بعد أن حمل أعوان الأمن في مختلف المدن شارات سوداء حدادا على زملائهم الذين قضوا أثناء الثورة و احتجاجا على ما أسموه تعتيما على أوضاعهم و على ما تعرضوا له من اعتداءات حملوا يوم الثلاثاء 19 أفريل 2011 شارات حمراء احتجاجا على تقارير لجنة تقصي الحقائق في التجاوزات و الانتهاكات الأخيرة التي يرون أنها تقوم على أساس انطباعات و شكوك هدفها استهدافهم و تشويه صورتهم و في الحقيقة هذه الاحتجاجات شبيهة باحتجاجات بقايا التجمع و هي محاولات يائسة لطمس حقائق ووقائع تثبت التورط و الانخراط في منظومة القمع و الفساد. في هذا الإطار يجب الإشارة إلى ما أكد عليه رئيس اللجنة توفيق بودربالة بعد زيارة أعضاء اللجنة لولايتي القصرين و سيدي بوزيد من أن رجال الأمن و بالإضافة إلى تورطهم في عمليات قتل متعمدة و مقصودة كانوا وراء عمليات اغتصاب لذكور وإناث و وراء اعتداءات بالرفس وبالماتراك , منعوا أهالي الشهداء من تشييع جنازات أبنائهم و اقتحموا منازل العائلات بهدف مضاجعة بناتهم . لا يمكن أن نقول سوى أن الشيء من مأتاه لا يستغرب طبعا لسنا نعمم فأينما نولى وجوهنا نجد الصالح و نجد الطالح فكما نجد رجال الأمن الصادقين والشرفاء الذين يضحون بالغالي والنفيس خدمة لهذه البلاد نجد أيضا من ترعرع في أحضان الفساد و يدين بالاستبداد يستخف بزى رجل الأمن الذي يرتدي و يعتبره رمزا للنفوذ و القوة و حجة لنهب البلاد و تركيع وترهيب العباد . جميعنا على الأرجح نتمنى لو كان رجال الأمن على حق و يحتجون لإظهاره ..لو أنهم لم يقمعوا المظاهرات و الاحتجاجات السلمية.. لو أنهم لم يعتدوا على الناس ولم يقتلوهم ..لو... لكن ما نيل المطالب بالتمني فتورط أعوان أمن في الانتهاكات خاصة المتعلقة بجرائم قتل أصبح ثابتا و كل من سولت له نفسه الاعتداء على أبناء وطنه يجب أن يحاسب مهما كانت الأسباب و المبررات و كما قال رئيس لجنة تقصي الحقائق في التجاوزات توفيق بودربالة فانه لن تشفع للمتورطين منهم مسألة أنهم كانوا ينفذون الأوامر لأن القوانين الوطنية و الدولية تحرم ارتكاب جرائم القتل . ما قاله رئيس اللجنة يبدو أنه آلم الكثيرين من أعوان الأمن الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون و فوق المساءلة و المحاسبة و لعل حادثة تهجم 50 عون أمن على المحكمة الابتدائية بسوسة و إخراج زميلهم من غرفة الإيقاف بالقوة يؤكد أن بيت الأمن لم يقع بعد تنظيفها و تنظيمها جيدا لهذا فان مسؤولية رجال الأمن الشرفاء في هذه المرحلة كبيرة وهامة تستوجب منهم مضاعفة الجهود لتطهير القطاع و إعداد أرضية جيدة لعلاقة جديدة خاصة مع المواطن قوامها الاحترام المتبادل .