كتاب / انقلك ودليلك ملك / للمرحوم الدكتور محمد أنور عشيش عبارة عن مجموعة من الومضات التوعوية التي كانت تبّث لسنوات على أمواج إذاعة صفاقس بصوت المرحوم،والتي تولّت جمعها السيدة يُسرى العايدي عشيش أرملة الدكتور محمد أنور عشيش، كعنوان وفاء لمسيرته الثقافية والإبداعية عموما. ويعتبر الكتاب الذي يلّخص مختلف التجارب المعيشية للتونسي من خلال مجموعة قيّمة من الأقوال المأثورة والأمثال الشعبية، بمثابة تحليل نفسي مبّسط، جاء باللهجة الدارجة وبأسلوب سلس، لعديد الأنماط النفسيّة التي تبرزها أمثالنا الشعبية.فمن خلال تصفّح الكتاب، يكتسب القارئ عِبرًا جمّة من خلال المضمون المبسّط الذي قدّمه المرحوم الدكتور عشيش. وقد ذكر الدكتور نزار شقرون في معرض تقديمه للكتاب أن الدكتور عشيش أو " " إبن الشعب" كما كان يحلو له التعبير عن نفسه إتجه إلى النهل من ينابيع الموروث الشعبي، فتفطن إلى ديناميكيته وتغلغله في جوهر البنيّة الذهنيّة والنفسيّة للإنسان."فالمثل الشعبي :"دار بلاش كبير كالسانية بلاش بير" جاءت في تحليل الدكتور عشيش:" إذا قلنا "ًكبيرا" نرمي من وراء ذلك إلى الإحترام والتقدير والمرجع.من الضروري أن يكون على رأس العائلة "رئيس" يسيّرأمورها والرجوع إليه كلما دعت الحاجة إلى ذلك وإلا فإنها لن تفلح في ادارة شؤونها. وقد صيغت المعاني النفسيّة التي استخرجها المرحوم دكتور عشيش من الأمثال الشعبية في لوحات وتصاوير فنية جميلة أبدعها الفنان رؤوف الكراي فحاكت الصورة المعنى في طبعة أنيقة لدار النشر محمد علي الحامي.وعلاوة على ثرائه الفكري ، و بعده الإجتماعي فإن ريع الكتاب " انقلك ودليلك ملك " إلى الجمعيات الإنسانية التي ساهم المرحوم دكتور عشيش في إنشائها أو تأسيسها. ويذكر أن المرحوم الدكتور عشيش كانت له مساهماته في رعاية الثقافة في مدينة صفاقس من خلال ترأسه لمهرجان صفاقس الدولي سنة 2004 على سبيل المثال كما في المجال الإجتماعي إذ أسّس مثلا جمعيّة "إبن سينا" للمساعدة الطبيّة للأطفال سنة 1984 كما كان للمرحوم نشاط جمعيياتي غزير فهو عضو مؤسس لأكثر من جمعيّة من بينها جمعية تونس-فرنسا والتي كان رئيسا لها لفترة معيّنة.وقد وافته المنيّة سنة 2008 عن سنّ ناهزت السادسة والخمسين.