تتميز ولاية القيروان بمخزونها الأثري الجامع بين الحضارات القديمة المتعاقبة العربية الإسلامية وأهمية رقعتها الجغرافية الشاسعة وموقعها الاستراتيجي كمعبر هام يصل شمال البلاد بجنوبها إضافة الى ثراء منتوجها الفلاحي المتنوع . مكتب القيروان- الشروق: كما تعرف القيروان بثرواتها المائية التي تتجلى عبر عشرات السدود ( 3 سدود كبرى و73 بحيرة جبلية) فضلا عن طاقات استراتيجية متنوعة تتكون من المناجم والمقاطع الصخرية والرملية وغيرها من المناظر الطبيعية الخلابة بأغلب معتمدياتها ، ومع ذلك فان القيروان لا تزال محصورة سياحيا في مثلث مقام أبي زمعة البلوي وجامع عقبة ابن نافع و"المدينة العتيقة". إبراهيم شهيبي ( مواطن وناشط بالمجتمع المدني) أكد ان الجهة تفتقر إلى الأرضية الملائمة للسياحة فهي بحاجة لإنشاء مرافق سياحية من مقاه ومطاعم سياحية ومسالك سياحية تكون قريبة من المناطق الأثرية إذ لا يعقل أن تقتصر المدينة على مسلك سياحي واحد هو أصلا يشكو من هنات ونقائص بسبب الإهمال والبيروقراطية والتملص من المسؤوليات. كما أن الجهة في حاجة كبيرة جدا لتشييد النزل الفخمة وغيرها من بيوت الضيافة ونزل ذات طابع مميز تكون مرتبطة بالمدينة العتيقة. مضيفا انه لابدّ من تطوير السياحة الثقافية بولاية القيروان إلى استثمارات ومشاريع وتحسين البنية التحتية والمحافظة على المعالم الأثرية والتراثية المهددة بالاندثار والآيلة أيضا الى السقوط . وأضاف أنه لابدّ من دعم السياحة من حيث جودة المنتوجات التقليدية واستغلال ما تزخر به من مقومات السياحة الثقافية ومن معالم أثرية إسلامية مسجلة ضمن التراث العالمي وكنوز حضارية ومواقع تراثية منتشرة في مختلف الجهات. وكذلك قصور مياه رومانية وكهوف بدائية ومساكن بربرية علاوة على المغاور الجبلية والمحميات اضافة الى توفر الصيد السياحي.. من جانبها قالت منال عبان منسقة "برامج" بجمعية ذاكرة المدينة وصاحبة فضاء «دار الجدود» بالمدينة العتيقة ان السياحة في القيروان في حاجة لخطة ورؤية واضحتي المعالم لمستقبل افضل , مشيرة الى ان مندوبية السياحة وان تحرّكت في مشروع المسلك السياحي بعين جلولة الوسلاتية الا انها لم تبادر الى الآن بإنشاء برامج او مهرجانات وتظاهرات سياحية ترويجية بامتياز.و ظلت منغلقة على نفسها تعمل بأسلوب بيروقراطي مركزي اداري جافّ رغم ما بداخلها من عناصر بشرية متحمسة. ودعت عبان الى أن يتمّ التسريع في انجاز دراسة المسلك السياحي بجلولة حتى لا يصبح الملف طي النسيان. الحلّ في السياحة البديلة... كشفت نتائج دراسة أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالقيروان خلال السنة الفارطة بعنوان «السياحة البديلة وتغيير منوال التنمية» أن 98 بالمائة من مواطني الجهة يؤيدون فكرة انشاء خارطة سياحية بديلة عن المسالك السياحية القديمة بالجهة..» وكشفت الاستشارة عن تغير النظرة الى السياحة من السياحة الساحلية الى السياحة البديلة، ورغبة في تحريك الاقتصاد المحلي بالمناطق الداخلية ودفعه عن طريق السياحة البديلة. وأظهر الاستبيان أن 40 بالمائة من المستجوبين يعتبرون ان السياحة الاثرية تأتي في المرتبة الاولى باعتبار أن القيروان تملك مخزونا اثريا غير مثمن، بالاضافة الى المعالم الاثرية ، وتليها السياحة البيئية بنسبة 27 بالمائة فالسياحة الاستشفائية بنسبة 25 بالمائة ثم السياحة الرياضية بنسبة 8 بالمائة. وقال رئيس المنتدى رضوان الفطناسي ان القيروان تتوفّر بها مقومات السياحة البيئية نظرا لوجود ثراء طبيعي متعدد خاصة في معتمديات جلولة والوسلاتية وحاجب العيون وحفوز ونصر الله يمكن ان تجذب السياح وتشجع على بعث مشاريع ووحدات سياحية في ارياف الولاية. كما تتوفر بها مقومات السياحة الاستشفائية اذ يوجد بها الكثير من المواقع الاستشفائية اهمها الحمامات والعيون على غرار حمام طرزة وحمام سيدي معمر وحمام سيدي ابراهيم الزهار... وأشار الفطناسي الى ان نتائج الدراسة بينت أن 38 بالمائة من المستجوبين يعتبرون أن البنية التحتية المقبولة تعدّ من الأولويات في إنجاح السياحة البديلة وتليها الظروف الامنية بنسبة 23 بالمائة ثم ثراء المخزون الطبيعي والثقافي والحضاري. أما عن أفضل الطرق الكفيلة بجذب السائح التونسي، فأكد 42 بالمائة من المواطنين أن الضغط على تكلفة الاقامة يأتي في المرتبة الأولى باعتبار ان تكلفة السياحة الفندقية الساحلية مشطة بالنسبة لهم اذ تتجاوز كلفة الليلة 200 دينار للفرد الواحد خلال فترة الذروة في فصل الصيف في الفنادق الكبرى، في حين أن السياحة البديلة توفر خدمات غير مكلفة. وأكد 98 بالمائة من المستجوبين انهم مستعدون لاختيار مسالك القيروان الريفية اذا توفرت خدمات غير مكلفة وصحية في وحدات سياحية تقل كلفتها عن 50 دينارا لليوم الواحد. تغيير منوال التنمية... اعتبر 50 بالمائة من المواطنين أن السياحة تعد القطاع الأقدر على حل المشاكل التنموية في المنطقة يليها في ذلك القطاع الفلاحي بنسبة 30 بالمائة. كما اعتبر 99 بالمائة من المستجوبين ان السياحة في المناطق الداخلية المهمشة في الجهة قادرة على حل مشاكل التنمية وتحقيق الاندماج الاقتصادي للفئات الفقيرة والمهمشة. ويرى 91 بالمائة من المستجوبين أن السياحة البديلة قادرة على تشغيل الشباب، وعلى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة, ويرى 98 بالمائة من المستجوبين ان تنشيط السياحة البديلة يساهم في إنقاذ القطاع على المستوى الوطني باعتبار انها ليست موسمية ولا ترتبط بالسائح الاجنبي ولا تتأثر بالأزمات الاقتصادية الدولية والإقليمية. وتحدث أنيس الزوابي وهو عضو بجمعية ذاكرة المدينة عن ضرورة مزيد تكوين المرشدين السياحين مع ضرورة عمل وكالات الأسفار في اطار شراكات مع بعض الجمعيات المعنية للنهوض بمستقبل السياحة في القيروان. ويمكن للسياحة البديلة الداخلية الاجتماعية ان تكون حلا تنمويا يساهم في التنمية المحلية من خلال خلق فرص العمل والتجارة وتحريك دواليب الاقتصاد المحلي .وتتجلى أهمية هذا المنوال السياحي في بساطة استثماراته خاصة اذا كانت مقترنة بامتيازات مالية وجبائية عند بعث المشاريع وحل مشاكل التمويل لدى الشباب في هذه المناطق الداخلية الراغب في خلق الثروة والبقاء في جهته ما من شأنه ان يحدّ من ظاهر ة النزوح وغيرها..