رئيس البرلمان يلتقي ممثلات عن هيئة مكافحة الفساد السابقة    اجتماع وزاري تونسي ليبي وهذا أبرز ما جاء فيه.. #خبر_عاجل    مبلغ "ضخم للغاية": متحف اللوفر يكشف عن قيمة المسروقات..    عاجل/ بريطانيا ترفع "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب    المجبري يواجه إتّهاما أمام الاتحاد الانقليزي.. #خبر_عاجل    حالة الطقس هذه الليلة    الخميس.. مفتتح شهر جمادى الأولى    الحية: "ما سمعناه يطمئننا أن حرب غزة انتهت"    نائب : عدد من النواب اقترحوا لائحة لوم ضدّ الحكومة    ريال مدريد يعترض على إقامة مباراة برشلونة وفياريال في ميامي    بودربالة امام الاتحاد البرلماني الدولي: الأوضاع العالمية كشفت بوضوح قصور النظام متعدّد الأطراف    الدورة 28 للمهرجان الوطني لمسرح التجريب بمدنين مهداة لروح مؤسسها الفقيد أنور الشعافي    سلّم نفسه إلى سجن «لا سانتيه» في باريس..لعنة القذافي تسقط ساركوزي    رابطة ابطال اوروبا: ألونسو يشيد بمبابي قبل مواجهة جوفنتوس    الحمامات تستضيف الملتقى الجهوي الأول للموسيقى بنابل في دورة تحمل اسم الفنان رشيد يدعس    المنستير: انطلاق أشغال مشروع بناء دار الثقافة بقصرهلال بكلفة 4 ملايين و879 ألف دينار    زغوان: تخصيص اعتمادات بنحو 120 ألف دينار لإحداث مشاريع في مجال تربية النحل    تحبّ تخزّن الدقلة لرمضان؟: هذه طرق بش تستحفظ عليه أطول فترة ممكنة    تحذير/ 7 أعراض لا تتجاهلها..فقد تشير إلى الإصابة بسرطان الدماغ..    موسم القوارص يبشّر بصابة قياسية في تونس... اتحاد الفلاحة يكشف    ما حقيقة دهس مواطن بسيارة أمنية في قابس؟.. مصدر أمني يكشف #خبر_عاجل    9 دول أوروبية تطالب بفتح معابر غزة وضمان وقف إطلاق النار    تونس: عائلات المفقودين في عمليات ''الحرقة'' يحتجّون    أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل يعبّرون عن رفضهم لمشروع قانون المالية 2026    17 فيلما من 10 بلدان في الدورة الثامنة لمهرجان "وثائقي المتوسط"    القصرين: عملية بيولوجية جديدة لمكافحة الحشرة القرمزية    النادي البنزرتي: الدخول في تربص مغلق إستعدادا لمواجهة الملعب التونسي    إستعدادا لمونديال كرة السلة 2027: المنتخب الوطني يبرمج 4 مباريات ودية    كيفاش تحافظ على زيت الزيتونة ويقعد معاك مدة طويلة؟    عاجل : دراسة صادمة... لحوم البقر والأسماك تسبب أعراض الاكتئاب    بن عروس: الشروع في تأمين عيادات في اختصاص جراحة العظام بالمراكز الوسيطة بالجهة    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025 إلى 3.3 بالمائة..    عاجل/ حادث اصطدام عربتي المترو 3 و5: تفاصيل جديدة ووضعية المصابين..    تأمينات البنك الوطني الفلاحي: رقم الأعمال يزيد ب9،8 بالمائة ويبلغ 136 مليون دينار موفى سبتمبر 2025    التجارة الخارجية: هل لا تزال تونس قادرة على الحفاظ على استقلالها الاقتصادي؟    بمناسبة الذكرى 77 لتأسيسها: الخطوط التونسية تطلق عروضا استثنائية لمدة 77 ساعة    البطولة العربية للجيدو للاكابر بالعراق: تونس تتوج بذهبية مسابقة الفرق للسيدات    تونس تشارك بثلاثة لاعبين في بطولة العالم للكرة الحديدية المقيدة لاقل من 18 و23 عاما    قابس: تنفيذ الاضراب العام الجهوي مع تواصل العمل ببعض القطاعات الحيوية    عاجل: الخميس القادم...القضاء ينظر في قضية ضدّ المجمع الكيميائي    عاجل: حضّروا كلّ الوثائق...التسجيل للباك يبدأ غدوة    تونس تتألّق في الصين: 7 ميداليات في بطولة العالم للووشو كونغ فو    مسيّرات تضرب منطقة مطار الخرطوم قبيل إعادة افتتاحه    "حرق جثمان السنوار": تفاصيل مقترح إسرائيلي "غريب"..ما القصة..؟!    مدنين: استعدادات حثيثة لاحتضان جزيرة جربة الملتقى الدولي للمناطيد والطائرات الشراعية    ساناي تاكايشي أول امرأة في تاريخ اليابان على رأس الحكومة    أصداء التربية بولاية سليانة .. مهرجان circuit théâtre    في ظل عزوف الأطفال عنها .. كيف نحوّل المُطالعة من واجب إلى مُتعة ؟    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    وكالة النهوض بالصّناعة والتجديد تفتح مناظرة خارجية بالاختبارات لانتداب 14 إطار    شركة نقل تونس: اصابة عون التأمين وحالات هلع في اصطدام بين عربتي مترو... ولجنة للتحقيق في الحادث    أجواء ربيعية خلال ''الويكاند''    طقس اليوم: سحب أحيانا كثيفة بهذه المناطق مع أمطار متفرقة    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مختصون في التربية: تحول المنازل إلى مدارس موازية برهان على اهتراء المنظومة التربوية
نشر في باب نات يوم 17 - 05 - 2024

(وات - تحرير دلال القنزوعي) - اعتبر مختصون في التربية وعلم الاجتماع وعلم النفس أن تحوّل منازل عديد العائلات التونسية إلى مدارس موازية بُرهان على تعاظم المعاناة من اهتراء المنظومة التربوية، في وقت تجد فيه فئة كبيرة من الأولياء نفسها اليوم مضطّرة إلى الاضطلاع بدور المدرسين من أجل تدارك ثغرات التحصيل العلمي لأبنائهم.
وتحدث عدد من أولياء التلاميذ ل(وات) عن اهتمامهم منذ انطلاق السنة الدراسية بمتابعة الدروس المسجلة في فيديوهات تعليمية يقدمها أساتذة، وانخراطهم في مجموعات ومنصات تعليمية عبر وسائل التواصل الإجتماعي، حيث تعج شاشات هواتفهم بتلاخيص لمختلف الدروس، من أجل التمكن من تقديم الدعم لأبنائهم.
...
وتقول ف.ع ولية تلميذ بالسنة السابعة من التعليم الأساسي، "لطالما عاتبت ابني عتابا شديدا لأنه عبر لي إبّان خروجه من حصّة الرياضيات أو العلوم عن عدم استيعابه الدرس، لكن بعد تواصلي مع عدد من أولياء زملائه اكتشفت أنهم يعانون من المشكل ذاته".
وأضافت إنه "لتلافي هذه المعضلة تحوّلت بدوري إلى تلميذة أتابع باهتمام وتركيز مختلف الدروس والفيديوهات التعليمية التي ينشر جزء منها بصفة مجانية، لحسن الحظ، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومن ثمة أنقل كل ما تعلّمته لابني بعد عودته من المدرسة".
ويعدّ لجوء الأولياء إلى تدريس أبنائهم "خطأ مدمّرا" للتلميذ، وفق توصيف الخبير في التربية رؤوف حمدي، "لأن التعليم يتطلب كفاءات بيداغوجية في إيصال المعلومة وتقنيات وتدرّجا خصوصيا، لا يلمّ بها الوليّ حتى ولو كان مستواه التعليمي عاليا".
وشدد الخبير على أن تصرّف هؤلاء الأولياء قد يمكّن التلميذ من الحصول، في بعض الحالات، على أعداد جيّدة في الإمتحانات، لكن غالبا ما تكون إجاباتهم مٌسقطة، ولا تستند إلى تفكير وتمشّ منطقي، وهو ما يفسر سرعة نسيان التلميذ لكل المعلومات الملقّنة أياما قليلة بعد انتهاء الإمتحانات.
وفي حالات أخرى، يمثل "إيمان" عدد من الأولياء بأن لمنظوريهم امكانيات ذهنية "متميّزة" تفوق المعدلات التي يتحصّلون عليها خلال السنة الدراسية، دافعا لتكثيف دروس المراجعة بالمنزل والانكباب على متابعة أبنائهم التلاميذ، سعيا منهم إلى برهنة هذه "الحقيقة".
ومن هذا المنطلق تقول الولية ع.ه إن ابنتها المرسّمة بالسنة السادسة ابتدائي "تتّقد ذكاء ولها القدرة على التفوق في مناظرة "السيزيام" للالتحاق بالمدارس الإعدادية النموذجية، إلا أنّها لا تتمتع بالتكوين والتدريب الجيّدين كمّا ونوعا داخل القسم".
وأكدت أنها لمساعدة ابنتها على الحصول على نتائج جيدة، قامت بضبط برنامج تعليمي بالمنزل يتناسب مع جدول أوقات الدراسة، حيث تقوم يومي الأربعاء والجمعة مساء، بتدريبها على اللّغات فيما يتكفل والدها بتدريسها المواد العلمية في نهاية كل أسبوع.
وانتقد، الخبير في التربية سلوك هذه الفئة من الأولياء "التي تصب كل اهتمامها فقط على التعلّم والحصول على معدلات ممتازة بغض النظر عن التداعيات النفسية لهذا التصرف على التلاميذ"، معتبرا أن "تفكير هؤلاء الأولياء ضيّق ويلحق ضررا كبيرا بالأبناء على مستوى بناء الشخصية".
وأرجع هاجس تحقيق نتائج دراسية جيدة باعتماد كل الطرق لدى هذه الفئة من الأولياء، إما إلى "عقلية مرضية قائمة على التنافسية والتباهي بتفوق الأبناء داخل العائلة والمجتمع"، أو جراء التخوف من الفشل وما ينجر عنه من معاناة من "الوصم والتنمر".
وقال "من المفارقات العجيبة في تونس أن ترى عددا كبيرا من التلاميذ الحاصلين على علامات متميزة لكنهم غير قادرين على التواصل والتفاعل مع الآخر، ويفتقرون إلى مهارات التخاطب والتحاور والإندماج داخل المجموعة".
وتنص مبادرة المهارات الحياتية والتعليم من أجل المواطنة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا على ضرورة "اتباع نهج شامل للتعليم يأخذ المتعلم ككل بعين الإعتبار من خلال إقرار تعددية التعليم التي لا يقتصر دورها فقط على المعرفة والإدراك بل يشمل أيضاً الجوانب الفردية والاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بإدارة الذات وصنع القرارات والتفاوض وحل المشكلات والتفكير النقدي والإبداع والمشاركة".
وشددت المتفقدة البيداغوجية نجاة حسني على أن المنظومة التقييمية في المدرسة التونسية من بين أهم العوامل التي تسبب ضغطا كبيرا على التلاميذ والأولياء، حيث تحدث شرخا بين التلاميذ وتصنفهم تصنيفا غير عادل لا يستوعب اختلاف الذكاء لديهم وتحكم على بعضهم أحكاما "مسبقة ومهينة"، وفق توصيفها.
ولا تكتفي فئة من الأولياء بتقمّص دور الأستاذ كلما استوجب الأمر، وإنّما تفتح البيوت لاستقبال مدرّسين في عدد من المواد لتقديم دروس خصوصية إفرادية تتماشى تماما مع صعوبات التعلم التي يعاني منها أبناؤهم، إذ أن الدروس الخصوصية ضمن مجموعة كبيرة من التلاميذ لا تفي بالغرض.
وتفسّر المختصة في علم الاجتماع التربوي إيمان دعدوش، تدخّل الأولياء في الشأن التعليمي بشتى الطرق وعدم اكتفائهم بما يتلقاه التلميذ داخل القسم، ببروز أزمة ثقة بينهم وبين المدرسة، و"تراجع دور المنظومة التربوية جراء مخاطر عدة اقتحمت المدرسة التونسية خلال السنوات الأخيرة كالعنف، والتسرب المدرسي، وتراجع هيبة المربي..".
وأوضحت أن المدرسة العمومية كانت خلال السبعينات الفاعل الوحيد الذي يؤمّن العملية التعليمية لتظهر خلال سنوات التسعين مسالك جديدة للتعليم انطلقت بالمدرسة الخاصة أو ما يسمى ب"مدرسة السوق التي تقوم على العرض والطلب" حسب تعبيرها، لينتشر بعد ذلك مسلك ثالث للتعليم يتمثل في الدروس الخصوصية.
ولاحظت أن تونس شهدت في السنوات الأخيرة بالتزامن مع أزمة كورونا بالخصوص، صعود مسلك رابع في التعليم وهو "التعلم عن بعد"، فتزايدت المضامين التعليمية الإلكترونية التي لجأ إليها الأولياء والتلاميذ المنتمون إلى الطبقة الوسطى كبدائل تعليمية غير محصورة في جدران المدرسة.
واعتبرت المختصة أن ضعف التحصيل العلمي للتلاميذ داخل القسم، ناجم عن عدة أسباب، لكن يمكن تفسير نسبة منها بفشل بعض الأساتذة في توزيع المعرفة بصفة عادلة ومتكافئة على مختلف مستويات التلاميذ، مبينة أن "هذا لا يعود فقط إلى إخلال في أداء الأستاذ وإنما إلى عدة إكراهات وعراقيل تمنعه من أداء واجبه على أكمل وجه".
ويعاني المدرّس من إكتظاظ كبير في القسم الواحد، مع اختلاف المستويات التعليمية للتلاميذ وتنوع صعوبات التعلم لدى مجموعة منهم، في وقت يٌطالب فيه بإتمام برنامج تعليميّ طويل، أجمع كل خبراء التعليم على أنه يستنزف القدرات الذهنية للتلاميذ دون تحقيق فاعليّة كبرى.
واعتبر عضو اللجنة الدولية حول مستقبل التعليم ورئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان، عبد الباسط بن حسن أنّه لا يمكن إلقاء كامل اللّوم على المدرسين في علاقة بتدني مستوى أدائهم داخل القسم، عندما يغيب التكوين المستمر الذي يمكّنهم من تثبيت معلوماتهم وتحيينها وتطويرها وإثرائها.
وقال "حريّ بالأستاذ أن يكون مثقفا ومواكبا لمختلف الابتكارات والتجديدات في المجال البيداغوجي، وألا يكتفي بإتقان مادة معيّنة بل جميع الاختصاصات الأخرى المتقاطعة مع اختصاصه مثل اللّغات والتكنولوجيات الحديثة وعلم نفس الطفل والمراهق".
ومن جهته، حذّر المختص في علم النفس ورئيس جمعية صعوبات التعلم طارق السعيدي، من التداعيات الخطيرة للضغوطات التي يتعرض لها التلميذ جراء كثرة ساعات الدراسة التي يقضيها داخل المدرسة وخارجها، موضّحا أنّه في هذه الحالة يتعرّض دماغ الطفل إلى "هجوم" كمّ هائل من المعلومات.
ويجابه دماغ الطفل "هجوم" الكمّ الهائل من المعلومات ب"الهروب" مما يسبّب له تشتّت الانتباه وقلّة التركيز، وهو ما يفسّر تراجع قدرته على الفهم والاستيعاب داخل القسم، وفق المختص الذي أشار إلى أن هذه الوضعية تدفع الأولياء إلى مضاعفة جهودهم لتلافي هذه المعضلة، اعتمادا على مسالك إضافية للتعليم، فيبقى "التلميذ الضحية يدور في نفس الحلقة المفرغة".
ولاحظ المختص أنّ عددا كبيرا من التلاميذ يقضّون ساعات طويلة في الدراسة خارج أسوار المدرسة، بمعدل يفوق ساعات الزمن المدرسي الذي ينتقده الخبراء والمهتمون بالشأن التربوي، منبّها إلى أنّ هذا الوضع يستنزف طاقة الطفل ويهدر وقت فراغه ويحرمه من الترفيه واللّعب وممارسة الهوايات وهو ما يؤثر على توازنه النفسي بشكل يدعو للقلق.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.