وزير التجارة: صادرات زيت الزيتون زادت بنسبة 45%    خميس الماجري لصالح الفرزيط ..."ثبتلي روحك شيعي والا لا"    بن عروس: حصاد أكثر من 90 بالمائة من مساحات القمح وتوقعّات باستكمال تجميع محصول الشعير خلال الأيام القليلة القادمة    فيديو تهاطل الأمطار على كميات من الحبوب: غرفة مجمّعي الحبوب توضّح.. #خبر_عاجل    ملتقى التشيك الدولي لبارا ألعاب القوى: النخبة التونسية ترفع رصيدها الى 5 ذهبيات وفضيتين    الاتحاد المنستيري يعلن منتصر الوحيشي مدربًا جديدًا ويكشف عن التركيبة الكاملة للجهاز الفني    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    هالة بن سعد مديرة للمركز الوطني لفن العرائس    ترتيب تونس ضمن مؤشر تقديم الخدمات العامة في إفريقيا.. #خبر_عاجل    وفاة حارس مرمى منتخب نيجيريا سابقا بيتر روفاي    سرقة اثار: الحرس الوطني يلقي القبض على 4 أشخاص ويحجز سيارتين بمكثر    عاجل - وزارة الداخلية : 3300 عون مؤجّر معنيون بتسوية وضعياتهم بعد منع المناولة    غزّة: الناس يسقطون مغشيا عليهم في الشوارع من شدّة الجوع.. #خبر_عاجل    مرض السكرّي يقلّق برشا في الليل؟ هاو علاش    تخدم الكليماتيزور كيف ما جا؟ هاو وين تغلط وشنوّة الصحيح باش ترتاح وتوفّر    باش تمشي تعوم؟ شوف البحر شنو حالتو في الويكاند    الرحلة الجزائرية الاصدار الجديد للكاتب محمود حرشاني    الشاب مامي يرجع لمهرجان الحمامات.. والحكاية عملت برشة ضجة!    الحماية المدنية: ''احذروا الصدمة الحرارية كي تعوموا.. خطر كبير ينجم يسبب فقدان الوعي والغرق''    إذا ولدك ولا بنتك في ''السيزيام'' جاب 14/20.. ينجم يدخل للنموذجي؟ شوف الإجابة!    نقابي تونسي بايطاليا يدعو إلى تثبيت حصة قارّة لتونس في برنامج تشغيل العمال المهاجرين    قبلي: نجاح أوّل عمليّة جراحية دقيقة على العمود الفقري بالمستشفى الجهوي    في قضية ذات صبغة إرهابية: محاكمة الرئيس السابق للنقابة الوطنية لإطارات وأعوان العدلية حطاب بن عثمان وتأجيل النظر إلى أكتوبر    مقترح قانون للترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجرائم وتشديد درجات الردع..#خبر_عاجل    مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية    مروع: يقتل ابنه ضربا وصعقا بالكهرباء…!    "حماس": نناقش مع الفصائل الفلسطينية مقترح وقف إطلاق النار    فرنسا: إضراب مراقبي الحركة الجوية يتسبب في إلغاء آلاف الرحلات    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود تبلغ 37.2 %    القصرين: حجز 650 كلغ من السكر المدعّم بسبيطلة وتفعيل الإجراءات القانونية ضد المخالف    عاجل: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر و تونس..وهذه التفاصيل..    السجن 16 سنة لرجل الأعمال شفيق جراية بعد تفكيك القضايا الأربع المرفوعة ضده    البطولة العربية لكرة السلة سيدات: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الجزائري    إصابات جرّاء انفجار هائل بمحطة وقود في روما    إيران تعيد فتح مجالها الجوي أمام الرحلات الداخلية والخارجية والترانزيت..#خبر_عاجل    عاجل/ اختراق استخباراتي إسرائيلي داخل ايران يكشف مفاجآت..!    الحرس الوطني يُطيح بمنفّذي عملية ''نَطرَ''وسط العاصمة في وقت قياسي    فضله عظيم وأجره كبير... اكتشف سر صيام تاسوعاء 2025!"    قمة نار في مونديال الأندية: كلاسيكو، ديربي، ومفاجآت تستنى!    رد بالك تغلط وتخلي الشبابك ''محلول'' في هذا الوقت ... الصيف هذا ما يرحمش!    بداية من 6 جويلية 2025: شركة نقل تونس تخصص 10 حافلات خاصة بالشواطئ    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص اضراب الأطباء الشبان..وهذه التفاصيل..    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    طقس اليوم: الحرارة في تراجع طفيف    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجته الحامل طعنا بالسكين..!!    نيس الفرنسي يضم حارس المرمى السنغالي ديوف لمدة خمس سنوات    .. الجزائري بلايلي يستفز الفرنسيين بعد حادثة الطائرة    تشريعات جديدة لتنظيم التجارة الإلكترونية في تونس: دعوات لتقليص الجانب الردعي وتكريس آليات التحفيز    رسميا.. ليفربول يتخذ أول إجراء بعد مقتل نجمه ديوغو جوتا    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    النجمة أصالة تطرح ألبوما جديدا... وهذا ما قالته    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    "فضيحة": لحوم ملوثة تتسبب في وفاة طفل وإصابة 29 شخصا..#خبر_عاجل    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحلام ريفية 2
نشر في باب نات يوم 06 - 12 - 2010

أول زيارة لأهلي كانت بعد غياب شهور حتى في عيد الأضحى لم أتمكن من زيارتهم.. لم أستطع حتى المشي فحذائي ذو الكعب العالي لا يتناسب وطريق ريفنا العزيز.. فرحت أمي كثيرا لرؤيتي وكل إخوتي ولكن لم أكن أتوقع ردة فعلي هذه.. كنت أتوقع أني سأنهار في حضن أمي وستسيل دموعي ولكن شيئا من هذا لم يحدث.. لا أعلم مأتى هذا البرود الذي أصابني.. نظر إليّ إخوتي متهامسين فأنا أرتدي ملابس غريبة عنهم وحتى لهجتي الجديدة التي أستميت في إتقانها اختلفت عنهم.. مرت الأيام الثلاث ككابوس.. لم أعد قادرة على التأقلم مع حياتهم الريفية المتعبة المفتقرة لأبسط مرافق الحياة الكريمة التي تحفظ كرامة الإنسان.. لا كهرباء لا ماء لا قدرة على الاستحمام.. غرفة واحدة تضمني وإخوتي.. ننام على الأرض.. حتى خبز أمي لم أعد أستسيغه ولم تعد حكايات الجوار ولا ما يحدث في الحقول يثير اهتمامي.. ذلك الرضا وتلك القناعة لم يعد لهما مكان في صدري.. لم أعد قادرة على العيش وسط أهلي.. لا أستطيع العيش خارج العاصمة.. حتى أحلامي الريفية البسيطة تغيرت.. أختي التي كانت تغار مني لأن أبي قرر إرسالي دونها سخرت من ملابسي ولهجتي وتصرفاتي قالت لي " خرجت من جلدتك.. تنكرت لأصلك.. وما ينكر أصله كان..." هل كفرت من أرادت تغيير مسار حياتها.. من وجدت في طريقة عيش أهل العاصمة ضالتها وتعودت عليها.. من تمنت بيتا كبيوت العاصمة.. ماء ساخن وبارد متى شاءت.. مطبخ عصري.. تلفزيون ملوّن ومئات الفضائيات.. محلات كبرى يتوفر فيها ما يحتاجه المرء دون عناء.. طرق معبدة.. هل "خرجت من جلدتي" لأني أردت مصيرا آخر غير "قلع الجلبانة" و"بيع الطابونة" والزواج من ابن العم..
عدت إلى العاصمة وبقلبي شوق كبير لها ولبيتي الجديد.. وعكس ما يحدث لصديقتي معينة الجيران من ضرب وإهانة وهضم حقوقها المادية وتحرش أحيانا كنت سعيدة لحسن معاملة مشغلتي لي.. لم تشعرني يوما أني " خادمة" وأني أقل منها مستوى اجتماعي.. حتى أفراد عائلتها كانوا يعاملونني بلطف صحيح أنها تصحبني معهم في نزهاتهم وحتى الاصطياف لخدمتهم وأبذل مجهودا إضافيا إلا إني كنت سعيدة بذلك فالكل يحترمني ويمازحني.. صديقتي لا تصدقني أحيانا وتحسدني أحيانا أخرى فهي تلقى أسوا معاملة.. تعمل ليل نهار دون هوادة.. ثم يتقاسم "السمسار" ووالدها مرتبها مما يضطرها إلى التلاعب بمصاريف البيت اليومية لتتحصل على بعض المال وأسرت لي أنها تعرضت للتحرش من قبل زوج مشغلتها وشقيقها.. ولكني صراحة كنت ألقي اللّوم عليها فهي تبالغ في الميوعة وتحاول إغواء الجميع بما فيهم "الخضار" و"العطار"..
ذات يوم طلبت مني أن اخرج معها يوم عطلتي الأسبوعية لتعرفني على حبيبها الذي سيتقدم لخطبتها قريبا.. كان شابا من أصل ريفي أيضا نزح للعمل بحظائر البناء بالعاصمة واصطحب معه رفيقه.. تغدينا سويا وتنزهنا.. لم تعجبني تصرفات ثلاثتهم ولا نظراتهم.. انزويا في ركن بعيد عن العيون وظل صديقه معي يغازلني بطريقة مقززة.. وأحسست بما اكتسبت من ثقافة من الأفلام المصرية أنه يتحرش بي ويراودني عن نفسي.. صفعته وابتعدت ضحك قائلا" ملا جبرية".. نظرت له بكل اعتزاز.. خاصة بعد أن رأيت صديقتي في وضع يثير الاشمئزاز.. أفتخر كوني " جبرية".. ربما تنكرت لحبي للريف ولهجتي وملابسي ولكن كيف أتنكر لما تربيت عليه من قيم وأخلاق.. إن كان شرفي هو ثمن التحضر والتخلص من كلمة "ڤعرة" فالله الغني..
أصبحت أتجنب الحديث معها.. ومنحت كل طاقتي ووقتي وحبي لعائلتي الجديدة وأحبتي الصغار.. وظللت أزور أهلي بين الفينة والأخرى..
ذات يوم تقدم شاب نازح مثلي يعمل بالمغازة المجاورة طالما غازلتني عيونه الخجولة لطلب يدي من مشغلتي.. فرحت كثيرا فقد تحقق أهم أحلامي الجديدة حيث صرت أحلم بالزواج من رجل يقطن العاصمة ويسكنني في بيت يشبه إلى حد ما بيت سيدتي.. سأنجب طفلين ولد وبنت وأطلق عليهما أسماء جميلة من "الموضة" وسيدرسون بمدارس تحبّبهم في العلم.. وسأستضيف أمي وإخوتي الذين لم يغادروا الريف يوما ليروا وجها آخر للحياة..
مديحة بن محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.