كثرت هذه الأيام ظاهرة طرد الأمناء العامين للأحزاب السياسية من الولايات التونسية التي يزورونها فبعد طرد احمد نجيب الشابي أمين عام الحزب الديمقراطي التقدمي من بنزرت و القصرين وقابس وطرد احمد إبراهيم الأمين الأول لحركة التجديد من صفاقس واحمد فريعة وكمال مرجان من مدنين وتطاوين هاهي حركة النهضة تلقى نفس المصير في ولاية المنستير بل وتم الاعتداء على المركب الثقافي الذي كان سيحتضن اجتماع الحركة والتهديد بإحراقه من طرف بعض الشباب. فما السبب من وراء طرد السياسيين بمختلف توجهاتهم وهل ظاهرة العنف السياسي أصبحت الوسيلة الوحيدة للتعبير على الرأي ومواجهة الرأي المخالف. الكل بعلم أن الشعب التونسي بحكم 23 سنة من القمع لم يكن مهتما بالشأن السياسي الداخلي أو ربما كان خائفا من الخوض في الشأن العام إضافة إلى أن عديد الأحزاب والشخصيات السياسية المؤثرة كانت ممنوعة من التواصل مع الشعب وكان كثير من أنصارها إما في السجون أو المنافي وكانوا محرومين من إبداء أرائهم في وسائل الإعلام المحلية حتى التي تتمتع بمشروعية قانونية لذلك خلت الساحة من أي خطاب سياسي معارض وجدي يمكن أن يؤثر على الشباب إلا من الخطاب الخشبي للنظام المخلوع ومن يدور في فلكه. وحتى خطاب النظام الأوحد لم يكن بذلك المستوى الذي يستقطب الشباب والمواطن بصفة عامة هذا المواطن الذي ابتعد عن المجال السياسي إلى مجالات أخرى يلقى فيها راحته كالمجال الرياضي. وبعد الثورة شاهدنا نتائج التصحر السياسي الذي اعتمده نظام بن علي ضد التونسيين فاغلب الشعب التونسي لا يعرف التاريخ النضالي للأحزاب التي عارضت بجدية لذلك لا يشعر تجاهها بأية امتنان زد على ذلك إحساسه بان من قام بالثورة وأشعل جذوتها ليست النخب السياسية التي تعيش في برجها العاجي أو المنهكة بفعل ضربات نظام بن علي وإنما ذلك الشباب الموحد الذي نجح في إزاحة النظام وحده وافتخر بذلك إلى حد الغرور ثم شعر فجأة بان الأضواء أخذت منه لصالح النخب السياسية و بأنه أصبح ضحية انتهازية الأحزاب الوصولية التي تحاول استغلال تضحياته لمصالحه. ويمكن أن يكون طرد الأحزاب وأمنائها العاميين هو تسجيل موقف ضد من يريد تفتيت الوحدة التي كانت تميز التونسيين أثناء الثورة وأنهم يعاقبون بتلك الطريقة الجهات التي كانت وراء الانقسام الشعبي الذي يعيشونه اليوم لذلك كان هنالك نوع من العنف التي زادت في تأجيجها لصراعات الإيديولوجية والانقسامات الجهوية . طبعا انأ لا ابرر العنف ولكني أقوم بتحليله تحليلا موضوعيا لمجابهته والتقليل من مخاطره حفاظا على الاستقرار الوطني وللعلم فان العنف السياسي موجود حتى في الدول التي تعرف تاريخا مع الديمقراطية وكان العنف السياسي فيها اخطر مما تعيشه دواتنا التي تتحسس خطاها نحو ديمقراطية بناءة. إن الحل يكمن في مزيد دفع الحوار بين مختلف التيارات السياسية والفكرية ونزع فتيل الانقسام والابتعاد عن تأجيج المشاعر بين أنصار مختلف الأحزاب فكلنا تونسيون وكلنا أبناء هذا البلد. يجب أن تخصص فضاءات تناقش فيها المواضيع السياسية والفكرية لإشاعة ثقافة الحوار وعلى السياسيين إدانة العنف بكل أوجهه ضد أي حزب مهما كان مختلفا معه في الرأي وان لا يبقى صامتا لان صمته سيفسر على انه رضي على سياسة العنف . لذلك علينا أن نقول بصوت واحد بأننا كلنا تونسيون وبان وحدتنا قبل كل شيء.