على العراق. وبحسب سكوكروفت، فما يجمع اسامة بن لادن، زعيم القاعدة، وصدام حسين هو كرههما لامريكا، ومع ذلك فمن بين العمليات الارهابية الكثيرة التي نفذت لا بصمة لصدام علىها. ومع اعتقاد المسؤول السابق ان حلم صدام السيطرة على المنطقة يتناقض مع مصالح الادارة الامريكية الا ان الادلة قليلة جدا عن علاقة صدام حسين بالمنظمات الارهابية. وحذر سكوكروفت من الهجوم على العراق في هذه الفترة. ونشر المسؤول السابق مقاله في الصحيفة الىمينية وول ستريت جورنال وتلقى مكالمتين هامتين، الاولى من باول الذي شعر ان سكوكروفت اعطاه مساحة للمناورة، ومن كوندوليزا رايس التي قدمت تعلىقات حادة على المقال. وفي مقال سكوكروفت، شعور ان بوش الاب يحذر من الهجوم على العراق. في رد سكوكروفت على تعلىقات رايس، اكد ان ما قاله في المقال لا يختلف عما قاله في التلفزيون قبل عشرة ايام. ولكنه اكد ان مقاله ليس محاولة للابتعاد عن الادارة واعتذر لرايس عن القلق الذي احدثه المقال. ولاحظ ان جورج بوش الاب لا يريد ان يقف وراء ابنه مراقبا تصرفاته، ملقيا ظله علىه مما يعني فقدانه الاحترام من الرأي العام، ولم يكن سكوكروفت او بوش الاب راغبين بجرح بوش الابن، وعلىه فقد قرر المسؤول السابق الامتناع عن التعلىقات العامة مع ان موقفه لم يتغير من الحرب.
اشكالىة اخرى في سيادة العراق على كل نقاشات الادارة الامريكية، وهو النقاش الذي لم يكن بالامكان تجنبه، هو شعور بوش ومن معه انهم يقومون بتغيير مسار التاريخ، فمن خلال وضع العراق في سياق الحرب على الارهاب كان بوش قادرا على الحديث عن اهمية موقفه في مجال صناعة العالم. فبوش في لقائه مع اعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في اكتوبر 2002 قال لا نريد ان يحكم علىنا التاريخ، ويتساءل ان جورج بوش وديك تشيني ، والشعور بحس المهمة المقدسة هو ما برز في تصريحات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الذي كان يدخل فكرة موقعه في التاريخ بالعلاقة مع العراق في كل خطاباته التي حاول فيها تحشيد اعضاء حزبه لدعم الحرب.
**المعارضة العراقية: الشعب العراقي لا يكره اسرائيل
في العاشر من جانفي 2003 التقى بوش وتشيني بثلاثة من العراقيين المعارضين في مكتبه البيضاوي. وكان بوش في لقائه صريحا وواضحا اعتقد ان صدام تهديد لأمريكا ولجيرانه، عليه التخلي عن أسلحة الدمار وإلا فإننا سنطيح به، ليس بمقدورنا اقناعه بتغيير عقله لأن قلبه من حجر. وكما يقول وودورد كانت عبارات بوش هذه بمثابة اعلان حرب ولكن بطريقة مبطنة. وقالت رند فرانكي مديرة مؤسسة عراقية لنشر حقوق الانسان ان العراقيين قادرون على ممارسة الديمقراطية في حالة ما أعطوا الفرصة لذلك. الشخصية العراقية الثانية التي شاركت في اللقاء هي حاتم مخلص، الذي ينحدر من تكريت، حيث قال ان كل العراقيين يريدون التخلص من صدام حسين، ولكنه أشار لما بعد صدام، مشيرا انا طبيب، مهمتي انقاذ حياة الناس، وأحب انقاذ حياة العراقيين والأمريكيين لأنهم أهلي. وعندما سأل بوش عن موقف الانسان العادي العراقي من اسرائيل وهل يكره هذه الدولة، أجاب مخلص قائلا لا، انهم مشغولون بأنفسهم ويهتمون بمشاكلهم الداخلية. الشخص الثالث الذي كان مشاركا في الاجتماع هو كنعان مكية صاحب كتاب جمهورية الخوف حيث قال لبوش الآن أنت ستكسر الجمود، وستغير صورة أمريكا في الشرق الأوسط، والديمقراطية ممكنة في العراق، وقوة الدمار يمكن تحويلها لقوى الاعمار، والعراقيون اناس قادرون، متعلمون بقرى فيها انارة. وأجاب بوش ان ادراته تخطط للسيناريوهات الأسوأ. ويبدو ان وودورد لم يعرف الشخص الذي قال ان العراقيين سيلاقون الأمريكيين بالترحاب والزهور حيث ترك العبارة دون نسبتها لأي من الثلاثة الذين حضروا الاجتماع. وتفرع الحديث عن مصير صدام حيث قال احد الحاضرين العراقيين ان الشعب العراقي سيلقي القبض عليه، وعندما سأل بوش عمن سيملأ الفراغ بعد رحيل النظام، تدخل تشيني وقال ان العراق يحتاج إلى رجل يحمل الشعلة، وقال أحد الحاضرين ان العراقيين في المنفى سيعودون إلى بلادهم. وعن بقاء الأمريكيين في العراق، أجاب العراقيون الثلاثة انها مدة ليست أكثر أو أقل من ثلاث أو أربع سنوات، ولم يجب المعارضون العراقيون على سؤال يتعلق بموقف الشعب العراقي من رئيس تنصبه أمريكا. ولكن أحد الحاضرين قال ان العراق يحتاج إلى رئيس عراقي مصمم على الطريقة الأفغانية، مشيرا إلى حامد كرازي الذي نصبته أمريكا حاكما على أفغانستان بعد انهيار طالبان. وأنهى بوش لقاءه مع المعارضين الثلاثة قائلا أتعامل معكم ومع عراقيي المنفى كشركاء، وظيفتكم تحشيد واقناع العراقيين، اما وظيفتي فهي اقناع العالم. وأكد بوش اعتقد صادقا ان سلاما بين الفلسطينيين والاسرائيليين سيتحقق نتيجة لهذا أي احتلال العراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.