بقلم الأستاذ بولبابه سالم برامج تؤثثها راقصات و فتيات الليل و المهرجين و سقط المتاع و الفاشلين و حفنة من الانتهازيين و المتسلقين ،، هذا هو المشهد الاعلامي في البرامج التلفزية الجديدة التي تشهد تنافسا على الرداءة . هذا هو اعلام الإثارة و البحث عن الاشهار في برامج يقولون انها مستنسخة عن البرامج الامريكية . يا ليت هؤلاء المنشطين كانوا في مستوى ثقافة المنشطين الامريكيين الذين يمررون مادة ثقافية ضمن برامجهم الترفيهية و لا يسقطون في البذاءة . ما معنى ان يفسح المجال لراقصة ان تهرف في السياسة و تحلل العلاقة بين الشاهد و رئيس الدولة ؟ و كيف تتحدث فتاة ليل جعلوا منها نجمة برجوازية مزيفة عن اسباب انزلاق الدينار وهي ذات خبرة في نوعيات اخرى من الانزلاقات ؟ و كيف يفتي فنان شعبي في الدين و يلقي الدروس امام المشاهدين ؟ و ما معنى ان يصبح نجوم الزطلة كرونيكورات بدل ان يكونوا في منتجع المرناقية ؟ و كيف يبقى منشط برنامج جامدا يقتصر دوره على توزيع الكلمة على فريقه ؟ في خضم هذه المفارقات العجيبة تأتي التصريحات الغريبة و الصادمة لاشخاص يصرون ان يهرفوا بما لا يعرفوا ، فلا احد منهم رفض الاجابة بسبب عدم الاختصاص او قلة المعرفة و هذا ليس عيبا . اتركوا الفن لاهله ، و السياسة لاهلها و الرياضة لاهلها و الاقتصاد لاهله و لا تكونوا مادة للسخرية . في اعلام الرداءة و الدوس على اخلاقيات المهنة تحوّل الحمقى و الجهلة الى مشاهير ، و الشهرة جعلتهم نرجسيون فصاروا يعيشون انفصاما شخصيا بين الوجه المزيف الذي يظهرون به ، و الواقع المر الذي يلازمهم . و من عجائب هذا الزمن في تونس ان تتجاهل تلك القنوات اعلاميون و اعلاميات مشهود لهم بالكفاءة ، و يهمّشون طاقات قادرة على تقديم الاضافة . الترفيه لا يعني التهريج ، و الجرأة لا تعني الوقاحة و البذاءة ، و المنشط الذكي هو الذي يبدع الافكار الجديدة و يفيد المشاهد ، فقد كانت برامج المرحوم نجيب الخطاب مثلا ترفيهية و استضاف فيها اغلب نجوم الفن و الكوميديا و الرياضة لكنه كان قادرا على جمع العائلة التونسية دون احراجها . اما المصيبة الكبرى فهي ان تلك البرامج المنحطة تصمت عنها الهايكا رغم تجاوز كل الخطوط الحمراء.