حياة بن يادم تونس، بلد "رابعة الثلاث" بعد مكة و المدينةالمنورة و القدس، صفة أطلقها الفقهاء على القيروان، عاصمة الإسلام الأولى لإفريقية و الأندلس على مدى 4 قرون. حيث أنشأت فيها بيت الحكمة التي كانت نواة لمدرسة الطب القيروانية و التي أثرت في الحركة العلمية في بلاد المغرب لأمد طويل. و كانت معهدا للدرس والبحث العلمي والترجمة و تعقد بها المجالس العلمية للمناظرة بين العلماء البارزين من فقهاء المالكية و الحنفية. تونس، بلد جامع الزيتونة، الجامع الأعظم، الذي اتخذ مفهوم الجامعة الاسلامية منذ تأسيسه. حيث كانت رائدة و منارة تشع بعلمها في العالم. و تأسست بها مدرسة فكرية تعتمد منهجا حديثا. و من بين رموزها الإمام سحنون صاحب المدونة التي رتبت المذهب المالكي، و ابن خلدون المؤرخ و مبتكر علم الاجتماع. و في طليعة القرن الماضي تخرج منها الشيخ محمد الطاهر بن عاشور صاحب التحرير و التنوير من أبرز تفاسير العصر الحديث، و الشيخ محمد لخضر حسين شيخ جامع الأزهر الشريف. تونس، على مدى تاريخها كانت مصدّرة للفقهاء، منتشرين في بقاع الارض يعلمون العربية و الإسلام. و كانت منارة إشعاع عندما غرّبت أسست القرويين بفاس و عندما شرّقت أسست الأزهر بالقاهرة. تونس، في زمن الكورونا، و كأني بها خلت من الفقهاء و عدة مسائل دينية تستوجب الافتاء كالصيام و الصلاة في المسجد و صلاة التراويح و غيرها من المسائل الفقهية. يخرج علينا مفتي الجمهورية بخطاب هزيل خال من أي آية قرآنية أو حديث شريف، و بلغة بعيدة كل البعد عن لغة الفقيه المضطلع بأمور الدين مستعملا مصطلحات عامية. ابشروا صلاة التراويح هذا العام و على رأي المفتي "كل بلاد و أرطالها". في باكستان سيسمح بإقامة الصلاة في المساجد بعد اجتماع رئيسها مع كبار المشايخ في البلاد، شريطة التزام المصلين بوضع الكمامات و الحفاظ على مسافة المترين بين كل مصل و آخر. أما في المغرب فقد أفتى الدكتور حسين آيت سعيد، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتمادا على أدلة شرعية ، بجواز صلاة التراويح في البيت اقتداء بالإمام في التلفاز. صراحة استبشرت بهذه الفتوى و ذكّرتني في سنوات خلت حين قمت بصلاة التراويح متبعة صلاة التراويح بمكة التي تبث على التلفاز. فوجدت صدّا من عائلتي التي اعتبرت صلاتي خاطئة قائلين " ملّا بدعة طلعت بيها". أما في تونس فقد أعلنت وزارة الشؤون الدينية عن سريان مفعول قرار تعليق صلاة الجماعة على صلاة التراويح. و ديوان الإفتاء أجاز أداء صلاة التراويح و العيد في البيت في هذا الظرف الاستثنائي. على الدولة أن تبث صلاة التراويح مباشرة على إحدى القنوات العمومية. و على مرتادي المساجد الالتزام بالحجر الصحي لحين يفرجها الله، لأنه إذا غلقت أبواب المساجد فلا يغلق باب الكريم، و إذا انقطعت الأسباب جاء مداده، و الضيق الذي نمر به ما هو إلا رسالة فرج قد اقتربت، فاصبروا و قلوا يا ربّ . اللهم ارفع عنا هذا البلاء و بلغنا رمضان لا فاقدين و لا مفقودين.