نابل: حجز أكثر من 70 طنّ من البطاطا بمسالك توزيع غير قانونية منذ مطلع جويلية المنقضي والانطلاق في إجراءات جديدة لتحديد الأسعار القصوى    التعاون بين تونس وإيطاليا : طاقة التفاوض وفوائض الطاقة    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    الليلة: الحرارة تتراوح بين 18 و31 درجة    اتحاد الشغل يعبر عن رفضه إلغاء جلسات الصلح المتعلقة بعدد من الإضرابات    بطولة افريقيا للشبان لكرة الطاولة بنيجيريا: المنتخب التونسي يختتم مشاركته بحصد 8 ميداليات منها واحدة ذهبية    التنسيقيات الجهوية والمحلية للدكاترة الباحثين المعطلين تطلق نداء عاجل..    عروض فنية متنوعة تؤثث فعاليات الدورة 19 للمهرجان الصيفي بأريانة من 07 إلى 13 أوت الجاري    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    المرأة التونسية: الأولى في العالم في دراسة العلوم! شنوّة السر؟    عاجل: ''تيك توك'' تحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو ودول عربية في الصدارة    488 تدخل للحماية المدنية في 24 ساعة.. والحرائق ما وقفتش!    قبلي: تحسّن مختلف المؤشرات التنموية مقارنة بالسنوات الماضية    عاجل: بلاغ ناري من باردو بعد السوبر...كفى من المهازل التحكيمية    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    عامر بحبة: صهد قوي؟ ما تخافوش...أوت باش يكون عادي!    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    التوانسة حايرين والتجار زادا مترددين على الصولد السنة!    يا مزيّن من برّا.. آش أحوالك من داخل؟ بين القناع والواقع، قصة كل واحد فينا    الدلاع راهو مظلوم: شنوة الحقيقة اللي ما تعرفهاش على علاقة الدلاع بالصغار؟    في بالك ...الكمون دواء لبرشا أمرض ؟    عاجل/ الإعلان عن موعد انطلاق "أسطول الصمود" من تونس باتجاه غزة..    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    جلسة عامة خارقة للعادة لجمعية شبكة أطفال الارض يوم 13 اوت الجاري    النجم التونسي "أحمد الجوادي" قصة نجاح ملهمة تشق طريق المجد    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    نواب ديمقراطيون يحثون ترامب على الاعتراف بدولة فلسطين..#خبر_عاجل    الصين ترفض مطالبات واشنطن بعدم شراء النفط الروسي    عاجل/ شبهات تلاعب بالتوجيه الجامعي..تطورات جديدة..    بنزرت: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    صيف 2025 السياحي: موسم دون التوقعات رغم الآمال الكبيرة    خطير/ حجز 7 آلاف رأس خروف في محل عشوائي..وهذه التفاصيل..    استشهاد 56 فلسطينيا برصاص الاحتلال خلال بحثهم عن الغذاء    القبض على "ليلى الشبح" في مصر: سيدة الذهب والدولارات في قلب العاصفة    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    الألعاب الأفريقية المدرسية: تونس في المرتبة الثالثة ب141 ميدالية    إنتقالات: الناخب الوطني السابق يخوض تجربة إحترافية جديدة    عاجل/ خلال 24 ساعة: استشهاد 5 فلسطينين جراء الجوع وسوء التغذية..    تأجيل محاكمة طفل يدرس بالمعهد النموذجي بعد استقطابه من تنظيم إرهابي عبر مواقع التواصل    محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية    البحر ما يرحمش: أغلب الغرقى الصيف هذا ماتوا في شواطئ خطيرة وغير محروسة    جريمة مروعة: امرأة تنهي حياة زوجها طعنا بالسكين..!!    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    خزندار: القبض على عنصر إجرامي خطير متورط في عمليات سطو وسرقة    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    شبهة تلاعب بالتوجيه الجامعي: النيابة العمومية تتعهد بالملف والفرقة المركزية للعوينة تتولى التحقيق    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صُداع على قارعة الطريق
نشر في باب نات يوم 11 - 05 - 2010

ما أصعب أن تلاقي ثرثارا ينبري يحدثك و ينتقل بك من موضوع إلى آخر دون مقدمات و لا خاتمات و لا يترك لك مجالا لأن تشاركه الحديث حتى يصيبك صداع فظيع , فتلعن الظروف التي جعلتك تلتقي به ..... يمسكك و لا يتركك تفلت منه، فما إن تعتقد أن حديثه انتهى حتى يبدأه من جديد ، و إن لاحظ أنك تتململ أو لست منتبها له فإنه يقول لك :" تسمع فيّ ؟!" أو يزلزلك بيده أو بمرفقه لينبهك إلى حديثه. و المعذرة إن فسحت المجال لأحد الثرثارين المحترفين حتى يحدثكم و يفرغ ما بجعبته فيصيبكم حتما بصداع مثلما أصابني. فقد استوقفني ذات مرة و أنا مثقل بأكياس تحتوي عددا من المشتريات ثقيلة الوزن ثرثار محترف قصد استشارتي في موضوع ما و لكن افترقنا و إلى يومنا هذا لم أعرف هذا الموضوع الذي أراد أن يستشيرني فيه و لم أطلع عليه . قال الثرثار المحترف :
عدت يوما إلى البيت فداعبت خياشيمي رائحة كسكسي بالعصبان لذيذ جدا ، و إني أعشق هذه الأكلة و خاصة من يدي زوجتي الطباخة الماهرة التي يستدعيها الأقارب و الجيران لتطبخ لهم الأطعمة الفاخرة في مناسباتهم السعيدة أو الحزينة . و لا شك أني سأدعوك ذات مرة إلى بيتي حتى تتذوق كسكسي زوجتي اللذيذ ، و ستعاين على أرض الواقع مدى مهارتها في الطبخ و مدى إتقانها لهذا الفن العريق جدا . جلست و أخذت أشاهد إحدى القنوات الإخبارية و ما تعرضه من أخبار عن العراق و لبنان و إيران و فلسطين و إسرائيل و كوريا الشمالية . أين توجد كوريا الشمالية ؟ هل هي أبعد من فرنسا ؟ و هل هم " روامة" و " قورّة " أم مسلمون مثلنا ؟! و قد شاهدت لقطات جميلة من مقابلة في كرة القدم لست أدري إن هي من البطولة الفرنسية أم من إحدى البطولات الخليجية أم من أمريكا اللاتينية ، و أنا لا أعرف أ تسمى أمريكا اللاتينية أم أمريكا الجنوبية ؟؟!! شعرت بآلام شديدة في ساقي اليسرى و هي تؤلمني منذ مدة . وضعت زوجتي طبق الكسكسي أمامي و لكني سألتها : أين الرايب؟ فأنا لا أتناول الكسكسي إلا مع الرايب و قد تعودت على ذلك بعد أن نزلت وأنا عازب ضيفا على صديق يسكن مدينة أخرى و قد اقترح علي مثل تلك الأكلة . و قد كان هذا الصديق شخصية طريفة جدا يحبذ إيقاع أصدقائه في مقالب مختلفة إذ أني لما زرته قدم لي امرأة على أنها شقيقته و اقترح علي أن أتزوجها ففاجأني بالأمر و لو أنها أعجبتني و نزلت في نفسي منزلا حسنا ، و لكن في ما بعد تبين لي أنها زوجته فكاد يُغمى علي و شعرت بحرج كبير جدا ، و نحن نتناول الكسكسي روى لي صديقي طرفة مضحكة حتى كدت أختنق ، فهناك رجل يدور حول بئر بسرعة فائقة و لا يتوقف أبدا عن الدوران و يردد 17 ... 17 .... 17 ... فانتبه إليه أحدهم متعجبا مما يفعل و يقول و ما فتئ أن توجه إليه بالسؤال : ماذا تقصد ب 17 ؟ فتجاهله الرجل و بقي يدور مرددا نفس الرقم 17 ، و لكن الآخر أصر على طرح سؤاله ، فما كان من الرجل إلا أن دفعه بكلتا يديه و أسقطه بالبئر و واصل دورانه مرددا 18 ... 18 .... 18 ... و قد أضحكتني هذه الطرفة كثيرا . أرسلت ابني لشراء الرايب و شغلت نفسي بمشاهدة شريط وثائقي عن طبقة الأوزون , أين تقع هذه الطبقة ؟ و ما دورها ؟ أ تعرف أن السيجارة هذه التي في يدي مضرة بطبقة الأوزون؟ هكذا قالوا و أنا لا أصدقهم ، يقولون إن التدخين يسبب مرض السرطان و يؤدي إلى الموت ، فها هي جارتنا مصابة بالسرطان و لكنها لا تدخن , إنهم يكذبون " و إلي عمرو في السبعين ما يموت في الستين" ... أتعرف أني أحبذ تدخين الشيشة و خاصة تلك المجوركة ؟؟!! هل تدخن أم أنت مثل جارنا الذي لا يدخن لأنه زوجته منعته من ذلك ؟؟!! إني لا أحترم الرجل الذي تتحكم فيه زوجته و يأتمر بأمرها ... جاء ابني بعلبة الرايب . يا حسرة على أيام زمان حينما كنت أشرب الرايب من " القلة " مباشرة و أعمل ستة و ستين كيفا حينما أشاهد في المرآة شفتي بيضاوين ملطختين بالرايب فأمسحهما بكمّ قميصي ، لم يكن الرايب في ما مضى في العلب الصغيرة مثلما هو الشأن الآن . . تناولت الكسكسي و الرايب حتى شبعت ثم نهضت و توضأت و صليت الظهر أو العصر لست أدري ، لقد نسيت !! و أردت أن أغفو قليلا و طلبت من زوجتي ألا توقظني فإذا بها بعد قليل تنادني لتخبرني أن قارورة الغاز قد نفدت و قد أصرت على أن آتيها بواحدة أخرى في الحال ، ففعلت ذلك مكرها أخوك لا بطل ، عدت لأغفو ثانية فإذا بها تناديني مرة أخرى لتناولني رسالة وصلت بيتنا هذا الصباح ... طار النوم من عيني و أنا أشتم زوجتي في سري ... فتحت الرسالة فوجدت أن إدارة المعهد الذي يدرس فيه ابني تطالبني بالحضور لأمر يهمه . لماذا يا ترى ؟ إن ابني منضبط من البيت إلى المعهد و من المعهد إلى البيت , "لا يخبش و لا يدبش" و هو مقبل على دروسه بتفان غريب ، فهو يمضي كل الوقت إما في مراجعة دروسه في غرفته الخاصة و إما مع زملائه يتعاونون على فهم الدروس في المكتبة العمومية أو في بيت أحدهم . فأنا ربيته تربية حسنة ، و كل ما يطلبه أوفره له و لا أعتقد أنه فعل أمرا مشينا. و لا شك أنه مظلوم ، و لا ريب أن أستاذا أو أساتذة ظلموه. ذهبت زوجتي لتنام ، أما أنا ففتحت التلفاز بما أن النوم جافاني ، فصاحت بي زوجتي أن أغلق التلفاز و كفّ عن الضجيج و الأفضل لك أن تنام ، فطبقت تعليماتها حرفيا دونما نقاش ، فماذا " يقول الميت أمام غاسله ؟؟!! " و من الغد ركبت سيارة الأجرة قاصدا المعهد و قد سمعت أحد الراكبين يقول إن شخصا فاز ب 120 مليار و لا شك أنه سيعيش سعيدا و أنه لن ينفق كل ذلك المبلغ و لو عاش الدهر كله . فقلت له : هذا غير صحيح ، فماذا سيفعل " بوسخ الدنيا " ؟ و إني لم أفهم إلى الآن لماذا يميل الناس كثيرا إلى الطمع و الفوز " باللقمة الباردة " ؟! و لو كنت أنا مكانه لوزعت كل المبلغ على الفقراء و المساكين و لشاركت في إنشاء مشاريع خيرية . فهل هو تعب و عرق من أجل الحصول على ذلك المبلغ ؟! نزلت من سيارة الأجرة و توجهت إلى المعهد و في طريقي اقتنيت قصاصة بروموسبور، فأنا مغرم بهذه المسابقة و أود أن أربح فيها حتى أسدد دينا عليّ و لو أني لا أفقه في كرة القدم شيئا و أطلب من أصدقائي أن يقوموا بتعمير تلك القصاصات .و صلت إلى المعهد فالتقيت بأحد الأصدقاء أمام الباب فرحب بي كثيرا و دعاني إلى شرب القهوة ، فذهبنا إلى أقرب مقهى فألفيناه مملوء بالتلاميذ و شاهدت ابني الذي من المفروض أن يكون في مثل هذا الوقت بالمعهد يتابع دروسه جالسا و أمامه شيشة تبدو مجوركة أغرتني بالإقبال على واحدة مثلها ، و قد حسدته على ما يعيشه من متعة ...لم يتنبه ابني إلي ، فشربت القهوة على عجل و عدت إلى البيت و قد تجاهلت الرسالة بعد أن اتضح لي أمرها في المقهى ....
تركني الثرثار واقفا ليلحق بشخص مرّ بنا وأنا أحمد الله كثيرا على مرور ذلك الشخص الذي يرحم والديه أنقذني من الصداع الفظيع و لكني دعوت له الله أن يكون في عونه ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.