نصرالدين السويلمي حالة من التجاذبات تشبه المطاردة بين القط والفأر، تلك التي تحدث بين أنقرة وأبو ظبي، فبعد الهزيمة التي تلقتها الإمارات في ليبيا يسعى محمد بن زايد الى محاصرة أي تمدد لتركيا في مناطق نفوذه، ويبدو أنه يركز أكثر على السودان واليمن مع بعض المشاغبات في الصومال، ففي السودان خسرت الإمارات الجولة الاولى حين رفض المجلس العسكري ترجمة اقواله الى افعال وإخلاء جزيرة سواكن من التواجد التركي بالقوة، ثم صدر البيان التركي الذي أكد أن الاتفاقية لم تلغ وأن الأشغال تسير بشكل طبيعي، وما تلى ذلك من إشارات سلبية أصدرها جنرال الإمارات في السودان، وطالب من خلالها بمستحقاته المالية من دول التحالف. بدورها في اليمن تسعى الإمارات الى مسابقة الزمن، وتنظر بعين الريبة الى المساعدات الانسانية التي تشرف عليها تركيا هناك، والتي تصاعدت بشكل أقلق محمد بن زايد، فيما كرّست التقارير الاستخباراتية الاخيرة مخاوف الحاكم الفعلي للإمارات، حين تحدثت عن تحركات تركية مدروسة شرعت من خلالها أنقرة في مغادرة مربع الفعل الانساني الى الفعل السياسي بشكل تدريجي ومدروس، حيث باتت تتصل بأطراف النزاع وتعرض الوساطة وتقترح الحلول، لكن المفزع حقا ليس ذلك! بل التقارير التي أكدت ان الصراع في اليمن لحساب المنظور القريب سيكون بين انقرة وأبو ظبي، لكنه وفي المنظور المتوسط سيتطور الى صراع او توافقات بين تركيا وايران، وان طاولة الحوار اليمنية الجدية ستنتهي بخمسة أطراف ليس من بينهم الامارات ولا السعودية، ستقتصر الطاولة على تركيا والاصلاح والحوثيين وإيران الى جانب الانفصاليين في عدن. من المفارقات ان الصراع التركي الاماراتي في السودان تميز ايضا بطابعه الهزلي، فبعد العرض الذي تقدم به السفير التركي في الخرطوم نذير عرض الى والي الخرطوم يوسف الضي، ويقضي بالمساعدة في استبدال المخابر البلدية بأخرى آلية تحل مشكلة ندرة الخبز التي تعاني منها السودان منذ سنوات، الطريف هنا أن الخبر وصل إلى الإمارات التي سارعت الى عرض المساعدة على والي الخرطوم للقيام بنفس المهمة!!! تلك هي مصالح الدول! من العراك في السماء بالطائرات المسيرة الى العراك في الأرض بالمخابز الآلية!!!