لم يخطر ببال أحد من المتابعين لقضايا الإرهاب وأنشطة الجماعات المسلحة أن يلجأ أبرز تنظيم دولي وهي القاعدة إلى تكتيك تفخيخ الطرود في حربه ضد الغرب وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية فهذه الطريقة معقدة كما أنها ليست مضمونة النجاح في ظل التدابير الأمنية المشددة في المطارات وفي نقاط التفتيش على الحدود لكن يبدو أن هذا التحليل غير صحيح فالواضح أن تنظيم القاعدة لا يتوانى عن اتخاذ أي وسيلة لضرب أعدائه وبعنف حتى لو كان من وراء البحار كالكنيس اليهودي في في شيكاغو الأميركية الذي أرسل إليه أحد هذه الطرود. ما يلفت الانتباه في هذه العملية أنها الوحيدة التي لم تستعمل فيها القنابل البشرية مفخرة القاعدة في البطش والقتل فالتاريخ يذكر أن جل عمليات هذا التنظيم وخاصة الكبيرة والمعقدة منها لا تخلو من العناصر الانتحارية لإيقاع أكبر عدد من الضحايا بدآ بعملية تفجير السفارتين في كينيا وتنزانيا عام 1998إلى تفجيرات سبتمبر في 2001 وتفجيرات لندن ومدريد في 2005 مرورا بالتفجيرات اليومية في العراق وأفغانستان ناهيك عن العمليات الفاشلة التي لم تحقق أهدافها كعملية "ريتشارد ريد" صاحب الحذاء المفخخ لتفجير طائرة متوجهة من فرنسا إلى الولاياتالمتحدة وكذلك محاولة بريطانيين من أصول باكستانية تفخيخ طائرات متوجهة إلى أمريكا بسوائل قابلة للتفجير وفي السنة الأخيرة كذلك شهدنا عمليات فاشلة يقودها إنتحاريون كمحاولة النيجيري "عبد المطلب" تفجير طائرة أمريكية فوق مطار ديترويت بالولاياتالمتحدة الأميركية وعملية الأمريكي من أصل باكستاني "فيصل شهزاد" تفجير ساحة" تايمزسكوير"في نيويورك كل هذه العمليات أستعمل فيها العنصر البشري الانتحاري إلا عملية الطرود المفخخة الأخيرة والتي تنبأ بآستراتيجية جديدة للقاعدة لإرهاب أعدائها وإدخالهم في حالة رعب وكان يمكن لهذه العملية أن تنجح لولا أن أحد عناصر القاعدة الذين سلم نفسه للسلطات السعودية قد بلغ عن هذه العملية مهما كانت طريقة القاعدة في ضرب أعدائها سواء تفخيخ الطرود أو الأجساد فهي في المحصلة تفخيخ للعقول فمثل هذه العمليات تخلف آلاف القتلى والجرحى والمعذبين الأبرياء ولا يمكن محاربة الإرهاب دون النظر في أسبابه لمعالجتها وإلا فسيبقى التفخيخ منهجا لمثل هذه التنظيمات لتحقيق أهدافها