تعرض مقر قناة نسمة الفضائية الى محاولة مداهمة و اقتحام من قبل مجموعة من المواطنين على خلفية عرض هذه الأخيرة فلما ايرانيا يجسد بالصور الذات الالاهية و هو ما اعتبره هؤلاء المواطنون عملية استفزازية للمشاعر و المعتقدات الدينية خاصة مع امعان هذه القناة منذ الثورة في اثارة مثل هذه المشاكل العقائدية التي نتساءل بدورنا عن أهميتها في عملية الانتقال الديمقراطي و ماذا ستقدم معالجتها الآن للثورة و متطلباتها. ان تونس ليست بحاجة الآن الى الدخول في مثل هذه المتاهات الشرعية و الفقهية التي لا تسمن و لا تغني عن جوع بل للثورة مشاكل اخرى أهم وأجدر من هذه المراهقات الإعلامية التي تضمر خلاف ما تظهر و تسعى فاعتقادي الى استفزاز شريحة معينة من الشعب التونسي و محاولة استدراجه الى العنف و نحن نعيش على وقع العرس الانتخابي. باسم الحرية الإعلامية دافعت قناة نسمة في بيان لها عن خياراتها و اسباب بثها لهذا الشريط الذي قالت أنه بث من قبل في ايام قرطاج السينمائية و لكن السؤال المطروح هل تعتبر أيام قرطاج وسيلة اعلام عمومية؟ و باسم الدفاع عن العقيدة و الدين حاول هؤلاء المواطنون اقتحام مقر هذه القناة استجابة لمنبه شديد العدوى و التطور لكن هل يبرر هذا استعمال العنف والخروج عن القوانين التي تجرم مثل هذه الاقتحامات؟ فنحن نتذكر جميعا ما خلفه عرض الشريط السينمائي للمخرجة نادية الفاني من اعمال عنف و البلاد تعيش ظروف امنية هشة و ها نحن الآن نعيد الكرة و البلاد تستعد لانتخابات حاسمة . من دون شك أن ادارة قناة نسمة تعرف جيدا و مسبقا مخلفات بث مثل هذه الأفلام كما تعرف جيدا ردة الفعل المنتظرة لكنها تمضي قدما في تنفيذ أجندة سياسية يفترض أن لا يضطلع بها الإعلام اذا افترضنا جدلا أن القناة هي وسيلة اعلامية. فاعتقادي ان السبب الرئيس في مثل هذه التصرفات اللامبالية و الرامية الى تعكير الجو العام الانتخابي و محاولة التأثير على الرأي العام الانتخابي ليس المواطن و لا قناة نسمة بل هو غياب الاليات الجزرية و العقابية لمن يخالف القوانين و الفصول الدستورية باعتبار ان القانون التونسي يجرم الاعتداء على الذات الإلاهية و يعتبر تجسيد الاله في الأعمال الفنية مخالفا للمتعارف عليه تونسيا و دعوة غير مباشرة من الجهة الباثة للعنف و المس بالسلم الاجتماعي. ففي ظل الصخب الكبير الذي لحق عرض هذا الشريط للعموم مازالت وزارة الشؤون الدينية تغط في نوم عميق أما الهيئة العليا لا صلاح الإعلام و الاتصال فان مثل هذه التجاوزات المهددة للسلم الاجتماعي ليست من مشمولاتها.