قراءة: 2 د, 48 ث وات - لم تشفع الطبيعة الخلابة والساحرة وتصنيفها عاصمة للسياحة البديلة في تونس، لولاية زغوان لتصبح قطبا سياحيا حقيقيا. ولاية زغوان الواقعة على أطراف إقليم تونس الكبرى ولها حدود جغرافية مع سبع ولايات هي القيروان وسوسة وبن عروس ومنوبة وسليانة ونابل وباجة مازالت تنتظر حظها في استثمار ما تتمتع به من طبيعة ومواقع أثرية وتراث ثقافي مادي وغير مادي بسبب إشكاليات عقارية وأخرى إدارية جعلت الولاية في ارتباط بوجهات سياحية أخرى من حيث التسيير والترويج وفق ما صرّح به ل(وات) المندوب الجهوي للسياحة صالح قسّام. وتتوفّر الولاية على بنية سياحية ضعيفة لا تتعدى الخمس وحدات إيواء متمثلة دور ضيافة تنقسم إلى ثلاث إقامات ريفية واستضافة عائلية وإقامة سياحية لا تتجاوز طاقة الإيواء الجملية لهذه الوحدات 140 سريرا، ومطعم سياحي وحيد، لذلك بقيت مؤشرات القطاع السياحي دون ما يأمله أبناء الجهة إذ وفق احصائيات المندوبية الجهوية للسياحة كانت نسبة الإشغال في حدود 19,5 بالمائة خلال السنة الماضية لتستقبل الوحدات السياحية خلال نفس السنة حوالي 33176 سائحا بين تونسيين وأجانب ونحو 117535 ليلة مقضّاة. ويكمن المشكل وفق المصدر ذاته في مركزية القرار وطول الإجراءات الإدارية في تحويل صبغة الأراضي الفلاحية السقوية الى مناطق سياحية تستثمر مكونات السياحة البيئية والطبيعية والثقافية لتعزيز مكانتها في السياحة البيئية باعتبار أن كامل الأراضي في الولاية مصنّفة أراض فلاحية سقوية، وهو أمر أدّى وفق المندوب الجهوي للسياحة الى عزوف المستثمرين عن بعث مشاريع في هذا القطاع. ويتسبّب طول الإجراءات التي يتطلّبها تحويل صبغة الأرض لتصبح قادرة على احتضان وحدة سياحية منذ سنوات في تعطّل انطلاق استغلال ثماني وحدات سياحية متمثلة في إقامات ريفية "دور ضيافة". وما زالت ولاية زغوان تنتظر كذلك الموافقة على تخصيص قطعة أرض من وزارة الفلاحة لإحداث أول منطقة سياحية تمسح 8 هك نظرا لطابع الولاية الفلاحي وتحجير البناء داخلها رغم تقدم مصالح وزارة السياحة في إعداد الملف والدراسات ورغم سن قانون 191 لسنة 2018 لتسهيل إجراءات تحويل صبغة الأرض الذي ظل تطبيقه يصطدم بطول الإجراءات. وإضافة إلى ذلك يعاني القطاع السياحي من ضعف الترويج وعدم إفراد الجهة بخطة ترويجية خاصة بها وبقائها وجهة لسياحة العبور دون أن تتمكّن من التحول لسياحة الإقامة والاستقرار ودون أن يرتقي المنتوج المتوفر حاليا والمقتصر على السياحة البديلة الى تلبية متطلبات السائح من حيث توفير خدمات موازية كمحلات الصناعات التقليدية وتثمين المعالم التي تزخر بها الجهة مثل معبد المياه والمدن الاثرية والمغاور والكهوف. وتعدّ الجهة الغنيّة بفرص تثمين الغابات بعضها على ملك الدولة والبعض الاخر على ملك خواص فضاء مناسبا لمزيد بعث وحدات في مجال السياحة البديلة إضافة الى امكانياتها في مجال السياحة الرياضية كرياضة التسلّق الجبال والتظاهرات المقامة في رياضة سباق السيارات من بينها تظاهرة رالي صوّاف المبرمج في دورته الأولى في شهر أفريل المقبل على أمل أن تتحول في الدورات المقبلة الى تظاهرة دولية فضلا عن سياحة المغاور والاستكشاف. وتتميّز إضافة إلى الخصائص الطبيعية رصيدا من تراث ثقافي مادي ولا مادي ثري من عادات وتقاليد وعادات غذائية وحرف تقليدية وتظاهرات ثقافية أبرزها مهرجان النسري ومهرجان سينما المرأة الريفية، يؤهّلها لأن تكون قطبا للسياحة البديلة. وفي انتظار حل الإشكالات العقارية والإدارية تنطلق المندوبية الجهوية للسياحة العام الجاري في تنفيذ خطة تطوير جودة مختلف الخدمات المرتبطة بالقطاع السياحي حتى يتم خلق أنشطة موازية تستقطب السائح ووضع استراتيجية للتنمية السياحية من خلال تدخل الدولة والسلط الجهوية مع الدعوة الى التثمين المتواصل للمخزون الثقافي والايكولوجي وخاصة وضع خطة للعناية بالمناطق الاثرية وإدماجها سياحيا وأساسا الترويج لزغوان تحت علامة مميّزة تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها الثقافية والحرفية وتحفيز دور المجتمع المدني في هذا السياق دون اغفال تطوير البنية التحتية السياحية.