كشف المعهد الوطني للإحصاء، خلال ندوة صحفية عقدها السبت للإعلان عن نتائج التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024، أن الإناث في تونس يتمتعن بأمل حياة عند الولادة يفوق الذكور ب4 سنوات، وهو ما يُفسر جزءًا من التفوق العددي لعدد النساء، الذي بلغت نسبته 50.7 بالمائة مقابل 49.3 بالمائة للذكور من إجمالي عدد السكان البالغ 11.972.169 نسمة. وأكد المعهد أن هذا الفارق بين الجنسين يُعزى، إضافة إلى الهجرة الخارجية التي تمسّ العنصر الذكوري بدرجة أكبر، إلى تحسّن الخدمات الصحية وظروف العيش بالنسبة للمرأة، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة تطرح تحديات هيكلية على مستوى السياسات العامة، لاسيما في مجالات الشغل والصحة والضمان الاجتماعي، خاصة مع التوجه التدريجي نحو شيخوخة المجتمع. أكثر من 60% من السكان في سنّ النشاط... لكن التركيبة تتغير وبيّن التعداد أن الفئة العمرية النشيطة (15-59 سنة) ما تزال تمثل الكتلة السكانية الأكبر بنسبة 60.3%، غير أنها سجّلت تراجعًا طفيفًا مقارنة بتعداد 2014، لفائدة الفئة المسنة التي ارتفعت إلى 16.9% في 2024، بعدما كانت 11.7% فقط قبل عشر سنوات، وهو مؤشر واضح على تسارع ظاهرة التهرم السكاني. في المقابل، واصلت فئة الأطفال دون سن الخامسة تقلصها إلى 5.9% فقط في 2024، بعد أن كانت 18.5% سنة 1966، في دليل واضح على تراجع الخصوبة. كما تراجعت الفئة العمرية من 5 إلى 14 سنة من 28% في 1966 إلى 17% فقط في 2024. التحوّل الديمغرافي... تحدٍ وتحوّل استراتيجي وحذر المعهد الوطني للإحصاء من أن هذه التحولات في البنية الديمغرافية، وإن كانت متدرجة، تفرض ضرورة مراجعة عميقة للسياسات العمومية، خاصة في ما يتعلّق بمنظومات الحماية الاجتماعية، وضمان التوازن المالي لأنظمة التقاعد، وتعزيز خدمات الصحة الموجهة للفئات المسنة. وأشار إلى أن رغم مظاهر الشيخوخة المتنامية، فإن الهيكلة السكانية لا تزال شابة نسبياً، ما يمنح تونس فرصة زمنية قصيرة لتعزيز استثمارها في الفئة النشيطة قبل أن تنقلب الموازين خلال العقود القادمة.