حادثة غريبة تلك التي حصلت في الندوة التي نظمتها شبكة تونس للحقوق والحريات بالتعاون مع المؤسسة العربية للديمقراطية حول "المال السياسي والانتقال الديمقراطي" حين قامت بتكريم بعض المناضلين السياسيين والحقوقيين والفنانين الحادثة تمثلت في رفض الجمهور تكريم كل من الفنان لطفي بوشناق والمنشط وليد الزراع بدعوى أنهم من أنصار النظام السابق وقد تعالت صيحات الجمهور المناوئة لوجود هذين الشخصين في الندوة أمر أجبر وليد الزراع على المغادرة على عجل في حين بقي لطفي بوشناق يدافع عن نفسه ورفض كل الاتهامات الموجهة لشخصه طبعا نحن لا نستطيع إلا أن نستنكر ردة فعل الحضور ومبالغتهم في التعدي على شخصيات مهما كنا نختلف معهم في المواقف والآراء لأنهم قبل كل شيء ضيوف على الندوة ولا يجدر بنا أن نهينهم بتلك الطريقة ثم إن تكريم بوشناق والزراع تم من قبل منظمات وجمعيات حقوقية وإن كان هنالك لوم فهو يعود على تلك المنظمات التي لم تحسن اختيار الشخصيات العامة لتكريمها. فكل من شبكة تونس للحقوق والحريات والمؤسسة العربية للديمقراطية قد ارتكبتا خطئا في تكريم شخصيتين مازالتا تحدثان جدلا في الشارع التونسي حول علاقتهما بنظام بن علي من عدمها في الوقت الذي يتم فيه نسيان شخصيات أخرى فنية أو سياسية أو حتى رياضية كان لها تاريخ مشرف في مقارعة النظام حسب ميدانها وقدراتها. فالزراع مع احترامي لشخصه لا يستحق كل هذا الاهتمام من قبل المنظمات الحقوقية فهو لم يقل كلمة حق ضد النظام السابق بل إنه طرد من نقابة المحاميين لدوره في الإساءة لهم ودعم حضور التجمع داخل النقابة كما أن ليس له تاريخ كبير في مجال التنشيط حتى نكرمه عليه. أما لطفي بوشناق وإن كان قيمة فنية كبيرة جدا فإن ذلك لم يشفع له لدى الجمهور, فبوشناق ارتبط اسمه بقائمة المناشدين ولعل هذا الأمر هو الذي دعي وزارة الثقافة إلى شطب اسمه في افتتاح مهرجان قرطاج هذا العام وكان يمكن للطفي بوشناق من هذه الأحداث أن وجوده في الندوة سيحدث بلبلة هو غني عنها وكان يمكن أن يتلافاها لكن نقدي لهاتين الشخصيتين لا يعني أبدا تخوينهما وإهانتهما بتلك الطريقة خاصة وأننا نعلم أن النظام السابق قد طغى على كل ميادين الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لذلك لا يمكن أن نحمل كل من بوشناق والزراع بصفة أقل ما لايحتملان ثم إن المنطق الثوري لا يعني بالضرورة الإقصاء لأن هذا المنطق أصبح هو نفسه في مأزق بعد أن تم اتهام كل النخب التونسية بالعمالة لبن علي إن منطق المصالحة مع المحاسبة هو المنطق الأسلم في هذه المرحلة وهذه المصالحة يجب أن تمس كل المجالات دون استثناء لبناء هذا البلد من جديد وكما قال الشعراوي "الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد" كريم