الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    حركة النهضة تصدر بيان هام..    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النّار! (الجزء الخامس)


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد النبي الصادق الأمين
ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النّار!!
تعقيبا على بيان مجموعة 19
الجزء الخامس
كتبه : الشيخ محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي

17 – نداء للإجماع على ملك كذّاب!!
كيف تنادون أيّها الوطنيون بالإجماع على مبايعة "بن علي" لعُهدة رئاسية خامسة؟! وقد عرفتموه، كما عرفناه، وعرفه جميع أحرار تونس، أنّه حاكم كذّاب مخادع، يُخلف الوعود ويَنكُث العهود، ويكذب على شعبه، على ملإ من العالم كله، ألا تذكرون - يا أصحاب البيان - العهد الذي قطعه على نفسه في خطابه الذي ألقاه على مسمع ومشهد من الشّعب التونسي بأسره - غداة استيلائه على الحكم - حيث قال صراحة " إن شعبنا بلغ من الوعي والنضج ما يسمح لكل أبنائه وفئاته بالمشاركة البناءة في تصريف شؤونه في ظل نظام جمهوري يولي المؤسسات مكانتها ويوفر أسباب الديمقراطية المسؤولة، وعلى أساس سيادة الشعب كما نص عليها الدستور الذي يحتاج إلى مراجعة تأكدت اليوم، فلا مجال في عصرنا لرئاسة مدى الحياة ولا لخلافة آلية لا دخل فيها للشعب، فشعبنا جدير بحياة سياسية متطورة ومنظمة تعتمد بحق تعددية الأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية "[1].
أدلى "بن علي" بهذا البيان يوم 7 . 11. 1987. وبعد ثماينة أشهر من ذلك، وتحديدا في يوم 25 جويلية / تموز 1988 جرى تعديل المادّة 39 من الدّستور التونسي، فصار نصّها كالتالي: " ويجوز لرئيس الجمهورية أن يجدّد ترشحه مرتين متتاليتين "[2].
وهكذا ألغي بموجب هذه المادّة المعدَّلة، نظام الرّئاسة مدى الحياة، ويلزم حتما بمقتضى هذا النصّ الدّستوري، التّداول على الحكم في تونس، والقطع نهائيّا مع بدعة الرّئاسة مدى الحياة، وعدم الزّيادة - بأيّ وجه - عن مرّتين متواليتين في عدد الترشّحات. ومع مرور أربعة عشر عاما على انقلاب السّابع من نوفمبر البغيض، فقد ظلّ "بن علي" قابضا على مقاليد الحكم في البلاد، متنكّرا بذلك لجميع وعوده وعهوده، كما تنكّرَ عُرْقوبٍ لمواعيده!
وفي خطابه الآخر الذي ألقاه يوم 07. 11 . 2001 بمناسبة احتفائه بذكرى انقلابه 14 عاد "بن علي" وكرّر من جديد عهده للتونسيّين، قائلا " لقد عاهدنا التونسيين والتونسيات منذ التغيير على إرساء مقومات حياة سياسية متطورة، وبادرنا بإصلاحات كبرى عززنا بها دولة القانون والمؤسسات، وكرسنا إرادة الشعب، وألغينا الرئاسة مدى الحياة وعدلنا الدستور في ذلك الاتجاه، ونقحنا التشريعات المنظمة للحياة العامة، وأمنا الحريات وحقوق الإنسان في النص وفي الممارسة. وتقدّمت بلادنا خطوات مهمة على درب الديمقراطية والتعددية، في تمشّ ثابت الخطوات تفادى التقليد الآلي من ناحية والقفز في المجهول من ناحية أخرى. وهو ما جنّب بلادنا الهزات والنكسات، واستبعد مخاطر الإرهاب والفوضى..وإذ جددنا العهد سنة 1999 مع شعبنا للمضي قدما على هذا الدرب، فإننا عازمون على الدخول بالبلاد في طور جديد نعزز به النظام الجمهوري ومقوماته.. "[3].
ألا يحقّ بعد كلّ هذا، لجميع التونسيّات والتونسيّين، الذين عاهدهم "بن علي" على إلغاء الرّئاسة مدى الحياة، أن يسائلوه عن مصير ذلك العهد الذي قطعه لهم على نفسه، مع بقائه في منصب الرئاسة طوال هذه السنوات؟! مُخلفا بذلك وعدَه وناكثا عهدَه! والله سبحانه يقول (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل : 91] . ( وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) [الإسراء : 34] .
إذ لو صحّ ما ادّعاه "بن علي" من إرسائه مقوّمات حياة سياسية متطوّرة، وما بادر به من إصلاحات كبرى عزّز بها دولة القانون والمؤسّسات وتكريسه إرادة الشعب، وألغائه الرئاسة مدى الحياة، لما كان وجه لبقائه في منصب الرئاسة طوال أربعة عشر عاما! والحال أنّ التّعديل الدّستوري الذي أمضاه بيده، ثمّ نُشر بالرّائد الرّسمي، قد حصر بالمادّة 39 حقّ الترشح للرئاسة في مرّتين متتاليتين[4] لا ثالثة لهما!! فبأيّ وجه إذن يستأثر "بن علي" بالرّئاسة طوال هذه الأعوام؟! إلاّ أن يكون حاكما كذّابا مخادعا، يُخلف الوعود، وينكُث العهود!
ولو أنّ "بن علي" قنع بمدّة الأربعة عشر عاما، تلك التي استأثر فيها لنفسه بمنصب الرّئاسة، فقرّر بعدها التخلّيَ عنه طواعية! بعد أن حقّق من انقلاب السّابع من نوفمبر غايته، بأن قضى من منصب الرئاسة لُبَانَتَهُ! لتعُود تونسُ إلى نظام التّداول على الحكم، طبقا للدّستور، لهان الخَطْبُ وخَفَّ الكَرْبُ، ولكن الرّجل مضى في طغيانه وغيّه وغُلوائه! وكأنّه يريد أن يتحكّم في رقاب التّونسيين إلى يوم يُبعثون!
- استئثار بن علي بالرئاسة واحتقاره للتونسيّين!
فها هي ثنتان وعشرون سنة مرّت على بيان السّابع من نوفمبر، وما اشتمل عليه من عهد، وما أعقبه من تعديل دستوري، تمّ بناء على ذلك الوعد، ولا يزال "بن علي" حتّى اليوم - ونحن في عام 2009 - يتربّع على عرش تونس على الدّوام، مع إصراره على المزيد من السّنين والأعوام!
ألا يكفيكم - يا أصحابَ البيان - كلُّ هذا دليلا على أنّ "بن علي" حاكم مُخاتِل وكذّاب مخادع، يُخلِف الوعود وينكث العهود، ويكذب على شعبه؟!
أما سمعتم إعلانه يوم 30 جويلية 2008 في افتتاح أشغال مؤتمر حزب التجمّع الدّستوري، عن ترشيح نفسه باسم هذا الحزب لانتخابات2009 [5]، أي قبل ما يزيد عن عام من الموعد القانوني لتقديم الترشّحات لهذه الانتخابات! وما أن حلّ أجل تقديم مطالب التّرشّح بصفة رسمية يوم الإربعاء 26 أوت 2009، حتى كان "بن علي" هو أوّل من بادر – وكأنه يسابق الزمن سرعةً! مخافة أن تفوته الفرصة - بترشيح نفسه لعُهدة رئاسية خامسة! كما أخبرت بذلك وكالة تونس افريقيا للأنباء، إذ تقول في برقية لها " تحوّل الرئيس زين العابدين بن علي صباح أمس الاربعاء الى مقر المجلس الدستوري بباردو حيث تولى تقديم ترشّحه للانتخابات الرئاسية التي ستجرى يوم 25 اكتوبر 2009"[6].
هكذا قدّم "بن علي" طلب ترشّحه للرئاسة للمرّة الخامسة! دون أن يساوره حياء أو خجل، أو ترتعش له يد من إخلاف وعده ونكث عهده!
ألا يرى كلّ حرّ نزيه، في تكالب "بن علي" على السّلطة، وإصراره على الاستئثار بمنصب الرئاسة لنفسه، بعد اثنين وعشرين عاما من الاستبداد والظلم والفساد، مدى احتقاره للتونسيّات والتونسيّين، الذين أقرّ لهم بنفسه على نفسه بأنّه عاهدهم على إلغاء الرّئاسة مدى الحياة، ثم هوذا ينكث عهده في كلّ مرّة وينقض وعده! مستخفّا بعقولهم! ومستهينا بأقدارهم وشؤونهم! ومعلوم من دين الإسلام وأحكامه وأخلاقه وآدابه، أنّ إخلاف الوعد ونكث العهد من علامات النّفاق، وَمَاصْدَقُ ذلك في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – حيث يقول " آيةُ المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمِنَ خان"[7]. وما أصدق قول أبي العتاهية:
إنّما المكر والخديعة في النّار وهما من خصال أهل النّفاق
وقد يحاجّنا "بن علي" وسَحَرَتُه وسَمَاسِرَتُه - وما أكثرَهم - في دفع تلك التّهمة عنه، بكذبة الاستفتاء الشّعبي على الاصلاح الدّستوري، الذي صدر به الأمر الرئاسي عدد 629 لسنة[8] 2002، والذي جرى في تونس يوم 26 ماي 2002. وأقرّه بزعمهم الشّعب التونسي بالإجماع[9]. وصدر بذلك القانون الدستوري عدد 51 المؤرخ في 1 جوان 2002.
وهذا عين ما احتجّ به فعلا أحد أولئك السَّحرة، في مقال له بعنوان "الاستفتاء الدّستوري في تونس والتأسيس لجمهورية الغد ". وممّا جاء فيه: " لقد أعاد بن علي للشعب سيادته لأول مرة في تاريخ تونس الجمهورية من خلال عرض الإصلاح الدستوري عليه ليقول فيه كلمته الفصل فجاء اختيار الشعب لنعم بمثابة البيعة الشاملة للرئيس لمواصلة قيادته لتونس ولمواصلة سياساته التنويرية والتقدمية... كما أن الإصلاح الدستوري سيسحب البساط من تحت أقدام المزايدين في الداخل والخارج وسيعرف الجميع أن الشعب التونسي بإعطائه باجماعه على الإصلاح الدستوري إنما أكد مرة أخرى تشبثه بالرئيس بن علي باعتباره المؤتمن الوحيد على قيادة البلاد والشعب نظرا لما برهن عليه من سداد خيارات وصواب رؤى وأعمال "[10].
وذهب ساحر آخر، في تبرير استمرار "بن علي" في منصب الرّئاسة، قائلا " مباشرة إثر تغيير السّابع من نوفمبر 1987 كان من أولويات المشرّع التونسي تطهير الدستور مما علق به من شوائب وتطويره ليستجيب للواقع الجديد في تونس. فبادر في أوّل تعديل دستوري إلى حذف الرئاسة مدى الحياة وحدد عدد الترشحات للرئاسة عند ثلاث ترشحات متتالية، وضبط السن القصوى للمترشح عند 70 سنة، وهذا يعكس الحرص على القطع الصارم والجذري مع ممارسة حادت بالنظام الجهوري عن مساره الطبيعي. لكن اليوم، بعد مضي 14 سنة على هذا التصحيح، وبعد ما شهدته البلاد تدريجيا من خطوات هامة على درب تثبيت البناء الديمقراطي بما يتناسب وتطلعات الشعب التونسي، ألا يجوزالتفكير في مراجعة تلك التحديدات التي أفرزتها ردة فعل على ممارسات سابقة ما دامت المراجعة تنصهر تمام الانصهار في النظام الجمهوري؟ وما الذي يمنع من فتح عدد الترشحات وحذف شرط السن القصوى ما دام الشعب هو الذي سيختار المرشح الذي يراه الأقرب لتحقيق تطلعاته؟ وبأيّ حقّ يسلب ناخبو الغد حقهم في اختيار مرشح أثبت اليوم جدارته وتميزه في قيادة شعبه نحو لأفضل؟ فما الأقرب للنظام الجمهوري: تمكين الشعب من حرية اختيار رئيسه أم وضع الحواجز أمامه للحيلولة دونه وذلك؟ هذه التساؤلات تعكس في الواقع الإشكال المطروح اليوم وتأكد من خلال ما عبر عنه الشعب التونسي بتلك الموجة العارمة من النداءات الموجّهة إلى الرئيس بن علي مناشدة إياه الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2004"[11].
وأعجب - والله - من هذا المنطق المعكوس! الذي لا يصدر إلا عن صاحب قلب منكوس وعقل منحوس! كهذا السّاحر الكذّاب! الذي يرى في إلغاء الرئاسة مدى الحياة، وتقييد عدد الترشّحات، وتحديد السنّ القصوى للرئيس! تحديدات لا لزوم لها!! وأنّها ينبغي مراجعتها والتّراجع عنها! ما دام الشعب هو الذي سيختار المرشّح الذي يراه الأقرب لتحقيق تطلّعاته! وهكذا شرّع هذا السّاحر الأفّاك لبن علي التفرّد اليوم بالحكم، وزاد على ذلك بفرضه على ناخبي الغد كذلك! متجاهلا ما جرّه ذلك التراجع الآثم عن تلك التّحديدات من تقييد إرادة التونسيين، وغلّ إيديهم عن زحزحة "بن علي" عن كرسيّ الحكم بعد أن تسمّر فيه لحدّ الالتحام به إلى الأبد؟! وهكذا كما قال "بن علي" في خطابه "تقدّمت بلادنا خطوات مهمّة على درب الديمقراطية"، حيث لم يبق لنا نحن التونسيين من سبيل لتداول الحكم بصفة سلمية إلا أن نستعجل نزول مَلَكَ الموت على قصر قرطاج ليخلّصنا من هذا الكابوس! الذي ران على القلوب والنّفوس! وبهذا فقط تتحقّق (الديمقراطية)! على الطريقة التونسية في أجلى مظاهرها!!
إنّ تهافت كلام هؤلاء السّحرة وتضاربه، يجعل كلّ كلمة منه تحمل بذور نقضها في ذاتها، بما أغنانا عن تتبّعها بالنّقد والتفنيد والنقض! وصدق الله العظيم حيث يقول" (وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) [يونس : 77] . (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) [طه : 69] .
لقد كشف سَحرةُ "بن علي" بذلك الكلام المتهافت، النّقاب عن حقيقة الاصلاح الدستوري، وأنّه ما كان إلا حيلة شيطانية أو خديعة إبليسية، حَبَكها له سحرته بدسّ تعديلات الموادّ الثلاث الخاصّة برئيس الجمهورية في ضمن رُكام التعديلات الكثيرة الأخرى، التي شملت أكثر من نصف موادّ الدّستور، فصارت تعديلات الموادّ الثلاث، في ذلك الرُّكام من التعديلات، أشبهَ ما تكون بالعَينِ المُنْغَمِرَةِ[12] أو المتحلّلة في جابية أو بِرْكَةِ ماء! فلا يُوقَفُ لها فيها على أثر، وهكذا انغمرت تعديلات الموادّ الثلاث في بحر تلك التعديلات الشاملة! حتى أنّها ما تسترعي نظر القارئ! وما يكاد المرء ينتبه إليها أو يتوقّف عندها، في غمرة تلك الحملة الدّعائية الكبرى التي حفّت بالاستفتاء، فأصمّت الآذان وشوّشت العقول والأذهان، وصرفت الأنظار عن التأمّل في مراميه ومقاصده، إلى الاهتمام بأشكاله ومظاهره!!
وهكذا توسّل "بن علي" بحيلة الاستفتاء إلى الدّسّ والتّدليس على الشّعب التونسي في سبيل الاستئثار بمنصب الرئاسة لنفسه مدى الحياة! محرّفا بذلك إرادة الشّعب التونسي! عِلماً بأنّ أهالي تونس الذي صوّتوا سنة 2002 في الاستفتاء على التعديلات الدّستورية صُبرة واحدة، بنَعَمْ! لم يخطر ببالهم حينها، ولا دار بخلدهم قَطُّ، أنّ ذلك " بمثابة البيعة الشّاملة للرئيس لمواصلة قيادته لتونس" كما ادّعى هذا الكذّابُ الأشِر!!
فكيف يجري تحريف إرادتهم بحمل موافقتهم على الإصلاحات الدّستورية على أنّها مبايعة لبن على على الرّئاسة مدى الحياة"؟! ولو صحّ هذا، لكان مُؤدّاهُ العودةَ إلى ما كان عليه الحال في عهد بورقيبة! بعد تقليده الرئاسة مدى الحياة بموجب التّعديل الدّستوري الذي أُجري في 19 مارس 1975 المتعلق بتنقيح الفصلين 40 و51 من الدّستور لإقرار الرئاسة مدى الحياة"[13]. وإذا كان هذا هو الغرض الحقيقي من وراء ذلك الإصلاح الدّستوري، فأيّ مصداقية إذن بقيت لبيان السّابع من نوفمبر، وفِيمَ كان تعديل المادّة 39 من الدّستور، وفيمَ كان الاستفتاء الشعبي الذي يتبجّح به "بن علي" وسحرته وسماسرته؟! إذا كان من شأن كلّ ذلك أن يُفضي إلى وضع مقاليد الحكم والرّئاسة كلّها بيد "بن علي" إلى الأبد! والانتكاس بتونس إلى العهد البورقيبي البائد!
فأين هو ما يسمّونه العهد الجديد أو عهد التحوّل والتغيير! الذي يتشدّقون به طوال 22 عاما، وهذه دار لقمان على حالها! بل هي اليوم أسوأ حالا ممّا كانت عليه!! وإذا تأمّلنا في صيغة الاستفتاء، كما نصّ عليها الفصل 2 من الأمر الرئاسي عدد 629 حيث يقول:
يجيب الناخب بكلمة "نعم" أو بكلمة "لا" عن السؤال التالي :
"هل توافق على مشروع القانون الدّستوري المتعلق بتنقيح بعض أحكام من الدستور، الذي وافق عليه مجلس النواب في جلسة يوم الثلاثاء 2 أفريل 2002 والذي تمّ نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية؟[14]"
إذا تأمّلنا في هذه الصيغة: (نعم! أو لا!) أدركنا الخدعة الكبرى التي ينطوي عليها هذا الاستفتاء! حيث لم يمكّن هذا الفصلُ أهاليَ تونس من فحْص التّعديلات المعروضة عليهم، أو حقّ الاختيار بينها، وذلك برفض بعضها، وقبول بعضها! وإنّما كان عليهم الإجابة بنعم أو لا! دون تفصيل أو تغيير أو تعديل أو تعليل! هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فليس الشّعب التونسي هو من صاغ تلك التّعديلاتِ المُجْراةَ على فصول الدّستور، وخصوصا ما تعلّق منها بالمادّة 39 والمادّة 40 ، والمادّة 41 وهي الموادّ الخاصّة برئيس الجمهورية؛ وليس الشّعب التونسي هو من اقترح تعديل هذه الموادّ، ولا أُخذ رأيه فيها أو استُشير في جواز تعديلها من عدمه، وذلك قبل إدراج هذا التعديل أصلا في مشروع القانون الدّستوري المتعلّق بما سمّوه الإصلاح الدستوري! فهل كان حال الشّعب التونسي حيال هذه التعديلات المفروضة عليه في الاستفتاء قَهْراً، إلاّ كما قال القائل:
ويُقضَى الأمرُ حين تَغِيبُ تَيْمٌ ولا يُسْتَأمَرُون وهم شُهودُ
فكيف إذاً يُحمَّلُ الشّعبُ التونسي وِزر جريمة احتيال "بن علي" وبطانته على الدّستور، وهي جريمة لا يدَ للشعبِ التونسي فيها، وإنّما نُسجت خيوطُها، وحُبِكت فصولها سرّا، بين القصر الرّئاسي بقرطاج وحزب التجمّع وقصر الحكومة بالقصبة، والمجلس الدّستوري ومجلسي النوّاب والمستشارين بباردو، ثمّ دُسَّتْ في مَغَابِنِ الإصلاح الدستوري وتلافيفه لتُقدَّم على مائدة الاستفتاء كالطُّعم المسموم! أو القرص المنوِّم للشّعب التونسي ليبتلعه طوعا أو كرها! كلّ ذلك لتمكين "بن علي" من تنفيذ حيلته، وتحقيق رغبته ودرْك غايته في الاستبداد بالحكم!!
- أخطر جريمة تدليس للدستور التونسي!
إنّنا نعتبر هذه التّعديلات الواقعة على هذه الموادّ الثلاث، هي أخطر جريمة تدليس، تعرّض لها الدّستور التونسي، منذ استيلاء "بن علي" على الحكم في انقلاب 7 . 11. 1987، مع ما جرّته هذه الجريمة من تحريف لإرادة الشّعب التونسي، وتعليق لمصير البلاد والعباد معاً بيد "بن علي" يفعل بهما ما يشاء! ويتصرّف فيهما كما يشاء!
وإذا كات التعديل الدستوري الذي أجري في 19 مارس 1975 قد أقرّ لبورقيبة – بصفة استثنائية - حقّ الرّئاسة مدى الحياة! فها هو التاريخ في تونس يعيد نفسه بتمكين "بن علي" كذلك من رئاسة مدى الحياة! ولكن بطريقة ملتوية!! حيث يحقّ له تجديد الترشّح للرئاسة، دون تحديد لعدد الولايات ما دام على قيد الحياة!! وإذا أخذنا في الاعتبار أعداد المنتمين - طوعاً أو كَرهاً - لحزب التجمّع الدستوري الحاكم الذي يتراءسه "بن علي" حيث يدعي قادته: أنه قد " ارتفع عدد المنخرطين فيه إلى حوالي (2.500.000 منخرط) سنةٍ2004 [15] - أي رُبع مجموع سكّان القطر التونسي، المقدّر بزهاء عشرة ملايين نسمة - كما يمثّل عدد النّاخبين المنتسبين لعضوية حزب التجمّع نسبة الثلثيْن من مجموع عدد النّاخبين التونسيّين!
إذا أخذنا في الاعتبار هذه النِّسبَ والاحصاءات والأرقام، أدركنا أنّ استحواذ "بن علي" على نسبة 90 % أو تزيد من أصوات النّاخبين، وما يستتبع ذلك من استئثاره لنفسه بمنصب الرئاسة، ما هو - كما يقال - إلا "ضرْبةُ لاَزِبِ"!!
وهكذا ارتدّت تونس بشؤم جريمة هذه التّعديلات الشيطانية إلى عهد الحكم الفردي الاستبدادي المطلَق! وهي خيانة عُظمى للشّعب التونسي، يحمل وزرها بطانة "بن علي" وقادة حزبه ومستشاروه، وعلى رأسهم "عبد العزيز بن ضياء"[16] العميد السّابق لكلية الحقوق بتونس، والذي اختاره "بن علي" وزيرا لرئاسة ديوانه، ثم بوّأه فيما بعد خطّة رئيس المجلس الدّستوري، ليعبّد له – بما له من مكر وخبرة في الحيل القانونية - الطريق إلى الرئاسة مدى الحياة! (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ) [الأنفال : 58].
- قراصنة 7 / 11 واختطاف الدولة التونسية!
وهكذا استحوذ قراصنة 7 / 11 على الدّولة، فأصبحت البلاد التونسية وأهلها، اليوم في قَبْضة طُغمة السابع من نوفمبر بقيادة "بن علي"، أشبهَ ما تكون بحال الطّائرة أو الباخرة المختطَفة بركّابها من قِبَلِ قراصنة أشرار، لا همّ إلا الاستحواذ عليها والاستبداد بها، واستلاب أمتعة أهلها واستصفاء ممتلكاتهم، وانتهاب أموالهم، مع تقييد تحرّكاتهم، وحصر أنفاسهم، وإحصاء حركاتهم وسكناتهم، ومع كلّ ذلك، فإنّ هؤلاء القراصنة غير مبالين ولا آبِهين بما يُلحقونه بالبلاد والعباد، من أخطار وشرور وأضرار!
لقد انقضّ "بن علي" على دُسْتِ الحكم في جُنح ظلام ليلة 7 . 11. 1987 على طريقة كبار اللصوص وقُطّاع الطّرق - وإذا كان اللصوص وقطّاع الطّريق، ومن يُخِيفون السبيلَ، إنّما يسلبون من النّاس أموالا أو متاعا، ثم يتسلّلون لِوَاذاً لا يلوون على شيء! فإنّ صاحب السّابع من نوفمبر، قد استولى على دولة بأسْرها، بأرضها وعِرضها وشَعبها وأهلها..! ليتربّع على عرشها مدى الحياة، بادّعائه - كذبا وزورا - الفوز في كلّ مرّة بالانتخابات! فهو، وإن اختلف مع سَلَفِهِ بورقيبة في طريقة التشبّث بالحكم مدى الحياة، فأنّ النتيجة واحدة، وهي استئثاره بمنصب الرّئاسة حتى الممات!!
كيف يا ترى يتّفق ادّعاء "بن علي" وزُمرته بإلغاء الرّئاسة مدى الحياة مع وجوده على رأس السلطة منذ 22 عاما، وهو يتحكّم في رقابنا تحكّم الاقطاعي الشرّير في رعايا الإقطاعية، بل تحكّم السّجّان في سُجناء أبرياء، أمرا ونهيا، وزجرا، وظلما وعسفا وقهرا!! وبأيّ وجه يستوطن "بن علي" القصرَ الجمهوري بقرطاج، كلَّ هذه المدّة؟! كما يستوطن الصّهاينة بيوت أهل فلسطين! ويصرّ مثلهم على مواصلة استيطانه إلى الأبد بترشحه لانتخابات 2009 وما بعدها، ما طالت به حياة!!
- على نفسها جنت بَرَاقِش!
إنّنا ندرك أنّ سحرة "بن علي" وسماسرته، قد لقّنوه حجّته! للإجابة على هذه المساءلة بما دبّجوه له في مختلف خطاباته، ومنها خطابه بمناسبة الاحتفاء بالذكرى 14 للانقلاب، حيث يقول " وأثّر في نفسي عميقَ الأثر..في ما عبّر عنه التونسيون والتونسيات، من مختلف الحساسيات والفئات طوال الفترة الأخيرة، من مشاعر الإخلاص والدّعوة لكي أواصل الإضطلاع بأمانة البلاد...فلهم مني خالص الشكر... ولتونس العزة والمناعة وللجمهورية ومؤسساتها مزيد الرسوخ والتقدم بما سيشملها إن شاء الله من إصلاحات. لتحيا تونس والعزة لشعبها "[17].
كما نجد جوابه كذلك في كلمته التي ألقاها فور تقديمه طلبَ الترشّح لانتخابات 2009، حيث أطلّ من أعلى بناية المجلس الدّستوري، وتوجّه بالتحية الى المواطنين والإطارات والمناضلين. وألقى فيهم الكلمة التالية: " أيّها المواطنون! أيتها المواطنات! تولّيت منذ حين على بركة الله ووفقا لأحكام الدستور تقديم ترشّحي لرئاسة الجمهورية تلبية لنداء الواجب وتجديدا للعهد معكم. فانتم الذين احطتموني بكل التاييد والمساندة. وانتم الذين عبرتم لي بحماسكم الفيّاض ووفائكم الدائم عن اصراركم على مواصلة مسيرتنا الموفقة معا نحو المستقبل. لذلك سأجدد العهد معكم تكريسا للثقة التي غمرتموني بها منذ تحول السابع من نوفمبر 1987 ويسعدني ان اعرب عن بالغ ارتياحي وفائق اعتزازي لهذه الثقة الغالية المتبادلة بيني وبينكم.. انني على العهد معكم جميعا. انني على العهد معكم لتحقيق المزيد من المكاسب ولتسجيل المزيد من النجاحات...[18].
هكذا اذا يبرّر "بن علي" وجوده على رأس السّلطة، طوال هذه السّنوات! فهو إنّما قدّم ترشّحه كما زعم: " تلبية لنداء الواجب وتجديدا للعهد معنا. فنحن الذين أحطْناه بكلّ التأييد والمساندة. ونحن الذين عبّرنا له بحماسنا الفيّاض ووفائنا الدّائم عن إصرارنا على مواصلة مسيرتنا الموفّقة معه نحو المستقبل. لذلك فهو سيجدّد العهد معنا تكريسا للثقة التي غمرناه بها منذ تحول السابع من نوفمبر 1987".
وفحوى كلام "بن علي" هذا، أنّه رجل مسكين، تقيٌّ وَرِعٌ نقيٌّ، زاهد في الحكم، زهادةَ السّلف الصّالح في الخطط والولايات! مُعْرِضٌ عن منصب الرئاسة إعراضَ أولئك السَّلَف عن تولّي الوظائف والمهمَّات! ولكنّنا نحن التونسيّين الذين أحطناه بكلّ التّأييد والمساندة! وأصْرَرْنا عليه ليواصل معنا المسيرة، وحتى ترشّحه لانتخابات 2009 إنّما جاء تجديدا منه للعهد معنا، وتكريسا للثقة التي غمرناه بها! منذ السابع من نوفمبر 1987، كما يقول!!
وهكذا فإن استمرار "بن علي" في الحكم، وترشّحه المتكرّر لتولّي منصب الرئاسة، مَرَدُّه إلى تعلّقنا نحن التونسيّين ببن علي هذا العبقري! وإصرارنا عليه ليواصل بنا المسيرة!! حيث خلت بلادنا التونسية في عهده (الميمون)! من الكفاءات!! وأقفرت بفضل تحولّ السّابع من نوفمبر(المبارك)!! من الرّجالات! الذين يصلحون لحكم البلاد، والعباد، ولم يبق فيها غير "بن علي" الألمعي العبقري!! وعلينا - تبعا لذلك - تحمّل كلّ ما يقع علينا منه أو من رهطه من مظالم! أو يسلّطونه علينا من مغارم! أو يصدر عنهم في حقّ البلاد والعباد من جرائم!
ولو تصوّرنا سقوط "بن علي" عن دُسْتِ الحكم، ومثوله يوما بين يدي محكمة عادلة لمقاضاته ومحاسبته، ومعاقبته – وعسى أن يكون قريبا – لََقَلَبَ لكلّ الذين بايعوه، وآزروه وناصروه، ونادوا بالإجماع عليه، ظَهْرَ المِجنِّ! ولوَقَف متنكّرا لهم كتنكّر الشّيطان لأتباعه كما حكى القرآن الكريم عنه ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم) [إبراهيم: 22] . وعندها يصدق على أتباع "بن علي" وأشياعه وأنصاره بمن فيهم أصحاب البيان 19، المنادين بالإجماع عليه! المَثَلُ القائل "على نفْسِها جَنَتْ بَرَاقِش"!!
وقد كنّا نبّهنا في الجزء الثاني من هذا التعقيب - في معرض فضحنا لحيلة الحصانة القضائية[19] التي انتزعها لنفسه بواسطة تعديله للمادّة 41 من الدّستور- إلى ما يُتوقّع من "بن علي" من تنكُّر وجُحود ونُكرانٍ للشعب التونسي!! وما مثلنا ومثله إلاّ كما قيل "سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ"!!
- ضرورة إلغاء النظام الرئاسي واستبداله بنظام الشورى البرلماني
لقد كان استحواذ "بن علي" على الحكم طوال تلك المدّة في مخالفة صريحة وصارخة للمادّة 39 من الدّستور، يستوجب من كلّ أحرار تونس، وخصوصا النُّخَبَ المثقّفة، مُطالبة "بن علي" بالتّقيّد بنصوص الدّستور، ودفعه للتنحّي عن الرّئاسة، أو عزله ومقاضاته، جزاءً وفاقا لمخالفته الدّستورَ الذي حدّد له حقّ التَرشّح لولايتين!
ولقد كان يتعيّن علينا معشر التونسيين - مع فشل أوّل تجربة في تطبيق المادّة 39 من الدّستور الذي رماه "بن علي" وراء كتفيه، بعد أن داس عليه بقدميه – القيام بمهمّتين ضروريتين لإصلاح نظام الحكم في البلاد وهما :
1 - إجراء إصلاح دستوري ، يقضي باعتبار المادّة 39 مادّة جامدة، أي غير قابلة - بأيّ حال من الأحوال - لأيّ تعديل أو تنقيح من شأنه أن يفضي إلى الزيادة في عدد الولايات البتّة، أو تشريع الرئاسة المؤبّدة لأيّ كان من الرؤساء والحكّام، لا بصفة دائمة ولا استثنائية! وهو إجراء معمول به في الدّستور الأمريكي، حيث يحجَّر تحجيرا تامّا على كلّ رئيس أمريكي – بالغا ما بلغ من العبقرية في إدارة شؤون الحكم والسياسة – من البقاء أكثر من ولايتين متواليتين في منصب الرّئاسة!
2 - إجراء إصلاح دستوري شامل، يقضي بإلغاء نظام الحكم الرئاسي في تونس، والقطع معه نهائيا، واستبداله بنظام برلماني قائم على قاعدة الشورى المُلْزِمة، وذلك قطْعا للطّريق على "بن علي" وأمثاله من المتكالبين على الحكم، وقطعا لدابر الاستبداد بحكم البلاد، أو استئثار أيٍّ كان بمنصب الرّئاسة لما جرّه علينا - ولا زال - من نكد وشقاء وتعاسة!
ومع تهاوننا نحن التونسيّين - وخصوصا نُخَبَنَا المثقفةَ - عن واجبنا في القيام بهذه الإصلاحات الضرورية، ها هو أكثر نصف قرن قد انقضى على شعبنا التونسي، وهو في قبضة اثنين من الطّغاة! حيث حكمنا الطاغية الأوّل – أعني بورقيبة - 30 عاما! ثم جاء في أخريات عهده بخادمه "بن علي" - الطاغية الثاني – ليضرب به الحركة الإسلامية!فارتدت الضربة عليه حيث انقلب الخادم على سيّده! فانتزع منه مقاليد الحكم! فصدق في المخدوم وخادمه قول أبي الطيب:
ومَن يَجْعَلِ الضَّرْغَامَ لِلصَّيدِ بَازَهُ تصيَّدهُ الضَّرغامُ فِيما تصيَّدَا
وهكذا نصّب "بن علي" - طاغية تونس الثاني - نفسه حاكما علينا، قسرا عنّا!! دون استشارة مناّ! وها قد مضى عليه اليوم 22 عاما، خرج علينا خلالها بخدعة الاستفتاء الكاذب على ما زعمه من إصلاح دستوري، متوسّلا بذلك إلى أن يفرض علينا حكمه الفرديّ الاستبداديّ الأبديّ!!
وهكذا ارتدّ "بن علي" بتونس وأهلها، بما زعمه في خطابه من أنها –"تقدمت خطوات مهمّة على درب الديمقراطية والتعدّدية" - 27 عاما إلى الوراء! لنجد أنفسنا مرّة أخرى، وجها لوجه مع رئاسة مدى الحياة! لا فكاك لنا منها، كتلك التي أقرّها مجلس النّواب عام 1975 لبورقيبة بصفة استثنائية!!
ومع ما كان في قرار مجلس النّواب ذاك عام 1975 من خيانة وطنية، وخطيئة سياسية وشرعية، ونقضٍ لأصول الدّستور ومبادئه، وتحريف لإرادة التونسيّين، والتعسّف عليهم، بتجريدهم من حقّهم الدّستوري في اختيار حكّامهم اختيارا حرّا - مع كلّ ذلك، وبقطع النّظر عن معاداتنا لبورقيبة من أجل عدوانه على الإسلام، وانتهاكه لحرمة مقدَّساته[20]، من جهة، واستبداده بالحكم من جهة أخرى - فقد كان قرارا صريحا خاليا من الخداع واللفّ والدوران، خلافا لخدعة الاستفتاء، وما اكتنفها من الكذب والزّور والبهتان! والتي اصطنعها "بن علي" لتشريع استئثاره بالرئاسة مدى الحياة! كما أوضحنا ذلك في الجزء الأوّل من هذا التعقيب.
وإذا كان لذلك القرار الظالم - القاضي بتقليد بورقيبة الرئاسةَ مدى الحياة - من حسنات! مقارنة بما يجريه "بن علي" في كلّ مرّة من مسرحيات انتخابية؛ فإنّ من حسنات ذلك القرار، أنّه مع خلوّه من الخداع والاحتيال، قد وفّر كذلك على ميزانية الشّعب التونسي نفقات باهظة، كان يتعيّن رصدها لتمويل الحملات الانتخابية الزائفة! كما وفّر كذلك على التونسيّين عناء المشاركة في مهازل انتخابات صُورية، والانخراط في اقتراعات شكلية محسومة النتائج سلفا، لا تعدو أن تكون تمثيليات فاشلة ومسرحيات كاذبة! كهذه التي يجريها "بن علي" في كلّ مرّة! ولا شكّ أنّ حملات "بن علي" الانتخابية هذه، قد كلّفت - ولا تزال - خزينة البلاد التونسية آلافَ الملايين من الدّنانير! ولعلّ حكومته - مع عجز ميزانيتها - تُضطرّ في كلّ مرّة إلى استجداء قروض ربوية من بنوك غربية أو شرقية، أو إلزام الشعب التونسي بدفع إتاوات وضرائب وجبايات إضافية لتمويل حملات "بن علي" الانتخابية!!
ولمّا كان "بن علي" قد استأثر لنفسه – كما رأينا - بالرئاسة الأبدية! فما الداعي لكلّ هذه المسرحيات الانتخابية الهزلية، أليس من العبث والإزراء بأقدار التونسيّين؟! أن نرى اليوم حزب التجمّع الدستوري الحاكم الذي يرأسه "بن علي" يُعدّ مُسْبَقا للاحتفال بفوزه في الانتخابات المقبلة في 25 أكتوبر 2009! فقد " أفادت مصادر فنّية أنّ الحزب الحاكم يُعدّ لإقامة احتفالية ضخمة! إثر الانتخابات بعد الإعلان يوم 26 أكتوبر المقبل عن تجديد فوز الرّئيس الحالي بالرئاسة[21] وحصول قائمات الحزب الحاكم على جميع المقاعد المتنافَس عليها في البرلمان. وأشارت ذات المصادر أنّ لجنة فنّية تضمّ "رجاء فرحات" و"توفيق بن عمر" تحضّر لهذه المناسبة"[22].
وإذا كان فوز "بن علي" بالرئاسة وحزبه بمعظم مقاعد البرلمان، محقّقا! ومعلوما لديه ولدى أنصاره وحزبه وأتباعه! سلفاً! قبل حلول موعد الانتخابات وإجراء الاقتراعات! فأيّ مصلحة إذاً لتونس وأهلها في إقامة هذه المهازل الانتخابية أصلا؟! أليس من السّفه وسوء التصرّف والعبث -الذي تُصانُ عنه أفعالُ العقلاء - أن تُبدّد أموال الشعب التونسي في هذه التمثيليات والمساخر والمسرحيات؟!
أليس منكم يا قادة حزب التجمّع! رجل رشيد يوقف هذه المساخر حماية لخزينة البلاد من تحمّل ما ينجرّ عنها من خسائر؟!
وإذا كان "بن علي" سيخلُف نفسه! في رئاسة البلاد، فكيف يصحّ في بديهة العقول السليمة أن يحتفل المرء أو يحتفيَ بفوزه على نفسه؟! إلاّ أن يكون به مسّ من جنون!! أما كفاكم – يا طغمة السّابع من نوفمبر- ضحكاً على الذقون!
أما كان على "بن علي" - إن كان به مُسْكةٌ من عقل! ولديه ذرّة من جرأة أو شجاعة! وأدنى اعتبار للشّعب التونسي – وقد جُرّد في هذا العهد النكد من أيّ حقّ له في القرار أو الاختيار - أن يعلنها (دولة مُلُكِيَّةً)!! احتراما لعقول التونسيّين! ومراعاة لكرامتهم، من جهة، وتوفيرا - من جهة أخرى - لنفقات مالية تتكبدّها في كلّ مسرحية انتخابية! الخزينة العامّة[23] للبلاد التونسية، وما هي إلاّ أموال شعبنا التونسي، تبدّدها طغمة السّابع من نوفمبر بغير وجه حقّ في سرقات واختلاسات وتمويل انتخابات واحتفالات ولهو ولعب ومهرجانات!! وهذا شعبنا التونسي المسكين محروم من أبسط الحقوق والمرافق والخدمات! وهو ما جعله على الدّوام عرضة للمصائب النّاجمة عن الكوارث الطبيعية كالجَدْب والمَحْلِ والفيضانات والتصحّر. وهذه كارثة الفيضانات التي حاقت اليوم بأهالي الردّيف، تميط اللثام عن عظم المأساة التي حلّت بهم ، وما كان ذلك الا جرّاء استهانة حكومة بن علي بحقهم، وإهمالها لواجب حمايتهم ، وتقاعسها عن إقامة ما كان يلزم الجهة ومتساكنيها من التجهيزات والمرافق والمعدات و البنية التحتية اللأساسية ، حفاظا على سلامة الأرواح والممتلكات .
- اعتراف حزب التجمّع بتحوّل النّظام الجمهوري إلى جمهورية ملكية!!
ومن عجيب ما مَرَدَ عليه قادة حزب التجمّع الدستوري الحاكم المتحكّم، وممثّلوه في حُجْرَتي البرلمان من النّفاق والكذب والزور والخداع، أن يقْدَحوا اليوم فيمن كانوا يمدحونه بالأمس ويمجّدونه لحد وصفه ب" المجاهد الاكبر"! ويستنكروا اليوم ما كانوا يعدّونه في حقه بالأمس "مكرُمة"!! وها هم يكرّرونه اليوم من جديد مع هذا الذي يسمونه "صانع التغيير" و "صاحب العهد الجديد"! حيث بلغلوا بمدحه حد التاليه [24] ومعلوم أن من مدح ثمّ عاد فقدح، فقد كذب مرّتين! فكيف بمن زاد على ذلك ؟!
فقد وجدنا في الموقع الالكتروني لكلٍّ من مجلس النّوّاب الحالي ومجلس المستشارين، سرْدا لجملة التعديلات الدستورية الواقعة على الدستور التونسي، ومنها التعديلات الستّة التي أجريت عليه قبل ما يسمّونه تحوّل السابع من نوفمبر؛ وقد استرعى نظرنا - في التّعديل الرّابع المُجرى يوم 19 مارس 1975 والقاضي بإسناد منصب الرئاسة لبورقيبة مدى الحياة - تعليق على ذلك التعديل الدّستوري، هذا نصّه: " فتحوّل بذلك النّظام الجمهوري إلى نظام " جمهورية ملكية "[25]!!
إنّ هذا التعليق يحملنا على مساءلة قادة حزب التجمّع الدستوري وممثليه في البرلمان والحكومة: كيف (تحَوَّلَ) النّظام الجمهوري إلى نظام " جمهورية ملكية؟! فهل تحوّل النّظام من تلقاء نفسه! بطريقة سحرية - بين بُكْرَةٍ وعشيّة، ناقضا بذلك ما يُعرف بقانون السّببية؟! أم حوّلته الجنّ بليلٍ! دون علم منكم! لتكتشفوا في صبيحة اليوم التالي هذا التحوّل؟! أم أنمن تسمونهم الشرذمة - الذين يصطادون في الماء العَكِر!! - تسلّلوا في جنح الظلام إلى مجلس الأمّة، على حين غفلة منكم، فقدّموا الاقتراحات وأعدّوا اللوائح ومشروع التعديلات وأداروا المناقشات، وأقرّوا التّعديلات، ثمّ أجروا - في مغيبكم - يوم 19 مارس 1975 التنقيحات ومنحوا بورقيبة بصفة استنثنائية الرئاسة مدى الحياة؟! فلم يكن لكم أنتم يد في كل ما جرى؟!!
ولمّا كان كل ذلك ضربا من الخيال والخَبَال! وهو من المُحال في منطق العقل وواقع الحال؛ فمن غيركم أنتم - يا قادة حزب التجمّع ونوّابه - حوّل النّظام الجمهوري إلى نظام " جمهورية ملكية "؟! فهل كان يومها يحقّ لأحد سواكم أن يُبدي أو يعيد في شؤون البلاد والعباد؟!
ومن غيرُكم أنتم يا قادة حزب التجمّع ونوّابه، زيّن لبورقيبة الرّئاسة مدى الحياة، وأقرّ له بصفة استثنائية حقّ الرّئاسة الأبدية!؟
ومن غيرُكم أنتم يا قادة حزب التجمّع ونوّابه! قارف يوم 19 مارس 1975جريمة تنقيح الفصلين 40 و51 من الدّستور لإقرار الرئاسة مدى الحياة! والخلافة الآلية!
ثم ها أنتم أولاء اليوم تحاولون جهدكم التفصّيَ من جريمتكم القذرة تلك بقولكم " فتحوّل بذلك النّظام الجمهوري إلى نظام " جمهورية ملكية"؟! في براءة تامّة!! كأن لم يكن لكم في تلك الجريمة يد! مع أنكم أنتم وحدكم المجرمون والجناة والخائنون لشعبكم وبلادكم!! (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ) [يوسف : 52] .
فهل كان معكم بالحكومة أو بمجلس الأمّة، يومها، فرد واحد أجنبيّ عن الحزب الدّستوري، حتى يمكن اتّهامه دونكم باقتراف جريمة تدليس الدستور؟! فإذاً من هذا الذي آل بالنظام إلى ما آل إليه من التردّي والسقوط في وهدة الاستبداد والفساد، غيركم؟!
ولمّا كنتم - ولا زلتم – تقبضون لوحدكم على مقاليد البلاد والعباد بيدٍ من حديد! فمن إذاً غيركم يحمل وزر تلك الجريمة الشنيعة؟!
وإذا كان تقليدكم بورقيبة الرئاسة الأبدية بصفة استثنائية! كما زعمتم! فما وجه تقليدكم إيّاها من جديد لبن علي بطريق الاستفتاء المدغول والمدخول!
ألا ترون أنّكم بذلك قد قلبتم تلك الصّفة الاستثنائية لتصبح هي القاعدة في إسناد الرئاسة الأبدية لكلّ طاغية من طُغاتكم، يستولي على الحكم في الديار التونسية؟! وما ذاك إلاّ لما عهدناه فيكم على مدى نصف قرن من النفاق والخداع والكذب والتزوير وخيانة الأمانة!
وإذا كان تنقيح يوم 19 مارس 1975 للدّستور قد حوّل فعلا نظام الجمهورية إلى "ملكية" - كما تعترفون اليوم بذلك - فماذا تقولون في استمرار "بن علي" في الحكم 22عاما! مع تقارُرِكم معه على تزوير إرادة الشّعب التونسي مرّة أخرى بحيلة الاستفتاء الزّائف المزيَّف! وماذا تُسمّون مصادقتكم على تلك التعديلات الدّستورية التي أعادت تفصيل الدّستور وحياكته على مقاس "بن علي" ليستأثر بالرّئاسة مدى الحياة!
هكذا تواطأتم يا قادة حزب التجمّع ونوّابه بالأمس مع طاغيتكم الأول بورقيبة لتحويل النظام إلى "جمهورية ملكية"! ثم ها أنتم أولاء تتواطئون مع طاغيتكم الثاني "بن علي" لتحوّلوا نظام "الجمهورية الملكية" إلى أسوأ منه، وهو نظام الحكومة "المُلوكية الجبرية"؟!
وكلّها جرائم عظمى اقترفتموها - ولا تزالون – في حقّ شعبنا وبلادنا هيهات هيهات أن ننساها أو نغتفرها لكم! ألا تتقون الله يا قادة حزب التجمّع ونوّابه! ألا تستحون من شعبكم؟! ألا تشعرون بوخز الضّمير – إن كان بقي فيكم ضمير – وأنتم تعبثون بتونس وشعبها وأجيالها لتسلموها في كلّ مرّة بيد طاغية جبّار من طواغيتكم، وما أكثرهم؟! يتصرّف فيها تصرّف الإقطاعي! أما كفاكم نصف قرن من الغصب والسلب والنهب! فأين تذهبون بالبلاد والعباد بعد كلّ هذا؟!
لقد بات واجبا عينيّا على جميع أحرار تونس اليوم:
* أولاَ أن يعوا عظم الكارثة التي جرّها حزب التجمع الدستوري هذا الحزب الاخطبوطي الذي أتى في بلادنا على الأخضر واليابس مستوليا فيها على كلّ شيء، فابتلع البلاد والدّولة والعباد!
* أن يوحّدوا جهودهم ويجمعوا صفوفهم لدحر هذا الحزب الاخطبوطي عن حكم البلاد، وحلّه وتفتيته.
* أن يعملوا جاهدين على تحرير أنفسهم وبلادهم ودولتهم من هذا الاخطبوط الذي مرد قادته ونوابه على النّفاق والخداع وخيانة الأمانة!
وإذا كنّا نحن التونسيين - في عهد "الجمهورية المُلكية" بقيادة بورقيبة – قد رأينا بصيصا من حرّية، فهيهات هيهات أن نجد اليوم لذلك البصيص من أثر! في عهد هذه الحكومة "الملوكية الجبرية" التي يقودها "بن علي" الذي بايعتموه ليكون "امبراطورَ"! تونس الأبدي!؟
حقّا لقد حوّل " امبراطور السّابع من نوفمبر" بحكومته الجبرية القهرية، معيشتنا نحن التونسيين ضنكا، بما يحملنا على أن نتمثّل بقول القائل:
رُبَّ يومٍ بكيتُ منه فلمّا صرتُ في غيرِهِ بكيتُ عليه
- مرحلة الحكومات الجبرية!
وإنّما دعانا لوصف حكم "بن علي" ب "الملوكية الجبرية"، ما وقفنا عليه في حديث للنبي - عليه الصلاة والسلام - عَرَضَ فيه مختلف أنماط الحكم التي تمرّ على الأمّة عبر مراحل التاريخ، حيث قال: " إنّكم في النّبوّة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون خلافة على منهاج النبوّة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون مُلكا عاضّا[26]، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون جَبْرِيّة[27]، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون خلافة على منهاج النُّبُوّة"[28].
وهكذا وجدنا أنّ أمّتنا العربية والإسلامية هي اليوم في مرحلة الحكومات "الجبرية" وأنّ نمط الحكم في أقطارها - ومنها تونس - هو الحكم المُلوكي الجبري!! المعبَّر عنه اليوم في الاصطلاح السّياسي والقانون الدستوري بالحكم "الديكتاتوري"!!
وممّا يثير الاستغراب حقّا، أن يتعامي سحرة "بن علي وسماسرته، ومعهم أصحاب البيان 19 عن جميع هذه الحقائق! منادين في الوقت نفسه بالإجماع على "بن علي" رغم ثبوت كذبه وخداعه، وتحيّله على الشّعب التونسي! فكيف يا ترى يصحّ في العقول السليمة المناداة بالإجماع على مبايعة ملك كذّاب!؟ والله سبحانه يبغض المَلِكَ الكذّاب، كما جاء ذلك في حديث للنبي - صلى الله عليه وسلم – " ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكّيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم : مَلِك كذّاب، والعائل المستكبر، والشيخ الزاني"[29]. فكيف إذن تدعوننا - يا أصحاب البيان - إلى الإجماع على ملك كذّاب يبغضه الله ورسوله؟!
ومع أن "بن علي" قد تنكر لكلّ وعوده وعهوده، وتلاعب – كما رأينا - بالدستور! محرّفا بذلك إرادة الشعب التونسي محتقرا لشأنه، مُجهضا لكلّ تطلّعاته! كما بينّاه آنفا، فلا يزال أولئك السّحرة والسّماسرة يُصمّون آذاننا بما يسمّونه - كذبا وزورا - " التصحيح والخطوات الهامّة على درب تثبيت البناء الديمقراطي بما يتناسب وتطلّعات الشعب التونسي ".
فأين هو يا ترى هذا التصحيح؟! والرّجل يحتلّ القصر الرّئاسي بقرطاج لما يناهز ربع قرن من الزمان؟! وأين هي هذه الخطوات الهامّة في تثبيت البناء الديمقراطي، وهو بهذه الخطوات قد عاد بنا دِرَاكاً 27 عاما إلى الوراء؟! وماذا حقّق الامبراطور "بن علي" من تطلّعات للشّعب التونسي، وهذه رحى السّابع من نوفمبر، التي يديرها هو بنفسه لا تزال تطحن هذا الشّعب المسكين بالليل والنّهار، على مدى ربع قرن، كمّا بيّنّاه في الأجزاء السّابقة من هذا التعقيب؟! كما حوّل "بن علي" القطر التونسي سجنا كبيرا! وجعل أهاليَ تونس رهائنَ هذا السّجن! وبثّ فيهم أعوانه يُحصون عليهم أنفاسهم، ويضيّقون عليهم معايشهم، ويتحكّمون في تحرّكاتهم وتناقلاتهم، داخل هذا السّجن وخارجه، على سواء!
إنّ المظالم والجرائم التي اقترفها "بن علي" وجلاوزته في تونس لا عهد لشعبنا بها، حتّى أيّام الاحتلال الفرنسي! وهذا بشهادة عموم التونسيين الذين عايشوا عهد الاحتلال وعهد الاستقلال، وهم يكتوون اليوم بنار احتلال داخلي جديد هو احتلال السابع من نوفمبر! فإن كنتم - يا أصحاب البيان - في شكّ من هذا، فأسلوا أهالي تونس يجيبوكم، فعند أهالي تونس الخبر اليقين!!
- شهادات على ما قارفه بن علي من انتهاكات!
ولسنا نرسل هذا الكلام جزافا ولا نصدر الحكم اعتسافا! فقد سبق لنا أن عرضنا في الجزء الأول من هذا التعقيب عينات ممّا سلّطه أعوان "بن علي" وجلاوزته على إخواننا من التّنكيل والتعذيب والتقتيل! بما أغنى عن الإعادة. وها نحن أولاء نسوق في هذا الجزء من التعقيب شهادات على ما قارفه "بن علي" من انتهاكات لحقوق الإنسان في تونس، وكلها شهادات صادرة عن جهات أجنبية محايدة.
- فهذه شهادة "جويل كمبانا" - منسّق برامج في اللجنة الدولية لحماية الصحفيين (protection des journalists Comite de) والمسؤول عن قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - يقول فيها " تونس تريد من الناس أن يصدّقوا أنّها دولة تقدّمية تحمي حقوق الإنسان، ولكنها في الواقع دولة بوليسية تعمل بحزم على إسكات أيّ أحد يتحدّى الرئيس بن علي في تونس"[30].
- وأما السيناتور الأمريكي "جون كيري" - رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ - فقال " إن تونس تحتلّ مرتبة متأخّرة جدّا في مجال حقوق الإنسان، حتى بالقياس إلى بعض جيرانها "[31].
- وهذه "منظمّة العفو الدولية" هي الأخرى تقول في تقرير لها " إنّ السّلطات التونسية تواصل ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان باسم الأمن ومكافحة الإرهاب، ومع ذلك ما انفكت دول أخرى تعيد مواطنين تونسيين قسراً إلى وطنهم رغم تعرضهم لخطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية.."[32].
- وفي هذا السّياق، أكد "مالكوم سمارت" - مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - أن "الحكومة تصوّر تونس وكأّنها بلد ينعم بحكم القانون، رغم أنّ هذا بعيد كلّ البعد عن الحقيقة. ففي الممارسة العملية، تواصل السّلطات التونسية شنّ عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسّفيين، وتسمح بالتعذيب[33]، وتلجأ إلى المحاكمات الجائرة، وكلّ هذا باسم الحرب على الإرهاب. وهذه هي الحقيقة القاسية التي يخفيها وراءه ستار الكلام الرّسمي المعسول...[34]"
- السّنون الخدّاعة.. وإمرة السفهاء!
ورغم ما قارفه "بن علي" - ولا زال - من جناية عظمى على تونس وأهلها، فلم يتورّع أحد السّحرة عن أن يصف هذا الامبراطور! بأنّه المؤتمن الوحيد على قيادة البلاد! إذ يقول " وسيعرف الجميع أن الشعب التونسي بإعطائه باجماعه على الإصلاح الدستوري إنما أكد مرة أخرى تشبثه بالرئيس بن علي باعتباره المؤتمن الوحيد على قيادة البلاد والشعب نظرا لما برهن عليه من سداد خيارات وصواب رؤى وأعمال "[35].
غريب - والله - أن يصل النّفاق بسحرة السابع من نوفمبر وسماسرته إلى هذا الحدّ من الزور والكذب والبهتان! ألا ترى أخي القارئ، كيف بلغ النّفاق بهذا السّاحر، حدّا جعله يُصدر حكما جازما!! بأنّ "بن علي" هو المؤتمن الوحيد على قيادة البلاد والعباد!! ومفهوم كلامه هذا، أنّه يخوّن - في مقابل ذلك - جميع التونسيّين! ويقدح في مروءتهم وعدالتهم! ويطعن في أمانتهم! ويرى عدم ائتمان أيٍّ منهم على قيادة البلاد والعباد غير "بن علي"! حتى لكأنه في نظره نبيّ!!
ولا شكّ أنّ في كلام هذا السّاحر، تعريضا بنا نحن التونسيين، يستوجب منّا مقاضاته ومعاقبته، لما ينطوي عليه كلامه ذاك من شتيمة كبرى وإهانة عظمى لنا، وهي جناية منه على كرامتنا، وإن كانت جناية بالقلم واللسان إلاّ أنّها أشدّ وطءا على الحُرِّ من جناية السّيف والسِّنان! كما قيل:
جراحاتُ السِّنان لها الْتِئَامُ ولاَ يَلْتَامُ مَا جَرَحَ اللسَانُ
ألهذا الحدّ بلغ بنا نحن التونسيين الهوان في عهد السابع من نوفمبر النّكد؟! حتى ما بقي فينا أمين غير "بن علي" ليكون حاكما إلى الأبد!!
ولا عجب! إنّها السّنون الخدّاعة التي نبّأ بها الرّسول - صلوات الله عليه وسلامه - بقوله " إنّها ستأتي على النّاس سِنون خدّاعة، يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصّادق، ويُؤتمَن فيها الخائن، ويُخَوَّن فيها الأمين، ويَنطِق فيها الرُّوَيْبِضَةُ، قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ في أمر العامّة "[36].
فها هي السّنون الخدّاعة قد أظلّتنا نحن معشرَ أهالي تونس، كما أظلّت عامّة شعوبَ أمّتنا العربية والإسلامية على سواء، فدَهَتْنَا بداهية الحًكم الجَبري الاستبداي، وعلّقت مصير أمّة الإسلام بأَسْرِها بيد ملوك وأمراء وحكّام سُفهاء! جهلاء! – إلاّ من عصم الله - ( لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) [التوبة:10] .
ونظرا لِما يجرّه هذا الصّنف من الحكّام على الأمّة من شرّ، حذّر النبيّ - صلى الله عليه وسلم – أمّته منهم حين قال يوما لصحابه "كعب بن عُجرة": " يا كعبُ بنَ عُجْرَةَ! أُعِيذك بالله من إِمْرَةِ السّفهاء، إنّها ستكون أمراء، فمن دخل عليهم فأعانهم على ظُلمهم، وصدّقهم على كذبهم فليس منّي ولستُ منه ولن يَرِدَ عليَّ الحَوضَ، ومن لم يدخل عليهم ولم يُعِنْهم على ظلمهم، ولم يُصدِّقهم بكذبهم فهو منّي وأنا منه، وسيَرِدُ عليَّ الحوض "[37].
- لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله
ألا يعلم أصحاب البيان - بعد كلّ هذا - أنّهم بموالاتهم لبن علي ورضاهم به ومتابعتهم له - مع ما هو عليه من الجور والفساد والظلم والاستبداد - قد أتوا موبقة من الموبقات، وارتكبوا كبيرة من الكبائر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنّه يُستعمَل عليكم أمراء فتَعرِفون وتُنكِرون؛ فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلِم، ولكن من رضي وتابع "[38].
فكيف بمناداتهم فوق ذلك بضرورة الإجماع عليه! مع ما في هذا من التحريض على فعل ما قد نهى الله عنه من التّعاون على الإثم والعدوان ومعصية الرّسول؟! كما أنّهم ببيانهم هذا يكونون قد أعانوا "بن علي" على ظلمه وصدّقوه على كذبه! وهو ما يقضي حتما بقطع الولاء بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وحرمانهم من الوُرود على حوضه، كما بيّنه الحديث النبوي الشريف! فأين – على مقتضى هذا الحديث – يريد أصحاب البيان 19 أن يضعوا أنفسهم؟ تحت إمرة الامبراطور"بن علي"؟! أم تحت لواء النبيّ؟!
وما كنّا نظنّ أنّ حرّا من أهالي تونس – أيّا كان رجلا أو امرأة - في داخل البلاد أو خارجها، يرضى بأن يحكمه سفيه مخادع وكذّاب محتال مخاتل مثل "بن علي"! ناهيك أن يظَاهِره ويوادّه ويواليه ويسانده! وينادي غيره من التونسيين إلى مظاهرته وموالاته ومساندته والإجماع عليه! حتى خرج علينا هؤلاء 19 بهذا البيان! متّبعين به أمر "بن علي" وما أمر "بن علي" برشيد! وكأنّهم لم يقرأوا قول الله تعالى ( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) [المجادلة : 22]. أو لم يسمعوا وعيده - جلّ وعلا – لمن يوالون أعداءه، حيث قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) [الممتحنة :1- 2] .
ألا يظنّ أصحاب البيان 19، أنّهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم النّاس لربّ العالمين؟! فماذا أنتم قائلون لربّكم غدا، حين يسألكم عن موجب موادّتكم لبن علي، وموالاتكم له مع علمكم بمحادّته لله ورسوله!؟ وذلك باعتدائه على مقدّساته وانتهاكه لحدوده وحرماته، وظلمه لعباده، وقتله لأوليائه!!
وما عسى أن تنفعكم تلك الموادّة والموالاة والمساندة يوم القيامة؟! ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس :34 - 37] . هناك ينكر الخِلُّ خليله، ويتنكّر المحبّ لحبيبه! (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : 67] . وماذا يُغني عنكم "بن علي" ( يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ) [الدخان : 41] . وماذا أنتم فاعلون غدا بمساندتكم هذه له، حين يُنكركم ويتنكّر لكم! ويتبرّأ منكم! كما هي سنّة المتبوعين مع الأتباع، كما أخبر البارئ سبحانه بذلك في كتابه العزيز: ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ) [البقرة : 166]. ( وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ) [إبراهيم : 21] . (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ) [غافر :47 - 48]
أما آن لكم يا أصحاب البيان أن تثوبوا إلى رشدكم، فتتوبوا إلى ربّكم فتتبرءوا من "بن علي" عدّو الله وعدوّكم، وتقولوا كما قال موسى عليه السلام ( رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ ) [القصص : 17] .
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق : 37] .


وللحديث – إن شاء الله – صلة
كتبه فقير ربّه:
محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي

[email protected] عنوان البريد الالكتروني:
------------------------------------------------

[1] - بيان السابع من نوفمبر 1987. راجع الصفحة الالكترونية لمجلس النواب التونسي.
[2] - نقح بمقتضى القانون الدستوري عدد 88 لسنة 1988 المؤرخ في 25 جويلية 1988.
[3] - من خطاب لبن علي ألقاه يوم 07. 11 . 2001 بمناسبة احتفائه بالذكرى 14 لانقلاب 7. 11..87 أنظر نص الخطاب في موقع: http://www.changement.tn/arabe/index.php?option=com_content&task=view&id=199&Itemid=264
[4] - وهذا نصّها" ويجوز لرئيس الجمهورية أن يجدّد ترشحه مرتين متتاليتين".
[5] - جريدة الحرية موقع جريدة الحرية http://www.alhorria.info.tn/?ID=572&page=article&article=40521
[6] - وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات).
[7] - الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.
[8] - أمر عدد 629 لسنة 2002 مؤرخ في 3 أفريل 2002 يتعلق بدعوة الناخبين للاستفتاء في مشروع القانون الدستوري المتعلق بتنقيح بعض أحكام من الدستور.
[9] - وقد أوردنا هذه التعديلات في الجزء الأول من هذا التعقيب لمن شاء الاطلاع عليها، فلا معنى لإعادتها هنا تخفيفا على القارئ.
[10] - مقال بعنوان " الاستفتاء الدستوري في تونس والتأسيس لجمهورية الغد" بقلم محمد عبد الرحمن ولد سيدي محمد.باحث وجامعي موريتاني.
[11]- مقال الاستفتاء الدستوري في تونس، لماذا؟ بقلم المنذر الرزقي باحث في العلوم السياسي.
[12] - والمراد بالعين المنغمرة: هي كل شيء يختلط بشيء آخر، " ومنها الماء الذي استهلكت فيه النجاسة فإن كان كثيرا سقط حكمها بغير خلاف وإن كان يسيرا فروايتان ثم من الأصحاب من يقول إنما سقط حكمها وإلا فهي موجودة ومنهم من يقول بل الماء أحالها لأن له قوة الإحالة فلم يبق لها وجود بل الموجود غيرها فهو عين طاهرة. راجع القاعدة 22 من كتاب القواعد الفقهية لابن رجب الحنبلي. نشر دار الكتب العلمية.
[13]
http://www.chambre-dep.tn/a_hist3.htmlمجلس النواب - ؤ
[14] - أمر عدد 629 لسنة 2002 مؤرخ في 3 أفريل 2002 يتعلق بدعوة الناخبين للاستفتاء في مشروع القانون الدستوري المتعلق بتنقيح بعض أحكام من الدستور.
[15] - مقال بعنوان " إنجازات تونس في عهد التغيير" أنظر موقع ملتقى حضر موت للحوار العربي http://www.hdrmut.net/vb/t256969.html
[16] - كان عبد العزيز بن ضياء في العهد البورقيبي أستاذ قانون بكلية الحقوق بتونس ثم تولى فيما بعد خطة عميد لهذه الكلية. وبعد انقلاب 7 – 11 تقلد مناصب وزارية ثم استخلصه بن علي لنفسه فعينه على رأس المجلس الدستوري لينجز له مهمة تحويل تونس مملكة لبن علي وهكذا تحول النظام الجمهوري في تونس إلى نظام الحكم الملكي المقنع!
[17] - خطاب بن علي بمناسبة الذكرى 14 لتحول السابع من نوفمبر بتاريخ: 07. 11 . 2001. أنظر موقع: http://www.changement.tn/arabe/index.php?option=com_content&task=view&id=199&Itemid=264
[18] - جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 أوت 2009.
[19] - حيث عرضنا في ذلك التنبيه محاجة بن علي للشعب التونسي في حال وقوع محاسبة " - مكانَكم..!! فلا دعوى لكم عليّ ولا مطالَبة!! فإنّ الدّستور قد غفر لي ما تقدّم من ذنبي في حقّكم، وما تأخّر!! فأنتم الذين قلتم نعم! للإصلاح الدّستوري، وأنتم الذين قلتم نعم! للرّئاسة مدى الحياة، وأنتم الذين قلتم نعم! للحصانة الدّائمة!، وأنتم الذين كنتم ترشّحونني في كلّ مرّة من دون علمي! ولا مشورتي! وترسلون إليّ ببرقيات المناشدة لقبول الترشيح، فكنت في كلّ مرة أقبل الترشيح نزولا منّي عند رغبتكم! وشدّة إلحاحكم! وتلك ملايين البيانات المرسَلة إليّ منكم تعربون فيها عن اعتزازكم واستبشاركم بقبولي للترّشيح، شاهدة عليكم، وهذه أصواتكم الانتخابية التي تقارب في كلّ اقتراع نسبة المائة في المائة، تؤكّد مبايعتكم لي بيعة عامّة ودائمة! فلا تلوموني إذن ولوموا أنفسكم!! ذاك هو سرّ تلك الحصانة الدائمة التي حرص "بن علي" على انتزاعها لنفسه.
[20] - لقد عرضنا تفاصيل العدوان البورقيبي على الإسلام في الفصل الثاني بعنوان- فترة الحكم البورقيبي - من كتابنا " تونس الإسلام الجريح" لمن شاء الإطلاع عليها هناك.
[21] - أليس من الاستخفاف بعقول التونسيين أن يجري الإعداد للاحتفال بفوز بن علي وحزبه قبل ما يزيد عن شهر من موعد الانتخابات؟! وكيف يصحّ في العقل أن يحتفل بن علي بفوزه في الانتخابات!؟ وهو ما فاز إلا على نفسه!! وما أصدق قول القائل: وماذا في تونس من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء!!
[22] - المصدر: موقع "كلمة" بتاريخ 21 سبتمبر 2009.
[23] - إن حزب التجمع يستحوذ في تونس على كل شيء من مرافق الدولة ومؤسساتها وأموالها فالحزب هو الدولة والدولة هي الحزب!!
24؟ وتلك برامج القناة 7 الفضائيه التونسية الومواقع الاكترونية لرئاسة الجمهورية و حزب التجمع و حملات الرئيس الانتخابية، كلها شواهد على صدق دعوانا بان في تونس اليوم بدعة تاليه لبن علي. عياذا بالله من النفاق والشقاق و سوء الاخلاق،
[25]- التعديلات الدستوريّة قبل تحوّل السابع من نوفمبر. مجلس النواب.
[26]- العاضّ : الظالم المتعسف.
[27]- الجبر : القهر والحمل على الفعل.
[28] - رواه البيهقي في دلائل النبوة والطيالسي في مسنده من رواية النعما بن بشير وحذيفة بن اليمان.
[29] - الحديث رقم : 6083وقد رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من رواية أبي هريرة. ورواه كذلك الطبراني.
[30] - وقد نشر هذا الكلام بتاريخ 23 09 2008. راجع ذلك في المويقع الالكتروني: www.cpi.org
[31] - راجع موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: http://www.pdpinfo.org/spip.php?article51171
[32] - تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان " تونس: لا تغيير في حالة حقوق الإنسان" بتاريخ20 أغسطس 2009 . راجع الموقع الالكتروني:http://www.amnesty.org/ar/for-media/press-releases/tunisia-
[33] - فهذه شهادة المواطن التونسي "وحيد براهمي" بما جرى عليه من التعذيب وهتك العرض، أدلى بها لدى مساعد وكيل الجمهورية بمحكمة تونس صباح يوم الاربعاء 17 سبتمبر 2009 في معرض شكايته التي قدمها مطالبا بمقاضاة كل من رفيق الحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية، وبشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان، وعدد آخر من المسئولين الأمنيين، وذلك بتهمة التعذيب وسوء المعاملة الشديدين. ومما جاء فيها "أنه أخضع في مارس سنة 2007، وخلال إيقافه من قبل مصالح الفرقة المختصّة بولاية قفصة، إلى التعذيب وسوء المعاملة الشديدين تمثلا في هتك عرضه وشرفه (شبه مفاحشة) وتعرّضه لضروب من الإذلال الجنسي والصعق بالكهرباء وتجريده من ملابسه لساعات طويلة وتعليقه عاريا فضلا عن تكميم فمه وتعصيب عينيه وضربه بشكل مبرح في أماكن حساسة من جسده...إلى ذلك حرموني من النوم وسكبوا الماء البارد على جسدي العاري وأرغموني على شرب سائلي ووضعوا رأسي في إناء من المياه الآسنة والملوّثة كما وضعوا رأسي في كيس شفاف وأحكموا إغلاقه حتى فقدان الوعي وتقيء الدّم..وبالتوازي مع ذلك حرموني من الأكل ومن وسائل النظافة بما في ذلك ماء الاغتسال ناهيك عن تكبيل اليدين وإكراهي على الركوع لمدد طويلة عاري الجسد..كما هدّدوني بإحضار والدتي واغتصابها أمامي لإرغامي على التوقيع على محاضر بحث اجهل محتواها". جريدة العرب القطرية في عددها 7770 الصادر بتاريخ 20 سبتمبر 2009.
[34] - تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان " تونس: لا تغيير في حالة حقوق الإنسان" بتاريخ20 أغسطس 2009 .
[35] - مقال بعنوان " الاستفتاء الدستوري في تونس والتأسيس لجمهورية الغد" بقلم محمد عبد الرحمان ولد سيدي محمد.باحث وجامعي موريتاني.
36] - أخرجه أحمد، من رواية أبي هريرة وقال وابن كثير: إسناده جيّد. راجع أشراط الساعة ليوسف الوابل.
[37] - رواه الطحاوي في كتاب مشكل الآثار من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
[38] - رواه مسلم في صحيحه عن أمّ سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.