توفيق بن بريك كاتب صحفي ومعارض تونسي ذاع سيطه داخليا وخارجيا ابان اعتقاله من طرف اجهزة المخلوع الامنية التي زجت به في السجن عقابا له على معارضة بن علي والتشهير بدكتاتورية النظام في الخارج فبعد ان قضى بن بريك ما تيسر من العقوبة في تونس التحق بفرنسا و ادلى باول تصريح لوسائل الاعلام الفرنسية حول ملابسات اعتقاله قائلا في رد عن اسئلة الصحفيين وكان الجواب انه اشتاق لمقاهي باريس رد مبهم وضبابي لا يمت باي صلة بالاسئلة المطروحة جعل الجمهور المتابع يغرق في التاويلات التي تؤدي به الى فرضيتين : فاما ان يكون ين بريك قد تعرض للتهديد او انه قد اعلن التوبة فلم يلبث وقت طويل بعد هذا التصريح الا وعاد توفيق ليشهر سيفه في وجه الدكتاتورية وبعلن انه سيواصل الكفاح ضد الانظمة الفاسدة والدكتاتورية ونادى انذاك بسقوط النظام وغيرها من الشعارات الثورية التي يتبناها مثقفونا بالمهجر ولهم الحق بذلك باعتبار ان النضال ضد الدكتاتوريات يأخذ أبعادا عديدة ويتخطى حواجز المكان المادية والحسية ليكون ما يمكن التعبير عنه بمعارضة المنجنيق اي من خارج الاسوار. سقط النظام البائد وتخققت تطلعات كل التونسيين المثقفين منهم والكادحين في التغيير وتجاوز القهر الاجتماعي والاقتصادي وانطلقت الاحتفالات والتهاني بنصر الشباب المبين وعاد مثقفونا الى ارض الوطن المحررة يثنون جلهم على دور الشاب بان الثورة ثورتهم والنصر نصرهم ولا يمكن لاي كان الركوب على ما جرى ونسبه لنفسه تواضع كبير لا يفهم معناه سوى من قضى حياته في خدمة الآخرين ومن اجلهم لا من يعانق السماء ويمشي مشية الديك المغرور. ففي اول تصريح لبن لريك عن الثورة التونسية قال فيه انه كان رسول الثورة التونسية تصريح مبهم كالعادة وغريب من مثقف يتوهم انه صنع ثورة بمجرد ترديد بعض الشعارات في الخارج او بمجرد بعض الكتابات .... فالانسان كما قال نيتشة يفضل وهما مطمئنا على حقيقة مؤلمة فبناء على هذا الوهم يبني الانسان المغرور خطاباته وهو الحال مع بن بريك الذي تجاوز مرحلة الافتاء والتنجيم الى مرحلة الانخراط في مماهاة الحقيقة والأوهام ليصدع لنا بتصريح متمم لفتواه الاولى جاء فيه انه بناءا على انه اول من صرح وتوقع سقوط النظام التونسي فانه سيكون اول رئيس الجمهورية التونسية الثورية. فمن حق اي مواطن تونسي تتوفر فيه شروط الترشح للانتخابات الرئاسية ان يقدم ترشحه ولكن ليس من حق اي مواطن تونسي أن ينسب البه شرعية شارك الجميع في صياغتها. ففي اول تصريح له لصحيفة مكتوبة تونسية وهي صحيفة الصريح بدا ان وهم التفوق والكبرياء قد تطور في ذات الكاتب ليصبح حالة مرضية تستوجب عناية فائقة وتمحيصا طويلا حتى يستطيع بن بريك الفصل بين الواقع والحقائق وعالمه الادبي الذي تحرك شخصياته واحداثه وفقا لاهوائه حيث انه يصف نفسه بالقط الاسود الذي يخافه بن علي ويصنف نفسه ضمن الشخصيات التي لا تحبذ العمل في العلن بل يتجاوز ذلك الى تصنيف نفسه من ضمن الأناس الذين لا يحبذون الارتماء في أحضان الإعلام ولا ندري اي إعلام يقصد بن بريك وهو الذي خصصت له وسائل الإعلام الفرنسية حيزا كبيرا من وقتها قبل الثورة... فكما الصبر طاقة لا يعرفها الا الصابرون فان التواضع ميزة لا يعرفها الا المناضلون فالملأى من السنابل تنحني بكل تواضع والفارغات رؤوسهن تتشامخ...