ظهر اليوم: توقع نزول أمطار مؤقتا رعدية ومحليا غزيرة بهذه المناطق    رعاة سمّامة في مسرح الحمراء    تونس: 9 وكلاء فقط يوفّرون سيارات كهربائية    عاجل/ بعد حادثة احدى سفن أسطول الصمود: وائل نوار يكشف ويؤكد..    عضو في أسطول الصمود العالمي: "ما حدث مسألة أمن قومي وهو قيد التحقيق"    تونس تشارك في معرض الصين الدولي للإستثمار و التجارة.    تقلّبات جويّة منتظرة.. والرصد الجوي يدعو إلى اليقظة    شركة نقل بتونس: عودة جولان خط المترو رقم 3 بداية من يوم غد الاربعاء    "طعامك هويتك" شعار الدورة الثانية من تظاهرة الايام الثقافية الدولية "فن الطبخ"    صدق أو لا تصدق...جهاز منزلي في دارك يعادل استهلاك فاتورة ضوء 65 ثلاجة؟    عاجل/ متابعة للوضع الجوي خلال الساعات القادمة..    بالفيديو: شاهد كيف سيبدو كسوف الشمس الكلي في تونس سنة 2027    ال '' Climatiseur'' تحت الاختبار! نصائح لضبطه مع سخانة ورطوبة طقس تونس اليوم    7 ساعات نوم يوميًا خير من 30 دقيقة رياضة... تعرف علاش!    تظاهرة علمية مفتوحة للجميع يوم 20 سبتمبر بمدينة العلوم بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر    إسرائيل تشن أعنف هجوم على البقاع اللبناني    عاجل/ حادثة سفينة أسطول الصمود بسيدي بوسعيد: رياض جراد يفجرها ويعلق..    تصفيات مونديال-2026: الجزائر تتعادل بلا اهداف مع غينيا    تصفيات مونديال-2026: الجزائر تتعادل بلا اهداف مع غينيا    الرئيس الصيني يدعو الى تعزيز حضور الدول النامية وتعزيز التعاون بين دول البريكس في مواجهة التحديات المشتركة    وزير الخارجية السعودي يؤدي زيارة عمل إلى تونس    وزارة التشغيل: التمديد في آجال قبول ملفات منظوري مؤسسة فداء للانتفاع ببرنامج تمويل الأنشطة الاقتصادية المحدثة لفائدتهم    مقتل 10 أشخاص وإصابة 41 آخرين جراء اصطدام قطار بحافلة في هذه المنطقة..#خبر_عاجل    رئيس الجمهورية:سياسة التعويل على الذّات بعيدا عن أيّ إملاءات مكّنت من التحكّم في نسبة التضخّم    بيكين تستضيف المنتدى الدولي حول دعم التعاون في مجال الانتقال الطاقي    رئيس الدّولة :على الإدارة العمل على تبسيط الإجراءات لا افتعال العقبات    قضية مقتل عبد القادر الذيبي في مرسيليا: منير بن صالحة يعلق ويكشف..#خبر_عاجل    فيديو اليوم.. حجز خاطئ يغيّر وجهة شابتين أمريكيتين... الى تونس بدل نيس    زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    محرز الغنوشي: ''حرارة مرتفعة ورطوبة عالية مع أمطار رعدية منتظرة''    الحرس الوطني: لا وجود لأي عمل عدائي أو استهداف خارجي لإحدى البواخر الراسية بميناء سيدي بوسعيد    الحرس الوطني: اخبار وجود مسيرة استهدفت احدى البواخر الراسية بسيدي بوسعيد لا أساس لها من الصحة    إخلاء مبنى ركاب بمطار هيثروبلندن وفرق الطوارئ تستجيب لحادث    مدرستنا بين آفة الدروس الخصوصية وضياع البوصلة الأخلاقية والمجتمعية...مقارنات دولية من أجل إصلاح جذري    أخبار النادي الصفاقسي..الجمهور يَشحن اللاعبين وخماخم في البال    بسبب الكسكسي: رئيس بلدية مرسيليا يتلقّى تهديدات بالقتل!!    تصفيات كاس العالم 2026 : التعادل 2-2 يحسم مباراة المالاوي وليبيريا    البنك الدولي يؤكّد إلتزامه بتعزيز الشراكة مع تونس.. #خبر_عاجل    سيدي بوزيد: بداية من سنة 2027 ستدخل الطريق السيارة تونس جلمة حيز الاستغلال    الليلة: أمطار بهذه الولايات مع إمكانية تساقط البرد    سوسيوس كليبيست: تنظيف المدارج والساحة ومحيط المسرح الأثري بأوذنة (صور)    بعد جائزة الأسد الفضي في فينيسيا.. 4 عروض لفيلم صوت هند رجب بمهرجان تورنتو    "الفنون والاعاقة ... من العلاج الى الابداع" عنوان الملتقى العلمي الدولي ال22 الذي ينظمه الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    عاجل: منحة جديدة ب100 دينار لكل صغير و120 للطلبة قبل العودة المدرسية... التفاصيل    من بينها تونس: بداية قوية لفصل الخريف وأمطار غزيرة في عدة دول عربية    مؤشر الأسعار الدولية للمنتجات الغذائية دون تغيير يُذكر خلال شهر أوت 2025    تصفيات كأس العالم: التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني في مواجهة غينيا الإستوائية    الترجي الجرجيسي يفوز وديا على إتحاد تطاوين    تغييرات منتظرة في تشكيلة المنتخب أمام غينيا الاستوائية؟    وزارة التجارة تُخزّن 12 ألف طن من البطاطا استعدادا للفجوة الخريفية    استراليا: علماء يكتشفون فيروسا خطيرا جديدا    كيف الوقاية من أمراض العودة إلى المدارس؟    غار الملح تستعيد بريقها الثقافي بعودة اللقاءات الدولية للصورة    ألكاراز يهزم سينر ويحرز لقبه الثاني في بطولة أمريكا المفتوحة    شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا: اختتام فعاليات تظاهرة 'سينما الحنايا' بباردو    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



افتتاح الدورة الثالثة لتظاهرة "تجليات الحلفاوين": بطحاء الحلفاين تتوهّج بإيقاعات الحضرة في ليلة النصف من رمضان
نشر في باب نات يوم 15 - 03 - 2025

مع انسياب نسمات ليلية في سهرة رمضانية في بطحاء الحلفاوين ومع كل إيقاع يدق على البنادر ومع كل صوت ينطلق من حناجر المنشدين، كانت الأجواء تتشكل لتصنع لوحة فنية صوفية خالصة تنبض على وقعها الحلفاوين بالحركة والحياة وتتردد أصداؤها في أزقة المدينة العتيقة.
في هذا الركن العريق من العاصمة، انطلقت فعاليات الدورة الثالثة للتظاهرة الرمضانية "تجليات الحلفاوين" في سهرة الجمعة 14 مارس، والتي ينظمها المسرح الوطني التونسي بالشراكة مع جمعية عبد الوهاب بن عياد ومؤسسة "ميكروكراد، تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية من 14 إلى 18 مارس الحالي.
وقد سجل حفل الافتتاح حضورا جماهيريا غفيرا، جاءه البعض بنية التأمل والتصوف فيما اختار آخرون متابعة الحدث من مقاهي الحلفاوين يحتسون الشاي الساخن أو القهوة، بينما تسافر ذواتهم مع الأنغام الروحانية التي ملأت المكان.
ومع اقتراب موعد العرض، كانت بطحاء الحلفاوين وهي إحدى الساحات الشهيرة في مدينة تونس العتيقة وجزء من الحي المعروف باسم الحلفاوين الواقع بالقرب من باب سويقة أحد الأحياء العريقة التي احتضنت العديد من الشخصيات الثقافية والتاريخية التونسية، قد تحولت إلى فضاء احتفالي بامتياز، حيث المصابيح تشع بنورها بألوان مختلفة تترجم تنوع الحياة الرمضانية الليلية في هذه الساحة التي تعج بالحركة. أما الجماهير فقد احتشدت قبيل انطلاق العرض في شوق إلى اللحظة التي ستبدأ فيها فرقة مرشد بوليلة، برعاية ميكروكراد، بعزف أنغام الحضرة إيذانا بولادة طقس روحاني جديد في قلب المدينة.
وبينما اختار بعض الحاضرين أن يكونوا في الصفوف الأمامية حيث تكون أعينهم مشدودة إلى الركح وأجسادهم مهيأة للانخراط في الحالة الصوفية، فضّل البعض الآخر الاستماع من بعيد من فوق الأرصفة أو من نوافذ المنازل المجاورة حيث تسللت الألحان والإيقاعات إلى الداخل لتشارك سكان الحي طقوسهم الروحانية.
ولعب تجار سوق الحلفاوين دورا محوريا في إنجاح هذه التظاهرة، حيث أبدوا تضامنا كبيرا مع المنظمين عبر تعليق نشاطهم التجاري لمدة يومين، ما أتاح للفرق التقنية فرصة تجهيز الركح وتركيز معدات الصوت والإنارة لضمان استقبال العرض في أفضل الظروف. وقد ترجمت هذه البادرة روح التآزر بين مختلف مكونات الحي وسكانه ورغبتهم في منح رواد وأهالي الحلفاوين والأحياء المجاورة ساعات من البهجة والتأمل خلال هذا الشهر الكريم.
انطلقت الاحتفالات بعرض أدائي في فن السيرك المعاصر الذي يعتمد على البنية الجسمانية والحركات البهلوانية الخطيرة التي حبست أنفاس الحضور، ثم تعالت إثر ذلك الأصوات المنغّمة بالذكر لحضرة مرشد بوليلة وأخذت الإيقاعات تتصاعد شيئا فشيئا تتبعها تراتيل صوفية مثل "سيدي بوعلي النفطي" "يا للا جيتك"، ثم تأخذ الإيقاعات في التزايد، فتدخل الموسيقى في حالة من التخميرة الصوفية حيث تتعالى إيقاعات البنادر ويتمايل المنشدون وينطلق الجمهور في التصفيق والغناء.
وبلغ العرض ذروته مع أداء الحضرة "سيدة يا نغارة" و"سيدي علي الكراي" و"أم الزين الجمالية" و"سيدي منصور" التي جعلت الجميع في حالة من النشوة والتخميرة، فقد كانت الإيقاعات تتسارع والأقدام تضرب الأرض بإيقاع منسجم، كأنما تطرق على أبواب السماء حيث تلاشت الحدود بين الجسد والروح وبين الصوت والصمت وبين الزمان والمكان. وامتزجت إيقاعات "سيدي منصور" بنغمات السطمبالي مفسحة المجال لظهور شخصية "بوسعدية" الأسطورية التي جسدتها رقصة إفريقية خالصة تروي معاناة شعوب إفريقية غابرة وحنينه الأبدي للبحث عن ابنته المختطفة "سعدية". وكان الرقص أشبه بطقس شعائري حيث تدفقت حركات الراقص بحرّية كأنه يستدعي الأرواح الغائبة أو كأنه يجسد الصراع الداخلي بين الألم والتحرر، فأصدافه البحرية كانت تلمع تحت الأضواء فيما العظام التي زينت جسده بدت وكأنها تخبرنا بحكاية الصحراء القاحلة ورحلة البحث الطويلة.
وتميّز العرض بتوظيف آلات تقليدية مثل الزكرة والبنادر والدربوكة، حيث شدّد مرشد بوليلة على أهمية هذه التوليفة في منح الحضرة هويتها الأصلية. كما ساهم الديكور والإضاءة في تعزيز الأجواء الصوفية، حيث نُظمت الفضاء بما يتماشى مع طبيعة العرض الروحي في تناغم بين الإضاءة الخافتة والضوء الذهبي الذي عكس حالة التجلّي الصوفي.
ومع انتهاء العرض، كان الجمهور لا يزال يعيش على وقع الألحان، بعضهم يغادر وفي داخله صدى الإيقاعات، والبعض الآخر يتهامس حول تفاصيل العرض مسترجعين اللحظات الأكثر تأثيرا.
أما الحلفاوين التي مازالت مقاهيها تعج بالزبائن إلى وقت متأخر من الليل، فقد عاشت ليلة من لياليها الحالمة حيث تجلى تناهي الزمان مع المكان في مشهد لن يُمحى بسهولة من ذاكرة أحباء السمر في رمضان.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.