وات - يصدر قريبا للأستاذ الصادق المحمودي عن دار الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع، كتاب بعنوان "دروس في فقه العبادات على المذهب المالكي"، أورد فيه صاحبه مجموعة من الدروس التي كان قد ألقاها بالفرع الزيتوني بفريانة وماجل بالعباس من ولاية القصرين. يقول الكاتب في مقدّمة هذا الإصدار إن المحتويات المقررة للتدريس في مختلف المواد هي تقريبا نفس المحتويات التي كانت تدرّس حين كان التعليم الزيتوني هو التعليم الوحيد المتاح في البلاد التونسية بالإضافة إلى تعليم الكتاتيب. ويُضيف: "وهو ما يوجب إعادة النظر في تلك المحتويات حتى نضخّ فيها من التعديلات ما ينسجم مع مقتضيات العصر". ويعتبر الأستاذ الصادق المحمودي أن الأمر يسيرا بالنسبة إلى بعض المواد كالنحو والصرف والبلاغة، لكن عملية التجديد تصبح أكثر تعقيدا حين يتعلق الأمر بمادتين هامتين هما الفقه وأصول الفقه. ويلاحظ أيضا أن مسائل أصول الفقه لئن كانت أكثر ثباتا ووضوحا باعتبارها تنقسم بطبعها إلى جملة من الأصول المتفق عليها وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس، وعدد آخر من الأصول التي لم يحصل حولها الاتفاق بين المذاهب الأربعة وهي: الاستحسان، المصلحة المرسلة، العرف، الاستصحاب...، فإن دروس الفقه في جوانب كثيرة منها تتطلب إعادة نظر يقوم بها علماء ومختصون متشبّعون بالمادة الفقهية من ناحية ومدركون لأن "الإفراط في النقل إلى درجة تغيب العقل تغييبا تاما مسألة خطيرة لا تخدم الإسلام إطلاقا". ويؤكد الكاتب أن "الأمر يزداد تشعّبا حين نضع في اعتبارنا أن باب الاجتهاد في المسائل الفقهية تم إغلاقه أو يكاد، وكأن علم الفقه، والفقه يعني الفهم، قد اكتمل". لذلك فهو يدعو للتفطن إلى أن بعض المسائل الفقهية قد تمّ تناولها من خلال أوضاع ثقافية واجتماعية وسياسية معيّنة، "فلما تغيرت تلك الأوضاع وأصبحت على ما أصبحت عليه، توجّب أن نعيد النظر في المسائل الفقهية التي لم تعُد تتطابق مع واقع الحياة الحديثة دون مس بالثوابت وبكلّ ما ورد في شأنه دليل قطعيّ الثبوت قطعيّ الدلالة". وترتكز المحتويات التي يتضمنها هذا المؤلّف على متن العلامة عبد الواحد ابن عاشر في القسم المتعلق بالطهارة والصلاة، وهي تمثّل سلسلة الدروس التي كان ألقاها الكاتب على طلبة فرع التعليم الزيتوني بكل من مدينة فريانة ومدينة ماجل بلعباس من ولاية القصرين. والأستاذ الصادق المحمودي هو متفقد أول للغة العربية، متقاعد ومتحصّل على شهادة الأهلية للتعليم الزيتوني. ويواصل حاليا مزاولة تعليمه بالمرحلة الثانية من التعليم الزيتوني للحصول على شهادة التحصيل. ويدرّس أيضا مواد اللغة العربية والفقه وعلم المنطق وعلم الفرائض ومصطلح الحديث بالفرع الزيتوني بفريانة.