وات - اعتبر قياديّو أحزاب إجتماعية ديمقراطية (التيار الديمقراطي والتكتّل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري)، أنّ خطاب رئيس الجمهورية، أمس الإثنين، جاء في إطار استمرار ما وصفوه ب"النهج الانقلابي على الدستور وتكريس الحكم الفردي الذي لن يؤدّي بالبلاد إلا إلى التهلكة". وانتقدوا خلال ندوة بعنوان "من الأزمة إلى الحل"، خطاب رئيس الدولة "المتشنّج" ضدّ من يعارضه واعتبارهم غير وطنيين ووصفه من سانده ثمّ عارضه ب"الطمع والانتهازية"، مؤكّدين في الآن نفسه أنّ الأحزاب الثلاثة المجتمعة تتفق على ضرورة حماية الحقوق والحريات وخلق فضاء للحوار بين مختلف القوى الديمقراطية والمدنية والمجتمعية، يساهم في الخروج من الأزمة الحالية عبر ديمقراطية حقيقية. كما انتقدوا أيضا الرزنامة التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيّد، في خطابه مساء الإثنين، خاصّة ما تعلّق منها بالإنتخابات التشريعية وبالاستفتاء والتواريخ المتعلّقة بها. وفي هذا الصدد قال أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي إنّ هذه الندوة تنعقد عشية إحياء ذكرى انطلاق ثورة 17 ديسمبر/14 جانفي والتي يحييها التونسيون "في ظرف سياسي دقيق صعب وفي ظل انقسام غير مسبوق تولّى رئيس الجمهورية تعميقه عوض ان يكون رمزا للوحدة"، حسب تعبيره. وأشار إلى أنّ ما ورد في خطاب رئيس الدولة، "جاء في إطار استمراره للنهج الإنقلابي على الدستور والشرعية الدستورية ويكرّس لنسف مقوّمات الدولة الوطنية والديمقراطية. وقال إنّ الرئيس قيس سعيّد "يدفع اليوم نحو مشروع سياسي لا يعترف بالتعدّدية السياسية ولا بالمجتمع المدني ولا بالديمقراطية التمثيلية، في نسف للعقد الإجتماعي بأكمله"، منتقدا أن "يشرّع سعيّد لنفسه تغيير الدستور بطريقة آحادية وتعويض 217 نائبا، بلجنة تضم خبراء مساندين وموالين لتوجهاته". وأوضح الشابي أن هدف الأحزاب الإجتماعية اليوم، هو معالجة الأزمة والدفع نحو الإصلاح الحقيقي"، مؤكدا أنّ معارضة هذه الأحزاب للأوضاع والخيارات التي أوصلت البلاد إلى ماهي عليه، "لا يعني قبولها السير في منظومة 25 جويلية، منظومة إرساء الفردي المطلق الذي خبره التونسيين سابقا". واعتبر أنّ الإصلاح "لا يكون إلا في إطار حوار وطني حقيقي يدعم الحريات العامة والفردية والتعديدية الحزبية وحرية الإعلام واستقلال القضاء"، منتقدا "إعلان رئيس الجمهورية عن انتخابات تشريعية واستثنائه لنفسه من الاقتراع، مبتكرا بذلك قواعد دستورية جديدة"، ملاحظا أنّ آلية الاستفتاء التي أعلن عنها الرئيس أيضا، هي إحدى الآليات الموجودة في الدستور واعتمادها يكون للتصويت على خيار وليس على دستور". كما اعتبر أنّ ما أعلن عنه سعيّد على أنه استفتاء غير تقليدي، هو في الواقع شبيه بالمبايعة والتصويت على شخصه. من جانبه قال خليل الزاوية، أمين عام حزب التكتّل، إنّ فترة ما بعد 2014 وحكم نداء تونس والنهضة، "كانت كارثيّة والأسوأ في تاريخ البلاد، لكن الفترة الحالية الاستثنائيّة، زادت تعقيدا بعد خطاب الرئيس الذي داس على الدستور وانطلق في انقلاب ناعم على كلّ الأطراف الموجودة في الساحة، عبر خطاب ضدّ الجميع، أحزابا ومنظمات ومجتمعا مدنيا وحتى البعض من مسانديه الذي انتقدهم واتهمهم بالطمع". وأضاف الزاوية قوله "إن تونس اليوم تعيش وضعا خطيرا يتطلّب الإنطلاق من موقع الدفاع عن الديمقراطية إلى موقع المقاومة، بالنظر إلى أنّ مسار الرئيس سيؤدّي بالبلاد إلى التهلكة، من الناحية السياسيّة والمؤسساتية والاقتصادية والإجتماعية". كما لفت إلى أنّ خارطة طريق رئيس الدولة "لم تعر أي اهتمام للوضع الاقتصادي الاجتماعي" وأنّ الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية لها رؤى واقتراحات خاصة بها"، مبيّنا أنّ رئيس الجمهوريّة أراد من خلال خطابه، "إجابة المؤسسات الدولية التي اشترطت خارطة سياسية للتفاوض، لكن هذه الخارطة لم تأخذ في الاعتبار الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في تكريس منه لرغبته الشخصية في التفرد بالحكم وتمرير مشروع تحطيم ما بُني مؤسساتيا منذ سنة 2011". ودعا جميع الأطراف الإجتماعية وخاصة الإتحاد العام التونسي للشغل، إلى التوحّد وإيجاد آليات لذلك، مشيرا إلى أنّ "الخيار الثالث، المقترح من قبل المنظمة الشغيلة، هو الاختبار الحقيقي للبناء الحقيقي وطي صفحة الإسلام السياسي الرديئة وصفحة المنظومة القديمة الراغبة في العودة". واعتبر أنّ الرزنامة التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيّد، هي رزنامة "رديئة" ومن غير الممكن إنجازها أو تطبيقها، منتقدا أن يكون إنهاء أعمال اللجنة، موفى شهر جوان وتنظيم الاستفتاء في 25 جويلية، معتبرا أنّ التونسيين لن يستوعبوا في 3 أسابيع مسألة تغيير الدستور وتغيير قانون الأحزاب والجمعيات. وقال إنّ الدعوة للاستفتاء والحال أن الشعب غير جاهز، فيه استهزاء بإرادة الشعب التونسي وتمشّ أحادي لإرساء حكم فردي مدخلا للحكم الدكتاتوري". من جانبه لاحظ أمين عام التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، أنّه يمكن تعديل الدستور، "لكن في الإطار الذي جاء به"، مبيّنا في مداخلته التي تمحورت حول الحكم الفردي ومكافحة الفساد، إنه "لا يمكن للحكم الفردي محاربة الفساد، بل هو بوابة ومدخل لاستشراء الفساد وكل التجارب أثبتت ذلك". وذكّر بأنّ تونس اليوم في مرحلة استثنائية وأنّ رئيس الدولة الذي تم انتخابه على أساس صلاحيات مضبوطة بدستور 2014، استغل الأوضاع الاقتصادية واغتنم غياب المحكمة الدستوريّة للانقلاب على الدستور وتركيز حكم فردي وتجميع السلطات، كما جاء بذلك المرسوم 117 لسنة 2021". وقال إنّ نتيجة الإجراءات والتدابير التي اتخذها الرئيس، وفقا للفصل 80 من الدستور، ليست سوى "احتكار السلطة وغلق أبوب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتهديد القضاة وهرسلتهم وغلق البرلمان ومحاكمة الخصوم واستعمال المحاكم العسكرية"، معتبرا ما قام به سعيّد "انقلابا باستعمال السلاح" وأن البلاد "مهدّدة في مكتسباتها وحرياتها". وأشار الشواشي إلى أنّ الحكم الفردي من أسوأ أنماط الحكم ولا يمكن له أن يحقق الاستقرار والتنمية وبناء دولة سليمة، مبيّنا أنّه لا يمكن مقاومة الفساد إلا في إطار الديمقراطية التي لها آليات لذلك، من ضمنها التشريعات المتطورة النابعة من مجلس منتخب وعبر السلطة القضائية والهياكل الرقابية" وتابع قوله: "كيف لشخص يغلق البرلمان بقوة السلاح لتطبيق انقلابه على الدستور ومؤسسات الدولة ويعادي الإعلام، تحقيق الاستقرار وفتح ملفات الفساد وتحقيق التنمية". وأوضح أنّ الحكم الفردي مجلبة للفساد وبوابة لانتشاره وهو بمرور الزمن ينزع نحو القمع والظلم والاعتداء على الحقوق والحريات".