وادي مليز: منشأة مائية على مستوى وادي الرغاي لفك عزلة منطقة الدخايلية    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    ممرض ألماني أنهى حياة 10 مرضى... ليخفف عبء العمل عليه    الأولمبي الباجي يعلن عن تاهيل لاعبيه هيثم مبارك وفراس المحضاوي    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    5 أخطاء يومية لكبار السن قد تهدد صحتهم    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    خروج قطار عن السكة يُسلّط الضوء على تدهور البنية التحتية للسكك الحديدية    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    بطولة القسم الوطني أ للكرة الطائرة: نتائج الدفعة الثانية من مقابلات الجولة الرابعة    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الواحد اليحياوي (حراك تونس الإرادة) ل «التونسية»:حزب المرزوقي حزب معارض
نشر في التونسية يوم 21 - 03 - 2016


خطأ المرزوقي أنّه لم يَبن سياسة ثالثة
حزب مرزوق توليفة بلا منطق
الحكومة هدف للابتزاز السياسي
القضاء يتعافى
حوار: أسماء وهاجر
«السياسة على رصيف الثورة... رغم بازارات الحقد الإيديولوجي ودكاكين العبث السياسي... يوما ما سيحدث الفرز الأكبر وسيجتمع الثوار من اجل وطن ديمقراطي عادل... يبنى في هويته بحلم كوني إنساني». هذا هو حلم محدثنا كما عبّر عنه وحلم به معظم المناضلين أيام الجمر الذين استمر حلمهم بعد الثورة التي بإجماع الأغلبية لم تحقق سوى نزرا قليلا من المكاسب مهما ضخمتها الحكومات المتعاقبة ليكون النضال قدرا متواصلا في ظل الصعوبات والاستحقاقات الحالية.
عبد الواحد اليحياوي المناضل والناشط السياسي والحقوقي والمحامي لدى التعقيب والقيادي في حزب «حراك الإرادة» بعد سنوات قضاها في العمل السياسي بالحزب الجمهوري قال في حوار «التونسية» معه إنّ حزب «الحراك» كحزب معارض لا يضخم أخطاء الحكومة الحالية ولا يسمسر أو يضارب وأنّ المؤاخذة الأساسية على الحكومة هي غياب سياسات واضحة والتعامل كحكومة تصريف أعمال، مشيرا إلى أنّ افتقادها دعما حزبيا مباشرا جعلها رهينة سياسات الرئاسة ومزاج الرئيس والمحيطين به مبينا أن الإخفاق الأساسي للمرزوقي هو أنه لم يستطع بناء سياسة ثالثة في مواجهة الاستقطاب المغشوش بين الإسلاميين والتجمعيين وحلفائهم، وأن ذلك كان ربّما بسبب حدة ذلك الاستقطاب مضيفا أنّ امتحان الحرب على الإرهاب فرصة لبناء نظام ديمقراطي قادر على التفوق على الإرهاب وفي نفس الوقت المحافظة على ما حقّقنا من منجزات ديمقراطية، وأنّ الحزب على رأي رئيسه سيكون دائما ضد الإرهاب ولو حارب الاستبداد، وضد الاستبداد ولو حارب الإرهاب باعتبار أن منطق التاريخ هو أن نذهب الى الحداثة والديمقراطية وليس الاختيار بين الاستبداد والإرهاب. من قيادي ب«الحزب الجمهوري» إلى حزب «الحراك» هل تعتقد أنك قادر مع قياديين في حزب متهمون في نظر شريحة واسعة من الشعب التونسي بالتساهل مع الإرهابيين ومع جمعيات مشبوهة على تحقيق أهداف الثّورة؟
- بالعكس تماما ف«حراك تونس الإرادة» في فكرته الأولى تعبيرة حزبية عن «حراك شعب المواطنين» كحراك يؤسس السياسي على الفكري والأخلاقي وهو في الأساس يتكون من مثقفين وما يحكى عن ارتباط بعض رموز هذا الحزب بجمعيات مشبوهة أو التساهل مع الإرهابيين يأتي في إطار قصف سياسي من الخصوم السياسيين الإيديولوجيين لأن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس تساهلا مع الإرهابيين بل هو أداة أساسية في هزم الإرهاب لأنه في حاجة الى مشروع أخلاقي وفكري وديني جديد لهزم المشروع الإرهابي. كما أن امتحان الحرب على الإرهاب فرصة لبناء نظام ديمقراطي قادر على التفوق على الإرهاب وفي نفس الوقت المحافظة على ما حقّقنا من منجزات ديمقراطية، فالحزب على رأي رئيسه سيكون دائما ضد الإرهاب ولو حارب الاستبداد، وضد الاستبداد ولو حارب الإرهاب لأن منطق التاريخ هو أن نذهب الى الحداثة والديمقراطية وليس الاختيار بين الاستبداد والإرهاب كما يريدون تطبيق ذلك على الحالة السورية وكأنّ قدرنا هو أنظمة الاستبداد السياسي أو التشدد الديني.
«حراك تونس الإرادة» ليس مجرد حزب، هو مشروع سياسي يحاول أن يمارس السياسة ضمن مشروع فكري وقيمي والصعوبات السياسية التي يواجهها متأتية من هذا العنصر بالذات، الحراك كان نتيجة حلم كبير بالتغيير عبر عن نفسه عند الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفارطة، ولكن التغيير العميق يتطلب عملا فكريا وثقافيا يتناقض مع بطء الزمن الثقافي والحاجة إلى التعجيل بالتغيير، والابتداء بالحزب السياسي كان ومازال المأزق الحقيقي للحظة التأسيسية الأولى للحزب، على الحزب أن يؤسس في السياسة والثقافة في نفس الوقت.
يتهم قياديو «حراك الإرادة» بمحاولة استثمار أخطاء الحكومة في حين نشعر أنّكم تبيضون أخطاء «الترويكا» وأخطاء رئيس حزبكم؟
- «حراك تونس الإرادة» حزب جديد، بجذور سياسية قديمة وإرث سياسي هو أساسا «المؤتمر من أجل الجمهورية»، وبقية أحزاب العائلة الديمقراطية الاجتماعية، كما أن مناضليه ينحدرون من مشارب إيديولوجية مختلفة، يساريون وقوميون وإسلاميون بأفق بناء مشروع سياسي ديمقراطي اجتماعي، وهذا الحزب قام أساسا على نقد التجربة السابقة خاصة تجربة رئيسه الذي اعتذر أكثر من مرة عن الأخطاء السياسية التي قام بها أثناء فترة رئاسته، وبالتالي فإن الحزب لا يدافع عن أخطاء الماضي ولكن بشرط التناول الموضوعي لتلك الفترة لأنه حتى هذه اللحظة لم أر نقدا موضوعيا للمرحلة الفارطة سوى ترديد بعض الوقائع الخاطئة من نوع تسليم البغدادي المحمودي وغير ذلك.
وحسب رأيي الإخفاق الأساسي للمرزوقي هو أنه لم يستطع بناء سياسة ثالثة في مواجهة الاستقطاب المغشوش بين الإسلاميين والتجمعيين وحلفائهم، وربما كان ذلك بسبب حدة ذلك الاستقطاب.
و بالنسبة لفترة «الترويكا» نحن لم نكن جزءا منها ونظرتنا لتلك التجربة موضوعية وبالنسبة لنا جميع المرحلة التأسيسية بما في ذلك حكومتي الباجي وجمعة هي فترة بصعوباتها وبعض إنجازاتها حققت بعض أهدافها مثل الدستور والحريات العامة خاصة ومازالت تونس تحتاج الى استراتيجيات جديدة تبني على ما تحقق وتصوغ سياسات اقتصادية واجتماعية جديدة تقطع مع المنوال التنموي ما قبل الثورة نحو تنمية عادلة جهويا ومواطنيا.
«حراك تونس الإرادة» هو حزب معارض، ولكنه لا يزايد على الحكومة ويمارس وظيفته النقدية السياسية بكل مسؤولية، وهو في هذا الإطار أقل معارضة من حركة «نداء تونس» التي تتعامل مع الحكومة بمنطق الابتزاز في علاقة بالمواقع، أو باستعمال أجهزة الدولة لحسم صراعاتها الداخلية ومؤاخذاتنا الأساسية على الحكومة هي غياب سياسات واضحة والتعامل كحكومة تصريف أعمال، كما أن افتقاد الدعم الحزبي المباشر لرئيسها جعلها رهينة سياسات الرئاسة ومزاج الرئيس والمحيطين به.
هل خروج عديد القيادات من «الحزب الجمهوري» دليل على فشله ؟ماذا يحدث داخل الحزب ؟
- بالنسبة لي «الحزب الجمهوري» هو الحزب الديمقراطي التقدمي الذي هو تراث سياسي وطني وهو جزء من تاريخنا الجماعي بقطع النظر عن انتمائنا له، وما حدث أن الحزب ارتكب أخطاء سياسية بعد الثورة سبق أن كتبت فيها وأنا داخل الحزب ولا أريد الحديث عنها خارجه.
فقط أنا كنت أنتظر من الحزب ودافعت عن عملية نقد ذاتي علني وضرورة انفتاح الحزب على جميع المؤمنين بالقيم التي صاغها طوال تجربته التاريخية، وبما انه لم يحصل أي تقدم في ذلك اخترت مغادرة الحزب.
ربما كان «الحزب الجمهوري» يعاني الآن من ضعف تنظيمي وشعبي ولكن تراثه القيمي سيسمح له بالعودة في أيّة لحظة ليكون رقما هاما في السياسة الوطنية، عليه فقط إعادة التأسيس في خطه التاريخي وتجاوز سوء التفاهم الذي حدث بعد الثورة وجلب له قواعد وقيادات لا علاقة لها بالخط السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي.
في إحدى تدويناتك قلت إنّ مشروع محسن مرزوق سيكون طبَقًا سياسيا هجينا سيجعلنا أمام كائن سياسي مشوه. لو توضّح لنا سر هذه الأحكام ؟
- طوال السنوات الفارطة بنى محسن مرزوق شخصيته السياسية على القفز بين مرجعيات مختلفة: اليساري القديم ثم الوسطي ثم السياسي صاحب التاريخ الدستوري مما جعل صورته مجرد انتهازي لاهث وراء السلطة، وهذه الصورة تحظى برفض شعبي في علاقته بالمخيال السياسي الجماعي الذي ينظر الى ذلك وكأنها مسألة لا أخلاقية، وأيضا في علاقة بتجربة ما بعد الثورة التي جعلت التونسيين ينظرون بريبة لكل من يجعل السلطة مشروعه الخاص.
هذه الصورة تنعكس على كيفية بناء حزب مرزوق الذي يبدو كأنه أقرب للمشروع الفردي، وهو لا يخضع لأيّة خلفية فكرية أو سياسية سوى جمع أسباب القوة المادية التي يمكن أن تدفع مرزوق يوما الى الرئاسة.
كلما تقدم بناء حزب مرزوق سينفض رفاقه من حوله وعند الوصول الى خط التأسيس سيكون وحيدا لأن النرجسيات السياسية لا يمكن أن تبني مشاريع.
أكثر من ذلك فإن غياب روابط سياسية وفكرية بين المؤسسين تجعل الحزب هجينا، فإن صح ما يتداول من أسماء من قبيل الصادق شعبان الذي كان يخترع نظريات وينسبها لبن علي ويدرسها في الجامعة ضمن مادة سوسيولوجيا المؤسسات، والتهامي العبدولي صاحب الخطاب المغرق في الشعبوية فإن هذا الحزب سيكون توليفة بلا منطق سياسي لها سوى المواقع.
حتى الآن حزب مرزوق يستفيد من الغاضبين من «نداء تونس» ولكنه لن يستفيد من ذلك الى الأبد لأن هذا الحزب سيستعيد أغلب الغاضبين بوعود السلطة.
«نداء تونس» تأسس على تيارات متناقضة بمهمة سياسية واضحة لذلك قلنا إنه بتعبيرة ماركسية يحمل بذور فنائه في داخله، ولكن حزب مرزوق حتى الآن لا مهمة له سوى خدمة النرجسيات السياسية.
قلتم إنّه في الانتخابات القادمة يجب أن يشمل البرنامج الانتخابي إزالة جميع التماثيل السياسية بما في ذلك تماثيل بورقيبة. هل يندرج هذا في نطاق العجز عن مواجهة الفكر البورقيبي أم لأنكم تفتقدون رمزا جامعا مثل بورقيبة؟
- إزالة التماثيل السياسية بما في ذلك تمثال بورقيبة ليس موقفا من بورقيبة، وإنما من الطوطمية السياسية التي تقدس الأسلاف، بهدف بناء مشروعيات جديدة للتوظيف السياسي مثل توظيف الدين والوطنية وغيرها من الرساميل الرمزية.
بورقيبة هو جزء من التجربة التاريخية المعاصرة للتونسيين، وساهم صحبة رفاقه في بناء الدولة الوطنية وأخفقوا في بناء الدولة الديمقراطية ويجب فتح تلك التجربة بمعايير ذلك الوقت واكراهاته.
بورقيبة التاريخي هو ملك لجميع التونسيين وما يحدث اليوم في خصوص إعادة تماثيله مجرد توظيف سياسي وربما إحساس بالذنب لمن تخلى عنه عند انقلاب بن علي عليه ووضعه في الإقامة الجبرية كل السنوات الباقية من حياته.
على تونس أن تبني في المؤسسات وفي المستقبل لأن ما يحدث الآن هو استعادة بورقيبة في إطار تعامل انتمائي مع تجربته التاريخية حيث وقع فصلها عن جانبها السياسي المتميز بالحكم الفردي المطلق واختزالها في نظرية للتحرر الاجتماعي بواسطة الدولة مستفيدة من إخفاق الطبقة السياسية ما بعد الثورة في تحقيق انجازات اجتماعية في مناخ تميز بالصراع الإيديولوجي العقيم حول مفاهيم الهوية والحداثة وهو ما مثل سياقا ملائما لانتشارها باعتبارها بديلا عن صعوبات الواقع الاقتصادي والاجتماعي مع وجود حاضنة تتمثل في القوى والفئات التي استفادت من دولة ما بعد الاستقلال... المرأة... رجال الأعمال... سياسيو النظام السابق الذين حرمهم عدم تفعيل العدالة الانتقالية من التحرر من ذلك الماضي السياسي وظلوا موسومين به. لا إشكال لنا مع بورقيبة التاريخي، الذي هو جزء من تاريخنا الوطني، وننظر الى تجربته إجمالا بإيجابية، ولكنّها تجربة للتجاوز لأن المستقبل قطع دائم مع أخطاء الماضي وليس إعادة إنتاج لها.
هناك من اعتبر أن حركات «الإسلام السّياسي» تتهاوى في كلّ مكان بالعالم وأنّها تعيش مراحلها الأخيرة وأنّ ذلك جعل «النهضة» تقبل الخروج الجزئي من الحكم ثم القبول بدستور مدني قبل التخلي عن الجانب الدعوي من أجل الاستمرار، ما رأيكم؟
- بعد أن اعتقد الكثيرون أن الإسلام السياسي هو الحل فوجئوا بأن الإسلام السياسي بتنويعاته مثل عائقا أمام الانتقال الديمقراطي باعتبار أن ذهنية ما قبل الدولة تحول دون تحقيق الدولة الديمقراطية كأفق لنجاح الثورات العربية وهو ما ادى الى فشل يتجاوز الإخفاق السياسي الى إخفاق رمزي وفكري.
و هذا الإخفاق نفسه سيكون عاملا أساسيا في تفكك البنية التقليدية للإسلام السياسي وإمكانية تحوله الى تيارات مدنية محافظة.
ربما كانت التحولات التي تعرفها حركة «النهضة» تأتي في هذا السياق خاصة وقد بدأ التفكير منذ المؤتمر الفارط للحركة في فصل الحزب السياسي عن الحركة كوريثة للجماعة الإسلامية ولكن تجربة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والحرية في مصر أكّدا عدم جدوى هذا الخيار لذلك فإن الحل هو تأسيس حزب سياسي حديث يكون الانتماء إليه وفق البرنامج السياسي والاجتماعي والثقافي ويكون تعبيرا عن توجهات ومصالح الفئات الاجتماعية التي يمثلها وهو ما سيوفر الانسجام الداخلي وفق نظرية معرفية وسياسية واضحة. لقد حرم غياب نظرية سياسية حركة «النهضة» من الانفتاح على التاريخ وعلى السياسة وظل سلوكها السياسي أقرب الى التكتيك من خلال المراوحة بين الوفاء للنصوص التأسيسية والخضوع لاكراهات الواقع الموضوعي، ولكن بعد تجربة الحكم لم يعد من الممكن ممارسة الاحتيال السياسي والفكري وتحشيد فئات اجتماعية متناقضة المصالح تحت عناوين دينية.
لا شك أن حركة «النهضة» مقدمة على تغييرات دراماتيكية قد تنتهي بها على مشارف التجربة التركية، يبقى التساؤل فقط حول وجود أشخاص وتيارات وأفكار قادرة على الذهاب بها الى تلك اللحظة وإلا فإن خطر العودة الى البدايات حقيقي.
المحامي عماد بن حليمة يقر علنا بأنّه لا توجد مقومات المحاكمة العادلة في تونس. بكل موضوعية أين وصلت معركة استقلالية القضاء؟
- هذا الموقف سياسي وهدفه تسليط الضغط على القضاء في علاقة محاكمة بن علي وأركان نظامه، وكأن شروط المحاكمة العادلة لن تعني في النهاية سوى براءة بن علي الذي تؤكد المنظمة الدولية للشفافية أنه استولى على ما يقارب الخمس مليارات دينار دون نسيان جرائم الاستبداد التي ارتكبها.
مؤسسة القضاء تتعافى وهي الآن أكثر استقلالية من أي وقت مضى بفضل نضالات القضاة وهياكلهم ومعركة قانون المجلس الأعلى للقضاء يجب أن يخوضها كل التونسيين من اجل مزيد من ضمانات استقلالية القضاء.
إلى إي مدى نجح الائتلاف الحاكم في تحقيق بعض ما وعد به؟
- يتضح الآن جليا أن الانتخابات العامة الأخيرة من حيث البرامج كانت اقرب الى عملية غش كبيرة وهو ما ينعكس على سياسات الحكومة التي تعمل دون رؤية سياسية واقتصادية وبإكرا هات التوازنات الداخلية لحزب «نداء تونس»، والتوازنات مع بقية أحزاب الائتلاف.
من مزايا النظام الديمقراطي أنه يسمح بتصحيح أخطاء الاختيار عبر الانتخاب العام وهو ما سيحدث لا شك في الانتخابات القادمة.
ما رأيك في ما يعتبر أن حكومة الصيد هي حكومة ضرورة وان الطيف السياسي برمته يعلم أن العبرة ليس بالأشخاص وإنما بالسياسات؟
- حكومة الصيد ضعيفة وبلا سند سياسي حقيقي وهي تتعرض للابتزاز من طرف أحزاب الائتلاف الحاكم في علاقة بالتسميات والمواقع حيث أن منطق المحاصصة هو من يحكم علاقة الائتلاف بالحكومة .
هذه الحكومة مكبلة ولم تستطع أن تطلق سياسات إصلاح حقيقية ولكن التوازنات السياسية الحالية تجعلها حكومة ضرورة لأنه في ظل تغير الخارطة السياسية بعد انقسام «نداء تونس» فإن التفكير في حكومة جديدة يمثل مغامرة لأن ظروف المحاصصة الأولى تغيرت.
تطرحون أنفسكم كبديل... هل تمتلكون حلولا لا يمتلكها مسؤولو اليوم والتكنوكراط في فترة ما ؟
- المرحلة في تونس سياسية بامتياز، والبديل ليس فقط في الطرح الاقتصادي والاجتماعي ولكن أيضا في المناخ السياسي. تونس بحاجة الى مشروع تغيير عميق يعيد ثقة التونسيين في السياسة ويطلق طاقاتهم في العمل بقناعة أن نتائج عملهم لن تذهب إلى لوبيات الفساد وأنهم سيستفيدون من نتائج التنمية التي صنعوها.
«حراك تونس الإرادة» هو نتيجة حلم جماعي تشكل بمناسبة الانتخابات الرئاسية الفارطة خاصة الدور الثاني منها وقد كان الحلم كبيرا الى درجة أن البعض رأى أن حزبا سياسيا هو تعبيرة تقليدية فقيرة عن حلم غير تقليدي مشبع بتغيير عميق يجب أن يكون ثقافيا وسياسيا واجتماعيا.
«حراك تونس الإرادة» حزب سياسي، جزء من مشروع مدني مواطني يهدف الى التغيير نحو حداثة سياسية واجتماعية جوهرها الديمقراطية والعدالة وخلفيتها روحية العروبة والإسلام العظيم ...كل ذلك في إطار مشروع وطني يحتفي بالسيادة.
بهذا الحلم نطمح أن نكون بديلا عن الفقر السياسي الذي يميز الساحة الحالية .
ما تعليقكم على مساعي الدساترة للعودة إلى الساحة بقوة بعد الاستنجاد بكفاءاتهم من أجل إيجاد حلول لمعضلة التونسيين؟
- إذا كان المقصود هم التجمعيون فإنهم لم ينقطعوا يوما عن إدارة الدولة ومسألة الكفاءات مغلوطة لأن الكفاءة التقنية متوفرة في كثير من التونسيين.
مشاكل تونس ليست تقنية بل سياسية، لأننا بصدد صياغة خيارات كبرى وقع التعبير عنها في الدستور ويتطلب تنزيلها في الواقع الكثير من الجهد والصعوبات.
الزمن تغير ومياه كثيرة جرت في النهر وجميع التونسيين متساوون في الفرص بقطع النظر على التصنيفات السياسية، انتهى زمن إقصاء التونسيين بسبب لونهم السياسي.
فقط لابد من الإشارة الى أن البحث عن حلول مشاكل التونسيين يكون في المستقبل وليس بالاعتماد على الماضي.
هل تعتقدون أن «نداء تونس» قادر على الانتصار في الانتخابات القادمة على ضوء الانشقاقات؟
- «نداء تونس» هو وريث حزب تغذى دائما من الدولة لذلك فإنّ وجود الحزب في السلطة سيجلب له الفئات والقطاعات التي ارتبطت مصالحها تقليديّا بشكل مباشر بالدولة وهو ما سيجعله دائما جزءا من الخارطة السياسية ولكنه ضعف وفقد الكثير من مصداقيته بعد أن اتضح انه كان مجرد تجمع للوبيات المالية والسياسية وان برنامجه الوحيد السلطة والمواقع داخله وداخلها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.