أقول للسيد الباجي قايد السبسي أو بجبوج كما يحلو للبعض أن يناديه- لقد سكت دهرا و نطقت كفرا. نداء تونس، كلمة حق أريد بها باطل. طرحت نفسك بديلا سياسيا عن كل البدائل و أوهمت الناس بأنك تملك عصا سحرية تستطيع بها أن تحل جميع مشاكل تونس و توهمت أنك رجل الدولة الذي يصلح أن يكون منقذا للبلاد و العباد في كل زمان. رفعت شعارا و على الأرجح سوقت منتوجا سياسيا جديدا، قوامه الصدق في القول و الإخلاص في العمل. و ربما صدقك بعض البسطاء من الناس و دعمك تجار الشعارات الجوفاء من أصحاب المصالح، فصرت تصول و تجول و تهاجم و تناطح و تبارز.....أردت أن تعيد عجلة الزمان إلى الوراء حين لبست رداء البورقيبية و نفخت في كير الدستورية و طرحت نفسك بديلا عن المجاهد الأكبر فكنت الأكبر في الخداع و النفاق و الكذب و التلبيس على الناس حتى استحقيت أن تكون المنافق الأكبر بامتياز و بغير منازع. قلت يوما و الناس عليك شهود، أنك لن ترينا طلعتك البهية بعد انتخبات الثالث و العشرين...فصدقناك. اعتبارا لتقدمك في السن و ما ظهر عليك من تعب السنين و لثقل الأمانة....صدقنا أنك تريد أن ترتاح كما فعل غيرك. كان الأجدر بك أن تطلق السياسة بالثلاث، فلربما كتب لك التاريخ حسنة تذكرها الأجيال حين يكون الإعتزال مكرمة....ولكن، ما حدث خلاف ذلك. مبادرات و مناورات و رحلات مكوكية إلى دول غربية و عربية. إتفاقات سرية و مؤامرات ودسائس و تحريض على الشرعية. إتصالات من هنا و هناك يحرصها المال الفاسد والمصالح المغرضة حتى إذا نضجت الطبخة، كان النداء..... نداء تونس، طرح جديد و لأول مرة يصدقنا البجبوج. فتونس حقا تناديه لو أصاخ السمع قليلا لسمع ندائها و هي تستغيث و تصرخ به أن إرحل...إرحل...فالزمان غير الزمان. إرحل و خذ معك جميع أزلام الظلم والطغيان و سنوات الجمر. خذ كل المنافقين و المتملقين و المتلونين وسراق الأحلام. خذ تجار الشعارات و أصحاب المال الفاسد و أنصار التطبيع وأصحاب المبادرات الإستعمارية المقيتة. إرحل و خذ معك كل المظالم والجراحات و دموع الأيتام و حيرة الضعفاء و أنات المحرومين. إرحل فليس لأمثالك مكان في تونس الحرية و العزة و الكرامة. تونس التي لفظتك و نفضت منك أيديها بعد ما عرفت حقيقتك و شهدت كل جرائمك في الماضي و الحاضر. تونس الزمان و المكان الشاهد و الشهيد عليك يوم يقوم الناس لرب العالمين. يوم يشهد عليك سمعك و بصرك و يدك و رجلك و يشهد عليك الحجر و الشجر و جدران الزنازين و المعتقلات الجماعية. يوم ينطق الله كل شيئ حولك و يخرس لسانك الذي نطق زورا و بهتانا و تلفيقا طيلة عقود من الزمان هذا هو نداء تونس الذي لم و لن تسمعه أبدا....و اين منك السمع و البصر و قد بلغت من الكبر عتيا و ثقل سمعك و قل فهمك و بت ألعوبة تحركها أياد خفية طالما اقتاتت من الظلم و بنت قصورها على جماجم الأحلام لألاف من المقهورين و المضطهدين في الأرض. أولائك المستكرشين الذين صدقوا أن عجلة الزمان يمكن أن تعود إلى الوراء و أن من مات يمكن أن يعود إلى الحياة فتشبثوا بآخر أمل لهم في العودة من خلال مبادرة أقل ما يمكن أن توصف به، أنها نداء العار ..... نداء تونس، محاولة لإنقاذ البلاد و إخراجها من المأزق....و عن أي مأزق يتحدثون؟؟؟ و ممن سينقذونها؟؟؟؟ ينقذونها من أناس شهد لهم القاصي و الداني بالصدق و الأمانة و الإخلاص لتونس و شعبها. أناس دفعوا سنين من أعمارهم مطاردين ملاحقين بآلة الطاغوت التي لا تبقي و لاتذر. فحرموا لذة العيش حين كان غيرهم من المتسلقين يحصد الإمتيازات و يرقص على جراحهم و يتلذذ بعذاباتهم. أبناء تونس الأبرار الذين لم يبيعوا مبادئهم و لم يراهنوا على الظلم و كان بإمكانهم أن يفعلوا و لكنهم آثروا العذاب و التهجير و المصادرة....آثروا السجون و المعتقلات و المنافي على أن يبيعوا قناعاتهم و يوافقوا الظالم على ظلمه. أمن هؤلاء تريدون إنقاذنا؟؟؟ عجيب هذا الزمان. و أعجب من كل ذلك، هؤلاء الذين اصطفوا وراء النداء فلاحت وجوه الظلم و البهتان سافرة بغير غطاء و تعالت الأصوات التي خلناها خرصت إلى الأبد تنادي بحياة السبسي كما فعلت قبل ذلك مع سائر الطواغيت الذين يعف لساني عن ذكرهم. أهؤلاء الذين سينقذون تونس و تونس منهم براء إلى يوم القيامة. ما يملك هؤلاء غير الظلم و التعدي على الحقوق وانتهاك الأعراض. من عاش يطبل للظالم و ينصره، هل يملك أن يرد للناس حقوقها و أن يصلح البلاد و يطهرها من الفساد و المفسدين. للأسف أقول، فاقد الشيئ لا يعطيه. و لو أدرك السبسي حقيقة من تحلقوا حوله و نفخوا في صورته و تشبثوا به بديلا منقذا...لو أدرك حقيقتهم في لحظة صدق، لتبرأ منهم و لكن هيهات هيهات، فإن الطيور على أشكالها تقع.. ختاما أقول للسبسي، لا يغرنك مالك و لا صحتك و لا كثرة اللغط حولك، فإنك ستدخل قبرك وحدك و لن ينفعك أحد من هؤلاء بل سيكونون عليك ضدا و يكفرون بمبادرتك و يتبرؤون منك. و اعلم أن الله تعالى، يستدرجك لعذابه بما أطال من عمرك و أبقى عليك من صحة البدن فلا تفرح فإن الله بالمرصاد لكل ظالم. و قد أمهلك كثيرا فلم ترجع عن غيك فارتقب ما يحل بك و اذكر فراعنة الزمان قبلك و كيف صنع الله بهم لعلك تتوب قبل أن لا تكون توبة و لا يقبل منك دعاء....