متابعة الأستاذ أبولبابة سالم "الإحتجاجات مشروعة و العنف مرفوض بل قد يشوّه تلك التحرّكات . إنّ استهداف مقرّات الأحزاب و المنشآت العمومية لا يمكن قبوله مهما كانت الأسباب ". هكذا صرّح السيد عبد الجليل المدوري رئيس تحرير جريدة " صوت الشعب " الناطقة باسم حزب العمّال في تعقيبه على استهداف بعض المحتجّين في سيدي بوزيد اليوم لمقرّ حركة النهضة و مركز الولاية بالمدينة . لقد ندّدنا سابقا بالإعتداء الذي وقع على السيد أحمد نجيب الشابي و استهداف مقرّات بعض الأحزاب في حوادث أخرى لأنّه مؤشّر خطير على تردّي الأخلاق السياسية بل هو قمّة الإنحطاط إذا فكّر البعض في إدارة التنافس السياسي بالعنف. و للأسف الشديد فقد هلّل و طبّل بعض المراهقين السياسيين و الثورجيين الذين لا يملكون أي برنامج لاستهداف مقرّ حركة النهضة و مركز ولاية سيدي بوزيد بعدما صمّوا آذاننا في السابق عن حرية العمل السياسي و التنديد بالعنف. لكنّهم أثبتوا للشعب – وهو يعرفهم – أنّهم مازالوا لم يتجاوزوا طور المراهقة السياسية و ليسوا أهلا ليكونوا رجال دولة و مسؤولين فهم يدينون العنف عندما يسلّط عليهم و يشرّعوه عندما يقع على خصم سياسي و المؤسف أن نجد رئيس حزب سياسي يساري لا يكفّ عن التجوّل بين المنابر الإعلامية يرقص فرحا و يبشّر بثورة جديدة . هكذا يتصرّف اليائسون من الإنتخابات و الذين يعانون من الرّهاب الإسلامي أو فوبيا النهضة . لقد أثبتت الأحداث الأخيرة في بلادنا أنّه لولا حكمة بعض رجال الدولة و الشخصيات الوطنية لانزلقت تونس نحو منعرج خطير من العنف لن يسلم منه أحد . لقد بلغ الحقد الإيديولوجي عند البعض مستوى مرضيا و لم يستوعبوا إلى اليوم نتائج الإنتخابات و لم يهضموا حزبا له مرجعية إسلامية في السلطة و هذا هو لبّ المشكل , و عوض البحث في أسباب الفشل و رفض الشعب لبرامجهم خيّروا سياسة الهروب إلى الأمام بتسريب الإشاعات و إثارة الفوضى . لقد انتهى الدرس و انتقلنا من زمن الثورة إلى زمن الدولة و بناء المؤسسات المنتخبة بعد الإنتخابات التي حصلت يوم 23 أكتوبر و قال فيها الشعب التونسي كلمته , و رغم أنّي لست منتميا لحركة النهضة لكن هذا الحزب وصل للسلطة عن طريق الإنتخابات و ليس عبر الدبابات ومن يريد أن يزيحه فلا يوجد غير الصندوق الإنتخابي أمّا الأساليب الملتوية و المضحكة أحيانا فلن تنطلي حتّى على السذّج. و لا أدري لماذا لا ترتقي المعارضة في خطابها السياسي إلى المستوى الذي بلغه حمّة الهمامي و حزبه { حزب العمّال} فقد بقي وفيّا لمبادئه و خطّه النضالي ممّا زاد في شعبيته بفضل ارتقاء مستوى الوعي السياسي للتونسيين فبعد الدرس الذي لقّنه للمعارضة في أحداث العبدلية عندما أحسن تشخيص الأزمة هاهو اليوم اليوم يقدّم درسا آخر في الأخلاق السياسية في الوقت الذي نجد فيه بعض المعارضين ينحدرون إلى الحضيض في أخلاقهم السياسية , يحصل ذلك في الشهر الفضيل فأين أخلاق الإسلام يا من قلتم أنّكم امتدادا للطاهر بن عاشور و الفاضل بن عاشور . و حفظ الله تونس من أبنائها قبل أعدائها, فقد يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدوّ بعدوّه.