منذ فشل فريق الترجي الرياضي التونسي في إحراز لقب كأس رابطة الأبطال الإفريقية والتغييرات تتلاحق في هذا الفريق على أكثر من صعيد إداريا وفنيا، بل التغييرات شملت الفروع الأخرى، ولكننا هنا سنقصر حديثنا على بعض ما جرى في فرع كرة القدم أكابر. فالبداية كانت مع إقالة المدرب فوزي البنزرتي وتثبيت مساعده ماهر الكنزاري مدربا أول للفريق، وقد قيل إن الكنزاري سيظل في موقعه حتى آخر الموسم فإذا به يظل في موقعه حتى آخر سنة 2010 لا غير. ثم وقع الاتفاق مع نبيل معلول على أن يتولى مهمة مدير رياضي أو مدير فني في الفريق. وفي الأثناء راجت أخبار مفادها أن إدارة الترجي تجري اتصالات مع المدرب الفرنسي روجي لومار ليتولى تدريب الفريق وطبعا مثل هذا الأمر يتعارض مع التأكيدات السابقة على أن ماهر الكنزاري سيكون المدرب الأول للفريق حتى نهاية الموسم. إلا أن رياح التغييرات ظلت تهب على فريق باب سويقة، فتقررت يوم الاثنين إقالة ماهر الكنزاري وذلك بعد الانتصار على النادي الرياضي بحمام الأنف في الجولة الختامية من مرحلة الذهاب من الرابطة المحترفة الأولى وبقاء الترجي في المرتبة الأولى بفارق أربع نقاط عن ملاحقه المباشر النجم الرياضي الساحلي، وجاء نبيل معلول الذي عين قبل أيام مديرا فنيا مدربا أول للفريق وحدد يوم الأربعاء 29 ديسمبر 2010 موعد شروعه في مهامه. وبذلك يصبح أحباء الترجي مطالبين بانتظار يوم الاثنين من كل أسبوع لعلهم يسمعون أخبارا جديدة تهم إقالة هذا أو ذاك وتعيين زيد أو عمرو.... وإزاء هذه التغييرات المتسارعة كان لا بد من طرح بعض الأسئلة التي تبدو ضرورية جدا، وأولها: هل هذه التغييرات المتتالية جاءت وفق انفعالات خاصة ووفق أهواء أصحابها أو صحابها وردود فعل آنية متسرعة من قبلهم على بعض الأحداث والمواقف؟؟ أم هي جاءت وفق برنامج متكامل ومشروع واضح المعالم خطط له مسبقا وقد أقرته إدارة الترجي منذ مدة بعد دراسة مستفيضة لوضع الفريق وتحديد متطلبات هذه المرحلة وما تلك التغييرات في الأخير إلا عدد من مكونات ذلك المشروع؟؟ ثم هل كانت إقالة فوزي البنزرتي ضرورية؟؟ ولماذا أثبت ماهر الكنزاري مدربا أول في الفريق ثم بعد أربعة أسابيع بالضبط ( عين يوم الاثنين 29 نوفمبر 2010 وأقيل يوم الاثنين 27 ديسمبر 2010) تتم إقالته؟؟ وهل نبيل معلول رجل هذه المرحلة والمدرب المناسب للفريق في مثل هذه الظروف؟؟ في البدء لا بد من التأكيد على غياب الثوابت في النادي وانعدام النظرة الإستراتيجية المتكاملة التي تقدم التصورات حول متطلبات الفريق المستقبلية انطلاقا مما يعيشه من أوضاع ومما يلاقيه من صعوبات في حاضره على أكثر من صعيد (مسائل إدارية مسائل فنية مسائل متصلة بالانضباط نقائص تبدو في الفريق في حراسة المرمى أو في خط الدفاع أو في الوسط أو في الهجوم أو في جميع هذه الخطوط والمراكز...) ثم تطرح الحلول والآليات الممكنة التي تمكن من تأمين تلك المتطلبات المحددة سلفا. ومن المؤكد أن كل هذه التغييرات التي طالت أكبار كرة القدم في الترجي كانت متسرعة وناتجة عن ردود فعل متشنجة وآنية، ولم تكن أبدا نتيجة مشروع متكامل يراد تحقيقه وتجسيده على أرض الواقع في الترجي. فإقالة فوزي البنزرتي لم تكن قرارا صائبا وفي وقته لأن هذا المدرب على الرغم من بعض سلبياته وأخطائه والنقائص التي بدا عليها قام بعمل كبير في الفريق وانتقل به من فريق يعاني كثيرا من المصاعب إلى فريق مهاب، ففاز معه الترجي بالبطولة العربية للأندية البطلة وببطولتين محليتين ووصل به إلى الدور النهائي لكأس رابطة الأبطال الإفريقية، وحتى الهزيمة المخجلة التي تلقاها الفريق ضد مازمبي في النهائي ذهابا من رابطة الأبطال الإفريقية لا يتحمل فيها البنزرتي المسؤولية كاملة، ثم إن المستوى المهزوز الذي أصبح عليه الفريق بعد انتهاء المغامرة الإفريقية مفهوم وعادي لأن التعب البدني والذهني الكبير أثر في اللاعبين الذين من المتوقع أن يعودوا إلى سالف مستواهم بعد أخذهم قسطا من الراحة، ومن المتوقع أن يتحسن مستوى الفريق بعد انتداب عدد من اللاعبين في المراكز التي تراءت فيها النقائص. أما عن سلوكات فوزي البنزرتي وتصرفاته فمعلومة لهيئة الترجي من قبل أن تتعاقد معه وذاك هو فوزي البنزرتي بخصاله ومساوئه... ولكن بعد إعفاء البنزرتي أحسنت هيئة الترجي التصرف وأصلحت خطأها حين ثبتت ماهر الكنزاري مدربا أول، لأن هذا المدرب أمضى أكثر من ثلاث سنوات في الترجي مدربا مساعدا لأربعة مدربين تداولوا في هذه الفترة على تدريب الفريق وهم كابرال ثم الزواوي ثم ديمورايس ثم البنزرتي، وهو منذ مدة ينتظر الفرصة ليثبت جدارته بتدريب الفريق كمدرب أول، وقد برهن في عديد المرات في الفترات الانتقالية بين إعفاء مدرب والتعاقد مع آخر على أنه مدرب يُعتمد عليه. ومنذ بداية إشرافه على الترجي قام بإدخال عدة تغييرات على التشكيلة الأساسية وفتح الباب أمام اللاعبين الشبان أبناء الفريق حتى يلعبوا مما جعل الفريق يبدو مفكك الأوصال لا يوجد تناسق وانسجام بين خطوطه، وهذا الأمر عادي وطبيعي، وسيتحقق هذا الانسجام والتناسق مع مرور الوقت خاصة وأن هناك فترة راحة أولى وثانية ستمكنان ماهر الكنزاري من تعديل أوتار المجموعة وتحسين أدائها، بالإضافة إلى إمكانية انتداب عدد من اللاعبين في الميركاتو الشتوي دون أن ننسى أن هذا المدرب يعرف كل صغيرة كبيرة عن الفريق وهو الأقرب من غيره لتدريب الترجي في هذه المرحلة. فلماذا إذن التسرع في إعفائه من تدريب الترجي على الرغم من التأكيدات السابقة على إعطائه الفرصة كاملة وعلى تمكينه من القيام بمهمته حتى آخر الموسم؟؟ وهل أصبح كل شيء في الترجي متحولا متغيرا في كل آن وحين وغابت كل الثوابت وكل المرتكزات التي كانت تميز هذا الفريق وجعلته يعالج أزماته المختلفة بحنكة وتروّ وثقة في النفس حتى صار في وقت من الأوقات مضرب الأمثال في التنظيم وحسن التصرف؟؟ وهل صار إعفاء المدربين من مهامهم في تدريب الترجي أمرا يسيرا يُقرر ويُطبق في لحظات؟؟ يوم الاثنين ذهب البنزرتي وعين الكنزاري مدربا أول، ويوم الاثنين ذهب الكنزاري وجاء نبيل معلول مدربا أول وهو الذي كان في بطالة تدريبية منذ أربع سنوات تقريبا أي منذ أن تخلى عن خطته كمدرب مساعد في المنتخب الوطني. والاتجاه سائر في الفريق إلى التعاقد معه لمدة أكثر من سنة و ذلك بحسب ما صرح به نبيل معلول نفسه في حصة ستاد 7، وهذا يعني أيضا أنه سيكون المدرب الأول وليس مساعدا للومار أو غيره مثلما أشيع...وإن ثمة ثلاثة مواقف من قرار تكليف معلول بتدريب الترجي. أما الموقف الأول فيرى أن بإمكان معلول أن ينجح في مهامه لأنه يجر وراءه سنوات من الخبرة كلاعب في الترجي ثم الإفريقي وفي المنتخب وكمدرب مساعد للومار في المنتخب لمدة أربع سنوات وكمحلل لمباريات من كرة القدم العالمية في فضائيات عربية مختلفة مما وفر له ذلك كثيرا من المعارف في عالم كرة القدم. وأما الموقف الثاني فيرى أن قرار التعاقد مع معلول غير صائب بالمرة، بل المجيء به إلى الترجي من أصله خطأ فظيع لأنه سيدخل الفريق في دوامة كبيرة. وفي كل الأحوال فإن معلول ليس أفضل من ماهر الكنزاري وهو الذي عاش بطالة تدريبية منذ أربع سنوات بالإضافة إلى أن إبداعه في التحليل الفني لا يعني بالضرورة أنه سينجح كمدرب أول وقد أتيحت له مثل هذه الفرصة سابقا أكثر من مرة ولكنه فشل في مهمته. وأما الموقف الثالث فيرى أنه كان من الأفضل لو وقع الإبقاء على مهام معلول كمدير رياضي أو مدير فني لأنه في هذه الخطة سيفيد الترجي كثيرا وهو المؤهل لوضع برامج مستقبلية ترتفع بمستوى فريق باب سويقة وتهيئه للفوز بكأس رابطة الأبطال الإفريقية التي تعد المطمح الأول للفريق وهدفه الرئيسي. فإلى أي مدى سينجح نبيل معلول في مهامه الجديدة بالترجي وسيوفق إلى تحقيق ذلك المطمح الأول؟؟ وكم من "اثنين" سيظل نبيل معلول صامدا في الترجي ومقيما في حديقة الرياضة ب ؟؟