هل تحجب تونس بعض مواقع التواصل الإجتماعي؟ وزير تكنولوجيات الاتصال يُوضّح    مقاسم AFH : طريقة التسجيل والشروط للتوانسة خطوة بخطوة    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق كل من دليلة مصدق وبرهان بسيس..    وزير الصحة يعلن عن إجراءات عملية لتطوير طبّ الإنعاش في تونس    كأس العرب: المنتخب الوطني يتعرف اليوم على منافسيه في دور المجموعات    تزامنا مع موجة البرد: نداء هام للمواطنيين وموزعي قوارير الغاز المنزلي..#خبر_عاجل    تونس الثانية عالميًا في استهلاك المقرونة    عاجل/ وزير التكنولوجيا يحسمها بخصوص احداث البنك البريدي..    عاجل: تونس في مجموعة نارية بكأس أمم أفريقيا 2025! تعرف على خصومها!    المنتخب الوطني: اليوم إنطلاق التربص.. و6 لاعبين فقط على ذمة الإطار الفني    تصفيات كأس العالم لكرة السلة: برنامج مواجهات المنتخب الوطني في التصفيات    البطولة الاسبانية : إسبانيول يعود إلى طريق الانتصارات بفوز على إشبيلية    عاجل: منخفض جوي أطلسي قادم لتونس غدوة..شنيا معناها    خليجي يمثل جريمة قطعه العضو الذكري لصديقه المصري وقتله    الممثلة التونسية عفاف بن محمود تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم ''الجولة_13''    يوم دراسي بصفاقس حول المكتبات في واقع الذكاء الاصطناعي ... الفرص والتحديات" يوم الاربعاء 26 نوفمبر    من هو اليهودي؟    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    قائمة الفيروسات والأمراض المنتشرة حاليّا في تونس    عاجل/ رئيس الجمهورية يتوعد: "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء"..    جبل الجلود: سقوط جزء من سقف قاعة بمدرسة إعدادية..هذه التفاصيل    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    امرأة تدخل موسوعة غينيس والسبب ''أضخم شعر طبيعي''    أغنى رؤساء الشركات في العالم: شكون يقود الترتيب ؟    ما تحسبهاش ساهلة! 5 مشاكل صحية بسبب قلة شرب الماء في الشتاء    خطير: الجلطات القلبية ترتفع في الشتاء وتحدث غالبا الصباح..هاو علاش    بعد تماثله للشفاء... الفنان أحمد سعد يكشف كواليس ما بعد حادث السيارة    مشروع ميزانية 2026: ارتفاع نفقات التشغيل والتكوين المهني بنسبة 5 بالمائة    سيف الدين الجزيري يتربع على عرش الهدّافين الأجانب في تاريخ الزمالك    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    سيدي حسين: مداهمات أمنية تطيح ب"قطعون" وإيزي" والنقار" و"المهبول "كبار مروجي المخدرات    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل دولا عربية    الكتلة الهوائية الباردة على الأبواب: الاربعاء والايامات الجاية باش يكونوا باردين    عاجل: أمطار رعدية وسيول محتملة في 7 دول عربية... تحت تأثير الطقس المتقلب    شركات طيران تُلغي رحلاتها بعد ثوران بركان في إثيوبيا    زيلينسكي: سأناقش قضايا حساسة مع ترامب    "اسم فنزويلا أكبر من أن يخرج من فمك".. كاراكاس ترد على مزاعم وزير الخارجية الإسرائيلي    ترامب يطلق إجراءات لتصنيف فروع للإخوان "منظمات إرهابية    الصين تكشف عن مسيرة ثورية تصطاد الغواصات المختبئة في الأعماق    تركيا تكشف تهريب 52 مليار دولار بسبب الرهانات غير القانونية    أثارت جدلا سياسيا وتشريعيا.. نهاية "وزارة ماسك"    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    مخاطر الانحراف بالفتوى    في اختتام مهرجان فاس لسينما المدينة بالمغرب: تتويج فيلم «ودّ» لحبيب المستيري بالجائزة الكبرى    مشروع لإنتاج 75 ميغاواط من الكهرباء من طاقة الرياح في هذه الولاية..    كأس العرب قطر 2025: مدرب سوريا يطمح للتأهل وجنوب السودان يبحث عن نتيجة إيجابية    تحذير عاجل للمتساكنين باجة: مياه العيون هذه غير صالحة!    اليونسكو تعلن عن إطلاق مشروع جديد لدعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    تكليف ديوان الزيت بإعتماد أسعار مشجعة لزيت الزيتون    قصر السعيد: رفع الحجر الصحي عن مركض الخيل مع ضبط جملة من الإجراءات    سينما المغرب العربي تتألّق في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    شنيا البرنامج الخصوصي استعدادًا لعيد الأضحى 2026...الي حكا عليه وزير الفلاحة    في حقه مناشير تفتيش وبطاقة جلب... محاصرة بارون ترويج المخدرات في خزندار    وزير الفلاحة: الترفيع في نسق وضع الاسمدة الى حوالي الف و 400 طن في مختلف جهات الجمهورية    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا انهار محمّد عبّو بسرعة وبشكل دراماتيكي؟
نشر في باب نات يوم 09 - 12 - 2020


نصرالدّين السويلمي
محمّد عبّو سياسي نظيف لم يسرق ولم يسبق له أن تورّط مع الدكتاتوريّة وله تجربة نضال قصيرة تخلّلتها بعض المتاعب، تقريبا هذه حوصلة موجزة لسلوك الرجل وماضيه، إذًا لسنا أمام شخصيّة تستعمل التقية بل لعلّ عبّو أبعد ما يكون عن ذلك، فقط نحن أمام شخصيّة حالمة توغّلت بعيدا في النظري السياسي وتعاملت مع الورق ثمّ دخلت في قطيعة كاملة شاملة مع العملي السياسي أي مع الواقع، يمكن القول أنّ عبّو شخصيّة تعشق النظري السياسي كما عشق قيس بن الملوّح ليلى العامريّة وتكره الواقع السياسي كما كرهت عبس ذبيان، والأكيد أنّ خصوبة النظري وجدب العملي إذا اجتمعا لدى شخصيّة سياسيّة يسبّبان حالة من الارتباك الحادّ، أمّا إذا كنّا بصدد شخصيّة نرجسيّة ومستعجلة مثل محمّد عبّو فهي الكارثة! ذلك إنّ النرجسيّة تتحوّل إلى مواد شديدة الاشتعال إذا خالطت معركة شرسة تدور رحاها بين الثراء النظري والفقر العملي.
إذا ببحبوحة في النظري وبفاقة في الواقعي وبنرجسيّة طافحة اقتحم محمّد عبّو تجربة الترويكا، ولأنّه تسلّح بالعجلة إضافة إلى ما سبق، فقد اصطدمت أفكاره النظريّة المحلّقة بالواقع الذي يحتاج إلى التدرّج كما إلى الصبر وإلى الذكاء وكذا إلى التنازلات وإلى المدّ والجزر وأيضا إلى القطيعة النهائيّة مع الأبيض والأسود والجنوح إلى مساحات التعايش والكفاح من داخلها لمغادرة المساحات الداكنة إلى الأخرى الأكثر بياضا.. ولأنّ تنزيل النظري بشكل سريع وملهوف مع النرجسيّة الطافحة يعتبر ضربا من العبث فقد فشل عبّو في التعايش مع حقبة ناصعة جاءت بعد حقبة شديدة السواد، بل لعلّ حقبة الترويكا تعتبر الحقبة الذهبيّة على مدار تاريخ تونس.
غادر عبّو الترويكا وغادر المؤتمر وحسم في المرزوقي وفي الجبالي واتهم الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة العريض وحسم في النّهضة وفي التكتّل وفي ائتلاف الكرامة.. ثمّ حسم في الأمانة العامّة للتيّار وأخيرا حسم في التيّار!!! كلّ هذه الأحزاب والشخصيّات والحكومات عبارة عن أكداس من الفشل لا يمكن لعبّو أن يتعايش معها! لذلك هجر الجميع بما فيهم التيّار، ثمّ وبسرعة عجيبة فقد البوصلة تماما ودشّن واحدا من أسرع الانهيارات الدراماتيكيّة التي يمكن أن تصيب رجل السياسة.
لم يكن انهيار عبّو بالتقسيط بل بالجملة، بل بجملة الجملة، ولم ينطلق الانهيار حين سقطت حكومة الفخفاخ، بل قبل ذلك حين شرع عبّو في تنزيل الأفكار الجميلة الحالمة بأدوات ملوّثة، حين اعتبر أنّ ما يحمله من أفكار رائعة تخوّل له التلاعب بنتائج الانتخابات والالتفاف عليها وتقاسم السلطة مع الفخفاخ لتصبح الحكومة برأسين! وزير أوّل ورئيس حكومة! منذ وسوست له نرجسيته بأنّ مشروع الإنقاذ الذي في رأسه يسمح له بذبح إرادة الصناديق وتلغيم التجربة الديمقراطيّة، منذ ذلك الحين والرجل يتجشأ كلّ ما لديه من قناعات ومُثل، لينتهي به المطاف إلى دعوة الجيش للنزول إلى الشارع، ومنذ تمّت إقالة حكومته مع شريكه الفخفاخ، دخل في موجة مسقطة تؤشّر إلى أنّه فقد جميع الفرامل، أصبح يروّج إلى السجون والمعتقلات والمحاكمات، يرغب في إقناع نفسه ومن حوله أنّ لا حلّ للبلاد مع الديمقراطيّة وأنّ المشكلة في الشعب وخياراته وأنّ الحلّ ليس في التحاكم مع خصومه وخاصة النّهضاويّين إلى صناديق الاقتراع وإنّما الحلّ يكمن في فتح الزنازين من جديد واجترار المنهج النوفمّبري.
لقد انهار عبّو تماما حين دخل إلى الحكومة وأطلّ على كرش الدولة وما فيها من علل واكتشف أنّ الإصلاح يمرّ حتما عبر الانتباه إلى المؤسّسات العموميّة الضخمة وعبر الخطوط الجويّة التونسيّة وعبر المستشفيات العموميّة والميليشيات التي تحتلّها وعبر الفوسفاط وعبر قطاع المحروقات وعبر الصوناد والستاغ ومصانع التبغ، عبر حلق الواد ورادس وتلك المليارات من العملة الصعبة المطحونة على ضفاف البحر.. ولما تيقّن أن لا قبل له بالبطحاء حول وجهة محاربة الفساد إلى بعض الأحزاب التي يشتبه في امتلاكها لبعض الأسهم في وسائل إعلام متوسّطة أو صغيرة، اكتشف عبو أنّ معركة الفساد لا تمرّ عبر بوّابة التونيسار وإنّما عبر نائب نهضاوي تحوم حوله شبهة في تمويل ملصقات حملته الانتخابيّة!!!
من مجابهة الجنرال بن علي إلى دعوة الجنرالات إلى النزول للشارع! من إعلاء الحريّات إلى التحريض على الزجّ بخصومه في السجون! من اعتناق الديمقراطيّة إلى البحث عن الخلاص لدى الثكنات العسكريّة أو لدى رئيس جمهوريّة ينقلب على المسار ويجمع إليه كلّ الصلاحيّات والأهمّ من ذلك يقوم بحملة مركّزة يرحّل بموجبها قيادات الحزب الذي يفوز باستمرار إلى الزنازين وربّما طالب بترحيل قواعده إلى المحتشدات.
تلك نهاية محزنة لشخصية اعتقدت ان السياسية هي "قرر ثم نفذ" بينما السياسة قرر ثم "تدبر كيف تنفذ" واصبر وبوّب الاولويات وتخير الوقت وراجع معطياتك وانزل عن نرجسيتك التي تقوقعت على فكرة محبرية، واجنح الى الفكرة الجامعة الواقعية.. السياسية ان تحترم رأي الجماهير لا أن تحتقر رأيها وتسفه خياراتها لأنها اختارته واختارتهم ولم تخترك ولا اختارتكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.